إني أرى القدس من بين هاتيك الثغور
د. وسيم فتح الله
ترددت أنفاس عقبة بن عامر في أرض القيروان، واستحال الغضب في عزة البوعزيزي كتلةً من النيران، عزة عربيٍ أبيٍ خالطتها بشاشة الإيمان، بأن العدل لا يتعايش مع قوى البطش والطغيان، وبدأ المزاد العلني لتقديم مهر العروس، واغتسلت بدماء الكرامة تونس الحمراء لتؤدي الطقوس، فبعد طول حرمان صلى الشباب في المساجد وتلفعت بالحجاب الرؤوس، وارتفع صوت الأذان الله أكبر الله أكبر، فحق لكل حرٍ وحرةٍ بعزة المؤمن أن يتبختر، سننتم تلكم السنة الحسنة فلكم مثل أجر العاملين، حيث سننتم سنة الثورة على كل حاكم جائرٍ زنيم، قسماً لكم منا حفظ هذه الأمانة، وقد برَّ بالقسم أولنا أبناء أرض الكنانة، زرعوا فيهم حب الفراعنة دلَّسوا عليهم بفرعون خبيث، يريد بلده علمانياً محارباً للإسلام على النمط الحديث، ولكن كيف وأنفاس عمرو بن العاص في أرض مصر تتردد وصلاح الدين، ذاك الذي جعل الأزهر قبلةً ومناراً لعامة المسلمين، وقطع دابر الزنادقة العبيدية الباطنيين، فهل تستعصي على أرض الكنانة العدالة وفيها أجرى ابن الخطاب العدالة على ابن الأكرمين...
وصل مزاد العروس إلى بضع مئاتٍ من دماء الثائرين، نسأل الله لهم الشهادة آمين آمين، هاتان خطوتان عظيمتان على طريق تحرير الأقصى من الصهاينة المغتصبين، ولكن لم ينته المزاد العلني لمهر عروس المسلمين، فأنفاس عمر المختار قد حركت جموع الاستشهاديين، صدورٌ عارية، رؤوس مرفوعة في أسمى عبادة، كيف لا وثغور قتلاها يعلوها نور الشهادة، لقد تجاوز المزاد ألوف الأنفس والدماء الزكية، هل المنافسة على عروس الأقصى هو سر هذه التدريبات الجهادية، فإني إذاً لست أرى انتهاءً لهذه المزايدة العلنية، إلا على أبواب القدس وركام الجماجم اليهودية، كم أنت غاليةٌ أيتها القدس الحبيبة كي تُبذل فيك الدماء، الآن عرفنا فيما كان يتنافس فيك تلاميذ أحمد ياسين النجباء، وشيخه وشيخ المجاهدين فيك عز الدين القسام، ومن لم نذكر له اسماً لا يضيع عند رب الأنام...
وإني لأرى القدس الأسيرة من بين هذي الثغور، أراها تتزين للخاطبين ودماء مغتصبيها بالغيظ تفور، آن أوان عرس الشهادة العظيم على أرض فلسطين، وقد سُلمت بطاقات الدعوة من قبل المغرب الإسلامي العظيم، تونس فمصر فليبيا فهم من بوابة سناء يقدمون، فماذا عنك أيها الشرق الإسلامي وما هو سر هذا السكون، فالإيمان يمان والحكمة يمانية، ومهبط الوحي في أرض الحرمين والجزيرة العربية، ويا أرض العراق العظيم وما وراءك من أرض أفغانستان، الكل مدعوٌ لحضور العرس من بوابة نهر الأردن والجولان، فطوبى لك يا عروس القدس وأنت تتزينين وتتدللين، فمن المحظوظ الذي لخطبتك ستختارين؟ سأصارحك بسرٍ عميقٍ في القلب دفين؛ إن حلمي الكبير أن يكون عريسك من فئةٍ من الأنام، أجاب عنهم حين سئل بأي الأجناد ألحق يا رسول الأنام، فقال صلى الله عليه وسلم: إلحق بجند الشام...
وكتب/ د.وسيم فتح الله الكاتب: د. وسيم فتح الله التاريخ: 23/02/2011 عدد القراء: 15493
أضف تعليقك على الموضوع
|