قصيـدة : مذكرات خــروف !

 

مذكَّرات خـرُوف !

 
كانَ الخروُفُ
مرَّةً لوحْدِهِ
مُفكِّـراً بوالِدٍ
وجـَـدِّهِ
وفي الحياةِ عاشَها
طويلا
وصامِتاً وشارِباً
أكـوُلا
وكمْ قَضَى مِنْ عُمْرِهِ
 مُطِيعا
 كمثْلِهمْ ، وسامِعاً
 تَبِيعَـا
مُبعْبعــاً
وماشياً صَبورُا
إلى الرُّبـى
 يواصلُ المَسِيـرا
فيأكل الشعيـرَ
والحشيشَ
ويشربُ المياهَ
كي يعيـشَ
***
فقـالَ للنفسِ
 لوْ كتبْتُ
لمعشْـرِ الخِرافِ
ثمَّ بِعـْتُ
مذكـَّراتي علَّهـا
 تُفيـدُ
من موْلدِي ،
 أزيـدُ ما أزيـدُ
***
وذاتَ يومٍ
وهْوَ في المرَاعي
رأى يَرَاعاً ساقطاً *
 من راعِ
و(دفْتـراً) هنـاكَ
 بالتِّلالِ
فضَمَّهُ بصُوفـِهِ
في الحالِ
***
وفي المسـَاءِ
أشعلَ السِّراجَ
وممْسكـاً يراعَـهُ
 ابْتهَاجا
بحافـرٍ يخطُّ
ما ذَكـَـرْ
بذكريـاتِ كـُلِّ
ما غَبـَرْ
فخَطَّ منها
أوَّلَ المقـَدِّمهْ
وخطُّهُ تُعيـدُهُ
لتفهمَـهْ
***
: قدكنتُ مذْ
خرجتُ بالولادَهْ
أرَى الأُناس
للخِرافِ سَادَهْ
ولم يـزلْ
ســَؤاليَ المحيِّـرُ
لوالـدِي ،
وجدِّنا يُكـرَّرُ
وعمَّتي ، وخَالتي ،
 وجدَّتي
وعمَّيَ المطنوخِ
ثـمََّ صُحْبَتي
ما الفرقُ بين شاةٍ
 والبشرْ ؟!
فكلُّنا مـن النِّظامِ
 محْتَقَـرْ !
وكلُّنا عليـه
في الحظيـرهْ
حراسةٌ للجهْرِ
والسَّريـرهْ !
وكلُّنــا
 يُقــادُ بالحِمارِ
بالضـَّربِ للصِّغارِ
 والكِبارِ !
وكلُّنـا لايمْلـكُ
 اخْتيارا
مصيرُنا إلى الزَّعيـمِ
 صَارا !
***
وبينما الخروفُ
باشْتغـالِ
قد أمعنَ
التفكيرَ بالمقــالِ
إذا الزعيـمُ
 مالكُ القطيـعِ
بجسْمِهِ العظيـمِ ،
 والفَظيعِ
يرَى الخروفَ
كاتباً مُفكِّـرا
وناقــداً لواقـعٍ
 ومُنْكـِرا !!
***
فصاح فيه :
 تكتبُ السِّياسهْ
وتختفي منْ
صاحِبِ الحراسهْ
وجرَّهُ منْ رجْلـِهِ
 فصَـاحَ
أريـدُ حقَّي
 كامِلا صُراحـا
فأُذْهـلَ الزعيـمُ
مُعْجَـبا
من طالـِبٍ
لحقـِّهِ تَعَجَّـبا
وقالَ : إيهِ ،
 أيُّهـا الخروُفُ
ما الحقُّ ؟!
 ما الحقوقُ ؟!
 يا سخِيفُ!
فقال أنْتَ تقرأُ
الكِتـابَ
وبعدَها سأقبلُ
 العِقـَـابَ !
***
تناولَ الزعيـمُ
ما كَتـَبْ
وقلَّبَ الكِتابَ
عن كَـثَبْ
وطالعَ الكِتابَ
قائمـاً ، وجالسـاً
وحَـكَّ رأساً ،
نافخاً ، مُنفّسـا
وقال حقـَّا
ما حَك،ى وقالا
وأيُّ فـرْقٍ ؟!
وانْتخـى الرِّجالا
تجمَّعـوُا جميعهُمْ
وطالعـُوا
تفكَّـروُا بحالهِم ،
فأجمْعـُوا
أن يقْتـدُوُا بثوْرةِ
الشِّعُوبِ
ويُطْلقـوُا الصَّيْحاتِ
 بالدرُوبِ
ويُشْعلـوُا
 مشاعـلَ التَّحريرِ
ليمْلؤوُا الحيـاةَ
 بالسُّرورِ
وصارت الثورةُ
للنجاحِ
وأشرقتْ بالنورِ
كالصَّباحِ
وحرَّرَت بحقِّهـا
الشُّعوبا
وأفرحتْ
ورودُها القُلـُوبا
***
وعادَ حُزْنا كاتبُ
المذكِّـرهْ
أعْني الخروفَ
والخُطَى مبعْثَـرَهْ
وقـالَ فيها
هامِساً وحيـدا
يمْشِي ويبْكِي ،
مثْقـلا ، وئيِدا
النَّاسُ كانوا
 مثلَنا وثارُوا
وحرَّروُا رقابهَـم
وصارُوا
على خلافِ حالِنا ،
تَسيـرُ
بحُكْمِهـا لنفسِها
 تُديـرُ
متى تصيرُ مثلهَمْ
حياتـُنا
وتقْتدي شبابُنا
 بناتُنـا
نصيرُ بعد الذلِّ
للحريـِّهْ
وننزعُ المعيشةَ
الدنيَّـهْ 
***
وكان والدٌ له
 سَميعا
وقلبُهُ من قوْلـِهِ
 وجِيعـا
فربَّتَ الوالدُ
فوقَ كتـْفِ
وممْسكاً بحافـرٍ ،
 بكفِّ
وقال وهو
واثـقٌ : إليَّ
الناسُ كانـت
 مثلَنا بُنـيَّ
لكنها قـد
 مُيـِّزتْ بعقْلِ
فأعمـلتْ عقولهَا
للنقْـلِ
وطارَ منها بالعقولِ
الخوْفُ
من ظالمٍ فزاحَ
عنها الحيْفُ
وطوَّرتْ سياسةَ
البُلْدانِ
لكيْ يسودَ العـدلُ
بالأوطانِ
وصارَ حُكمُ إنْسِها
 بإنْسِها
زعيمُها تختـارُهُ
بنفْسِها
حقوقُها بقوِّةِ
الدّسْتـورِ
مكفولةٌ ، لا الضَّرْبِ
والشَّعيرِ
وأنتَ يا فتى !
 خلافُ ذاكا
وربُّنـا لحكْمـةٍ
سوَّاكـا
لكيْ تعيشَ دائما
خروفـا
ترى الزعيمَ منْظْرا
مُخيفـا !!
وتأكلُ الطَّعامَ
في البَراري
وتجلبُ الحليبَ
والذَّراري !
أرقـدْ هناك
يا بنيَّ هيـَّا
واحلـمْ بمرْعىً
وافـراً هَنيـَّا
***
وهكذا نهايـةُ
الحكـايهْ
فهل فهمتَ
مقصدَ الروايـهْ
حامد بن عبدالله العلي
ــ
* اليراع : القـلم
 

الكاتب: الشيخ حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 23/01/2012