|
مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali
وهذا عنوان حسابه الجديد
hamedalalinew |
|
هل بدأ الغربيون يعودون إلى ضميرهم؟
بين فينة وأخرى تطالعنا الأنباء من خلال الصحف والإعلام المرئي، وكذا تتقافز في أذهاننا عدد من التراكمات الإخبارية حول عودة بعض الغربيين إلى ذواتهم وضمائرهم في جوانب تتفق مع المنهج الإسلامي، بل نسمع بإعلان إسلام كثير منهم وعودتهم إلى حياض الإسلام بعد حياة إلحادية علمانية ماديَّة بعيدة عن الإيمان بالله تعالى ورسله وكتبه واليوم الآخر والقدر خيره وشرِّه.
وفي قبالة ذلك نلحظ الكثير من الشرقيين التغريبيين والعلمانيين لا يتعلمون من أسيادهم في هذه المجالات من العودة إلى الذات ومصارحة النفس ومكاشفتها بالأخطاء التي تنتج عن هذه الحياة الماديَّة، بل يتعلمون منهم فيما يزيد بلادنا العربية والإسلاميَّة فساداً على فساد، وحمأة في الرذيلة، وانتهاجاً لسبيل المجرمين...
ويظنُّون أنَّ الإصلاح كل الإصلاح هو في اتباع سنن الغرب، والعيش معه وملاحقته حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه معهم وظنُّوا أنَّ الدخول في جحر ضب لربما يأتي للأمَّة الإسلاميَّة من نهضة وتقدَّم وصدق الله تعالى :(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنَّما نحن مصلحون* ألا إنَّهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) سورة البقرة :( 11 ـ 12).
فنرى العلمانيين العرب في داخل البلاد الإسلامية يزيدون الأوار لهيباً فيشتعل نارًا، بتصريحاتهم حول (رجعيَّة) أو ( تخلف) المفاهيم الإسلامية، وضرورة العودة إلى الإصلاح والتغيير ـ على طريقتهم التغريبية ـ للكثير من مناهجنا وطرائق تفكيرنا وقيمنا وثوابتنا المنطلقة من أصول التشريع الإسلامي، ومصادر التلقي لدى أهل السنة والجماعة.
ولن أخوض في غمار ولجج هذا الأمر فيكفي الإشارة لأهل الفهم والجدارة ، ولست معنيَّاً في هذه المقالة مناقشة أقوال هؤلاء فلهم نقاشات أخرى، كما أنِّي لا أقصد في هذه المقال حشد العديد من الأخبار والمواقف والمقولات التي صدرت عن المجتمع الغربي، من بعض المفكرين أو المثقفين أو القانونيين في عملية إعادة البناء الاجتماعي أو الاقتصادي في الداخل الغربي الميِّت!!
فلقد سجَّل عددا منهم مدى التخبط والضلالة التي يعيشونها في عالمهم الجهنمي الغربي، وألَّفوا في ذلك كتباً ولعلَّ من أفضلها كتاب (موت الغرب) لصاحبه بات بوكانان Pet Buchanan وهو مرشح لرئاسة الولايات المتحدة في انتخابات الرئاسة 1992 و 1996م، ولعلَّ في مطالعة هذا الكتاب ما يكفي ويشفي ويفي بالحديث من ألسنة الغربيين أنفسهم عن انهيار حضارتهم الغربيَّة بل موتها !
ومع هذا كان لنا وقفة تأمل، وعقد مقارنة لما تحمله لنا بعض الأخبار من عودة قلَّة من الغربيين إلى ضميرهم ، بعد التأمل في مآلات ما يقومون به من حالات مغرقة في حلقة الفساد والإفساد، وحمأة الرذيلة والسقوط الأخلاقي والاقتصادي، حيث تباروا فيما بينهم أيِّ الدول أكثر إباحية وانحلالاً ومجوناً وإفساداً؟!!
وإذ أتحدث عن ذلك فلا يعني بالمرَّة أنَّ الغرب بالفعل تغيَّر، أو أنَّ الصلاح والإصلاح بدأ يفشو ويظهر فيه بشكل واضح، فليس ذلك مقصوداً إطلاقاً، ولكنَّه شيء يُذكر وبه يُعتبر، ليفكر المرء ويُقدِّر، لمن شاء من التغريبيين أن يتقدم أو يتأخر!!
