انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  انتقلت الأخبار إلى حساب التويتر حيث ننشر هناك على حساب الشيخ ما يستجـد والله الموفق  |  أنظروا هؤلاء الذين يشتمون عرض النبي صلى الله عليه وسلم ، في شمال شرق إيران يزورون مقابر عليها الشواهد : أعضاء تناسلية وعلى بعض الأضرحة صورة الخميني !!  |  فيلم غربي يفضح عنصرية الصهاينة  |  المرجع (الحسني الصرخي) واقتتال أتباع المرجعيات الشيعية في جنوب العراق - ظاهرة جديرة بالاهتمام والتحليل..!   |  بربكم ماذا أقول للإمام الخميني يوم القيامة؟ هذا ما قاله عدنان الأسدي وكيل وزارة الداخلية لضباط شرطة شيعة خدموا وطنهم بإخلاص....!!!  |  (حسن نصر اللاة) يقول: مايحدث في حمص المنكوبة هو مجرد فبركات إعلامية..! - تفضل شوف الفلم يا أعمى البصر والبصيرة.. تحذير: مشاهد مؤلمة  |  شهادة شاهد عيان شارك في مذبحة حماة  |  
 الصفحة الرئيسية
 قـسـم الـمـقـــالات
 خـزانــة الـفـتاوى
 الــركـن الأدبــــي
 مكتبة الصـوتيـات
 مكتبة المـرئـيـات
 كـُتـاب الـمـوقــع
 مشاركات الـزوار
 مكتبـة الأخـبـــار
 مكتبـة المـوقـــع
 تحـت الـمـجـهــر
 خدمات عامة
 راســلــنــــــا
 محرك البحث
 مميز: لقد قامت إدارة تويتر (X) بإيقاف حساب الشيخ في تويتر hamed_alali وهذا عنوان حسابه الجديد hamedalalinew

    السّقوط الحتميّ لآليّات السّيطرة

حفظ في المفضلة
أرسل الموضوع
طباعة الموضوع
تعـليقـات الـزوار


السّقوط الحتميّ لآليّات السّيطرة  

الشّيخ خَمِيس بن علي الماجري*

كنت قد كتبت منذ سنتين في إطار طرح مبادرة صلح وإصلاح ومصالحة بين مكوّنات المجتمع التّونسيّ برنامجا متكاملا طرحت فيه ما يمكن به تجاوز مرحلة الصّدام المتواصل بين المجتمع والدّولة إلى مرحلة البناء الفعّال بينهما، ولم تغفل تلك المبادرة أن تتناول ورقة الحلّ الاقتصادي1،

 وبمناسبة بداية أفول ما يسمّى بالحضارة الأمريكيّة والغربيّة بتهاوي منظومتها الاقتصاديّة الفخاريّة، رأيت من المناسب أن أعيد طرح الموضوع مؤكّدا أنّ السّقوط الأمريكيّ والغربيّ سنّة إلاهيّة وحتميّة تاريخيّة وضرورة بشريّة، داعيا المسلمين إلى دينهم الحقّ وهديهم العدل ومنهجهم الفذّ، ففي الإسلام سعادتي الدّنيا والآخرة.

ما تفرّق في الأمم السّابقة الهالكة تجمّع في الغرب لقد حدّثنا القرآن الكريم عن أسباب سقوط حضارات سابقة، وهي نفسها الأسباب التي ستدمّر كلّ من وقع في تلك الكوارث:\"وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ\"38 الأنفال.

كما بيّن ـ أي القرآن الكريم ـ أنّ الذّنب كان هو السّبب الأصلي لتدمير تلك الدّول والحضارات والمجتمعات، فمن تلك الحضارات من دمّر بسبب الظّلم الاقتصادي ـ التّطفيف في الكيل والميزان ـ، ومنهم من دّمر بسبب الانحراف الأخلاقي ـ اللّواط ـ، أو بسبب الاستبداد السّياسي،

هذا فضلا عن كفرهم بالله تعالى،\"فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ\" 40 العنكبوت .

