هذا مقال قديم لصباح الموسوي ، ولكن يصلح إعادة نشره بعنوان لماذا إنتقاد السيستاني حرام عريفيا بينما إهانة المراجع حلال إيرانيا؟!!
لماذا انتقاد السيد السيستاني (حرام) عراقيا، بينما إهانة وسجن وملاحقة وتهديد كبار المرجعيات الشيعية (حلال) إيرانياً؟! - مفارقات غريبة عجيبة
بقلم صباح الموسوي ـ نقلا من منتديات السرداب
مفارقات عجيبة حقا تعيشها ساحة المرجعية التي تسمي نفسها (شيعية) هذه الأيام، فبينما تتصارخ بعض الأطراف المُلائية متباكية على ما تسميه انتهاك حرمة المرجعيات الشيعية من قبل من تسميهم بشيوخ (الوهابية) على حد تعبيرها وتحمل الحكومة السعودية المسؤولية عما صدر من كلام بحق احد مراجع الشيعة الإيرانيين في العراق، نرى في الوقت نفسه هؤلاء المتباكون على حرمة المرجعية تخرس ألسنتهم وتُكمم أفواههم ولا ينبسون بكلمة عند ما تتعرض المرجعية الشيعية نفسها إلى الإهانة و تداس حرمتها من قبل صانعيها ودعاتها في إيران..!!
وهذا يؤكد أن الذين ثارت ثائرتهم مؤخرا ضد الخطيب السعودي (محمد العريفي) الذي قيل انه هاجم المرجع "علي السيستاني" في خطبة الجمعة قبل أسبوعين على خلفية دعمه للتمرد الحوثي، لم يكن صياحهم هذا بدافع الحميَة والغيرة على المرجعية الشيعية، وإنما جاء بدوافع سياسية تهدف إلى تحريك الحس العاطفي عند البلهاء من أبناء الطائفة واتخاذهم وسيلة لتحقيق مآرب سياسية لصالح المشروع الطائفي الفارسي الذي يتبنونه في العراق والمنطقة عامة والذي وجدوا فيه الوسيلة الوحيدة لإيصالهم إلى السلطة في العراق من جهة، وتأليب مشاعر شيعة بعض البلدان العربية ضد حكوماتهم لخلق الفتن الداخلية في هذه البلدان من جهة أخرى.
وهذا ما لمسه الجميع في تصريحات رئيس الحكومة العراقية العميل "نوري المالكي" الذي قام بزيارة "السيستاني" يوم الاثنين (4 يناير الجاري) في خطوة وصفت من قبل المراقبين بأنها تهدف لغايات دعائية انتخابية، حيث حمّل المالكي عقب لقائه السيستاني، السلطات السعودية المسؤولية قائلا "إن الحكومة السعودية تتحمل قسطا من المسؤولية يجب عليها أن ترد على الذين يكفرون ويثيرون الفتن".! نحن مع الدعوة لردع مثيري الفتن ولكن شرط أن يكون ذلك في كل مكان وفي أي لباس كان المثيرون للفتن ومن أي ملة كانوا.
وقد يسأل سائل لماذا لم يقم المالكي أولا بوقف دعاة التكفير واللعن والسب والشتم الذين تعقد مجالسهم تحت حماية حكومته العميلة بل وبرعايتها ماليا ومعنويا وثقافيا من المرجعية الطائفية ذاتها الذي انبرى للدفاع عنها؟. كم من المجالس التي عقدت في العراق بمناسبة عاشوراء مؤخرا وكان مادة حديث خطباءها السب واللعن لصحابة الرسول الأكرم والخلفاء الراشدين وعلماء وفقهاء المسلمين من أمثال أبي حنيفة واحمد ابن حنبل وغيرهم؟.. بل وشتم والتوعد بالثأر من (أتباع بني أمية) والنواصب وهي العبارات التي يفهمها المواطن الشيعي العادي على أنهم جميع أبناء السنة..! فما لا يصح بحق السيستاني أو غيره من المرجعيات الشيعية يجب أن لا يصح بحق غيرهم من علماء الإسلام أيضا.
ثم لماذا لم يتخذ المالكي وغيره ممن ثارت ثائرتهم للدفاع عن المرجعية العنيدة هذا الموقف من النظام الإيراني الذي كان السبّاق في إهانة المرجعية الشيعية ومازال هو الأكثر تعديا عليها. فكم من مرجع تعرض للاعتقال والسجن والإقامة الجبرية وخلع العمامة من قبل نظام الملالي في إيران طوال الثلاثيين عاما الماضية؟.
