أوجه الشبه بين المشروع الإيراني والمشروع الصهيوني |
|
أوجه الشبه بين المشروع الإيراني والمشروع الصهيوني
حامد بن عبدالله العلي
لايحتاج المرء إلى كبير جهـد ليلحظ أوجه التشابه الكبير بين المشروع الإيراني الذي يتبنـّاه النظام الحالي في طهران ، وبين المشروع الصهيوني الذي يحتل فلسطين ، بل يكاد المشروعان أن يتطابقـا لكثرة أوجه الشبه بينهمـا !
وأول تلك الأوجـه عقيدة التفـوُّق العرقي العنصرية التي تجمعهما ، فكما يدعي اليهود أنهـم شعب الله المختار ، ثمـَّة نزعـة تشبهها جـداً في الطغمة الحاكمة الإيرانية ، ومما يجهله أكثر الناس أنّ تغيير إسم فارس إلى إيران ، كان سببه هذه النزعة العرقيـّة الفوقية ، فإيران _ عندهم _ تعني الجنس الآري النقي أو الطاهـر ، حتى لقـد زعـم مؤرخون إيرانيون أنَّ هذا الجنس نفسه الذي ينحدر منه الإيرانيـون ، هـو الذي هاجر منه من هاجر إلى ألمانيا ومنهم ينحدر هتلـر !!$$$
ولهذا السبب اشتـاط كسرى غضبا عندما جاءه كتاب نبينا محمّد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يدعوه إلى الإسلام ، ومزَّق الكتاب بعد أن وجد اسم محمـّد الشريف عليه الصلاة والسلام ، وجـده قبل إسم كسـرى ، وأمر خادمه على اليمن أن يرسل جنديين يأتيانـه بهذا ( العربي الذي تجرأ وأرسل رسالة لسيده ) !
وكان الفرس ينظرون إلى أنفسهم أنهم سادة العالـم ، وغيرهم عبيـد لهـم ، تماما كما ينظر اليهـود إلى الأغيار ، ويقال إنَّ هذا هو سبب تسمية رجال الدين هناك بـ ( السيد ) تأثـُّرا بهذه النزعـة في العقل الباطن ، ومن ينظر إلى طبيعة العلاقة بين ( السيد ) والخاضعين لسلطته في ثقافتهم ، يرى بوضوح كيف يتسلط ( السيد ) على أموالهم ، وعقولهم ، وحتـّى على نسائهم ، كما يتسلَّط السادة على عبيدهم !!
وتأملوا كيف يحاولون دائمـا ، وبطريقة مموجـة ، تسليـط السيستاني الذي لايعرف له تاريـخ ، ولا يحسن أن ينطـق كلمة عربية ! ولهـذا لـم يظهـر قـطّ للخاصة ، فضـلا عن العامّـة ، تسليطـه على المشهد السياسي في العراق !
وكيف أصابتهم الهستيريا الغريبة عندما وصفـه الشيـخ العريفي _ الواعـظ المحبوب _ وصفـه بما يليق به في خطبة في أحد مساجد الرياض ، ومع أن الشيخ العريفي لايمثل منصبا رسميا ، ولا ينطق بإسم مؤسسة ، ولا حزب ، فضلا عن حكومة ، أصدرت رئاسة الوزراء والبرلمان في العراق بيانا ضـده !!
وهذه العقيدة العرقيـّة تفسر تلك العنهجية ، والتعالي ، الذي يتعامل به النظام الإيراني مع جيرانه العرب ، حتى إنهـم يهدِّدون من يسمِّى الخليج بالعربي ! وليس هذا سوى إمـتداد لتلك الشعوبية الحاقدة على العروبة وعلى كـلّ ما يمت إليها من صلة ، التي ظهرت بعد سقوط الكسروية ، ولازالت تنبض في عروقهم .
