عبدالله الفقير
يقول المثل العراقي"كتلني واشتكى وغلبني بالبجة"(قتلني واشتكي وغلبني بالبكاء),
ويقول المثل المصري الشهير "اغلبوهم بالصوت",
تلك هي الستراتيجية الاعلامية للشيعة ليس فقط لمواجهة فضيحتهم في اغتيال رفيق الحريري,وانما لمجابهة أي مشكلة او فضيحة تواجههم في أي مكان,فهم عندما يحصرون في أي زاوية فانهم يلجاؤن دائما الى الصراخ والعويل و"التباكي" بالمظلومية حتى وان كانوا هم الظالمين,
ولهذا تجدهم اكثر الناس عويلا واكثرهم صراخا حتى وهم يقتلون ضحاياهم!,
وفي مقارنة بسيطة بين التاجيج العاطفي والطائفي الذي قامت به قناة المنار في قضية "جميل السيد" ودفاعها عنه,ومقارنته بالبرود الشديد الذي تنام عليه قناة المستقبل في دفاعها عن الحريري والمطالبة بمعرفة من قتله ,
نستطيع ان نكتشف الفرق الهائل بين الحق الذي يميته اتباع الحريري بانفسهم,والباطل الذي يحييه اتباع حزب الله من لا شيء !.
قبل اكثر من سنتين كتبت مقالا بعنوان "لو كان شيعة العراق مثل سنة لبنان لما بقي الاحتلال في العراق يوما"* اثار الكثير من الجدل في حينها واعيد نشره قبل فترة في بعض المواقع , عقدت فيه المقارنة بين الدور السني المشرف في مساندة "المقاومة" الشيعية في لبنان ,وبين الدور الشيعي المقيت في القضاء على "المقاومة" السنية في العراق ,
قلت في حينها :
ان علمانيي سنة لبنان يستطيعون باشارة من اصبع قدميهم ان يشيروا للامريكان ان"هجوووووووووووم" فتهجم بقايا الهنود الحمر الامريكية لتاكل اخضر لبنان ويابسها وكل اشجار الارز المرفوع في رايتها مثلما اكلت من قبل نخلة العراق بـ"سليها".
لكن ...
وهنا نقف على مفارقة وموقف يستحق منا الاحترام ,وصدق من قال ان للعمالة درجات وطبقات.
فرغم كل ما يعانيه سنة لبنان"الاغلبية" من جور شيعي "الاقلية" فانهم رغم ذلك لم يبيحوا لهم ان يستعينوا بالامريكان للتخلص منهم.بل لم نسمع لحد الان دعوات صريحة وجادة لاجل نزع سلاح الشيعة رغم انه موجه الى صدور السنة اكثر من توجيهه الى الحدود,وحتى الاصوات الناقدة لحزب الله لم تكن حادة وواضحة وبقيت تتكلم على استحياء ليس خوفا من حزب الله بقدر عدم رغبتها في الخدش بمفهوم"المقاومة" الذي يعتبر مقدسا عند كل شعوب الارض الا عند شيعة العراق!.
من حق سنة لبنان الان وبعد ان سقطت اوراق التوت عن مشروع حزب الله الايراني لتكوين الامبراطورية الفارسية من لبنان الى افغانستان ان يستعينوا بكل حلفائهم الغربيين ولن يستغرق الوقت اكثر مما استغرق الوقت لاسقاط صدام واعدامه,فلن يكون حزب الله وصواريخه الروسية اقوى من حزب صدام وصواريخه الروسية ايضا.لكنهم مازالوا يرفضون ان تستباح ارضهم بحجة الاستنصار بالغريب على ابن العم مثلما فعل شيعة العراق.
وفي حينها عمدت ايضا الى تصوير تخيلي وقلت:
لنتخيل لو ان المواقف مقلوبة في لبنان,بحيث يكون حزب الله سنيا والحريري شيعيا,ماذا كانت ستكون مواقف الشيعة وماذا كانت ستكتب اقلام مناصريه؟.
لو كان الامر كذلك لوجدنا نصر الله الان على ظهر اول دبابة امريكية تجتاح بيروت ولراينا الحريري الان مغلول الاعناق وتحت قدميه يصرخ الجلادون"والعن عدوه وانصر ولده نصر الله نصر الله"!. ولراينا من يكتب الان ينتقد عمالة الحريري,ولوجدناهم الان يملأون الدنيا عويلا يستنجدون من ارهاب حزب الله "الحريري" ويصفقون للعملاء الجالسين في "صراي" المنطقة الخضراء اللبنانية.
