الجهاد والإرهاب وعقوق السلطة ( 3-3 )
وكما أن الإيمان درجات كذلك الكفر درجات . وإذا كان الحكام سيمارسون السياسة المعهودة ( سياسة الاستهبال وبمعاونة العمال الجهلة ) سيقولون – وكالعادة - نحن مؤمنين لم نكفر بالله , أي نحن لسنا كفار خارج ملة الإسلام نحن ( نشهد بأن لا إله إلا الله محمد رسول الله ) , نقول لهم شهادتكم بالقلب واللسان لكم , ولكن بما إنكم تحكمون المسلمين يجب أن ( تتجسد شهادتكم ) ويرى المسلمون أثرها على أرض الواقع , أي نريد أن ( نشهد ونشاهد ما شهدتم به ) على أرض الواقع ( لنشهد ) لكم بالحق وحتى لا نكون من ( شهداء الزور ) , فالعلماء ليس كلهم علماء سلطة ( وشهداء زور) وخونة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم , فما يلزم حاكم المسلمين لا يلزم من لا يحكمهم , وفي نفس الوقت هناك من أرسلت لهم الرسالة يريدون ( مشاهدة ورؤية صدق شهادتكم وزعمك ) أيضا على أرض الواقع وهذا حق من حقوقهم وهو من أهم الحقوق وأولها وكما ذكر سابقا , ومن ثم من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ولا إكراه في الدين , وكذلك لا إكراه ولا إجبار على الكفر ! , وأرجو الوقوف عند هذه النقطة وبحثها من قبل العلماء والقضاة الشرعيين وطلبة العلم , ( هل هناك إكراه وإجبار على الكفر ؟ , وما هي مظاهره وتطبيقاته في الحياة السياسية ؟ , وما هي الحيل الشيطانية المتبعة لإكراه وإجبار الناس على الكفر , أو الضغط عليهم ودفعهم نحو الكفر ؟ , وما هو حكم من يفتن المسلمين عن دينهم ويكرههم ويجبرهم على الكفر والشرك ويحرمهم من ممارسة تطبيقات عقيدة التوحيد في حياتهم السياسية والاجتماعية ؟ ) فيجب أن نقف على فنون وحيل الشيطنة في السياسة كما يجب ان نحاصرها حصارا مستحكما من أجل القضاء على سيطرتها وتحكمها قضاءَّ مبرما وبالقضاء الشرعي العادل ,\" وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ (191) البقرة , جاء في تفسير الطبري حول القول في تأويل قوله تعالى : { والفتنة أشد من القتل } يعني تعالى ذكره بقوله : { والفتنة أشد من القتل } والشرك بالله أشد من القتل . وقد بينت فيما مضى أن أصل الفتنة الابتلاء والاختبار فتأويل الكلام : وابتلاء المؤمن في دينه حتى يرجع عنه فيصير مشركا بالله من بعد إسلامه أشد عليه وأضر من أن يقتل مقيما على دينه متمسكا عليه محقا فيه . حدثني محمد بن عمرو , قال : ثنا أبو عاصم , قال : ثنا عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله : { والفتنة أشد من القتل } قال : ارتداد المؤمن إلى الوثن أشد عليه من القتل . الطبري . كما يجب ( مشاهدة شهادة الحكام ) من قبل الآخرين حتى تقام عليهم الحجة وتبلغ الرسالة ( بشواهدها ) وإلا سنبوء بإثمهم بعد ما نفتنهم ونضللهم عن الحق في حال سكوتنا عن خداعهم وتضلليهم وكتمان الحق عنهم , \" رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ \" , فالرسالة لا تبلغ بثقافة اللغو عبر الفضائيات والمرسلات والخطب والمحاضرات والمواعظ . وحتى تكون الأمور واضحة ويزال أي لبس , وحتى لا نعتقد بأنكم ( تشهدون ) أمامنا فقط وإذا خليتم إلى شياطينكم تقولون لهم إنا معكم إنما نحن ( مستهزئون ) \" وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) البقرة , فلا بد من وجود ( شواهد وأدلة تدل على صدق شهادتكم