والذي يجب أن يسجّل أنّ كلّ ما تفرّق في تلك الأقوام من أسباب الأخذ والتّدمير قد اجتمعت كلّها في هذه الحضارة الغربيّة التي أفسدت النّسل وخرّبت كلّ الأَرْض بما فيها الأراضي المقدّسة، وهذا ما يعجّل بتسريع هلاك القوم وإفنائهم.

فشل التّجربة الغربيّة نظريّا وأخلاقيّا واقتصاديّا: إنّ ما يحدث هذه الأيّام من هذه الهزّات العظيمة في بنية الاقتصاد الغربيّ يبيّن لكلّ ذي عينين أنّ النّظام الاقتصادي اللّيبراليّ العالميّ انتهت أغراضه عمليّا كما تبيّن فشل اللّيبراليّة نظريّا وأخلاقيّا وصارت جزءا مظلما من مراحل التّاريخ البشري الشّارد عن ربّه. لقد انتقد علماء الاقتصاد النّظام الماليّ العالميّ في ظلّ اقتصاد السّوق، وبشّروا بسقوطه، إلاّ أنّ دهاقنة السّياسة يخفون ذلك،

أمّا المنصفون فقد بشّروا بالبديل الاقتصادي الإسلاميّ بعد مرارات التّجارب الأخرى الفاشلة، وإنّ من بين من بشّر بهذا الأستاذ الاقتصادي الكبير الحائز على جائزة نوبل\"موريس آليه\" الذي أظهر الدّور السّلبيّ لآليّة الإقراض في النّشاط المصرفيّ الرّأسماليّ وأكّد أنّ الحلّ يتقارب مع منهج البديل الاقتصادي الإسلاميّ لتحقيق التّوازن في الاقتصاد وانتهى به البحث إلى خلاصتين اقترب بهما إلى القيم الإسلاميّة، الأولى أن تكون معدّل الضّرائب في حدود 2

بالمائة وهذا أقرب شيء لنسبة الزّكاة، وثانيهما أن تكون قيمة معدّل الفائدة قريبة للصّفر، وهو ما يفيد إلغاء الرّبا. إنّ العلمانيّة ك\"منهج حياة\" ظهر فشلها في مجتمعاتها، وكشفت عن قناعها التّخريبيّ في أفغانستان والعراق وفي دعمها الغير المحدود للاستبداد والقهر في بلادنا الإسلاميّة الشّاسعة، ومن الطّبيعي أن يكون نظامها الاقتصاديّ فاشلا بالضّرورة فقد بدت حقيقته لكلّ ذي عينين أنّه آليّة سيطرة.

ولأنّ البديل الحقيقيّ والوحيد للاقتصاد هو الحلّ الإسلاميّ، ولأنّ النّظام الاقتصادي الرّأسماليّ وراءه عقيدة تناقض الدّين فرجاله يرفضون ذلك الحلّ فاكتفوا بترقيع ذلك النّظام دون تبديله خوف أن يهدم عقائدهم الباطلة ويلجأ العالم إلى الحلّ الصّحيح وهو الإسلام الخالد. يقول روجي تري في\"كتابه جنون الاقتصاد\":\" يعرف الأمريكيّون أنّ هناك خطأ ما في أمريكا ولكنّهم لا يعرفون ما هو، ولا يعرفون لماذا ذاك الخطأ، والأهمّ من كلّ ذلك فهم لا يعرفون كيف يصلحون ذلك الخطأ.

وكلّ ما بإمكانهم هو الإشارة إلى أعراض المرض فقط...وفي الحقيقة فإنّ بعض ما يسمّى حلولا يزيد الطّين بلّة، ذلك أنّ تلك الحلول تحاول أن تغيّر نتائج النّظام دون تغيير النّظام الذي أفرز تلك النّتائج...\" نذر العولمة، د. عبد الحيّ زلوم ص 392/393..

ويقول ويليس هارمن:\"يبدو أنّ مجرّد التّرقيع في النّظام الرّأسمالي المعلومالي لم يعد كافيا... وحقيقة الأمر هي أعمق من ذلك وتتطلّب تغييرا أساسيّا في المفاهيم والافتراضات للنّظام نفسه\" المصدر السّابق ص388..

