الضربة القاصمــــــــة قادمــــــــة

 

الضربة القاصمــــــــة قادمــــــــة

حامد بن عبدالله العلي

كل المؤشرات على الصعيد العالمي تتجه إلى نتيجة واحدة :

العدو سيلقى هزيمة منكرة ، ويقع في شر أعماله ، ويعود خائبا ، ويتمزق مشروعه الذي زين الشيطان في رأسه أنه حلم التاريخ !

فمشروع الاحتلال الصهيوصليبي في العراق ، يواجه مقاومة شرسة ، اعترف بأنه لم يكن ليتوقعها ، وقد أجمع المحللون أن الخسائر التي تكبدها ـ ولازال ـ فاقت بأضعاف مضاعفة ما أعلن عنه .

ومشروعه في تحويل العراق إلى منطلق استعمار جديد للمنطقة كلها ، يواجه تحديات لاطاقة للعدو بها :

الوضع السياسي يستحيل أن يتركب لصالح العدو .

والمقاومة متداخلة مع النسيج الاجتماعي لايمكن فصلها عنه ، فأكثر المقاومة ـ بل كلها ـ عراقية أصلا ، ويقدر مجموع فصائلها بخمسين ألف مقاتل كما تقدر مصادر أمريكية .

والوجود الأمريكي في العراق يستحيل أن يبقى مقبولا ، فالعراق ليس كغيره ، فمقابل المساحة الخالية من ذاكرة التاريخ لذكريات مقاومة مسلحة لمحتل في الخليج ، يوجد أضعاف مضاعفة ، من الذكريات لمقاومة المحتل في العراق ، عبر التاريخ كله ، فكيف يقاس هذا على هذا .

ولهذا فلاريب أن الحرب التي جاءت بالطمع الصهيوصليبي ممتطيا زمرة من الأكاذيب والزيف ، ستنقلب إلى كارثة عليه وعلى مشروعه ، وهاهي بوادر ذلك ظاهرة للعيان .

لقد هرب بريمر مستخفيا ـ وكما قال بعض شركائه بأخـَرَةٍ ناهبا كل ثروة العراق حتى الزئبق ـ مفضلا أن ينسل ليلا على أن يصاحب تسليمه للسلطة التي غدت في يده كأنها قنبلة توشك أن تنفجر ، فألقاها على علاوي وهرب ، أن يصاحب ذلك احتفال رئيس العصابة بنجاح سرقة العصر !

لقد هرب وخلف وراءه خزائن منهوبة ، نهب اليهود الآثار والأسرار ، ونهبوا وإخوانهم الصليبيون من النفط والأموال القنطار فوق القنطار ، وتركوا البلاد في فوضى ، تحاول عبثا وسائل الإعلام أن تحسن الصورة أو تخفف منها ، ولكن هيهات ، فقد نشرت وكالات الأنباء وأنا أكتب هذه السطور نجاة وزير العدل العراقي من انفجارا استهدف موكبه ببغداد وقد قتل 5 من حراسه ، وليس هذا سوى مثال عابر مما لاتذكر وسائل الإعلام إلا أقله .

وفي أفغانستان فشل أكبر ، وفيها تعثر أشد فضيحة ، لمشروع الخيبة الصهيوصليبي ، ولولا أن وسائل الإعلام انشغلت بالعراق ، لكانت فضائح ذلك الفشل تفوق كل تاريخ الفشل الأمريكي في حروبه .

وفي فلسطين يعاني الصهاينة بأضعاف ما يظهرونه ، فالعدو الصهيوني فضل ان يعاني بصمت تاكله جراحه الداخلية ، على أن يخوف المهاجرين الذين يحاول عبثا إقناعهم بالبقاء في ارض الميعاد ، وأولئك الذين يحاول عبثا إقناعهم بالقدوم إليها ، بعد أن جعل أبطال الجهاد الفلسطيني أرض الميعاد جحيما ينتظر كل يهودي لعين .

وهذا كله مما يجعل معاناة شعبنا هناك لاشيء بالنسبة لمعاناة عدوه ، وقد صارت غزة، غزة في خاصرة العدو الصهيوني ، وحولت حلمه الصهيوني إلى كابوس يلاحقه حتى في المنام .