وإيمانكم ) , وحتى لا تستفرد الشياطين بكم لتهلككم وتهلكنا لا مفر من محاسبتكم وبيننا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , وبذلك نضمن السلامة للطرفين للحاكم والمحكوم وسلامة الحياة والآخرين من المستضعفين والغافلين الذين لم ( يشاهدوا ولم يلمسوا ) تطبيقات عقيدة التوحيد على أرض الواقع , وحتى لا تستفرد الشيطنة بالحاكم والمحكومين لا بد من وجود الوضوح والشفافية وإلا سيخطف المجتمع كما يخطف المركب الذي لا يعلم ركابه بما يجري في كابينة القيادة التي سيطر عليها القراصنة , قراصنة بحر الظلمات . فهذا ما يحدث الآن !. يجب أن يعرف هؤلاء القوم بأن الإيمان في الشرع هو: ( تصديق بالجنان ، وقول باللسان ، وعمل بالأركان ) والقلوب لا يعلم ما بها إلا الله سبحانه وتعالى واللسان قد يقول صاحبه به ما يشاء , ولكن العمل ونتائج العمل تنبأ عن صدق أو صحة المعتقد , فبالعمل الصحيح ترتقي إدراكات العقل ومن يقوم بعمل الكفار سيصيبه ما أصاب الكفار , والصادق بإيمانه والجاهل يجب أن يصلح ويصحح عمله بعد أن يتعلم ما جهله , وذلك على المستوى الفردي , وأما الدولة فلها ( أركان ) أيضا يجب أن تعمل بما أمن به المؤمنين وصدقوه بجنانهم وقالوه بلسانهم . وعالم السلطة الذي يحفظ النص دون فهم لا يعي تلك المسألة , فالمصطلح المتداول لمسألة الكفر يشرح جانبا من التعريف وهو الجانب الذي يسهل توظيفه لسياسة الحاكم الظالم , فمن السهولة إلباس لباس الكفر لأعداء الحاكم الظالم من أجل قتلهم وسلب أموالهم وسبي نسائهم , أو من أجل مقتضيات سياسة فرق تسد وهذا ما حدث سابقا وهو ما يحدث الآن , ولكن هناك جوانب تتعلق بالحقوق وبالحياة وبسلامة الحياة وبحفظ الدين وبسلامة القلوب والعقول وهي من مسؤولية الحاكم لا يتم الحديث عنها ولا بحثها ولا يتطرق لها عالم السلطة , وكأن الأمر لا يعنيه وهو ليس من الدين ! , فلا سياسة بالدين ولا دين في السياسة ! , فلذلك وكما يبدو جعلت المسألة مفتوحة للحاكم لكي يكفر ويغطي ويستر ما يشاء ويكشف ويظهر ما يريد وكيف ما شاء وبما تقتضيه المصالح الخاصة والأهواء ليعطل أركان الدولة عن العمل بمقتضى عقيدة التوحيد , وهذا الأمر ليس له علاقة بالدين فالدين بين العبد وربه وكما يدعون ! , صباح الخير , وهذا يفسر اختطاف مراكب المسلمين وبصورة جماعية وبعد غياب الوضوح والشفافية وتعطيل أركان الدولة عن العمل , وفي الحقيقة إن جعل المسألة مفتوحة للحاكم يعتبر عمل من أعمال الشياطين وأوليائهم , لأن الشيطان يحرص على تعطيل العمل بتطبيقات عقدية التوحيد في الحياة السياسية وعلى تضليل الإنسان وذهاب عقله ووعيه وهو يسره أن يصل الإنسان لقبره وهو بلا وعي ليفاجأ بالحقيقة الغائبة بعد انتهاء أجله وبعد ما تنطوي صحيفة أعماله , وهو يجتهد على ذلك , وهذا الاجتهاد يجب أن يواجه بالجهاد , وهنا أود أن أعود لمسألة ( الجهاد الكبير ) وأنبه إلى نقطة جوهرية , وهي : إن ( العمل والجهد الفكري ) الذي يبذل لوقف تلك الجريمة بحق الجنس البشري وصفه الله سبحانه وتعالى ( بالجهاد الكبير ) لأن صفوة ونخبة العلماء المجاهدين يواجهون قوى متحدة على الشر تجمع شياطين الجن والإنس فهي تجمع الكافر والمشرك والمنافق والجاهل من المسلمين الذي فتن في دينه والذي أصابه ما أصاب الكافر والمشرك والمنافق بسبب تغيب الحقيقة عنه من قبل الحكام