 السّقوط الحتميّ لآليّات السّيطرة كان الرّئيس الأمريكي الأسبق هربرت هوفر «1929 ـ 1933» أوّل من أشار إلى أنّ مشكلة الرّأسمالية تكمن في الرّأسماليّين أنفسهم، حين قال إنّهم\"جشعون إلى أبعد الحدود\"

وتجسّدت تلك المشكلة في أجلى صورها خلال انهيار سوق «وول ستريت» عام 1929، ولقد كان ذلك الانهيار الذي اختفت فيه مليارات الدّولارات من قيم الأسهم في بورصة نيويورك واحداً من أهم ّالأحداث الماليّة في القرن العشرين الذي جلب كساداً عالمياً كان بمثابة أطول وأقسى هبوط اقتصادي في تاريخ العالم الصّناعي.

ففي29 أكتوبر من تلك السّنة تم بيع 76مليون سهم وانهارت أسعار الأسهم مخلفة خسائر رهيبة فتبخرت30 مليار دولار من سوق بورصة نيويورك. واستغرق الأمر25 عاماً بعد ذلك، حتّى استعادت بعض الأسهم قيمتها الأصلية.

وبحلول عام 1932، كان مؤشّر داو جونز قد انخفض إلى 41 نقطة فقط، بلغت بذلك خسائر المستثمرين 74مليار دولار، وانهار أكثر من 1100 مصرف أمريكي. بعد أن اصطفّ العملاء بالطّوابير لتمويل ممتلكاتهم إلى سيولة نقديّة لتغطية ديونهم ومصاريفهم في الأيّام العجاف. لقد تلاشت الثّقة بالاقتصاد الأمريكي، وارتفعت معدّلات البطالة إلى 25 بالمائة و نمت مدن الأكواخ لتأوي المشرّدين الجدد في ضواحي معظم المدن الأمريكية.

وأصبح البعض يطوفون في مرادم القمامة بحثا عن الطّعام بعد أن كانوا أغنياء. وانتشر ذلك الكساد الاقتصادي الأمريكي إلى أنحاء العالم كالفيروس المعدي. كما أفاق التّاريخ يوم 19 أكتوبر لعام 1987 على موعد مع ثاني أكبر انهيار حدث في تاريخ البورصة العالمية حيث تعرضت بورصة وول ستريت لكارثة قوية أخرى عندما انهارت أسعار الأسهم فيها بحيث بلغت الخسائر في ذلك اليوم 500 مليار دولار كادت أن تؤدي إلى انهيار وول ستريت (بورصة نيويورك) ومعها الاقتصاد الأميركي لو أنها استمرت على ذات الوتيرة لغاية اليوم الثاني كما كان لها أثرها على أسواق رأس المال في باقي دول العالم.

وبعد شهر واحد من تلك الكارثة اجتمع في نيويورك ثلاثون خبيراً اقتصادياً من ثلاث عشرة دولة، وكان التّقرير الذي انتهوا إليه بعيداً عن التّفاؤل فيما يتعلّق بمستقبل الاقتصاد الرّأسماليّ. وكتب الخبير الاقتصاديّ الأوّل لبنك مورجان ستانلي يقول\"إنّ أزمة كبرى ترتسم أمامنا وأنّ المؤسّسات العالميّة ـ من صندوق النّقد الدّوليّ إلى البنك الدّوليّ وسائر آليّات الهندسة الماليّة الدوليّة ـ غير مجهزة لمواجهتها.

وكتب بعد ذلك بشهرين:\"إنّ اتّجاهاً نحو الفوضى يسيطر على النّخب الأكاديميّة والسّياسيّة العاجزة عن تفسير كيفيّة سير العالم الجديد\" وأبلغ من ذلك أن يشير التّقرير السّنويّ لبنك التّصفيات الدّوليّ الصّادر في نهاية يونيو الماضي إلى أنّه (نظراً لتعقيد الوضع وحدود معلوماتنا فمن الصّعب جدّاً تخيّل كيف ستتطوّر الأمور) ويقرّ التّقرير بإمكانيّة حدوث انفجار يزعزع الأسواق إذ يعتبر أنّ (هناك أسباباً عديدة للقلق من المستوى المعين من الفوضى.)