وحُدِّثـت عن رجل أعمال عربي أنه كان يتعامل مع نظير له إيراني معارض يخفي معارضته للنظام الإيراني ، لكنْ دعاه إلى حفل عشاء غيـر رسمـي حضره عدد من رجالات النظام الإيراني ، فلاحظ أحـد هؤلاء وجود العربي بينهم من لـونه وسحنـته ، فقال كلامـا بلغتهـم ، فلما خـلا رجل الأعـمال العربي بعد العشاء بصديـقه ، استوضـح العبارة ، طالبـاً ترجمتها من صديقه الإيرانـي ، فأعتـذر منـه ، وبعد الإلحاح قال له لقد قال : قل لهذا ( الظـبّ العربي ) أننا قادمـون لنأخذ بلادهم كلها ، ونردهـم إلى الذلّ الذي كانوا فيه !
ومن أوجه الشبه بينهما أنَّ كلا منهما لايقوم إلاّ بحبل من غيره ، فكما يعتمد اليهود على قوة الغرب ، استفاد النظام الإيراني من الغباء الغربي مستثمرا إياه في إسقاط أعدائه ، ولولا ذلك لم يقم لهذا النظام أيَّ وزن ، وقد كان يعيش أسوء حالاته قبل أن يحتل الأمريكيون أفغانسـتان ، والعراق .
ومن أوجه الشبه بينهما الإحتلال ، وإضطهاد أهـل البلاد المحتلة بأبشع صور الإضطهاد ، فكما يحتل الصهاينة فلسطين ، يحتل النظام الإيراني الأحواز العربية ، وجزر في الخليج ، وبلوشستان ، والساحل الشرقي للخليج العربي كلـَّه ، إذ هذا الساحل كان موطنـاً للقبائل العربية قبل أن تحتله السلطان الإيرانية في القرن الماضي.
ومعلوم ما يلاقيه العرب الأحواز من إضطهاد بشع ، وكذلك أهل السنة في إيران ، من فرس ، وعرب ، وبلوش ، وكرد ، فالمعتقلات الإيرانية مليئة بالنشطاء السياسيين من هذه الأقليات ، ويعيشون فيها أسوء كوابيس التعذيب التي عرفتها البشرية.
وليس ما أظهرته وسائل الإعلام هذا الشهر من فضيحة سجون المالكي _ الذي يتلقى تعليماته من إيران _ السريـّة في العراق إلاَّ أحـد الأمثلة من بين المئات لما تعانيه الأقليات في إيران .
ولايختلف النشطاء الحقوقيون العراقيون أنَّ عدد من قتلهـم الإحتلال الإيراني _ غير المباشر _ للعراق من العراقيين في سبع سنوات فقط وهو عمر الإحتـلال حتى الآن ، يفوق بكثير من قتلهم الصهاينة من الفلسطينيين في سبعة عقـود !! أما طرق التعذيب فيُعـدّ الصهاينة أرحـم بكثـير من سراديب التعذيب في العراق التي يشرف عليها الإحتلال الإيراني سواء مباشرة ، أو عن طريق حكومتهم في العراق .
ولدى المقاومة العراقية الباسلة في العراق وثائق تؤكـد اشتراك الإيرانيون والصهاينة في عمليات الإغتيالات السرية للعقول العراقية ، بتنسيق بين الموساد ، والإستخبارات الإيرانية ، كما اشتركا في نهب الآثار العراقية ، فسـرق الصهاينة ما يخصهم ، وسـرق الإيرانيون ما يخصهـم .
وقد كافأ الإيرانيون الصهاينة على هذا التعاون بطـرد الفلسطينيين من العراق ، بعد أن تـمّت إبادة عدد كبير منهم !