وتنبيه مهم قبل ألج في صلب الموضوع فإني أعلم أنَّ الحياة الاجتماعية والتربوية وكذا الاقتصادية في الدول الغربيَّة حياة كاسدة فاسدة، ولكنَّ الملاحظ أنَّ هنالك من بدأ منهم ينتبه لهذا الفساد ويحاول أن يصلحه، في الوقت الذي لا زال فيه العلمانيون في البلاد الإسلاميَّة يجعلون قبلتهم الغرب وكل ما نتج عنه، ويستبعدون مع ذلك حلقات الإصلاح والتغيير من الغربيين والموافقة للصواب وإن كانت ضئيلة بل ضئيلة جداً.
• دراسة لحظر ارتداء (الملابس القصيرة) في إيطاليا:
هنالك مواقف غربية بدأت تنحو قبالة التقدم الإنساني؛ فهم في واقع الحال يتقدمون للطبيعة الإنسانيَّة السويَّة، والتي تتفق مع مقرَّرات الشريعة الإسلاميَّة، فليس من عجب أن نجد أناساً من الغربيين يطالبون بجوانب خيِّرة تنحو نحو الحضارة الحقيقيَّة، والتقدم الأخلاقي والاقتصادي وغيره من جوانب التقدم التي ينادي بها المنهج الإسلامي.
فنلحظ ونشاهد ما تقوم به بعض الأنظمة الغربية في هذه المرحلة من محاولة فرض بعض القوانين الملزمة للمجتمع بعدم تجاوزها، ومن ذلك ما ذكرته (bbc)(1 ) عن التفكير الفعلي لدى بعض المسؤولين في إحدى المدن الساحلية الإيطالية (مدينة كاستيلا ماري دي ستابيا) بدراسة فرض حظر على ارتداء التنانير القصيرة أو أي ملابس يمكن اعتبارها مستفزة!
وحينما سئل عمدة المدينة (لويجي بوبيو) عن سبب دراسة مثل فرض هذا الحظر، أجاب قائلاً: إنه يريد استخدام الحظر لمواجهة ما يصفه بالسلوكيات غير الاجتماعية، وإعادة اللياقة، وأن الهدف من القانون الجديد هو ملاحقة الأشخاص "الغوغائيين والجامحين أو الذين يتصرفون بطريقة سيئة"، وذلك قد جرى منه كما يقول المواطنون الإيطاليون من سكان تلك المدينة بأنَّ العمدة يريد فرض سياسة " لا لارتداء ما يكشف الكثير".
كما أنه بمقتضي القانون سيحظر على زوار المدينة ارتداء التنانير القصيرة والجينز القصير أيضا، وسيواجه المخالفون للحظر الجديد غرامة مالية تصل إلى 696 دولار أمريكي.
وكذلك فلقد أيَّد القس دون باولو سيسيري القرار واعتبره "القرار الصائب" وأضاف قائلا: "إن القانون يعد وسيلة جيدة لمكافحة زيادة حالات التحرش الجنسي".
كان هذا القرار الذي خرج من أولئك القوم بعد أن ذاقوا ويلات الفساد الأخلاقي، والتحرش الجنسي والتمرد على المنهج الرباني، ومن ذاق عرف .
لكنَّ العجب العجاب أن نجد ما يقدمه أقزام العلمانية في الدول الإسلامية والعربية من فسح المجال للفساد والإباحية بحجَّة (الحريَّة) و (التقدميَّة)، والبلاء المتراكم المتلاطم حينما نجد ازدياد هذا الفساد دون رقيب أو عتيد بل بحماية هؤلاء المفسدين والساقطين أخلاقياً.
مع العلم لو أنَّ خبراً إعلامياً جاء عن دراسة يجريها مركز إسلامي محافظ في إيطاليا عن خطورة الملابس القصيرة وإثارتها للآخرين، وعدم ملائمتها للوضع العام ، لضجُّوا وأكثروا على القائلين بذلك واتهموهم بالانسياق وراء الظلامية والجمود والتنطع!! وعن خطورة ضياع الهوية والقومية الأوروبيَّة! وعن خطر أسلمة المجتمع الغربي والإيطالي!