وقال لوثار كومب وهو مدير أوروبا لنشرة )Economics Intelligence(: آن الأوان لنضع حدّا للمماطلة في إعلان إفلاس هذا النّظام، ولنحرّر حكومات العالم حتّى تسلك الطّريق نحو إعادة إنشاء أنظمتها الماليّة والنّقدية والاقتصاديّة العالميّة بشكل كامل\" عن إمبراطوريّة الشّرّ الجديدة، لعبد الحيّ زلوم، ص 378.. وإذا كان تحوّل روسيا وجمهوريّات الاتّحاد السّوفيتيّ، والصّين إلى الاتّجاه الرّأسمالي ممّا أنعش قوى الضّغط على المساهمة في تعمية وإبعاد تغطية العولمة الإعلاميّة على تأجيل الإعلان عن بداية ظهور التّوقّعات المتشائمة عن الاقتصاد الرّأسمالي، فلا يجدون اليوم ما يماطلون به عن إعلان الإفلاس والانهيار وخطر انعدام استقرار ملكهم وتحكّمهم في العالم. لقد كان الأستاذ موريس آليه أكثر وضوحا في مقاله التّاريخيّ الذي نشره في جريدة (لومند) في شهر جويلية عام 1989 وقد بيَّن فيه أن النظام البنكي الغربي ليس فاشلا فحسب، بل سبّب أضراراً فادحةً بالاقتصاد العالمي، ولخَّص تلك الأضرار في: 1 زرع مرض خطير متجذّر في الاقتصاد العالمي يهدِّده بالانهيار والأزمات الحادَّة، إذ أصبح الاقتصاد العالمي بفضل النّظام البنكي الحالي عبارة عن أهرامات من الدّيون يتمركز بعضُها على بعض على أساس ضعيف. 2

استعمل المال في غير وظيفته الطّبيعيّة، إذ يسر النظام البنكي عمليات الاسبكيوليشن، فأصبح العالم أشبه بمائدة قمار واسعة، وأصبح يستأثر بسبعة وتسعين Speculation في المائة (97%) من تدفُّق النّقود بين بلدان العالم، ويبقى للتّجارة الحقيقيّة ثلاثة في المائة (3%) فقط. 3

كان ذلك سبباً لما يعانيه العالم من ضنك، وبطالة، وانخفاض في مستوى العدالة الاجتماعية. ورأى أن لا سبيل للخلاص من الواقع والمستقبل المظلم إلا ّبتغيير النّظام البنكي الحالي من الأساس. ولقد صحّ ما استنتجه موريس آليه من أنّ استعمال المال في غير وظيفته الطّبيعيّة هو سبب ما يعانيه العالم من عنت وضيق في العيش وغياب للعدالة الاجتماعيّة وتعقّد مشاكل التّشغيل ومن المتوقّع أن يزداد الأمر سوءاً.

يضاف إلى هذه الأضرار الواقعية والمشاهدة التي أشار إليها الأستاذ آليه: أنّ اقتصاد الرّأسمال الغربيّ ربويّ محارب للّه ورسوله، فهو بطبيعته نظام متحيِّزٌ لجدارة الائتمان على حساب الجدوى الاقتصاديّة، فيفضّل في التّمويل المشاريع الأقوى ائتماناً على المشاريع الأجدى إنتاجيّة، فتتّجه الأموال إلى الأسواق الأقلّ حاجةً إليه، وتحرم منه الأسواق الأكثر حاجة إليه، ممّا يعيق النموُّ الاقتصادي. كما يقوم هذا الاقتصاد على تشجيع الاستهلاك الطّائش، وخلق حاجات غير حقيقيّة لدى متلقّي التّمويل، والعمل المستمرّ على لفّ حبال الرقِّ والعبوديّة على رقبته لصالح السّيّد المموِّل. زد على ذلك تأثيراته السّلبية الأخرى على الاقتصاد من عدم الاستقرار وتشويه المناخ المناسب للاستثمار وغير ذلك ممّا لاحظه خبراء الاقتصاد... إنّ سمات ثلاثة ظالمة ومدمّرة تلازم النّظام الرّأسماليّ وهي لا يمكن أن تحقّق العدل والأمن الدّوليّين بأيّ حال من الأحوال. وهذه السّمات هي:

 1 استعمال المال في غير وظيفته الطّبيعيّة أي إخراجه عن أن (يكون قياماً للنّاس) .

