أولاً: إن هذه الحدود المصطنعة التي يحترمها المتشدقون بنصرة أهل فلسطين كحزب اللات ومروج التشيع المفضوح حسن نصر اللات لا اعتبار لها في الإسلام، وكل من يتشدق بتبني نهج المقاومة من منطلق إسلامي شرعي كما يروج هذا الحزب المفضوح كاذبٌ دَعِّي النسبة إلى الجهاد عندما يحترم حدوداً وضعها العدو وتبناها المنافقون من بني جلدتنا،
أما أصحاب نهج المقاومة الوطنية فلا نعيب عليهم احترام حدود الوثن (أو الوطن) بل نعيب عليهم عقد ولاءاتهم على غير معقد الإسلام. وبناء على هذا فإن كل أرضٍ إسلاميةٍ معتدىً عليها هي أرضُ حرب ومجالٌ لجهاد الدفع بحسب ما يتيسر. وإن حرب الصهاينة المجرمين في غزة ليست محدودةً ببقعتها الجغرافية،
لأنها حربٌ على بذرة الدولة الإسلامية في غزة، فهي حربٌ منهجية صهيوصليبية ضد مبدأ قيام الدولة الإسلامية، تماماً كما هي الحرب ضد الإمارة الإسلامية في أفغانستان والشيشان والصومال والعراق وغيرها.
وبهذا المنظور فإن الحرب في غزة جزءٌ لا يتجزأ من منهجية الحرب على فكرة ومحاولة وبداية إقامة الدولة الإسلامية التي تتهدد وتتوعد كل الأنظمة الطاغوتية في العالم، وهذا ما يفسر التواطؤ الدنيء للأنظمة العلمانية في بلاد المسلمين مع هذا العداون الهمجي على غزة.
ثانياً: إن آلة الحرب الصهيونية لم تعترف يوماً بحدود فلسطين أو غزة أو الضفة أو غيرها؛ فالدولة الصهيونية المزعومة ليس لها حدود، وآلتها العسكرية قد امتدت سابقاً إلى العراق لتدمير المفاعل النووي العراقي، وإلى تونس والأردن وسوريا لتغتال من تتعقبهم من أعدائها، وإلى سوريا الشام لتقصف فيها أهدافها العسكرية، وهكذا فإن الصهاينة أنفسهم يعتبرون العالم كله مسرحاً لعدوانهم العسكري على المسلمين فمن السذاجة والغباوة أن يحترم المسلمون حدوداً مزيفةً لهذا الصراع المصيري.
وخلاصة المسألة هنا قوله تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحُرُم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كلَّ مَرصَد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلّوا سبيلهم إن الله غفور رحيم) (التوبة 5)،
والأشهر الحرم هنا ليست الأشهر الحرام وإنما هي مدة الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين من جهة والمشركين الذين احترموا الهدنة من جهة أخرى، وقد انقضت الهدنة بين المجاهدين في غزة والصهاينة من وجهين: الوجه الأول نقض اليهود المجرمين لها، والثاني انقضاء مدتها بالفعل وهذا غاية الالتزام والوفاء بالعهد من المجاهدين الصادقين خلافاً لليهود المجرمين، وهنا يكون تأويل قوله تعالى: (ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة أتخشَونهم فاللهُ أحقُّ أن تخشَوه إن كنتم مؤمنين. قاتِلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويُخزِهم وينصركم عليهم ويشفِ صدور قومٍ مؤمنين. ويُذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليمٌ حكيم) (التوية 13-15)،
وأما كيف يكون تعذيب الله لهم بأيدينا ففي قوله تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضربَ الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشُدّوا الوَثاق فإما مَنَّاً بعدُ وإما فداءً حتى تضع الحرب أوزارها) (محمد 4)،
والعدو قد أعلن أن الحرب مفتوحة، فكذلك حربنا معهم مفنوحة حتى يتحقق تعذيب الله تعالى لهم بأيدينا ويشف صدورنا منهم ونُثخِن فيهم قتلاً وأسراً لنستشفي لقتلانا ولنفدي أسرانا في كل مكان.
إن القاعدة العسكرية لتحديد ساحة الحرب اليوم إذاً تتمثل في قوله تعالى: (واقتلوهم حيث ثقِفتموهم وأخرجوهم مِن حيث أخرجوكم والفتنةُ أشد مِن القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين) (البقرة 191)؛ نعم إن الفتنة الحاصلة للمسلمين بترك قتال وقتل الكفار المحاربين أكبر مما قد يحصل من قتلٍ وتشريدٍ في سياق المعركة، ومما قد يقع من تجاوزاتٍ من بعض المجاهدين يمكن تداركها بالدية والتوبة والاستغفار، أما فتنة المسلمين في دينهم فمفسدةٌ عظمى لا يمكن تداركها مع ترك الجهاد والقتال، وهي مفسدةٌ تسقط معها اعتبارات كل المفاسد الأخرى، بل تسقط معها حرمة أكبر المقدسات الإسلامية كما أباحت الآية القتال في المسجد الحرام إذا تعين ذلك وسيلة للدفع عن المسلمين، فتأمل.
فإلى كل من لا يستطيع دخول غزة اليوم أقول: إن العالم كله اليوم غزة، وإلى من لم يسعفه الوقت بالإعداد أقول: إن الحرب مفتوحة، ولعل الله تعالى يقبل منا التسديد الآجل إن لم يتيسر لنا التسديد العاجل لأقساط الجنة فإن الحرب سجال، وإنها لحربٌ مفتوحة، اليوم غزة، وغداً القدس حيث الموعد، (وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلَبٍ ينقلبون)
وكتب وسيم فتح الله