ألم يقم النظام الإيراني باهانة مرجع الشيعة الأعلى في زمانه "السيد كاظم شريعتمداري" الذي توفي (ت 23 رجب 1406هـ) مقهورا تحت الإقامة الجبرية بعد رفضه الإقرار بمبدأ ولاية الفقيه؟.. ثم ألم يجري اعتقال المرجع الكبير الشيخ محمد طاهر الخاقاني (توفي 1986م) ووضعه تحت الإقامة الجبرية في مدينة قم مدة سبع سنوات لمجرد مطالبته بالمساواة بين العرب والفرس في الحقوق؟.
ألم يتعرض المرجع السيد محمد الشيرازي (ت 1422هـ) للإقامة الجبرية لسنوات عديدة ويعتقل أبناءه ويعدم العديد من أتباعه لمجرد مطالبته بتطبيق مبدأ شورى الفقهاء بدلا عن مبدأ ولاية الفقيه التي أرادها الخميني لتعزيز سلطته لتكون مماثلة لسلطة ماوتسي تونغ في الصين؟.
ثم ألم تقم السلطات الإيرانية بتجريد ابرز فقهاء الشيعة في عصره الشيخ علي حسين منتظري (ت19 كانون الأول 2009) من منصبه كنائب لقائد الثورة وتضعه تحت الإقامة الجبرية لمدة تزيد على العشرة سنوات وتعتقل وتسجن جميع من اتصل به أو دافع عنه وذلك بسبب مخالفته لسياسة الظالمة والتمييز الذي يمارسه النظام؟.
ألم يقم النظام الإيراني قبل أربعة أعوام باعتقال العالم المجتهد السيد محمد حسين كاظميني بروجردي الذي ما يزال يقضي عقوبة السجن لمجرد مطالبته بفصل الدين عن الدولة وعدم تسييس الدين؟... وقبل هؤلاء ألم يتعرض مرجع الشيعة الكبير أبو القاسم الخوئي (ت 1413 هـ،) لحملة إهانة وتشهير من قبل النظام الإيراني وأتباعه نتيجة مخالفة الخوئي لنظرية ولاية الفقيه ودعم الحرب الإيرانية ضد العراق؟.
وهناك مجموعة أخرى من العلماء والمجتهدين الشيعة قد تعرضوا للمحاربة وحملات التشهير بسبب أرائهم المخالفة لنظام الخميني ومنهم على سبيل المثال المرجع اللبناني السيد محمد حسين فضل الله، الذي أدلى برأيه في مسألة تاريخية لم تثبت صحتها لديه كما قال (أكذوبة كسر ضلع الزهراء على يد الخليفة الثاني) إلى حملة تشهير كبيرة بلغت حد صدور فتاوى من قبل احد مرجعيات قم تنعته بالضال المضل؟.
أما في مستجدات حملة الإهانات المستمرة من قبل النظام الإيراني ضد المرجعيات الشيعية، فقد أصدرت رابطة مدرسي حوزة قم الدينية قبل أيام بيان بنزع المرجعية الدينية عن الشيخ "يوسف صانعي" الذي كان قد اعتبر انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد غير شرعي، واعتبر محاكمات المحتجين على نتائج الانتخابات باطلة. وهناك العديد من العلماء والمجتهدين الشيعة في إيران وخارجها قد تعرضوا إلى الإهانات والتعدي على كرامتهم من قبل النظام الإيراني إلا إن أحدا لم يسمع من المالكي أو غيره من أصحاب المشاريع الطائفية وتجار السياسة الفاسدة، انبرى للدفاع عن هذه المرجعيات؟.
إن السيستاني وبغض النظر عن مكانته الدينية عند شريحة من أبناء الطائفة الشيعة، فهو قد دخل غمار العملية السياسية القذرة الجارية في العراق اليوم وأصبح جزء منها وعلى أتباعه أن يدركوا أن من يدخل هذا المستنقع لا يمكن أن يخرج نقي الثوب بل ملطخ بالعار والدماء أو سوف يسلم من النقد والتجريح.. وجدير بشيعة آل البيت أن ينأوا بأنفسهم عن تقليد مرجع جمع بين تبعيته الفارسية وبين مساندته للاحتلال الأمريكي الظالم للعراق ودعمه للحكومات التي توالت على حكم العراق منذ الاحتلال وأحرقت فيه الأخضر واليابس.. الكاتب: إختاره أبو المعالي الكويتي التاريخ: 17/01/2010 عدد القراء: 4746
أضف تعليقك على الموضوع
|