والخطاب الآن للعلمانيين من قومنا فلعلَّ خبراً كهذا يعيد لدى عقلاء هذا الفكر العلماني، شيئاً من ماء الحياة في ضميرهم، ويجبرهم على التفكير ملياً بخطورة التعري الجسدي، وما يسببه من هيجان الشهوة، وفساد الأخلاق.
وتتوارد الأخبار أكثر فأكثر في هذا الخصوص فلقد ألَّفت الأم الأمريكية سيليا ريفينبارك كتابا لمعالجة قضية موضة الملابس القصيرة الخاصة بالفتيات صغيرات السن، وهو الكتاب الذي صدر بعنوان"أوقفوا إلباس بنات الست سنوات مثل الراقصة"( 2).
وقالت ريفينبارك: "الأمهات يشترون الملابس القصيرة، والآباء يشترونها، وربما عند بعض المستويات يفكر الآباء قائلين "يا له من جميل، هذا غير مضر، هذا بريء"، لكنني أعتقد أنه ليس كذلك".
ولهذا حذر خبراء في التربية وعلم النفس في الولايات المتحدة من تفشي ظاهرة ارتداء الفتيات صغيرات السن في أمريكا لملابس غير محتشمة، وحذر عالم النفس الأمريكي الدكتور جيف جاردير من أن طريقة ارتداء الأطفال وهم في سن الثالثة يمكن أن يكون لها عواقب خطيرة فيما بعد.
وقال جاردير: "إنك يمكن أن تتسبب في ضرر حقيقي لطفلك، فهم يشكلون أذواقهم في سن صغير للغاية، ويمكن أن يتسببوا في الإضرار بمستقبلهم، ويمكن أن يُضروا بسمعتهم وفرصهم ونجاحهم".
كان هذا كلام بعض العقلاء في المجتمع الغربي، وهو ما يتقاطع تماماً ويتوافق مع كلام علماء الشريعة والذين ينطلقون من نصوص الوحيين كتاباً وسنَّة، محذِّرين المجتمعات الإسلاميَّة من إلباس بناتهم الصغيرات تلك الملابس الضيقة والشفافة والتي لا تستر أجسادهنَّ، فقد يتعرضن للتحرش الجسدي، وقد يتعلقَّ قلب البنت الصغيرة بمثل هذه الملابس، وبسبب تراخي أهلها عن مراقبتها وسماحهم لها بلبس هذه الألبسة حتى تصل لسنِّ ما قبل البلوغ، وأهل الاستقامة ينصحون أولئك الآباء والأمهات بأن يسترن بناتهنَّ ولكنَّهم يجيبون بتلك الإجابة الباردة :(لا زلن صغيرات) فتكبر الفتاة وتشبُّ عن الطوق، ولا يستطيع الأب ولا الأم بعد بلوغها حرمانها من التبرج والسفور، والسبب في ذلك ضعف التربيَّة من الأساس مِمَّا سبَّب نفور الفتيات عن محبَّة لبس الحجاب الشرعي، لأنَّهن لم يتعودن على ذلك منذ الصغر، وقد تندم الأم والأب على ذلك ، ولكن بعد ما طارت الطيور بأرزاقها كما يقال!
لقد بدأ الغربيون يشعرون بهذا الخطر الجاثم فوق صدورهم، والمداهم لمدارسهم وجامعاتهم، فلا غرو أن نجد صحيفة مشهورة كـ (الجارديان) البريطانية تدعو إلى الفصل بين الجنسين في مصر لمواجهة التحرش الجنسي على أراضيها حيث نقلت صحيفة "الشروق" المصرية(3 ) عن الصحيفة البريطانية قولها: "إن التوسع فى الفصل بين الرجال والنساء فى مصر هو أفضل الحلول لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسى التى تتزايد فى مصر".
ولعمر الله إنَّ هذا التصريح من العجائب! فهم في المقابل يبدو أنَّهم ينسون أنفسهم حيث ينتشر في بريطانيا في الآونة الأخيرة، ظاهرة الحمل بين الفتيات القاصرات، بل لقد حذر مسؤول في جمعية تعنى بالدفاع عن الأطفال وإعداد دراسات حول العواقب المترتبة على تفكك الأسرة من هذه الظاهرة.
