إيذانُ أعداء الخمار بحربٍ من المؤمنين الأبرار(2)

 

إيذانُ أعداء الخمار بحربٍ من المؤمنين الأبرار(2)
الجبهة الثانية: المفتي الماجن

الحمد لله الواحد القهار، يقضي ولا معقب لحكمه، والصلاة والسلام على النبي المختار، بلغ رسالة ربه ونصح لأمته، وعلى صحابته الأخيار وأزواجه الأطهار، ساروا على نهجه وامتثلوا أمره، وبعد؛
فإنا كنا قد أعلنا الحرب على أعداء العفة والستر ممن اتخذوا الحرب على النقاب والخمار عنواناً لحملتهم الآثمة ضد أولياء الله الذين آذن الله تعالى بحرب من آذاهم، وجعلنا الجبهة الأولى موجهةً ضد مؤسسات الربا توحيداً لجبهات الحرب مع الله تعالى وعربوناً على التزامنا بحرب كل من ناصب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم العداء من جهة، وتجفيفاً لمنابع تمويل الزندقة والفاحشة والعهر والفجور في جنبات المجتمع المسلم من جهة أخرى. ونحن اليوم نعلن فتح الجبهة الثانية ضد أعداء الطهر والعفة دعاة السفور والفجور، ألا وهم الرؤوس الجهال من دعاة الانحلال الذين ضاقت بهم أروقة الخلاف الفقهي المعتبر فشذوا بأصلٍ بدعي فارقوا فيه نهج الصحابة الكرام، حيث أحدثوا قولاً لم يأت به النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفتِ به أحد من أصحابه ألا وهو القول بتحريم الخمار وبدعيته وبطلان نسبته إلى الدين، هكذا زعم الماجنون من المنتسبين للفتيا، وهكذا فتحنا عليهم الجبهة الثانية في الحرب على أعداء الخمار وعنوان هذه الجبهة: المفتي الماجن.
ولقد حذر الله تعالى من فئة من المتحملين للعلم الشرعي ممن شذوا بهذا الحمل وبددوا هذا الميراث فجلعوه في خدمة أعداء الله تعالى، قال عز وجل: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين. ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمَثَله كمَثَل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذّبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) ، ووضع الله تعالى جملةً من الضوابط التي تسفر عن بهتان من يكذب على الله تعالى فقال عز وجل: (وإذا فعلوا فاحشةً قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) ، ففضح الله تعالى من أراد هتك ستر المسلمين مدعياً نسبة ذلك إلى الشريعة، وآذن الله تعالى الساعين بالفحشاء وذرائعها في المجتمع المسلم بالوعيد الشديد، قال تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون) .
وكذلك حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذين يفتون الناس بالجهل، ففي الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا"
وقال محمد بن سيرين رحمه الله:"إن هذا الأمر دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم" ، وقال رحمه الله تعالى:"لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سمُّوا لنا رجالكم؛ فيُنظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، ويُنظر إلى أهل البدعة فلا يؤخذ حديثهم" .
ولهذا حذر العلماء من المتجرئين على الفتيا بأهوائهم، وأخسر منهم صفقةً من أفتى الناس بأهواء غيرهم، وقد أُثر عن مالك رحمه الله أنه كان يقال: "أخسر الناس من باع آخرته بدنياه، وأخسر منه من باع آخرته بدنيا غيره"، فبئست الصفقة يا علماء السوء، يا من سخَّرتم ما حملتموه من العلم للجدال بالباطل والصيال على أهل الحق.
وجاء في شرح مجلة الأحكام تعريف المفتي الماجن:"هو من يعلم الناس الحيل الباطلة، أي الحيل المؤدية إلى الضرر، والذي يفتي عن جهل، ولا يبالي بتحليل الحرام وتحريم الحلال" ، وورد ذكر المفتي الماجن في مجلة الأحكام ضمن قسم المحجور عليهم الذين يحتاجون إلى حجر الحاكم، قلت: وهذا يدل على أن ضرر المفتي الماجن ضررٌ عام يتعلق بالمصالح العامة للمسلمين.
