الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله أما بعد،،،،
إذا أراد الله تعالى أن يرفع عبده المؤمن ، ويعلي درجته ، ويقرب منزلته ، فإنه يمتحنه ويختبره ، ليعلم صدق توكله عليه ، وصبره على شدائده ، ومثل ذلك كمثل مدير إدارة أراد أن يساعد موظفا ، ويعطيه درجة ، فيدخله في دورة شاقة حتى يتخرج بعدها في بمنصب مرموق ، ودرجة عالية ، وكذلك بالنسبة لأمور الآخرة لا يدخل العبد مقام الولاية أو المحبة حتى يمتحن ويختبر ، فيرفع الله تعالى منزلته ويعلي شأنه، وفي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا أحب الله عبدا ابتلاه ) روا ه البيهقي بسند حسن .
كما أن في الابتلاء تمييزا للمؤمنين الصادقين من غيرهم قال الله تعالى {مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ }آل عمران179
وقد بين الله تعالى أن الابتلاء والاختبار مكتوب على المؤمنين كما قال سبحانه {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }العنكبوت2.
وللابتلاء صور كثيرة فمنها الخوف والجوع والنقص من الأموال والأنفس والثمرات وغيرها من الابتلاءات ، كما أن منها السجن والحبس ، فهو تقييد لحرية الإنسان ومنعا له من كثير من أمور الحياة ، وقد سما الله تعالى الإخراج من السجن إحسانا كما في قوله تعالى حاكيا عن نبيه يوسف عليه السلام (وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ ) ، ونبي الله يوسف ممن ابتلي بهذا الابتلاء كما ابتلي غيره من الأنبياء ، حتى أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم تعجب من صبر يوسف على السجن وقال :(ولو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي) متفق عليه.
وكان هذا ابتلاؤه ليرفع الله تعالى شأنه ويعلي منزلته ، فكان له ما أراد من التمكين في الأرض والتبوء منها حيث يشاء .
فعليك بذر الحب لا قطف الجنى...........والله للساعين خير معين
ستسير فلك الحق تحمل جنده.............وستنتهي للشاطئ المأمون
بالله مجراها ومرساها فهل.................تخشى الرد والله خير ضمين
ولنا بيوسف أسوة في صبره..............وقد ارتمى في السجن بضع سنين
والذي ينظر إلى التاريخ وتراجم العلماء ، سيجد أن حقيقة التمكين والنصر لا يكون إلا بعد الابتلاء والامتحان ، فهذا نبي يسفهه قومه ، والثاني يهان ويسب ، والثالث يضرب بل يقتل ويقطع ، ويوهب رأسه لبغي من بغايا بني إسرائيل ، كل ذلك لأنه يقول لقومه ( أفلا تتقون ).
ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم تعرض لأنواع كثيرة من الابتلاءات والاختبارات ، فشج وجهه الشريف ، وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة ( الخوذة ) على رأسه ، ولو قدر عليه لتم قتله ، واتهم في عرضه ، كل ذلك ابتلاء من الله تعالى ، ليقربه ويتخه خلبلا كما تخذ ابراهيم خليلا .
وليس هذا فقط لأنبيائه ورسله ، بل لكل من سار على درب العزة والكرامة وإرادة النصر و التمكين ، فحال علماء الأمة كحال أنبيائهم ورسلهم الذين سبقوهم في الدعوة والتوجيه ، فهذا سعيد بن جبير رحمه الله مع الحجاج وهذا سعيد بن المسيب مع هشام بن إسماعيل، وهذا أبو حنيفة مع والي الكوفة ، وهذا الإمام مالك مع والي المدينة ، وهذا الامام أحمد مع المأمون والمعتصم ، وغيرهم وغيرهم 00ومن هؤلاء أبو بكر النابلسي عليه رحمة الله، ذلكم الزاهد الورع العابد يوم ملك الفاطميون الروافض بلاد مصر عطلوا الصلوات وحاربوا أهل السنة وذبحوا من علماء السنة الكثير.
واستدعى المعزٌ الحاكم أبا بكر النابلسي عليه رحمة الله فقال له:
بلغني عنك أنك قلت لو كان معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة ورميت الفاطميين بسهم.
قال أبا بكر لا... فظن المعز أنه رجع عن قوله، قال المعز كيف ؟
قال أبا بكر بل ينبغي رميكم أيها الفاطميون بتسعة ورمي الروم بالعاشر.
فأرغى وأزبد وأمر بضربه في اليوم الأول، ثم أمر بإشهاره في اليوم الثاني، ثم أمر في اليوم الثالث بسلخه حيا.
فجيء بيهودي فجعل يسلخه وهو يقرأ القرآن حتى أشفق عليه اليهودي فلما وصل في سلخه إلى قلبه طعنه بالسكين ليلقى ربه فكان يسمى بالشهيد.
فهذا هو حال العلماء ومن سار على درب الأنبياء وسلك طريقهم ، وكل شيء في سبيل الله تعالى يعدونه رخيص حتى المال والنفس والبدن وحالهم يقول :
ما أنت إلا إصبع دميت 000 وفي سبيل الله ما لقيت
ويقول :
ولست أبالي حين أقتل مـسلماً ... على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلوٍ ممزع
اللهم فك قيد شيخنا الشيخ حامد العلي ، وارفع منزلته ، واجعل له من كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية آمين ،،، الكاتب: سعد بن فجحان الدوسري التاريخ: 28/12/2006 عدد القراء: 6231
أضف تعليقك على الموضوع
|