ومن أوجه الشبه بينهما ، تمنـّي محـو تاريخ الإسلام ، وعدم الإعتراف بتاريخ هذه الأمَّة العظيـمة ، فكما أنَّ الصهاينـة يحتقرون هذه الأمة ، ولايعترفون بهـا ، ويقولون إنهم مجرد عرب متوحشون لا حضارة لهـم ،
كذلك النظام الإيراني لايعترف بتاريخ الإسلام من أول خلافة إسلامية إلى يوم قيـام الثورة الخمينية ، وهـو يعـدُّ كل التاريخ الإسلامي تاريخ من الخيـانات لأهل البيت ، حتى إنَّ الخميني نفسه قال إنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يحقق العـدل ! ولن يحققه إلاّ المهـدي الذي سيخرج وينصر النظام الإيراني ، ولهذا قال الأعرجي ( أحد نواب إيران ) في البرلمان العراقي ! : إننا مظلومون من عهد أبي بكر إلى حسن البكر !
ومن أوجه الشـبه النفاق السياسي ، فالنظام الإيراني يظهـر سياسة مسالمة ، ويبطـن أخـبث النوايا للإسلام ، وأهـله ، ولبلاد الإسلام ، وكذلك الصهاينة ، يظهرون أنهم دولة مسالمة تعيش بين وحوش ، وهم في حقيقـتهم وحوشُ لا تعيـش إلاّ على دماء الفلسطينيين !
ومن أوجه الشـبه امتلاء التراث بإجتـرار المظلومية ، وإستذكار الـدم ، فالصهاينة يلطمـون : ( بالحديد والنار سقطت إسرائيل ، وبالحديد والنار ستعود إسرائيل ) ، وفي كلِّ حروبهم يتخيّلـون الثأر من ( الكنعانيين ) و( العماليق ) ، وكذلك ثقافة النظام الإيراني التي يقود بها قطعانه ، تعيد وتكرر مشهد المظلومية ، بدمائه ، وأشلائه ، وصيحـة التنادي بالثـأر !!
ومن أوجه الشبه إستغلال المال ، والجنس ، والمخدرات ، في سبيل تحقيق مشروع السيطرة والعدوان ، ولهذا ظهـر في فضائح شبكات التجسس في الكويت أنهم كانوا يدفعون أموالا طائلة للإيقاع بضعاف النفوس في أجهزة الدولة الأمنية ، وأما إغراقهم العراق بالمخدرات الإيرانية فلا تخفى منه خافية ، وكذلك إستعمالهم للجنس عن طريق ما يسمى زواج المتعة الذي لايختلف عن الزنا في شيء !
ومن أوجه الشبه المزج بين الخرافة المثيرة للسخرية ، ومكر السياسة ، فالنظام الإيراني يروِّج لخرافات تنبذها العقول النيـّرة عن الإتصال السري بين شخص متوار عن الأنظار من قرون مديدة _ يقصدون المهدي المنتظـر _ وبين النظام السياسي ، حتى قال نجاد إن المهدي اتصل به وبشـرَّه بفوزه في الإنتخابات التي ظهر بعـد ذلك أنها مزوَّرة !!
وفي خرافاتهـم أنَّ النظام السياسي الحالي إنمـا يهيء للمهدي الذي أزف ظهـوره ، ثـم بـه سيحكمون العالـم ، وأنَّ هذا وعد الله لهم ، وأنَّ المهدي أول ما يظهـر ، فأكثـر من يذبـح من العـرب !
وكذلك في المجتمع الصهيوني تلك النبوءات المضحكة عن الهيكل المزعوم الذي سيظهر بعده ملك اليهـود ، وسيسيطرون على العالم ويذبحون العرب ، وأن الله تعالى هو الذي وهبـهم هذه الأرض ووعدهـم بها !
ومثل هذا المزج العجيب ، مـزج آخـر بين الدين والعلمانية ، فكما هو في الكيان الصهيونـي بصورة عجيبة ، كذلك تحالف النظام الإيراني ، مع النظام العلماني في سوريا من جهـة _ حتى وقف النظام الإيراني مع هذا النظام العلماني ضد حركة الإخوان الإسلامية في الثمانيـنات الميلادية _ كمـا وظـَّف الفكرة العلمانية في العراق تحت الإحتلال الأمريكي للتمكـّن من السيطرة عليه !