والعلماء الجهلة , فالجهل هو أن تعلم عكس الواقع , لذلك ستكون المعادلة والمواجهة معادلة ومواجهة صعبة تتطلب جهد كبير يفرق به بين الحق والباطل بعد كشف الواقع الذي لا يشاهد بالقدرات المحدودة والذي أصبح مجهولا للكثيرين , وهو جهد وعمل أشبه بعملية جراحية دقيقة تجرى على المخ والأعصاب حتى لا تتلف بعض الخلايا الخاملة والساكنة والنائمة التي يرجى شفائها وتعافيها ويقظتها لإلحاقها بالخلايا الناشطة الحية اليقظة التي ستتجمع بإذن الله وتوفيقه لكي تُكون الجسم الإسلامي الحي المعافى النشط القوي وبروح وبفكر جديد , فكثير من المسلمين يظنون بأنهم على حق وهم في الحقيقة يصبون جهودهم مع أهل الباطل دون وعي منهم بذلك وهم يقفون تحت راياتهم وبصورة مباشرة أو غير مباشرة بسبب غياب وعيهم وتدني إدراكهم , والشيطان ورأس الشر يريد أن تبقى المسائل مبهمة ومجهولة حتى لا يستيقظ المسلمين من غفلتهم ونومتهم الفكرية وحتى لا يعيدوا تنظيم وتوحيد صفوفهم بناءًّ على وعيهم ويقظتهم , فهو لا يخشى إلا من فك أسرهم وأغلالهم وتحريرهم واتفاقهم والتقائهم لتفعيل منهجهم الذي سيحقق نهضتهم ونصرهم على أهل الباطل وقوى الشر , فهي الخسارة الكبرى بالنسبة له والتي ستلحق به وبإذن الله بعد الجهاد الكبير , ولذلك هو جهاد كبير لا يقدر عليه إلا من استجاب لأمر الله تعالى \" خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ \" وسار على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم \" فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا \" , فإبليس وأعوانه لا يخشون إلا من مجاهدتهم بالقرآن وببصائر الوحي لأنها بالنسبة للمؤمن المجاهد أشبه بالنظارات الليلة التي يستخدمها المقاتل في ظلمة الليل الحالك السواد , فهي تكشف له ما لا يريد له عدوه رؤيته ومشاهدته , ولله المثل الأعلى , ولذلك هو يحرص أن تبقى الأحوال والأجواء العامة أجواء مظلمة بواسطة الحاكم الظالم وعالمه الجاهل الذي لا يملك حتى شمعة ينير بها الظلمة , بل هو من يحرس بجهله الظلمة , فنتائج الجهاد الكبير وثمرته نتائج وثمرة كبيرة جدا وعظيمة تعود بالنفع على المسلمين والمستضعفين والغافلين والمستغفلين , وتوحيد صفوف المسلمين وتنظيمها من مسؤولية العلماء المخلصين لدينهم ولربهم ومن أنظم معهم من القيادات السياسية المخلصة لدينها ولربها والتي أسلمت أمرها لله بعد ما تحررت وفصلت كيانها الإنساني عن الكيان الشيطاني , فوضع العلماء في مقدمة المواجهة وتقديمهم على غيرهم من القيادات السياسية أمر يتطلبه الموقف العام , فالمواجهة الحقيقية مع الشيطان وهو عدو لا تدركه الحواس الخمس , ومن أبعد الشيطان عن المعادلة السياسية وأسقطه من حسابات المواجهة هو في الحقيقة أعمى لا يدرك الأشياء على حقيقتها , والأعمى قد يقود بعض ألعمي ويضحك عليهم ويستغفلهم ولكنه لا يقود المبصرين الذين يدركون الأشياء على حقيقتها , فالبصير لا ينقاد للأعمى , والدليل على إصابة القيادات السياسية بالعمى هو حال الأمة ونتائج الأعمال , فالقيادات السياسية العمياء قد أوردتها المهالك وهي تتخبط في الظلمات بعد ما ذهب الدين وذهب ورائه كل شيء , وأولهم العقل وإدراكات العقل وهي أعلى مراتب الإدراك ومن لم يتمتع بأعلى مراتب الإدراك ولو بالدرجات الأولى لا يعرف ماذا يعني ذلك . قد يعجب البعض من