بداية نهاية الحقبة الامريكية
(1)
محمد فلاح الزعبي
( امريكا هي بذرة الشر الوحيدة في العالم ) حقيقة باتت واضحة للعيان , وهي كذلك رأس الاستعمار وامتداه السرطان، فالتوسع الأمريكي الاستعماري ليس وليد أحداث الحادي عشر من ايلول 2001م، وإنما هو مرافق لمسيرة أمريكا تاريخيًا من جانب. ومن جانب آخر فإن القوة أو العسكرة مكون أساسي من مكونات النموذج الأمريكي، وهو حاضر أيضا عبر التاريخ، بيد أن الإدارة الأمريكية الحالية بسبب طبقتها اليمينية المتشددة: سياسيًا ودينيًا قد جسدت الغطرسة والاستعمار العالمي وكونت امبراطورية استعمارية عظمى ، ووضعت خلاصة الفكر الاستعمار للامم السابقة موضع التحقق، خاصة في مرحلة تاريخية أصبحت فيها أمريكا قوة عظمى منفردة، ونموذجا منتصرا أو بعبارة أخرى: إمبراطورية استعمارية متمددة.
هناك بيننا وبين الغرب الذي تتزعمه أمريكا في العقدين الأخيرين علاقة، هذه العلاقة أو الثنائية بيننا وبين الغرب مشحونة بمعطيات تاريخية، وهذه المعطيات تتمركز في معظمها عند حقيقة أنهم كانوا البادئين بالعدوان وأن عالم الإسلام عبر تاريخه الطويل كان يعبر عن حالة إنسانية وهو يمارس نشاطه الجهادي تُحترم الثوابت الإنسانية وقيم الحق والعدل للرؤية القرآنية العظيمة التي تقول : "ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"، والتي تقول: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".
إن السياسة الأمريكية المتمثلة في فرض أشكال جديدة من الاستعمار على الدول العربية والإسلامية ما هو إلى استمرار للمسلسل الأمريكي المعروف، وما يسير عليه بوش الآن، هو عين ما سار عليه كلينتون من قبل، ولكن بشيء من الفظاظة في إظهار "المخالب والأنياب"، وهو عين ما سار عليه رؤساء أمريكيون سابقون، وليست السياسة الأمريكية رهنًا بشخص الرئيس المنتخب، وإن كانت مظاهر الاحتفاء به توهم بأنه يغيّر ويبدّل في مجراها، وربما كان ذلك مقصودًا أحيانًا كنوع من "التطمين" بقرب تبدّلها في انتخابات قادمة عندما يزداد الانزعاج منها.
وعلى أي حال، فنادرًا ما كان لبعض الرؤساء الأمريكيين شخصية ذاتية قوية فرضت نفسها على السياسة الأمريكية أكثر من العوامل الأخرى المتحكمة فيها - أي على مواطن النفوذ وصناعة القرار -، وأبرزها المال والإعلام عبر المصارف المالية والشركات، ثم التشكيلات التنظيمية المصلحية والسياسية، ومعاهد صناعة "الفكر" وأرضية القرار.
وبتعبير آخر، إن ما بلغ به بوش الآن ذروة الاستفزاز الأمريكي تجاه القوى الدولية الأخرى، إنّما أكمل به مشوار الرؤساء السابقين؛ ولهذا فردود الفعل الدولية التي سبق وبدأت بالظهور تجاه السياسات الأمريكية في عهود سابقة، تكتسب الآن صفة الاستمرارية والتصعيد على نحو مقابل لما تصنع واشنطن.
صحيح أنه لا يمكن تصور العالم دون وجود أطراف قوية وأخرى ضعيفة؛ ذلك لأن الحياة تقوم على مبدأ التنوع في الأشكال والأنماط والمضمون، وهذا هو ما يعطي الحياة زخمها وقوتها. ولولا هذا التنوع أيضا لما تعلّم البشر من دروس الحياة وفنونها،" فكم من حضارات سادت ثم بادت، وكم من حضارات بادت ثم عادت، وكم من أمم رُفعت ثم وُضعت وأخرى رفعت بعدما وُضعت".
لذا، فإن وجود قوى عظمى متعددة أو منفردة ليس بالمستغرب تاريخيا ولا منطقيا، ولكن الذي يجب استغرابه هو دوام هذه القوى أبد الدهر، فهذا ما يتنافى مع السنن الكونية، وحتى وفق النظريات العالمية الحديثة، فكل منتج له دورة حياة، يعرف المسوِّقون أنه لا بد أن ينتهي حتى ولو كان في القمة.
الكاتب: محمد فلاح الزعبي التاريخ: 31/03/2008 عدد القراء: 6022
أضف تعليقك على الموضوع
|