وذكرت صحيفة الدايلي مايل أن تحذير المسؤول في جمعية التعليم العائلي نورمان ويلز جاء بعدما كشفت إحصاءات أن حوالي 54 طفلة تتراوح أعمارهن ما بين 10 و 11 سنة حبلن خلال السنوات الثماني الماضية. وقال ويلز الذي وصف هذه الإحصاءات بأنها مثيرة للفزع: (إننا نقطف الثمار المُرّة لمجتمعنا الذي تتأجج فيه الرغبات الجنسية بشكل كبير جداً)(4 ).
وقد وجه اللوم للشركات الصناعية وتجار البيع بالتجزئة الذين يشجعون الأطفال على ارتداء ملابس مثيرة والتصرف بطريقة مهيجة للشهوة الجنسية، كما انتقد المرشدين الاجتماعيين الذين قال إنهم يهتمون أكثر في تشجيع الفتيات على استخدام حبوب منع الحمل وليس حثهم على عدم ممارسة الجنس في المقام الأول(5 ).
وهذا ما يدل بالفعل على مدى التناقض الحاد الذي يعيشه الغربيون في حياتهم حيث يشعرون ويدركون بخطورة الفساد الأخلاقي الناتج عن مثل الملابس المثيرة ، والاختلاط بين الجنسين، ولربما يتبرعون فينصحون الآخرين بضرورة الفصل بين الرجال والنساء وهم أنفسهم لا يستطيعون ذلك إلا بشق الأنفس.
• حرب على الاختلاط بين الجنسين في الجامعات كذلك:
أعتقد جازماً أنَّ الغرب لا يُقدِّم للمسلمين نموذجاً في الجانب الاجتماعي يُحتذى به، أو يُقتفى أثره، بل الحديث عن موت الغرب بات أمراً يُتحدث فيه بين الغربيين أنفسهم، ولكن الميزة لدى كثير منهم أنَّهم يقومون بدراسات تمحيصيَّة لواقعهم وما يمكن تجديده وتهذيبه، ومن ذلك قرارات كثيرة صدرت عنهم بضرورة الفصل بين الجنسين (الذكور والإناث) وخصوصاً في المؤسسات التعليميَّة ، في الوقت الذي يدور فيه خصام شديد وحوار مستديم بين الإسلاميين والتغريبيين في موضوع الاختلاط بين الرجال والنساء بين التحريم والجواز!!
فهنالك من بني جلدتنا من لا يزال يغرس لدى متابعي مقالاته وأفكاره شيئاً ممَّا امتصَّه من قيح الغرب وصديدهم المنتشي بالفساد.
وبقدر ما تحدثت به عن تطرفهم الأخلاقي فإنَّ المتتبع لهم يجدهم يُراجعون أنفسهم ويحاولون الانعتاق من عنق زجاجة الانحراف والضياع والمجون التي عاشوا فيها، فلم يروا المصائب التي يقترفونها في حق الإنسانيَّة إلاَّ بعد أن رأوا النتائج السيئة التي قعَّدوا لها.
وعن الواقع التغريبي العلماني الفج في البلاد الإسلاميَّة يمكن الاستشهاد على ذلك بمثال على ما يقوله أحدهم المدعو:(صلاح وهابي) حين يدعو بكل صفاقة ووقاحة إلى الاختلاط بين الجنسين( 6) وليته يقتصر على هذه المهلكة ، بل يزيد مقاله ضغثَّا على إبّالة وبليَّة على بليَّة حين يدَّعي أنَّ (فالفصل يضعف حصانة المرأة والرجل عند الالتقاء في أماكن العمل, وقد يؤدي الى انفلات العواطف والغرائز غير المنظبطة, وخاصة في الاجواء غير السليمة!!).
وينتهي قائلاً : (فالاختلاط السليم يهذب فينا ما هو حسي ليرتقي بنا في انضاج عواطفنا الإنسانية, ويجنبنا مزالق الشطط, فالمنحرفون بشتى صنوفهم تجدهم حسيون..).
ولم يدر هذا المنحرف فكرياً أنَّ الغرب نفسه يُكَذَّبُ دعاويه، ويبين أنَّ ما يقوله إنما هو مجرد هراء ولعب على الذقون.