الرؤية المطروحة لمسألة الجهاد الكبير , ولكن المؤمن الذي لم يشطب من ذاكرته ووعيه وإيمانه ويقينه بصائر وحي الله وصدق خبر الوحي في تلك المسألة والمذكورة في الآيات البينات ستكون المسألة بالنسبة له مسألة واضحة والصورة صورة جلية , فالحياة الدنيا دار صراع وحركة وجهاد . قال تعالى \" وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج . والجهاد الكبير هو بذل الجهد والوسع لدفع الشر والضرر والخطر الذي يستهدف الجنس البشري برمته , فالشيطان هو العدو الأول للإنسان , فهو الذي يحرك وينشر الشرور في العالم , فالأولوية في التركيز وبذل الجهد الفكري والعملي يجب أن يكون على ( المحرك ) الرئيس للشرور وصانع الظلمة وليس على المُستغل المُستخدم والمسترق المستعبد والغافل الذي فقد الوعي والإدراك ويبحث عن الخلاص وسط الظلمة التي أحاطت به من كل جانب , فمعظم الناس لا يعلمون بما يجري لهم ولكن بعضهم يشعر بأن هناك شيء ما يجري ولكنهم لا يستطيعون إدراكه ومعرفة حقيقته , فالعمل الصالح الصحيح هو العمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه وبأقصى جهد لسحبه وتخليصه من براثن الشيطان وكبار الأشقياء والمجرمين في العالم الذين باعوا أنفسهم للشيطان بيعا نهائيا لا رد فيه , ( فكل متحرك له محرك ) سواء كان في الخير أو الشر , ولذلك يجب التركيز على المحرك وتوضيح كيفية وآلية استبدال محرك الشر بمحرك الخير الذي سيسوق المؤمن ويحركه نحو الخير وسيؤمن لصاحبة رؤية واضحة وسليمة تأمن له السير على الصراط المستقيم في الحياة الدنيا ووصول ميسر آمن لمرحلة المصير حتى يلقى الله على ذلك ويعبر الصراط بأمان ويدخل الجنة مع المتقين الأبرار . \" وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ \" ق . حدثنا ابن حميد , قال : ثنا مهران , عن إسماعيل ابن أبي خالد , عن يحيى بن رافع مولى لثقيف , قال : سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب , فقرأ هذه الآية { سائق وشهيد } قال : سائق يسوقها إلى الله , وشاهد يشهد عليها بما عملت . الطبري. والروح هي المحرك للإنسان .\" قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلًا (84( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) \" الإسراء . فالشيطان يستهدف انحدار وفناء الجنس البشري , والمؤمن المجاهد يستهدف من جهاده ارتقاء وبقاء الجنس البشري وسلامة الحياة , وهو يسعى وبتوفيق من الله تأمين وصول المؤمنين لمرحلة المصير بسلام وآمان ويسر , وعلى ذلك كان يجاهد إمام المجاهدين وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام والتابعين رضي الله عنهم وأرضاهم . قال تعالى \" قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) \" الأعراف قال تعالى \" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61 ( قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62( قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) \" الإسراء قال تعالى \" قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) \" ص وستكون ثمرة الجهاد الكبير بإذن الله تعالى تعديل ميزان القوى في العالم ليكون من صالح الجنس البشري والمظلومين وسلامة الحياة . وحتى يتحصل المؤمن على إدراكات العقل يجب أن يضع بصائر الوحي وخبر الوحي الصادق