عفواً خالد الفيصل .. لا نريد عالمك الأول!
2010-11-12
بقلم فهد العبدالله
يبدو واضحاً أنه سموه إنما يقصد عالماً معيناً لا يمت لتاريخ تلك المنطقة التي يحكمها و لا لمكانتها الدينية و لا لموقعها الجغرافي بصلة , بل هو عالم حدد أُطُرهُ و شكله و ملامحه الكتيبة الليبرالية المحيطة بالأمير , تلك الكتيبة التي تحوي الكثير من أصحاب النفوذ و المنظّرون و الكُتّاب و المخططون للليبرالية السعودية , و التي عُرف عنها أنها أسوأ أنواع الفلسفات الليبرالية في العالم , ذلك أنها تقوم على مبدأ ( تدمير المكتسبات الوطنية في سبيل تحقيق مصالح فردية أو فئوية ) , و هذا المبدأ يسمح لأصحابه بالتبعية المطلقة لكل القوى المعادية للوطن , في سبيل دعم تلك القوى للتيار الليبرالي في حربه ضد التوجه الإسلامي السائد في البلد .
منذ قدوم الأمير خالد الفيصل إلى منطقة مكة , و هو يبشر , بمناسبة و دون مناسبة , بالوصول إلى العالم الأول , بل أصبحت كلمة العالم الأول تقترن باسمه عند مخاطبة متزلفوه له , و الحقيقة أن ذلك الشعار الجميل الذي رفعه الأمير كان مثار للتساؤل عن ماهية ذلك العالم الأول الذي يقصده , سيما و أن الواقع من حوله لا يبدو أنه مشجع على ذلك , فكيف يمكن لمنطقة واحدة أن تصل إلى العالم الأول بمعزل عن بقية المناطق في بلد يصنف (عند تلطيف العبارة )على أنه من البلدان النامية , و لماذا لا يرفع ذلك الشعار على مستوى الوطن بأكمله , أم أن لمنطقة مكة فيدراليتها المستقلة , التي ربما اكتسبتها بسبب خصوصيتها الدينية؟
كل تلك الإشكالات و التساؤلات كانت سبباً في غموض ذلك العالم الأول الذي يقصده الأمير خالد عند الكثيرين , إلا أنه مالبث أن تكشّفت ملامح ذلك العالم الأول الذي يقصده سموه , فبعد أن تولى سموه إمارة المنطقة بقليل , أصدر عدة قرارات ( منها ما كان توجيها صريحاً , و منها ما كان أشبه بالإيعاز ) أبانت كلها عن طبيعة ذلك العالم .
و من النماذج لتلك القرارت التي اتخذها سموه ما يلي :
1. منع المخيمات الدعوية , و التي هي في حقيقتها فعاليات ترفيهية اجتماعية تثقيفية دعوية , بالرغم من أنها تتم بمباركة جهات عليا حكومية كوزارة الداخلية , ووزارة الشئون الاسلامية ووزارة الشئون الاجتماعية و هيئة كبار العلماء , و الذين شارك الكثير من أعضائها في تلك الفعاليات , و بالرغم من أن تلك المخيمات و الفعاليات كانت بمثابة المتنفس لآلاف الشباب و الأسر , بل و كبار السن , الذين يبحثون عن أماكن مناسبة لقضاء اوقات الإجازات و العطل.
2. تقليم أظافر هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , و احتوائها و تفريغها من دورها الفعلي المناط بها , و الذي كثيراً ما يؤكد عليه سمو وزير الداخلية و يدعمه , بل وصل الأمر إلى التدخل المباشر في صلاحيات الرئيس العام لجهاز الهيئة , و ذلك بعرقلة قراره بإبعاد رئيس فرع هيئة مكة , و الذي ثبت مخالفته لسياسة ذلك الجهاز , و تقاعسه عن أداء مهامة , حيث تدخل و عطّل قرار إعفاءه .
3. دعم الأنشطة و الفعاليات الليبرالية المخالفة لقيم المجتمع , فقد أصبح سائداً في المنطقة إقامة الحفلات الغنائية و الملتقيات المختلطة و المؤتمرات المشبوهة , و لم يعد غريباً ان تطالعنا الصحف بصور تلك الفتاة الحاسرة , ذات البنطلون الضيق و هي تشارك شاباً وسيماً إحدى الفعاليات الليبرالية , فتارة فعالية تنظيف الكورنيش , وتارة فعالية تنظيف قاع البحر الأحمر , حتى إنه ليخيل للقارئ أنه قد تم سعودة بل و تأنيث جميع وظائف النظافة العامة بجدة !, أما الملتقيات المختلطة فحدث عنها و لاحرج ,بل أن سموه شارك بنفسه في كثير منها , باسم دعم شباب و شابات المنطقة أو دعم المتطوعين و المتطوعات أو غير ذلك .