إنَّني سأتحدث بعد قليل عن أخبار وحوادث وقعت من مراكز وشخصيات غربيَّة في محاربة الاختلاط الذي يدعو إليه هذا الكاتب المتفرنج العلماني، فلن أذكر ذلك عن عالم دين مسلم؛ لكي لا يقول هذا الدعي إنما هي شنشنة المتدينين، بل إنَّما خرجت هذه الآراء والأقوال من أفواه الغربين أنفسهم...
فها هو الدكتور الفلسطيني "وجيه حمد عبد الرحمن"يقدِّم للقارئ العربي كتاباً يترجمه لنا بعنوان "الغرب يتراجع عن الاختلاط" للمؤلف: "بفرلي شو"، حيث يذكر فيه أن الفطرة البشرية السليمة تؤكد على ضرورة فصل الرجال عن النساء، خاصة في المؤسسات التعليمية، مشيرا إلى أن "العرف قد جرى في كثير من بلدان العالم بغض النظر عن معتقداتها على عملية الفصل، وكان هذا هو النظام المعمول به في بريطانيا حتى ستينات القرن الماضي!"أ.هـ.
ونلحظ أيضاً أنَّ مدينة كشيكاغو يعيش فيها من السكان قرابة ثمانية ملايين نسمة، قد قاموا بتأسيس مدرسة خاصة للفتيات، وذلك للقلق الذي يساور الآباء والأمهات إزاء ما قد يعترض فتياتهم من تحرشات مختلفة من قبل الفتيان.
بل جعل ذلك بعض النساء اللواتي كنَّ يطالبن بالدمج والمزج بين الجنسين من الرجال والنساء بحجة الحرية والمساواة منذ ربع قرن تختلف نظرياتهنَّ إلى المطالبة بعكس ما كُنَّ يسعين إليه، والرغبة بسن القانون وتفعيله على أرض المدارس، وكذا الحال في في جافرسن وهي إحدى ضواحي مدينة لوس أنجلوس حيث توجد مدرسة منفصلة يصل قسطها إلى (1000) دولار في الشهر وهذا مكلف بالنسبة للأسر، ومع ذلك يحرصون على تسجيلهم فيها لنجاح المنهجية التعليمية لكلا الجنسين، والحفاظ على بناتهم من التحرش الجنسي.( 7).
لقد عانى الغربيون من بلاءات الاختلاط ، ومصائب النظرة المكارثيَّة التي أسهمت في العملية التربوية حينما جاء في الإعلان العالمي للتربية ما نصُّه:(ينبغي القضاء على كل القوالب الفكرية الجامدة, والقائمة على الفصل بين الجنسين في مجال التربية والتعليم )، لكنَّ كثيراً من الغربيين أدركوا سخافة ووقاحة من كتب مثل ذلك ، فهذا الرئيس الأمريكي السابق كنيدي عام 1962م يتحدث عن الأضرار المترتبة على عدم تطبيق نظام الفصل بين الجنسين في قوله : (إن الشباب الأمريكي مائع ومترف وغارق في الشهوات، ومن بين كل سبعة شباب يتقدمون للتجنيد يوجد منهم ستة غير صالحين، وذلك لأننا سعينا لإباحة الاختلاط بين الجنسين في الجامعة بصورة مستهترة مما أدى إلى إنهاكهم في الشهوات) .
وفي عام 1998م قدمت السيناتور الأمريكية كي بيلي قانون المدارس والجامعات غير المختلطة، ومما قالت فيه : "أداء الأولاد يكون جيداً في البيئة التي يوجد فيها الأولاد وحدهم، وذلك نتيجة لعدم انشغالهم بالبنات، وبنفس القدر يكون أداء البنات جيداً وتزداد ثقتهن بأنفسهن".
وبناء على مثل هذه الدراسات، وتلبية لمطالب المجتمع الأمريكي خصصت إدارة الرئيس جورج بوش عام 2002م ما يزيد عن (300) مليون دولار لتشجيع التعليم غير المختلط، وإنشاء مدارس خاصة بالبنين وأخرى للبنات، وتطبيقاً لتلك الإستراتيجية بلغ عدد المدارس الحكومية غير المختلطة في عام 2005م (223) مدرسة بمعدل زيادة سنوية قدرها (300%) ، وبلغ عدد الولايات الأمريكية التي تقدم تعليماً غير مختلط (32) ولاية.