 2 اتّخاذ المال طريقاً ذا اتّجاه واحد من الفقير إلى الغنيّ(ليكون المال دُوْلَةً بين الأغنياء).

3 حتميّة الظّلم بين طرفي المعاملة في عقود المخاطرة وعقود الرّبا (تَظلمون وتُظلمون ).

ولا شكّ أنّ هذه السّمات قد أشار إليها القرآن الكريم رفضا واستنكارا بل حربا\"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 278 فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ279\"البقرة. إنّ نتائج السّياسات الغربيّة الماليّة لا تخفى على أحد، فانظر إلى ما تعانيه أمريكا والدّول المرتهنة بها اليوم، فقد بخَسوا النَّاسَ أشياءَهم ولم يحقّقوا أساسيّات حياة كريمة لشعوبهم ،

 وانظر ما في العالم من حروب وسخة، وهرج وضنك وبطالة وانخفاض في مستوى العدالة الاجتماعيّة وفساد البيئة التي تهدد 80

 بالمائة من شعوب العالم بالفقر والجوع والمرض والموت. النّظام الرّأسمالي يحمل مشروعا ثقافيّا متوحّشا إنّ طواغيت الرّبا ـ آلهة الباطل لهذا العصر ـ هم الذين شرعوا للإنسان دينا جديدا قوامه الاستهلاك بمعنى أن هويّة الإنسان المعاصر لا تتحدّد بدينه أو تقواه أو نفعه للبشريّة، بل تتحدّد بما يمتلكه من أشياء،

 وهكذا يتقرّر أنّ للرّأسماليّة قيم مادّيّة بحتة تحملها ورسائل أنانيّة تقوّم بها الكون والحياة والإنسان. وإنّ طواغيت هذا النّظام الرّأسمالي الذي تقوده وتدعو إليه الولايات المتّحدة الأمريكيّة بجنون يحمل بطبيعته مشروعا ثقافيّا متوحّشا لأنّه لا يقيم معنى للقيم والأخلاق والجماعة البشريّة والبيئة التي أشرف على تدميرها وتدمير سكّانها،

 وهذا يكشف عن طبيعة تلك الإيديولوجيّة المنفلتة الآبقة المحقّرة للإنسان والمستحمرة له وجعله حيوانا خاضعا لقيم الاستهلاك يسرح في سوق كبير كما تسرح البهائم في حدائق الحيوانات تماما، فما البشر عندهم إلاّ أكداس استهلاك وإنتاج. ولقد تنبّه عقلاء الغرب إلى أنّ المادّة هي التي دمّرت المعايير الصّحيحة للحياة، ومن هؤلاء كارل جاسبرز الذي قرّر أنّ الثّورة التّكنولوجيّة هي الأساس المادّي للكارثة الرّوحية:\"وإنّنا ندرك معنى انهيار المعايير الصّحيحة، وندرك كيف يكون العالم قلِقاً حينما لا يدعو إلى تماسكه إيمان أو وعي اجتماعي\"، وصدق اللّه القائل:\" وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا\" 124 طه.

ليس للنّظام الاقتصادي الغربيّ جانب قيمي وأخلاقي أبدا، بل هو قائم على الأنانيّة والجشع والاحتكار لبحثه عن الرّبح والنّموّ فحسب، لذلك دارت ثروة العالم بين أيدي ثلّة قليلة من مستعمرين جدد استعملوا المال في القمار الذي تهيمن عليه دول ثمانية\"كبرى\" عبر صناديقها الرّبويّة ذات الفوائد المركّبة المتراكمة والمستمرّة حيث تعجز كلّ الدّول المدينة قياسا إلى مواردها أو التزاماتها من أن تسدّد فوائد هذه الدّيون فضلا عن أصل الدّيون.

فالحاصل إنّ الغرب الذي ابتلع العالم وهيمن عليه يشهد سقوطا حضاريّا مريعا من داخله عبر نظامه الاقتصادي الامبريالي الرّأسماليّ المدمّر الفاشل الفاسد المفلس الذي أطال في بؤس البشريّة وأشقى عليها دنياها.

