في فلسطين ..ليس من سمع كمن رأى..بقلم احمـد الجعلي |
|
فى فلسطين
ليس من سمع كمن راى
شبكة فلسطين للحوار – أحمد الجعلي
أسئلة كثيرة ومخاوف وظنون تعلو بعد ما أقدمت عليه حماس فى غزة ، لذا نقف هذه الوقفة تحت عنوان فى فلسطين .. ليس من سمع كمن رأى ، ونتناول الموقف فى غزة فى النقاط التالية :
خطوط عريضة
1- هذه السطور هى محاولة لفهم خلفيات قرار حماس بالتصعيد العسكرى فى غزة كما رأيناه جميعا ، والذى بالطبع قد تملك حماس أضعافه او غيره. ولكنه يبقى فقط محاولة لاستكشاف الموقف هناك.
تخيل أن .... "حتى لا نكون فلسفيين"
قبل أن نشرع فى التحليل قف لدقيقة وتخيل ان شخصا يسكن لجوارك يقوم يوميا بضرب احد أفراد عائلتك على وجهه "يضربه بالقلم" بتارة يضرب أخاك الصغير الذى لا حول له ولا قوة ، ومرة يقوم بضرب أبيك الرجل الوقور ومرة ... ومرة ...
لجأت لجيرانك ليحلوا المشكلة ..... لا جدوى
احتكمت لكبراء وحكماء الحيى الذى تسكنه .... لا جدوى
ذهبت للشرطة ... لا جدوى ويستمر الضرب
فكر وخذ قراراك الآن وسنعود بعد قليل للناقش خياراتك .
من الصعب أن نحكم عليه كوننا بعيدين عنه ونستقى المعلومات فقط من وسائل الإعلام التى فى معظمها تحاول أن تغطى الأحداث بالشكل الذى يضمن لها الوصيف بالحيادية ، حتى وان كانت هذه التغطية بالمرة غير حيادية. ولكن من أراد أن يتعمق فى التفاصيل وما وراء الأخبار فسيمكنه ذلك بالرغم من انه أيضا سيظل بعيدا عن ان يكون كمعايشى الموقف هناك ، وفيما يلى نلخص فى سطور بعض الوقائع هناك :
- الاعتداء على المؤسسات والمنشآت الحكومية ابان تولى حماس الحكومة بمفردها ، ثم الاعتداء على الوزارت التى احتفظت بها حماس فى حكومة الوحدة
الوطنية
- الاعتداء على منشآت حماس الخيرية والاجتماعية والتعليمية ولعل أبرزها الاعتداءات الجبانة على الجامعة الإسلامية على رغم ما تمثله من قيمة علمية
كبيرة في فلسطين
- اختطافات وتعذيب وحشي لأبناء حماس ووزرائها ونوابها وقادتها
- قتل لأبناء حماس وقادة كتائب القسام العسكريين التى لم تكن اسرائيل تحلم أن تصل لهم وتقتلهم بهذا العدد وهذه السهولة كما فعل هؤلاء المخربون
- أصبح القتل يطال كل من يطلق لحيته ظنا انه من أبناء حماس حتى وإن لم يكن بينه وبينها أى صلة وأبشع من ذلك أن يتم اغتيال قادة وعلماء من حماس
في المساجد وإطلاق النيران على المساجد وانتهاك حرماتها.
ونفينا فى مقال سابق ان تكون حماس صاحبة مصلحة فى هذا الفلتان الأمنى والبادئة له وكتبنا ذلك تحت عنوان " هل أصبحت حماس تسعى فقط خلف مصالحها ؟؟ نظرة فى احداث غزة "
بعد هذا الواقع الموجز ننتقل للخيارات المطروحة امام حماس
الخيارات المطروحة
لنعد للمثال الذى بدأنا به وهو الجار الذى يتعدى على اهل جاره يوميا بالضرب ، ترى ما هى الخيارات ؟؟؟
ثانيا : إذا فشلت كل المساعى السلمية فهناك حل من ثلاثة :
1- أن تعزل وتترك المكان
2- ان تصبر وتحتسب وتتحمل الضرب يوميا
3- أن تأخذ حقك وتوقفه بالقوة عن الاستمرار فى بغيه وتعديه.
أولا : تم بالفعل استنفاذ كل الوسائل السلمية لحل المشكلة ابتداء من دعوة حماس لفتح بمشاركتها الحكومة من لحظة فوزها الأولى فى الانتخابات مرورا باتفاقيات
القاهرة ومن ثم الوساطة القطرية مرورا باتفاق مكة وحكومة الوحدة الوطنية وانتهاء بمحادثات القاهرة الاخيرة والتى فشلت كلها وكانت كلها وكانها هدنة
على دخن ، ويختبأ الشرار تحت الرماد وسرعان ما يشتعل الموقف من جديد.