وفي بريطانيا أشارت دراسة أجرتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين إلى أن التعليم المختلط أدى إلى انتشار ظاهرة الطالبات الحوامل وأعمارهن أقل من ستة عشر عاماً، كما أثبتت الدارسة تزايد معدل الجرائم الجنسية والاعتداء على الفتيات بنسب كبيرة.
ونقلت الأخبار أنَّ الكونجرس الأمريكي وافق في عهد الرئيس بوش على مشروع تطبيق عدم الاختلاط بين الجنسين في وكان الكونجرس الأمريكي أعطى توجيهات إلى وزير التربية والتعليم رود بيج ببحث سبل توسيع نطاق الخيارات المتاحة أمام زيادة عدد الفصول التي يتم من خلالها تطبيق عدم الاختلاط بين الجنسين. وكانت قد تقدمت بهذا المشروع السيناتور الديمقراطي هيلاري كلينتون وزميلتها الجمهورية كاي بيلي هوتشون وقالت الأخيرة إن نظام عدم الاختلاط موجود في المدارس الخاصة منذ عدة سنوات وحان الوقت لتعميم هذا النظام على المدارس الحكومية العامة.
ولعل في هذا رد على الكاتب المدعو(صلاح وهابي) والذي نثرت شيئاً من هرائه قبل سطور، والذي يدَّعي أنَّ المجتمع المنغلق يكون فيه الفساد الأخلاقي أكثر من المجتمع الإباحي والمنفتح، وأنَّ المجتمع المختلط لا يكون فيه شيئاً من الفساد الأخلاقي، بل إنَّه على لغته النزقة يقول أنَّ هذا الاختلاط يسبِّبُ تهذيب الأخلاق، وكذب، ولكنَّه كما قال تعالى :( فإنَّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).
لقد جاءت اعترافات من قِبَلِ المجتمع الغربي تؤكد فيه على ضمان المنهج الإسلامي لمحاولات التحرش الجنسي بسبب الاختلاط ، وفي هذا المجال تقول راشيل بريتشرد والتي كانت غير مسلمة ثم أسلمت لما رأته في دين الإسلام من سمو العقيدة وحماية الأعراض: "التعليم المختلط يشجع على العلاقات بين الأولاد والبنات، وإذا أُحصي عدد المراهقات الحوامل من مدارس مختلطة ومن مدارس بدون اختلاط (خصوصاً المدارس الإسلامية) لوجدنا في الغالب أن النسبة في المدارس المختلطة تكون 57% على الأقل مقارنة بالمدارس التي تطبق الفصل بين الجنسين بنسبة لعلها قرب من 5% (في حين ستجد أن النسبة في المدارس الإسلامية هي الصفر)، كما أنني أعتقد أن اختلاط الجنسين يؤدي إلى عدم تركيزهم من الناحية الدراسية؛ لأن اهـتمامهم سيكون موجهاً للجنس الآخر"( 8)، هذا ما قاله من عرفهم، وصدقتهم إحصائياتهم (فاعتبروا يا أولي الأبصار) [الحشر:2].
وهنالك دراسة أجرتها النقابة القومية للمدرسين البريطانيين أكدت فيها أن التعليم المختلط أدى إلى انتشار ظاهرة التلميذات الحوامل سفاحاً وأعمارهن أقل من ستة عشر عاماً، كما أثبتت الدراسة تزايد معدل الجرائم الجنسية والاعتداء على الفتيات بنسب كبيرة، وفي أمريكا بلغت نسبة التلميذات الحوامل سفاحاً (48%) من تلميذات إحدى المدارس الثانوية( 9)
وإلى كتاب فرنسى حديث بعنوان: «مصائد المدارس المختلطة» نشرتها صحيفة لاكسبريس الفرنسية أعلن عالم الاجتماع الفرنسى ميشال فيز - الباحث بالمركز القومى للدراسات الاجتماعية بفرنسا - أن الاختلاط فى المدارس الأوروبية لا يدعم المساواة بين الجنسين، ولا المساواة فى الفرص.
وقد صدق الإمام ابن القيم - رحمه الله – القائل في كتابه الطرق الحكمية : ( ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر ، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة ، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة ، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة )( 10).