وإن ضرر المجون في الفتوى اليوم ليس متعلقاً بمن يعلم الناس حيلةً في التخلص من نذرٍ أو طلاقٍ أو نحوه، فهؤلاء ضررهم ضرر فردي وإن كانوا يدخلون في عموم التعريف، وإنما ضرر الفتوى الماجنة اليوم يتمثل في تسخير الفتوى والخطاب الديني لخدمة مشروع أعداء الإسلام المتربصين بالأمة ليل نهار الحائكين لها المكائد في السر والعلن. إن المفتي الماجن الذي نحذر منه ونشن عليه الغارة اليوم هو ذلك الذي أخلد إلى الأرض وباء بأخسر الصفقات حيث وضع دينه في خدمة دنيا غيره، بل في خدمة أعداء الإسلام، وأخذ يبث بفتاويه الباطلة روح التخاذل والاستكانة في جنبات الأمة، ثم أخذ يعتدي على حرمات دينها ودمائها وأعراضها وأموالها بلا مبالاة، وإن من أضل ما سرت به الفتوى الماجنة اليوم إفتاء الناس بعدم شرعية الخمار والنقاب، ولا أقول عدم وجوب الخمار والنقاب في غير الفتنة فذلك خلافٌ فقهيٌ معروف، وإنما أقول إن القول المنكر الذي جاءت به الفتوى الماجنة هي القول بعدم مشروعية الخمار والنقاب وعدم نسبة القول بمشروعيتها أو الندب إليها أو وجوبها إلى الدين. ولسنا اليوم ننتظر من الحاكم بغير أمر الله أن يحجر على المفتي الماجن، كيف وهو أحوج إلى الحجر من مفتيه، ولكننا نحن المسلمين سنحجر على هؤلاء، وسنحاصر هؤلاء، وسنتربص بهؤلاء، فلنتعرف على معالم الفتوى الماجنة اليوم ليتعلم كل مسلم ومسلمة أن صاحب هذه الخصال محجورٌ عليه، لا يؤبه لقوله، ولا يعول عليه، ولا يلتف له، وفيما يلي أهم هذه المعالم:
أولاً: كل من سب السلف وطعن في الصحابة ففتواه ماجنة ومنهجه باطل ونحن معه على حرب حتى يفتح الله بيننا وبينه أو يتوب: وقد كان عبد الله بن المبارك رحمه الله يقول على رؤوس الناس: دعوا حديث عمرو بن ثابت فإنه كان يسب السلف"
ثانياً: كل من طعن في مشروعية الجهاد في سبيل الله ودعا إلى وضع السيف مع أعداء الأمة الصائلين على حرماتها ففتواه ماجنة، وهو منخرطٌ في مشروع الحرب على الإسلام، فلا يؤبه لقوله ولا يلتفت إلى فتواه.
ثالثاً: كل من أفتى بجواز تحكيم غير شرع الله تعالى في حياة الناس ففتواه ماجنة باطلة: ولا يؤبه لقوله ولا يعتبر، وتسمية هؤلاء بالمفتين لا تغني شيئاً، كما لا تغني عنهم أختام المصادقة على مناصبهم الصادرة عن أروقة الكيد الصهيوصليبي وعملائه.
رابعاً: كل من آذى المسلمين في أعراضهم فأفتى بحرمة أو منع أو عدم مشروعية التعبد بالصورة الأكمل لستر المرأة المسلمة بالخمار الشرعي الكامل سواء أكانت المسلمة تعتقد وجوبه أو وجوبه عند خوف الفتنة أو مجرد مشروعيته ففتواه ماجنة، ولا يؤبه لقوله، بل نحذر المسلمين منه لانخراطه في مشروع الكيد العالمي ضد الأمة المسلمة عموماً والمرأة المسلمة خصوصاً.
خامساً: كل من أفتى بجواز نشر وسائل الفتنة وإشاعة أسباب الرذيلة وذرائع الفاحشة كإباحة الاختلاط المحرَّم، وترويج قنوات الإعلام الرذيل ففتواه ماجنة، ولا يؤبه لها، وليحذر المسلمون كافة من انخراط هذه الفتوى الماجنة في منظومة حرب الإسلام والمسلمين.
وأنت تجد العقد الناظم لمعالم الفتوى الماجنة التي ذكرنا هو الانخراط في مشروع الحرب الصهيوصليبية ضد الإسلام والمسلمين، فلتحذر أيها المسلم، ولتحذري أيتها المسلمة من خطر جند إبليس هؤلاء.
فيا أعداء الخمار؛ أردتم الانخراط في مشروع هتك ستر المرأة المسلمة، فهتك الله أستاركم، وأردتم أن تسخِّروا لسان فتياكم لحرب الإسلام والمسلمين، فأخرس الله ألسنتكم، ورضيتم لأنفسكم الانخراط في مشروع الصهيوصليبية فنسأل الله تعالى أن يحشر كل إنسانٍ مع من يحب، ولتعلموا أن الأمة الإسلامية اليوم لا تنطلي عليها فتاوى التخذيل والتدجين والتثبيط، ولتعلموا أن ألف فتوى ماجنة لا تستيطع أن تزلزل يقين فتاة مؤمنة تتعبد لربها باعتقاد وجوب الخمار أو الندب إليه، وإذا أردتم أن ترفعوا الخمار يوماً فدونكم الخمار الذي يغشي على عقول المخدَّرين ببرامج اليهود والصليبية الحاقدة فانزعوه، ودونكم الخمار الذي يغشى القلوب فيحجبها عن نور الحق فمزقوه، أما الخمار الذي يستر نساءنا، فلن تستطيعوا نزعه رغم الفتاوى الماجنة، ولن تستطيعوا هتكه رغم شبهاتكم الباهتة، وبيننا وبينكم قول الله عز وجل: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون) ، وتربصوا الجبهة الثالثة فإن حربنا معكم لن نتنهي إن شاء الله ما دام فينا عرق ينبض، وما دام فينا قلب يغضب، وما دام فينا نفس يتردد.
د.وسيم فتح الله


الكاتب: د. وسيم فتح الله
التاريخ: 06/11/2010