وكذلك بقية مدن وقرى فلسطين التي تحولت إلى ثكنات مليئة بالقنابل البشرية المتحركة التي تملأ قلوب العدو الصهيوني رعبا ، فهو ينهزم كل يوم ، كلما رأى شابا أو فتاة فلسطينية ، قبل أن يرى هزيمته الكبرى بإذن الله قريبا .

وقد تحطمت سمعة العدو الزائفة ، بما لم يصل إلى مثله في تاريخه قط ، إثر انتشار صور فضائح " بوغريب " والتعذيب والانتهاك المنحط ، في جميع معتقلاته في العالم ، والذي تبيـّن أنه نهج رسمه البيت الأبيض ، وأنه دين يدين به ، وعقيدة يعتقدها ، بعد أن حاول أن يتملص من تحمل مسؤولية هذه الفضيحة المدوية ، غير أن الله تعالى أقامها ـ خلاف ما كان يريده العدو ـ معرضا عالميا مجانيا لكشف زيف المشروع الصهيوصليبي .

وبها تبين للناس جميعا ، أن هذا العدو لا يحمل أي مفاهيم قيميـّة ، وإنما هم أمواج من اللصوص البرابرة المتوحشين ، الخالين من أي معاني حضارية كما كانوا ، وكما عرفناهم عندما غزونا في الحروب الصليبية السابقة ، فهو لا يحمل معه أي شيء يستحق الاحترام.

وهذه في العادة ، أعني انكشاف الزيف ، وانجلاء وجه الشر الحقيقي ، ما هي إلا مقدمات الهزيمة الشاملة .

فإن الله تعالى يفضح مقاصد الظالمين ، ويعريهم ، قبل أن يذيقهم مصرعهم ، كما يظهر نقاوة المصلحين ، ويطهر ثوبهم ، قبل أن ينصرهم على عدوهم .

وداخل أرض العدو تتوالى المصائب والنكبات ، ويرزح الاقتصاد الذي لم تنفع في تحسين صورته الأكاذيب ، يرزح تحت وطأت أزمة خانقة ، وما ينتظره أشــد اختناقا .

لقد تحول مشروع العدو في العراق ، إلى مشروع انبعاث متواصل لأسباب التدمير للعدو نفسه ، فقد انفتح القمقم من أرض هاروت وماروت ، فخرجت عفاريت لم يكن العدو يظن أنها مفزعة إلى هذا الحد المرعب ، وقوية بهذه الصلابة ، وذات عزيمة بهذه الحدة ، ومنظمة إلى هذه الدرجة ، حتى لقد قال رئيس الأركان الأمريكي : لم نكن نتوقع أن المقاومة لديها جهاز يشبه الجهاز العصبي للإنسان .

لقد دخل عدو الإسلام ، في مأزق كما دخل فرعون وسط البحر الذي انشق ليعميه عن مصرعه إليه ، وصدق من قال إن هزيمتهم ستبدأ بدخولهم العراق ، ولكنهم سيبقون متعامين عنها ، حتى يبلغوا آخر مراحل مشروعهم في المنطقة ، ليتهاوى معه كل من أعانهم عليه ، أو فرح ورضي به ، وركن إليه ، جزاء وفاقا ، ولا يظلم ربك أحدا .

ولهذا كله ، فإن الضربة القاصمة ، قادمة لا محالة ، وهي قريبة ، ولولا أنها سنة الله ، أنها لابد أن تمضي لكي تأخذ معها كلما اقتربت من ساعة الحسم ، تأخذ معها كل هذه الظلمات المتراكمة داخل صفوف المؤمنين ، من النفاق، وأمراض القلوب ، والشك بوعد الله ، والاغترار بعلو الكفرة المستبدين ، كما يأخذ السيل المنحدر غثاءه إلى أن يبلغ منتهاه ،

إلى أن تنفجر ، فتنجلي إلى الفسطاطين المتميزين .

لولا ذلك لانفجرت الآن فإن جميع خيوطها قد اكتملت ، وصدر فيها القرار الإلهي بالنصر المظفـّـر الوشيك بإذن الله .

" ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ، ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون " ...



الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 07/12/2006