ومن أوجه الشبه كراهية العرب خاصة ، فاليهود يكرهون العرب ، ومن كرههم لهم كفروا بالنبيّ العربي المرسل للناس كافـّة ، كما قال تعالى ( حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهـم الحق ) ، وكذلك هذا النظام الإيراني بلغـت كراهيته للعرب ، أنه يحارب التسمية بالأسماء العربية في الأحواز ! ويعاقـب على لبس اللباس العربي فيها ! وفي العراق يدمـّر الإيرانيون وحكومتهم الموالية لهم الآثار العربية ، ويعيدون إحياء آثار كسرى ! وأول طابع بريد أصدروه بعد سقوط بغداد ، يحمـل شعـار عيد النيروز !
ومن أوجه الشبه أيضا كراهية عرب الجزيرة خاصة ، فكما تمتلئ أدبيات الصهاينة ، وثقافتـهم من البغضاء والتحريض على أهل الجزيرة العربية ، بدعوى أنهم أشد الناس تعصبا دينيا ، وأكثـرهم معاداة لليهود ، كذلك يركـز العقل الإيراني الموجـّه بسياسة النظام الحالي في إيران على إثارة العـداء لثقافة شعوب الجزيرة العربية ، ويسميهم ( وهابية ) و( تكفيرية ) ، و( سلفية ) كما يحـرِّض على إثارة الفتن في بلادهم ، لتحويلها إلى فوضى ، ليتمكـَّن من تخريبها ، وتفريـغ أحـقاده فيها ، وهذا يفسر لك ما فعلوه في مكة المكرمة ، وفي جوار بيت الله الحرام الآمن من مذبحة مروعة أواخـر الثمانينات الميلادية ، وكذلك التفجيـرات التي فعلها شيعة الكويت في مكة.
وأخيـرا فإنَّ أهـم أوجه الشبه أن المشروعين طارئان على أمتنا ، ليس لهما عمـقٌ وإمتدادٌ فيهـا ، ولهذا فهما في طريقهمـا إلى الزوال بإذن الله تعالى ، فالصهاينة مضروب عليهم الذلة ، والمسكنـة إلاَّ بحبـل من الله ، وحبل من الناس ، وحبل الله إذا دخلوا في دين الحق ، وما هـم بفاعلين ، وحبل الناس هو القوة الغربية وهي إلى إضمحـلال بشهادة الخبراء .
وكذلك هذه الطائفة الخبيثـة التي سيطرت على بلاد فارس التي كانت منذ دخولها في الإسلام ، جزءا من هذه الأمة العظيمة ، وأسهـم أهلهـا الأماجـد في بناء حضارتنـا الإسلاميـة ، حتى جاءت هذه الطغمـة ، وقـد عبثـت في عقولها أحلام القضاء على الإسلام ، والسيطرة على الحرمين ، وعلى نفط الخليج ، وثرواتـه.
ومن الواضـح أن هذه الطائفة حـدثٌ تاريخي طارىء ، وقصيـر الأمـد ، اجتـُثَّ من فوق الأرض ما لـه من قرار .
والله تعالى المطلـّع على قلوب العباد ، يعلم ما في قلوبهـم السـوداء من نية الحرب على أمة الإسلام ، والإنقضاض على ميراثها العظيم ، وتخـريب تاريخها ، وتحطـيم حاضرها ، وتحويـل مستقبلها .
وقد تكفل الله تعالى بحماية هذه الأمّـة ، ودحـر أعدائها ، وسيجتـثَّ هذه الطائفة الخبيثة ، ويردها على أعقابـها خائبـة خاسرة بإذن الله تعالى ،
وسيُحـرَّر الشعب الإيـرانـي ، وأقلياتُه المضطهـدة من هذا النظـام الخبـيث ، ولتذهـبنَّ أحلامهـم المريضة أدراج الريـاح ، بإذن الله تعالى .
وستعلـمنّ نبأه بعد حين ، و الله غالب على أمره ، ولكن أكثر الناس لايعلمون .
والله حسبنا عليه توكلنا وعليه فليتوكّـل المتوكّـلون
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 07/05/2010