1- أن تعتزل حماس اللعبة السياسية وترضخ وتترك الميدان ليكمل الفريق المفسد فساده وما كانت تعيش فيه فلسطين من فساد ورشاوى وتنازلات وبيع للقضية
وإدانة للمقاومة ، وزد على ذلك فشل تجربة المشروع الإسلامى وتقزيم حماس والعودة بالمشروع المقاوم للمربع الأول وخيار الفناء أو الوجود من الأساس ،
وبالتأكيد من الصعب أن يتخذ مثل هكذا قرار يضر بالمشروع الإسلامى والقضية الفلسطينية والنهج المقاوم
" كانت تقاتل العدو بيد وتضع يدها الأخرى على جراحها النازفة التى تسيل دماء من طعنات ظهرها ، ولكن الألم قد زاد والجرح قد أصبح عميقا ، ولم يبقى امام هذا المقاتل الصامد إلا أن يلتفت للخلف فيوقف هذا العابث الخائن الذى يعيث فى ظهره طعنا وتجريحا وقتلا ، نعم توقف المقاتل والتفت لهذا القزم العابث حتى لا يظن ان طول السكوت والصبر كان نتاج عجز أو ضعف ، وإنما كان حلم قادر وعفو مستطيع وصبر مقاتل وصمود مناضل. ولكن آن الأوان لوقفة تعيد الأمور لنصابها وتصحح الخطأ وتنقل القضية والحياة الفلسطينينة نقلة جديدة "
شرعا هناك ما يسوغ لحماس ما فعلته ولست هنا بصدد سرد التأصيل الشرعى لذلك والذى يمكن الرجوع له من أماكن كثيرة ومن الممكن الرجوع لما كتبه محمد النجار عن هذا الموضوع الاقتتال الفلسطينى بين التاريخ.. والفقه
برغم تفوق قوات الأمن الوقائى وحرس الرئاسة بالعدة والعتاد إلا أن كتائب القسام استطاعت أن تقوم بعمل عسكرى رائع ومتميز ومحسوب ومرشد ، ففي غضون 72 ساعة كانت قد احكمت سيطرتها على القطاع وكل المقار الأمنية وبأقل عدد ممكن من القتلى فى صفوفها وصفوف المدنينن وصفوف رجال الأمن ، خاصة أنها كانت تترك مهلة لتسليم المقرات بدون اقتتال واستجاب لهذا الاجراء العديدون من منتسبى الاجهزة الأمنية.
عملة عسكرية أظنها تطمئننا على أن أبناء القسام فعلا يعدون على مستوى عالى لتحرير فلسطين ، وأنهم فعلا أشبه بالجيوش النظامية فى التدريب والتخطيط ، وأن معركتهم مع الاحتلال إذا آن آوان تحولها لمعركة رجل لرجل وجها لوجه فسيبلى القسام فيها بلاء حسنا إن شاء الله.
وجود فضائية الأقصى قبيل هذه الاحداث بعدة شهور ساهم فى عمل موازنة اعلامية نوعيه ، وان لم تكن القناة منتشرة بشكل قوى ، ولا تعد مصدرا اولا لاخبار فلسطين عند الكثيرين بعد.
أحسب من قراءة التاريخ القريب لحماس ، أن تحركاتها السياسية تكون موزونة ومدروسة بقوة ولكل الاحتمالات وتصدق فى أغلب مراميها وتنجح فى معظم أهدافها ، وأحسب أن حماس وقيادتها السياسية قد أعدت للامر عدته وحسبته جيدا قبل أن تقدم على هذه الخطوة العسكرية. واعتقد ان ملامح التحرك السياسى ستتضح بجلاء فى غضون الأيام المقبلة ، لتجنى حماس اكبر مكاسب للقضية الفلسطينية من هذا التحرك العسكرى.
نتائج هذا الخيار على القطاعات المختلفة
بعد الاغتيالات المتكررة كانت تتكاثر عندهم الأسئلة حول عدم دفاع حماس عنهم وحمايتهم برغم امتلاكها لجهاز عسكرى قوى ، وبدأت بوادر عدم ثقة تظهر عند بعض الأفراد من ان حماس بالفعل أصبحت تمارس اللعبة من أجل مكاسب سياسية وتحقيق منافع ومصالح لأفراد على حساب نهج المقاومة وحماية أبنائها ، وكانت حماس تلجم جموح أبنائها وتصبرهم وتلزمهم بسياسة طول النفس قدر الإمكان ، لعل الحلول السياسية والمفاوضات تنتهى بامر دون الحاجة للتصعيد العسكري ، ولكن انتهى الأمر إلى ما وصل إليه بعد فشل تلك المحاولات ، وتقافزت ثقة أبناء الحركة بقراراتها وانها كانت تصبر صبر حكيم لا صبر العاجز أو من انحرفت وجهته.