ولن نحتاج لخيال جامح لكي نتصور الموقف وقد انقلبت الادوار بين شيعة لبنان وسنته,فيكفي نظرة سريعة لما يجري في العراق لمعرفة الموقف واقعا وليس تخيلا.فها هم شيعة العراق يصفقون للامريكان ويدافعون عن "صراي" المنطقة الخراء ويقاتلون كل من يقاتل الامريكان وينزعون منهم حتى اصابعهم وليس اسلحتهم وقد تسربلوا بالعمالة حتى الثمالة ورغم ذلك نرى ونسمع ونقرأ من مايزال يدافع عنهم ويروج لعمالتهم في سوق العمالة.
ذلك ما كتبته قبل اكثر من سنتين,
واليوم من حقنا ان نعقد نفس المقارنة لكن بان نتخيل ما يلي:
لنتخيل لوان رفيق الحريري كان من عملاء ايران وليس من عملاء السعودية,
ولنتخيل لو ان رفيق الحريري قياديا في حزب الله وليس من قياديا في تيار المستقبل,
ولنتخيل ان المحكمة الدولية قد اتهمت تيار المستقبل بتدبير الانفجار الذي ادى الى اغتيال الحريري واكثر من عشرين شخصا معه وليس حزب الله,
ماذا كان سيكون موقف حزب الله عملية الاغتيال في هذه الحالة ؟؟, وماذا كان موقفه من المحكمة الدولية؟؟, وماذا كانت ستبث قناة المنار والعالم والانوار و"الهادي" من برامج تحريضية ضد اهل السنة عموما وسنة لبنان تحديدا؟؟.
اتعلمون لو ان رفيق الحريري كان من حزب الله ماذا كان سيكون ؟؟,
كنتم سترون على الجهة الشمالية لشاشة قناة المنار شعارا كبيرا يحمل عنوان "اين الطالب بثارك يا ابن رسول الله"(ويقصدون به الحريري!!)؟؟,
وكان لصحف حزب الله خط اسود دائم على يسار صفحاتها الاولى مع صورة لرفيق الحريري وهو يلطم على صدره وتحت الصورة مكتوب بالخط العريض " قتلوك لانك تحمل في ذلك الصدر حب الحسين"!!,
ولكانت بيروت ما زالت متشحة بالسواد واصوات "باسم الكربلائي" وباقي الرواديد واللطامة تصدح امام الحسينيات والملاهي وهم يرددون "ابد والله ما ننسى رفيقاه"!!,
ولكانت الرايات المزركشة (الملونة) ترفرف فوق كل سطوح الابنية الرسمية وغير الرسمية في لبنان تنعى الحريري وتلعن قاتليه, واشهرها راية كبيرة جدا بحجم 50*50 متر مكتوب فيها " لعن الله قاتليك وقاتلي اجدادك يا حريري "!!
ولكانت جموع الشيعة تحيي في كل يوم اثنين مهرجان اسبوعيا بعنوان " من الحسين الى الحريري طريقنا معبد بالشهداء" تغلق على اثره جميع شوارع بيروت استذكارا لليوم الذي اغتيل فيه الحريري و"صحبه" !!!,
ولكانت الان حملات الاعتقال والدهم والاغتيالات تعم بيوتات اهل السنة وشبابهم بحجة البحث عن قتلة الحريري,
ولكانت اغلب مساجد اهل السنة اليوم مغلقة بعد ان هدد مرتادوها بانهم مستهدفون انتقاما من اتباع يزيد الذين قتلوا الحريري!!!.
ذلك هو جزء من المشهد الذي كان سيكون عليه حال لبنان لو كان الذي قتل تابع لحزب الله وليس مقتولا على ايديهم,ويكفي ان تتابعوا ما يقوم به شيعة لبنان اليوم لنصرة جميل السيد لتعرفوا ما هو حجم "الماتم" الذي كانوا سيقيمونه لو كان الحريري من قيادييهم!!.
مشهد افتراضي اخر:
اما المشهد الافتراضي الثاني فهو ان نتخيل ان اهل السنة في لبنان قد استعاروا مواقف شيعة العراق,وانهم "قلدوا" شيعة العراق في مواقفهم الاعلامية والامنية والعملائية (ماخذوة من عملاء)والشعبية وطبقوا ذلك على حزب الله وموقفه من "المقاومة" ومن ملف اغتيال الحريري,
هل تدرون ماذا كانت ستكون النتيجة؟؟,
لو كان اهل السنة في لبنان قد طبقوا ما يقوم به شيعة العراق اليوم ضد اهل السنة في العراق ,لكنا نرى اليوم حزب الله وهو لا يملك غرفة واحدة مكتوب فوقها "مقاومة" لا في شمال لبنان ولا في جنوبه,ولكانت قيادات حزب الله اغلبها اليوم اما في ايران او سوريا او مختفية في مناطق نائية,
ولكنا ما نزال نبحث عن صورة لحسن نصر الله او ايا من قيادات حزبه مثلما لا نزلنا لا نعرف وجوه المقاومة والجهاد في العراق الا بعد ان يستشهدوا او يعتقلوا,
ولكان حزب الله يتحسر اليوم على ان يصدر جريدة مكونة من صفحة واحدة مطبوعة بالاسود والابيض توزع ليلا على بيوت الشيعة في لبنان بدلا من كل هذه المؤسسات الاعلامية التي يملكها حزب الله اليوم والتي تنافس من حيث التمويل الجزيرة والعربية!!,
ولو كان سنة لبنان مثل شيعة العراق لكان اسم حزب الله يعد اليوم جريمة يجتث من يشيد بها ويمنع من مارسة العمل السياسي او البرلماني من يروج لها ,ويوصم بالارهاب كل من يدعوا له ,لا ان يدخل حزب الله البرلمان ويكوّن كتلة "معارضة" بل وان يمتلك الثلث المعطل!!!.