4. يقابل ما سبق , عدم الحزم في التصدي لمظاهر الفساد في المنطقة , فكارثة سيول جدة مثلاً , كانت بسبب المواطن و سكنه العشوائي ! , او بسبب أن تلك الأمطار جاءت في الوقت الخطأ ( كما قال رئيس تحرير صحيفة الوطن المملوكة للأمير خالد ) , بل أن لجنة التحقيق التي كُلف سموه برئاستها لا يعرف المواطن ما آلت اليه جهودها , و كل ما يعرفه , هو أن الأمين الذي حدثت تلك الكارثة في عهده قد تمت ترقيته لوزير!
5. أما آخر تلك القرارات , فكان منع حلق تحفيظ القرآن الكريم ,بذريعة السعودة , و قد شمل ذلك القرار الحرم المكي , في خطوة وصفت بأنها غير مسبوقة عبر التاريخ الاسلامي , إلا في فترة سيطرة القرامطة و جهيمان العتيبي على الحرم !
من خلال ما ذُكر من قرارات , يبدو واضحاً أنه سموه إنما يقصد عالماً معيناً لا يمت لتاريخ تلك المنطقة التي يحكمها و لا لمكانتها الدينية و لا لموقعها الجغرافي بصلة , بل هو عالم حدد أُطُرهُ و شكله و ملامحه الكتيبة الليبرالية المحيطة بالأمير , تلك الكتيبة التي تحوي الكثير من أصحاب النفوذ و المنظّرون و الكُتّاب و المخططون للليبرالية السعودية , و التي عُرف عنها أنها أسوأ أنواع الفلسفات الليبرالية في العالم , ذلك أنها تقوم على مبدأ ( تدمير المكتسبات الوطنية في سبيل تحقيق مصالح فردية أو فئوية ) , و هذا المبدأ يسمح لأصحابه بالتبعية المطلقة لكل القوى المعادية للوطن , في سبيل دعم تلك القوى للتيار الليبرالي في حربه ضد التوجه الإسلامي السائد في البلد .
و مع كل ما سبق , فإنه من التجني القول بأن الأمير يسعى لمكاسب سياسية معينة من خلال كل تلك القرارت, كما اتهمه البعض بأنه يسعى لكسب تأييد دوائر اتخاذ القرار الامريكية , إذ أن الأمير أعقل من أن يساهم بنفسه في هدم وطن بناه جده و أبوه على أساس من القرآن و السنة و سقيا تربته من دمائمها الزكية من أجل أهداف موهومة , بل الأكيد هو أن الأمير قد وقع ضحيةً لما يصوره و ينصح به مجالسوه و مستشاروه , و الذين يشكلون رأس عصابة التيار الليبرالي في السعودية , , و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الصحيح , الذي يرويه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، : ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه. فالمعصوم من عصم الله تعالى. [ صحيح البخاري، 6611 و7198 ]. وفي رواية هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من والٍ إلا وله بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا، فمن وُقي شرها فقد وُقي، وهو من التي تغلب عليه منهما. [ صحيح / صحيح سنن النسائي للألباني، 4212 ].
و قد علق الحافظ بن حجر على هذا الحديث بقوله : والمراد به إثبات أن الأمور كلها لله تعالى، فهو الذي يعصم من شاء منهم, فالمعصوم من عصمه الله، لا من عصمته نفسه. إذ لا يوجد من تعصمه نفسه حقيقة، إلا إن كان الله عصمه .
و لا يفهم من هذا الاعتذار عن الأمير و عدم تحميله المسئولية , بل أن الواجب في حقه ما أشار إليه الحافظ أيضاً , حيث قال :
وفي الحديث تنبيه لمن ولي أمرا من أمور المسلمين أن يختار الوزير الصالح، كما في حديث عائشة أم المؤمنين مرفوعا: من ولي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزير صالحا إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه
انظر: فتح الباري (13 / 189-191)
أخيراً , فنسأل الله للأمير خالد أن يجنبه بطانة السوء , و أن يهديه لما هو خير له و للمسلمين , و أن يبصره الله بحقيقة العالم الأول المنشود , الذي يقوم على القرآن لا يحاربه , و الذي يحمي حقوق المواطن لا يحمله مسئولية اخفاق المسئول , و الذي يصغي فيه المسئول لكلمة الحق , فهو العالم الأول بحق , أما سواه فهو عالم متخلّف لا يرقى لدرجة التصنيف أصلاً .
الكاتب: مسلمة التاريخ: 12/11/2010 عدد القراء: 4113
أضف تعليقك على الموضوع
|