قضت هذه الحركة العسكرية على معاقلهم وقادتهم وطموحاتهم فى قطاع غزة على الأقل ، وقطعت أذنابهم وألقت فى نفوسهم الرعب بعد هذا التحرك العسكرى السريع الحاسم القادر الذى ظهرت به حماس ، وأرسل في ذات الوقت رسالة قوية لباقى العملاء فى جحورهم أن فلسطين مقبلة على مرحلة جديدة لن يستطيعوا أن يقتاتوا فيها من دماء المقاومين ومن الوشاية بالمقاومة. وبالتأكيد ستصل أصداء تلك الرسالة ولو بعد هنيهة من الوقت للضفة وعملائه والعابثين فيه
بالطبع سيتأثرون مما حدث كون أن معظم هؤلاء العملاء كانوا محسوبين على فتح ، ولكن سيبقى هناك الأصوات الحرة فى فتح والتى وضحت من اول أيام التحرك العسكري ، حيث أعلن على سبيل المثال خالد أبو هلال احد قادة كتائب شهداء الأقصى فى غزة الذراع العسكرى لفتح والناطق باسم وزارة الداخلية اعلن أن ما حدث هو تطهير لفتح وميلاد جديد لها بعد ان تخلصت من العملاء والمفسدين ، وأعلن تضامنه مع عدة فصائل عسكرية تنتمى لفتح مع كتائب القسام وعملها معها يدا بيد لتطهير فلسطين من العملاء ولاكمال مشروع المقاومة ، وقس على مثال خالد أبو هلال العديد من القيادات الأخرى منها على سبيل المثال احمد حلس
لن أقوم بدور الوصاية على الشعب الفلسطينى وأقول أنه سيتضامن مع ما فعلته حماس ولكن أقول بثقة ان معظم الشعب الفلسطينى على الأقل سيتفهم ما فعتله حماس.
وسيرى الشعب كله فى المجمل فى الأيام المقبلة بأمر الله نتاج هذا التحرك امنا وهدوءا فى قطاع غزة ، وانتهاء للانفلات الامنى وعشوائية السلاح والتجاوزات والسرقات والمخدرات وغيرها من تلك المظاهر العبثية.
بالتأكيد فى المجمل ستتأثر بما حدث وقد تتشوه لحين صورة حماس عندها ولكن يبقى على حماس ومحبيها أن يوضحوا الصورة ، وسيلقى على كاهل الأيام مسح ما تبقى من شوائب حول هذه الصورة بعد ما يرى الجميع نتائج وايجابيات ما فعلته حماس على مر الأيام ان شاء الله
شريحة الموقف الدولي
كان وسيكون الموقف الدولى منحازا للكيان الصهيونى وستبقى بوصلته دوما مع الاحتلال ومصالحه ، وبالتأكيد ستبقى حماس واى فصيل صاحب أجندة مقاومة عدوا للموقف الدولى لأنه يعادى الكيان الصهيونى ويهدد وجوده بالأساس.
ينظر للانجاز القسامى فى غزة بخوف وقلق كبير ، لعدة أسباب منها القوة العسكرية والبراعة التى نفذت به حماس تحركها ، ومنها فشل المشروع الصهيونى فى دعم دحلان واتباعه لتقويض المقاومة وطعنها من الخلف ، ومنها سيطرة حماس على قطاع غزة الذى هو سبب صداع دائم ورئيسى فى رأس الكيان الصهيونى كونها حاضنة المقاومة وقادتها وصواريخها.
كنت لأكتب نقطة مفصلة عن محاولة البعد الربط بين ما فعلته حماس وما يمكن أن يفعله الإخوان المسلمون فى مصر مع الحكومة فى يوم من الأيام ، ثم وجدت أن الأمر أقل من أن تكتب فيه سطور وتفرد له نقاط ، فمصر ليست فلسطين والإخوان المسلمون فى مصر ليسوا حماس ، وإن كان السلاح فى فلسطين مشروع لمقاومة الاحتلال ، فإن في مصر الحرب حرب إرادة وفكر وايقاظ أمة امام الاستبداد والظلم والتزوير والفساد الذى تحياه فى مصر فى ظل هذا النظام المستبد.
"لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ". قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالَ : "بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ "
ونسأل الله أن تكون حماس من هؤلاء وأن يسدد الله رميها ورمى كل من يجاهد لتكون كلمة الله هى العلياويبقى أن نذكر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلمأخيرا