الشوق القلـق ..قصيدة الشاعر د/ إسلام المازني من وراء المعتقل |
|
"الشوق القلق"
قصيدة بقلم د. إسلام المازني
أرسلها من وراء الأسوار من مشفى المعتقل
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
بين رفاق المعتقل... وقد أثارتني شجونهم...
فجاءت هذه الأبيات صدىً لبوح من حولي... وما حولي ...
وأوصي نفسي الخاطئة وأحبتي بالإستغفار... وبالعلم والتوبة ...
الشوق القلق
نلقي الشبـاك ومـا كَلَّـت أيـادينـا ** لكـن تشـقق بـالأشـواق وادينـا
أين المياه زهـور الحـب قد ظمـئت! ** نأبى النكوص وإن جُزَّت نواصينا*
قومي فقولي أين النـور فـي زمـنٍ ** فيـه الغـراب كئيب الـذوق حـادينا
هذي يساري شُلَّت فــي حـدائـِدهـا ** فخـذي اليمـين وأشــلائي قـرابينا
أطوي الجراح على الأيـام مرتحــلاً ** قلــبي يتوق لــربّ الـكون محـيينا
ـ ـ ـ ـ
اخنق يراعي فخير الحبر ما اعتُصِرا ** واجــرح فــؤادي تفصيلاً وتبيـيناً
دُكّـوا العظـام و أعصـابي لُقَيْمَتــكم ** طـاب المــذاق لقلب قد حوى طينا
أنَّـى نظـرتُ فأوصـالٌ ممـزقــة ** وإذا أشحـتُ فأسـلاك تحـــاذينا
جاري الكريم لبيـب القــوم معتـقـل ** يروي أساه لســور السجــن راوينا
نخشى الظلام وصوت السـوط يخلـعنا ** فاشرب خليـلي كؤوس الذلّ غِسليـنا
ـ ـ ـ ـ
سلـوا العـــراق أأحصيــنا جنائــزنا ** تحــت السمــاء دويٌّ من تعــازينا
عنــد الصبـاح جــراح في ضمـائرنا ** وفي المســاء مسيئــات قـــوافينا
سُـود النعــوت جمعنــاها مكـابَــرة ** عجــــزٌ و جهــلٌ و إهمـالٌ ليالينا
كيف النجـاة وريــح الشــرق بـاردة ** فالصين تصنعـنا والغـرب يغـويـنا
كنّـا الضيــاء إذ الأكـــوان دامســـة ** بشَّ السحـاب لنــا يرجو تــلاقينا
أُســدُ النــهـار و أقـــمـار مُـرتِّلـة ** لكـــن تســـربل بالأوزار راعــينا
ـ ـ ـ ـ
حكـم السماء مـع الأهـــواء منتــبذ ** يقضـي الجهـول إذا أفتــاه غـازينا
هَـزُّوا الرؤوس مع الإسفـاف سامدة ** بئـس السعيـد رضيع الغـرب قاضيـنا
دَاسـوا العهـود مع الأعشاب إذ نهقت ** في كل بـث دَعَـاوَى الطيـن تزيـينا
شُـجَّ الفــؤاد بعـرض الأرض قاطبـة ** رُسْــلَ السنـاءِ أَرَيْنـاهم تـدنَِّـينـا
حـقَّ العـذاب إذ الإعـراض منهجنا ** ضنك الحياة و يـوم الحشـر يَعْمِـــينا
ـ ـ ـ ـ
يا قطتــي كـم يئــن المرء إن وقفــت ** قبـل الوصـول مُــدِلاّت قـوافـينا
يمضي وحيـداً لا تـــؤذيه جانحـة ** أم يستنيم كبـاقي القــوم (مســكينا)!
بئــس المهـاد وفـي الأثمان باهظة ** ثم الجراح... جـراح الروح تضنيـنا
كونـي بخيـر... فـذي الأيـام زائـلة ** نعم الرفيـق هـو القـرءان شـافينا
هـذي النفـوس إلى الدّيـان سـائرة ** درب قصـيــر وأنفـاس وتَلْـقِــينَا
وقد أسيـر إلى الأحـداث مبتسمـاً ** ملء الشفاه وذي الخلجـات تُعــيينا
لا للقنـوط ولا الأعمـاق ساخطــة ** أما الدموع... فملء القلـب تفشـينا
عند الصلاة يصوم القلب عن رفثٍ ** وفي الصيام صلاة القلب تضميـنا
ـ ـ ـ ـ
قـلبـي يـفــور وأنَّــاتـي تمـزقنـي ** لـكـن سنصبـر مـا دمنـا مُحبّيـنا
إنِّـي أعيـذك بالرحمــن مــن عمـهٍ ** يأس تمــركـز فــي الأحـداق يُردينا
لا تشتكي الدهـر فالأحوال مـدرسـة ** فيها العناء وطيـب العيـــش تعنــينا
هـذي الحيـاة بـراء مــن تجـاوزنـا ** نشكـو الشقـاء ولا نُحصِي معاصـينا
يـا قُـرَّتي... ولكـم فاحــت زنـابقنا ** وســط البــلاء بألطــافٍ لبـاريـنا
قومي بليــلك للـرحمـن سـاجــدة ** نـرجــو رضــاه وتَبْكِيــنا مـآقيـنا
حمــداً لربـــك لا تُوفيـــه أحـرفنـا ** أهـــل المحــامد فــي الأكوان هادينا
ـ ـ ـ ـ
* في المعجم : أنهم كانوا إذا أسروا الاسير جزّوا ناصيته .