• بعد أزماتهم الاقتصاديَّة... يطلبون الحق لدى المنهج الإسلامي:
بعد اجتماع عقده رجال البرلمان الفرنسي للتباحث في شؤونهم الخاصة، وافقوا على تعديل بعض القوانين من أجل السماح بإصدار الصكوك أو السندات الإسلامية، ومن ثمَّ تقدم بنك قطر الإسلامي بطلب ليكون أول بنك إسلامي يفتح مركزاً له في فرنسا(11 ).
مع العلم أنَّ فرنسا بالذات تفاخر بعلمانيتها، وتحاول قدر الإمكان الاحتفاظ بمواريثها الفكرية والتحذير من أسلمة المسلمين لها، ومع هذا تتوافر الأخبار على حديث فرنسا بأنَّها تسعى لتكون عاصمة التمويل الإسلامي في أوروبا، بل إنها تأمل في الإطاحة بلندن بوصفها المحور الأوروبي للعمل المصرفي الإسلامي، وتحاول تقديم معاملات تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وتلبية احتياجات كبار المستثمرين ومعظمهم من دول الخليج.
وقال ألكسندر دو جونياك مدير مكتب وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاجارد للصحافيين 28 سبتمبر إنه "يجري اتخاذ إجراءات لضمان أن تصدر فرنسا أول صكوك إسلامية في عام 2010"( 12).
وليس غريباً ملاحظة ذلك الإقبال الأوروبي على ضرورة الاهتمام بالمنهج الاقتصادي الإسلامي والاستفادة منه بعدما لاحظوا تلك الأزمة الكارثيَّة التي عصفت بهم قبل سنة بسبب معاملاتهم القائمة على الرأسماليَّة والنفعيَّة.
وبسبب هذه الضائقة المالية والأزمة التي وقعوا بها فقد حاولوا أن يتلمَّسوا ما يمكن إفادتهم به من خلال استنقاذ وضعهم، فلم يجدوا بدَّاً من المناداة بقراءة القرآن لفهم ما يحل بهم وبمصارفهم!!
فهاهو "بوفيس فانسون" وهو رئيس تحرير مجلة (تشالينجز)، يكتب مقالاً بعنوان (البابا أو القرآن؟) قائلا: ( أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا؛ لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها، ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات، وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري؛ لأن النقود لا تلد النقود)( 13).
وكذلك يطالب (رولان لاسكين) رئيس تحرير صحيفة (لوجورنال د فينانس) بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي؛ لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم؛ من جراء التلاعب بقواعد التعامل، والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة.
وعرض (لاسكين) في مقاله الذي جاء بعنوان: "هل تأهلت (وول ستريت) لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية؟"، المخاطر التي تحدق بالرأسمالية وضرورة الإسراع بالبحث عن خيارات بديلة لإنقاذ الوضع، وقدم سلسلة من المقترحات المثيرة في مقدمتها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية برغم تعارضها مع التقاليد الغربية ومعتقداتها الدينية"( 14).
وهاهي جريدة (هيرالد تريبيون) الإنجليزية في نسختها الدولية، فلقد كتب (أومش ديساي) مقالة بعنوان: (الكارثة المالية تتيح فرصة السطوع للاقتصاد الإسلامي).
حيث يقول (ديساي) في صدر مقالته : "أن المرابحة الإسلامية هي طوق النجاة الوحيد للجميع للنجاة من أزمة التضخم المتعاظمة " و ينقل عن (ديفيد تيستا) المدير التنفيذي لبنك جيتهاوس البريطاني الذي تم إنشاؤه في أبريل الماضي على أساس التعاملات الإسلامية : "إن وضع السوق الحالي أعطى فرصة عظيمة للاقتصاد الإسلامي"( 15).