أساسا لبنائه الفكري لأنها بصائر وخبر صادق للوحي يستبصر بها المؤمن وتكمل له المعلومات الأساسية الناقصة التي لن يدركها بالحواس الخمس وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى ومن جود رحمته وهو أمر يختص به المؤمنين العاملين بعلمهم . قال تعالى \" قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) \" الأنعام . وأنا في الحقيقة لا أعرف كيف يضع عالم السلطة رأسه لينام ! , وكيف يصلي وهو بهذه العقلية ويبكي وينتفض إذا ما مر على آيات العذاب , فهو يفكر بنفسه ولا يفكر بالمغدور وبالمظلوم وبالمضلل والغافل الذي غيبت عنه الحقيقة وغاب وعيه وانتهى أجله وهو لم يجد عالم وسلطة سياسية تحفظ له دينه وعقله ووعيه ! , فكيف يكون ولي الأمر بهذا الإجرام ؟ , وهل بعد هذا العقوق عقوق ؟ , وعلى أي أساس يكون ولي أمر المسلمين وبأي منطق ؟ , بمنطق القوة ! , فالقوة تبقى قوة عمياء ما لم تكن هناك بصائر وأفكار نيرة توجهها وتنير لها الطريق وتضبط حركتها وتوجهها للجهة الصحيحة التي تضمن سلامة الحياة والارتقاء والبقاء , وطاعة ولي الأمر , هل هي عبارة يراد من ورائها الطاعة العمياء أم تحمل المسؤولية أمام الله قبل الناس ؟ , لا شك بأن من غيبت عنه الحقيقة وفي يوم الحساب سيتعلق برقبة من ضلله عن الحق ولم يحفظ له دينه وأذهب عقله ووعيه بتعريضه للفتن التي تضلل عن الحق وتذهب العقل . وأنا على ذلك من الشاهدين . وأخيرا , بماذا يفسر الحال التي وصلت إليه البشرية ؟ , ألا يفسر بأن من يقودون العالم ومن يتبعونهم ويدورون في فلكهم لا يملكون عقول سليمة ! , ومن يشك بذلك ولا يشعر به فلا طمع أن يعلم ولا طمع في أن يعقل . عن أبي موسى الأشعري , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \" إن بين يدي الساعة الهرج\"، قالوا: وما الهرج ؟ قال: \" القتل ، إنه ليس بقتلكم المشركين، ولكن قتلُ بعضكم بعضاً، حتى يقتل الرجل جاره ، ويقتل أخاه ، ويقتل عمه ، ويقتل ابن عمه \" ، قالوا : ومعنا عقولنا يومئذ ؟ قال : \" إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان ويخلِف له هباء من الناس ، يحسب أكثرهم أنهم على شيء، وليسوا على شيء\". ومعنى هباء : هباء أي قليل العقل . والحديث من أعلام نبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ. إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان ويخلِف له هباء من الناس . أي لا تنزع عقول من يقتل جاره وأخاه وعمه وابن عمه فقط , بل حتى صاحب السلطة وعالمه وأعوانه على الظلم ومعظم رعاياهم , إلا من رحم الله وهداه وعافاه , وينزع الله جل قدره عقل صاحب السلطة وعالمه وأعوانه على الظلم لأنهم لم يقدموا لمن يقتل جاره وأخاه وعمه وابن عمه ولم يقدموا لرعاياهم أيضا ما يحفظ لهم عقولهم وأعراضهم وأنفسهم وأموالهم , فإذا ذهب الدين فسد العقل وإذا فسد العقل فسد وذهب ورائه كل شيء , فستفسد الذمم والأخلاق وستنتهك الأعراض وستبدد الأموال وسيعبث بها وستزهق الأنفس . قال تعالى \" وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) \" التوبة . \" وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون \". الأحد 7 ذي الحجة 1431 الموافق 14 / 11 / 2010 محمد العلي الكاتب: محمد العلي التاريخ: 27/11/2010 عدد القراء: 5416
أضف تعليقك على الموضوع
|