لو كان سنة لبنان مثل شيعة العراق لكانت اغلب بيوتات شيعة لبنان الان معرضة للمداهمات الليلية والقصف العشوائي والتفجير المتعمد,ولحوصرت قراهم ومدنهم ومنع عنهم الماء والكهرباء إسوة بالانبار التي لا تصل اليها الكهرباء سوى ساعة واحدة, ولكانت حملة التهجير والاخلاء على قدم وساق في جنوب لبنان وحتى شماله!!,
لو كان سنة لبنان مثل شيعة العراق,لكانت عدد السجون في لبنان تفوق عدد معسكرات ومقرات حزب الله السرية والعلنية !,
ولكان عدد عناصر حزب الله الذين في تلك السجون اكثر من عدد عناصر حزب الله الذين شاركوا في حرب احتلال بيروت الاخيرة !!,
ولكان عدد الصبايا من حزب الله اللواتي في سجون بيروت اكثر من عدد الصبايا اللواتي شاركن في اعداد القرائن التي اعلن عنها حسن نصر الله في مؤتمره المشهور!!!.
فليحمد نصر الله ربه انه ما زال باكرا!!
اقول لحسن نصر الله ان يحمد الله ان "اعداءه" في لبنان ليسوا كاعداء المجاهدين في العراق,
فلو كان سنة لبنان مثل شيعة العراق لكان حسن نصر الله الان "يُلاط" به في سجن رومية هو وثلة من اشهر و"اجمل" قادة حزبه وزينبياته, ولفُعل به اضعاف ما فعل الحرس الثوري الايراني باتباع موسوي وكروبي في ايران, ولفٌعل به اكثر او اقل مما فعل بمعتقلي اهل الموصل في سجون حزب الدعوة الشيعية في العراق!!!,ولكانت مشاهد اغتصاب حسن نصر الله وقادة حزب الله تملأ الفضائيات والانترنيت ولنافست افلام مناف الناجي ومغامراته الشيقة في نسبة المشاهدة !!!.
نعم لو كان سنة لبنان بمثل الصلافة وقلة الحياء التي يمتاز بها شيعة العراق لما كان لحزب الله ان يتبختر في لبنان ويتحكم به بهذه الطريقة,ولما كان لحسن نصر الله ان "يتمكيج" قبل ان يظهر على الفضائيات ببث مباشر تحميه طائرات بني صهيون المسيرة,ولما كان لشيعي بان يرفع راسه في لبنان وحزب الله متهم بقتل رفيق الحريري ,
لكن وحيث ان سنة لبنان هم الذين سمحوا له بان "يتمشدق" على رؤوسهم بحجة المقاومة و"الخطوط الحمراء" و"الخطوط المقدسة" و"السلم الاهلي" رغم انه اول من قتل السلم الاهلي حين اغتال الحريري,
وحيث انهم وهبوا حزب الله موقع الهجوم وراحوا يتحصنون في خنادق الدفاع, وحيث انهم ورغم انهم ارتضوا بان يكونوا الصوت الاخفت في الجنازة , وحيث انهم لا يملكون الجراة لحد الان لان يشيروا باصبع الاتهام الى قاتل قتيلهم وان يبصقوا في وجهه بدلا من ان يقبلوه,
لذلك فلا يلوموا الا انفسهم,
فمن ارتضى ان ينحني لخصمه فلا يلومن من ركب فوق ظهره!!!.
والسلام عليكم
الهامش:
*لو كان شيعة العراق مثل سنة لبنان لما بقي الاحتلال في العراق يوما:
http://iraqshabab.net/index.php?option=com_content&task=view&id=3092&Itemid=39 الكاتب: أبو محمد العراقي التاريخ: 25/09/2010 عدد القراء: 3462
أضف تعليقك على الموضوع
|