ويصدر كتاب مؤخراً للباحثة الإيطالية لوريتا نابليوني بعنوان (اقتصاد ابن آوى) أشارت فيه إلى أهمية التمويل الإسلامي ودوره في إنقاذ الاقتصاد الغربي، واعتبرت نابليوني أن (مسئولية الوضع الطارئ في الاقتصاد العالمي والذي نعيشه اليوم ناتج عن الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم بالسوق، والتي أدت إلى مضاعفة الآثار الاقتصادية)، وأضافت أن (التوازن في الأسواق المالية يمكن التوصل إليه بفضل التمويل الإسلامي بعد تحطيم التصنيف الغربي الذي يشبه الاقتصاد الإسلامي بالإرهاب، ورأت نابليوني أن التمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال الكوني). وأوضحت أن (المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية، فمع انهيار البورصات في هذه الأيام وأزمة القروض في الولايات المتحدة، فإن النظام المصرفي التقليدي بدأ يظهر تصدعا ويحتاج إلى حلول جذرية عميقة)( 16).
• ينادي بعضهم بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية:
وانتقالاً لشق آخر تحت إطار هذا الموضوع: (العودة إلى الذات عند بعض الغربيين) فالكثير منهم يعترفون أنَّ الشريعة الإسلاميَّة عظيمة المقدار، وأنَّ في تطبيقاتها الكثير من الحلول للجرائم والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية ، فالدكتور روان وليامز كبير أساقفة كنيسة كانتربري دعا إلى تطبيق بعض جوانب الشريعة الإسلامية في بريطانيا. معتبراً أنه أمر لا يمكن تجنبه قائلاً في حديث له مع إذاعة "بي بي سي" في فبراير 2008 "إن تطبيق الشريعة الإسلامية أمر لا مفر منه لتماسك المجتمع البريطاني"( 17)، وتعرض بسبب ذلك لانتقادات حادة داخل المجتمع البريطاني وفي عدد من البلدان الأوروبية، واعتبرته صحف غربيَّة بأنَّه وجه ضربة للعلمانية، وطالبت باستقالته من منصبه.
والحال نفسه نجده لدى كبير القضاة في إنكلترا وويلز ودفاعه عن الشريعة الإسلامية، وأكَّد بأن مبادئها يمكن أن تلعب دوراً في بعض جوانب النظام القضائي، وهي تصريحات اعتبرتها محكمة الصلح الإسلامية في المملكة المتحدة، «خطوة إيجابية».
وقال اللورد فيليبس في كلمة أمام المركز الإسلامي لشرق لندن :" ليس هناك من سبب يمنع استخدام مبادئ الشريعة الإسلامية لحل النزاعات والتوسط في القضايا الخلافية، لكن من غير المحتمل إمكان تشكيل محاكم إسلامية في المملكة المتحدة".
وأضاف أن "الشريعة عانت من سوء فهم وعلى نطاق واسع لكن هذا لا يمنع من اللجوء إلى مبادئها لحل الخلافات شرط أن تستند إلى القوانين المرعية في إنكلترا وويلز، كما أن القصاص الجسدي القاسي مثل الرجم والجلد وقطع اليد لن تكون مقبولة"(18 )
• بدؤوا يقولون: لا تثريب على تعدد الزوجات!
ذكرت وسائل الإعلام موافقة أحد أهم رجال القانون في السويد، البروفسور ستيفان ليندسكوغ على إقرار تشريعات قانونية تسمح بتعدد الزوجات في البلاد، ويعد هذا الموقف تغييراً جوهرياً بقناعة قديمة عند رجال القانون في السويد، من أن تعدد الزوجات لا يتطابق مع المجتمع الحضاري (19).
ولم يتوقف الأمر عند السويديين فانتقالاً لبعض الدول الشرقية وخصوصاً في روسيا بدؤوا يتحدثون عن ضرورة إيجاد حل للمعضلة الجغرافية الديموغرافية، حيث يخوض الروسيون في نقاشات كبيرة لإيجاد قوانين تبيح تعدد الزوجات لدى الرجال القادرين على تحمل هذه المسؤولية نظرًا للتناقص في تعداد السكان في روسيا وزيادة معدلات الشيخوخة في البلاد، الأمر الذي سيؤدي إلى عدم وجود أيد عاملة، والمشكلة نفسها تعاني منها معظم الدول الأوروبية.
• المدرسة التربوية الغربيَّة لم تسلم من الانتقادات من دهاقنتها:
يتبع الجزء الثاني الكاتب: خباب بن مروان الحمد التاريخ: 27/11/2010 عدد القراء: 5599
أضف تعليقك على الموضوع
|
تعليقات القراء الكرام
|
|