إنّه نظام ملغوم يحمل موادّ انفجار المنظومة الغربيّة بأكملها ـ وللّه الحمد ـ، فقد ظهر أنّه عبارة عن أهرامات من الدّيون يرتكز بعضها على بعض في توازن هشّ ممّا جعل العالم كأنّه أشبه بمائدة قمار واسعة.

وأنّ هذه الأزمة الحاصلة اليوم ليست أمرا عابرا وبأنّ الاقتصاد العالمي سيتجدّد وبأنّه قابل للإصلاح، لقد قالوا هذا القول من قبل في الأزمات السّابقة، وها هو اليوم مرّة أخرى يتهاوى ويتساقط كأوراق الخريف، لأنّ التّآكل كان يضرب في عظام هذا النّظام منذ عقود فلم يبق له هذه المرّة شيئا، وبأنّ الإعلام الذي يمتلكه الرّأسماليّون الجشعون الكذّابون يزيّنون الأمور ويخادعون العالم ويخفون الحقيقة التي ستؤدّي حتما إلى اللّه عزّ وجلّ عبر نظامه الحقّ العدل.

 إنّ الرّأسماليّة اليوم بحمد الله وفضله أفلست، وها هي تتآكل وتتساقط وتنهار، باعتراف الأميركيّين ومن شايعهم حكومات وخبراء ورأسماليّين. المطلوب في بلادنا الإسلاميّة أمّا المطلوب في بلادنا الإسلاميّة لتفادي تهديدات اقتصادية واجتماعيّة جدّية وخطيرة حقيقة تهدّد بمزيد من المتاعب والأزمات، أن يفيق العلمانيّون العرب السّكارى بوهم اللّحاق بحضارة الرّأسمالي وباقتصاده العالمي\"المنقذ\"، بعدما خاب أملهم في الحلّ الاشتراكيّ، ولينتهوا عن النّيل من دينهم وما يحمله من حلول صحيحة شاملة وعادلة وليتصالحوا مع هويّتهم التي بدأ عقلاء الغرب أنفسهم يبشّرون بها. إنّه لا بدّ من التّحرّر الاقتصادي و التّطوّر الذّاتي والتّخلّص من الارتباط بهيمنة الرّأسمال الغربي الامبرطوري الطّفيلي الذي يحيى على امتصاص دمائنا وافتكاك خيراتنا منذ سيطرة الرّومان قبل الفتح الإسلاميّ المبارك، فإذا تمكّنّا من ذلك قطعنا السّبب الأعظم للأزمة وجعلنا نهاية للعبوديّة والاستعمار الجديد،

إذ لا يمكن أن يرتهن حلّ مشاكلنا على الخارج، كما لا يصحّ أن ترتهن هذه الأنظمة الشّموليّة في وطننا الإسلاميّ الكبير بالاقتصاديّ لمعالجة الملفّ الثّقافي والسّياسيّ والأمني. إنّه لا بدّ من عودة جادّة ومصالحة حقيقيّة وتامّة وشاملة مع الإسلام عقيدة وشريعة، ولا بدّ أن يكون المال الذي استخلفنا الله إيّاه أن يكون قياماً للنّاس، يستعمل في وظيفته الطّبيعيّة لمواجهة حاجات الإنتاج والاستهلاك والتّوزيع العادل، وأن لا يكون دُولة بين الأغنياء،

 وأن نقاطع الرّبا فلا يظلم به المتعامل فيه ولا يظلم، فها أنّنا رأينا تحقّق القانون الإلهيّ العادل بالمرابين \"يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا\" \"فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ\"...

إنّ الواجب على المسلمين في مواقعهم المختلفة في كلّ وسائلهم المتاحة أن يبيّنوا الحلّ الإسلاميّ المنتظر ويبشّروا به في تفصيلاته الاقتصاديّة البنّاءة والعادلة.

