الحكومة التي تضايق النّاس في أدائهم الصّلاة يحب أن تسقط
الشيخ خَمِيس بن علي الماجري
أوردت جريدة الصباح التّونسيّة يوم 12 فيفري2011 خبرا غريبا وعجيبا تحت عنوان اعتصام لإطلاق سراح \"المتهمين\" بأداء صلاة الفجر في جماعة تقول فيه:\"تجمع يوم 11 فيفري أمام مقر وزارة الشؤون الدينية عشرات المواطنين من نساء وشيوخ وشباب رافعين شعارات نددوا فيها بسياسة التضييق الديني التي اعتبروها مازالت متواصلة عقب الثورة.
وقال الشاب سالم بن عبد الرزاق أصيل الكبارية \"القي عليّ القبض يوم 29 جانفي الماضي عقب صلاة المغرب ونقلت مع شبان آخرين إلى مقر امني بالعاصمة وتعرضنا إلى أنواع من التعذيب من بينها الضرب المبرح والبصاق والسب والشتم والعراء والبرد القارس... كما سكب زجاجة \"خمر\" على جسدي وهو يتلفظ بكلام جارح في حق الإسلام والمسلمين.
كما رفع المتظاهرون شعارات طالبوا فيها بضرورة عزل ايمة المساجد والمؤذنين المشتبه في انخراطهم في منظومة المخبرين الدينين.
وطالب المتظاهرون بإطلاق سراح ما قالوا إنهم آلاف من المعتقلين بتهم دينية أبرزها \"أداء صلاة الفجر\". ما هذا؟
لا يزال يحدث هذا الظّلم والاضطهاد في تونس اليوم؟
فهل يعقل أن يقع هذا في بلد الزّيتونة، وفوق أرض يرفع فيها الآذان، وفي شعب مسلم منذ أربعة عشر قرنا، وبعد ثورة مباركة تستهدف القطع مع عهود الاضطهاد الدّيني الذي يرتقي إلى مستوى التّمييز العنصري بسبب التزام النّاس بدينهم وأدائهم للصّلاة!
هل يعقل أن تذلّ دولة شعبها بسبب صلاتهم، و الفصل الأول من دستور هذه الدّولة يقول:\" تونس دولة حرّة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربيّة لغتها\".
لا شرعيّة لإمام لا يقيم الشّريعة المسلمون لا يقيمون إماما لهم إلاّ لتنفيذ الشّريعة ومنها إقامة الصّلاة والدّعوة إليها والتّشجيع عليها، قال تعالى: \"الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ \"41 الحجّ.
إنّ تعطيل فريضة الصّلاة وحدها كفيلة بإسقاط هذه الحكومة وبإسقاط رئيس الدّولة المؤقّت، لأنّ أهل العلم قالوا بوجوب عزل الإمام والخروج عليه إذا لم يقم الصّلاة ولم يدع إليها،
قال الإمام القرطبي المالكي في كتابه الجامع لأحكام القرآن وهو يعدّد الشّروط التي يجب أن تتحقّق في الحاكم المسلم:\" الإمام إذا نُصِّبَ ثمّ فسق بعد انبرام العقد فقال الجمهور: إنه تنفسخ إمامته ويخلع بالفسق الظاهر المعلوم، لأنه قد ثبت أن الإمام إنما يقام لإقامة الحدود واستيفاء الحقوق وحفظ أموال الأيتام والمجانين والنظر في أمورهم إلى غير ذلك مما تقدم ذكره، وما فيه من الفسق يقعده عن القيام بهذه الأمور والنهوض بها.
فلو جوزنا أن يكون فاسقا أدى إلى إبطال ما أقيم لأجله، ألا ترى في الابتداء إنما لم يجز أن يعقد للفاسق لأجل أنه يؤدي إلى إبطال ما أقيم له، وكذلك هذا مثله. وقال آخرون: لا ينخلع إلا بالكفر أو بترك إقامة الصلاة أو الترك إلى دعائها أو شيء من الشريعة، لقوله عليه السلام في حديث عبادة: \"وألا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان\". وفي حديث عوف بن مالك: \"لا ما أقاموا فيكم الصلاة\" الحديث. أخرجهما مسلم. وعن أم سلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: \" إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع: قالوا: يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال:\" لا ما صلوا \".
من كره بقلبه وأنكر بقلبه. أخرجه أيضا مسلم. ومعلوم أنّ إهمال الصّلاة وعدم أدائها في أوقاتها من أكبر الكبائر ، وتركها بالكلّيّة هو فسق بواح و كفر صراح، ومن كان هكذا فلا تعقد له ولاية ولا إمامة لأنّه لا خلاف بين جميع المسلمين أنه لا يجوز أن تعقد الإمامة لفاسق، بل يجب أن يكون من أفضلهم في العلم\"، انظر الشرط الحادي عشر من شرائط الإمامة في الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي في تفسيره لقوله تعالى:\" إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً\" 30 سورة البقرة.
وقال القرطبي ـ رحمه الله تعالى :\" وقال آخرون لا ينخلع إلا بالكفر أو بترك إقامة الصلاة أو الترك إلى دعائها أو شئ من الشريعة ) الجامع (1/313) وقال رحمه الله في المفهم:\" وكذلك لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين كإقام الصلاة وصوم رمضان وإقامة الحدود ومنع من ذلك وكذلك لو أباح شرب الخمر والزنى ولم يمنع منها لا يختلف في وجوب خلعه\". المفهم (4/39)
فالمقصود أنّه لا شرعيّة لإمام لا يقيم الشّريعة، لا شرعية ابتداء من اليوم وبعد الثّورة المباركة لحكومة لا تحترم البند الأوّل لدستور البلاد، لا شرعية ابتداء من اليوم وبعد الثّورة المباركة لرئيس لا يحترم البند الأوّل لدستور البلاد، لا شرعية ابتداء من اليوم وبعد الثّورة المباركة لمجلس نوّاب أو مجلس مستشارين لا يحترمان البند الأوّل لدستور البلاد، لا شرعيّة ابتداء من اليوم وبعد الثّورة المباركة لبوليس لا يحترم البند الأوّل لدستور البلاد، لا شرعيّة ابتداء من اليوم وبعد الثّورة المباركة لوزير شؤون دينيّة لا يحترم يحترمان البند الأوّل لدستور البلاد... تونس في 10 ربيع الأوّل 1432 هـ، الموافق ل13 فيفري 2011 الكاتب: الشيخ خميس بن علي الماجري التاريخ: 14/02/2011 عدد القراء: 15078
أضف تعليقك على الموضوع
|