إنّه لا خلاص للمسلمين إلاّ بالاستناد إلى دينهم الحقّ من أجل التّعجيل باستخلاف هذه الحضارة التي حان سقوطها\"وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ 45 وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ 46 فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ47\"إبراهيم

ــــــــــــــــــــــــ *

 المشرف العام على موقع تونس المسلمة 1 انظر إلى مقالي الإمام مالك رائد الإصلاح في تونس مبادرة إصلاح وصلح ومصالحة ضمن مرجعيّة جامعة سلسلة في البناء: الرّسالة السّابعة: البديل الاقتصادي 1/2 ، عنوان الرابط لهذا المقال هو http://www.tunisalmoslima.com/modules.php?name=News&file=article&sid=219 و الرّسالة الثّامنة: البديل الاقتصادي 2/2، عنوان الرابط لهذا المقال هو http://www.tunisalmoslima.com/modules.php?name=News&file=article&sid=231


الكاتب: الشّيخ خَمِيس بن علي الماجري
التاريخ: 29/10/2008
عدد القراء: 5685

أضف تعليقك على الموضوع

الاسم الكريم
البريد الإلكتروني
نص المشاركة
رمز الحماية 6031  

تعليقات القراء الكرام
 

اعلانات

 لقاء الشيخ حامد العلي ببرنامج ساعة ونصف على قناة اليوم 28 نوفمبر 2013م ـ تجديد الرابـط .. حلقة الشريعة والحياة عن نظام الحكم الإسلامي بتاريخ 4 نوفمبر 2012م
 خطبة الجمعة بالجامع الكبير بقطر جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب بتاريخ 8 ربيع الآخر 1433هـ 2 مارس 2012م ... كتاب حصاد الثورات للشيخ حامد العلي يصل لبابك في أي مكان في العالم عبـر شركة التواصل هنا الرابط
 كلمة الشيخ حامد العلي في مظاهرة التضامن مع حمص بعد المجزرة التي ارتقى فيها أكثر من 400 شهيد 13 ربيع الأول 1433هـ ، 5 فبراير 2012م
 لقاء قناة الحوار مع الشيخ حامد العلي عن الثورات العربية
 أفلام مظاهرات الجمعة العظيمة والضحايا والشهداء وكل ما عله علاقة بذلك اليوم

جديد المقالات

 بيان في حكم الشريعة بخصوص الحصار الجائر على قطـر
 الرد على تعزية القسـام لزمرة النفاق والإجرام
 الدروس الوافيـة ، من معركة اللجان الخاوية
 الرد على خالد الشايع فيما زعمه من بطلان شرعية الثورة السورية المباركة !!
 خطبة عيد الأضحى لعام 1434هـ

جديد الفتاوى

 شيخ ما رأيك بفتوى الذي استدل بقوله تعالى" فلا كيل لكم عندي ولا تقربون " على جواز حصار قطر ؟!!
 فضيلة الشيخ ما قولكم في مفشّـر الأحلام الذي قال إن الثوب الإماراتي من السنة و الثوب الكويتي ليس من السنة ، بناء على حديث ورد ( وعليه ثاب قطرية ) وفسرها بأنه التفصيل الإماراتي الذي بدون رقبة للثوب !!
 أحكام صدقة الفطر
 أحكام الأضحية ؟
 بمناسبة ضرب الأمن للمتظاهرين السلميين في الكويت ! التعليق على فتوى الشيخ العلامة بن باز رحمه الله في تحريم ضرب الأمن للناس .

جديد الصوتيات

 محاضرة الشيخ حامد العلي التي ألقاها في جمعية الإصلاح ـ الرقة عن دور العلماء كاملة
 محاضرة قادسية الشام
 محاضرة البيان الوافي للعبر من نهاية القذافي
 نظم الدرر السنية في مجمل العقائد السنية للشيخ حامد العلي الجزء الأول والثاني
 إلى أم حمزة الخطيب الطفل الشهيد الذي قتله كلاب الطاغية بشار بعد التعذيب

جديد الأدب

 فتح غريان
 مرثية محمد الأمين ولد الحسن
 مرثية الشيخ حامد العلي في المجاهد الصابر مهدي عاكف رحمن الله الشهيد إن شاء الله المقتول ظلما في سجون سيسي فرعون مصر قاتله الله
 قصيدة ذكرى الإنتصار على الإنقلاب في تركيا
 قصيدة صمود قطـر


عدد الزوار: 46838776