الظاهـرة ( الدحلاعباسيـّـة)!!

 

الظاهـرة ( الدحلاعباسيـّـة)!!
 
،
حامد بن عبدالله العلي
،
إنّ الظاهرة (الدحلاعباسية) ليست جديدة على أمّتنا ، وما هـي بعـزف نشـاز غريب عن سيـاق النظام العربي ، كما أن تهاويها بهذه السرعة وإنكشافها عند أوّل مواجهـة مع الفكرة الإسلامية  ، بمجـرد ملك الفكرة الإسلامية الحدّ الأدنى من وسائـل القـوّة ، ليس مفاجئـا .
،
 
وهل يفاجأ عاقـل بهزيمـة الخيانة ، والنفاق ، والفساد ، أمام صرح أخلاق مبنـيّ على دعائم الإيمان ، وسيـل فكـر وضّاء يمدّه نهر الإســـــلام ، قد أخـذا بـ ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيـل ) .
،
 
ولا يحتاج الأمر إلى كثيــر من الذكـاء  ، لمعرفـــــة أنّ ( فتح الدحلاعباسية ) ـ فنستثني شرفاء فتـح ـ في طريقها للتفكّك والسقـوط ، كما الكيان الصهيوني الذي كان خزيـه لفتـح في مسارعتـه ـ والغرب ـ لإنقاذها ، أكبر من كل كنوز الفضائح بيد حماس لعصابة (دحلاعباس) .
،
 
والسقـوط هو أيضا النبوءة الوحيــدة التي ستحقق لأمريكـا التي ترعى الصهيونية العنصرية المقيتة ، ومعها في رحمهـا قيادات فتح الفاسدة ، على رأسهم دحلان وأضرابه من الخبث والخبائث .$$$
، 
 
كما  لايحتاج المـرء إلى كثير من النباهة لمعرفة أنّ مـن وراء ذلك السقوط للـ(دحلاعباسية) ،  إفلاس الفكـرة العلمانية في البلاد العربية ، وتدهور خطابها  ، مع  بـدوّ كلّ سوءات العالم الغربي ، متكشّفا غاية التكشف ، عــارٍ من كلّ ستـر يخفيـه ، ومع تهاوي ما كان يدعيه من قيم ، لاسيما على يـد بوش الذي لا أحسب ثمة  أشأم منه على قومــه .
،
 إذ كانت تلك الفكـرة العلمانيـة ، مستوردة من ذلك الغرب المنافـق ، فمصيرها مصيـر أمّهـا ، وقـد رضعت الغرق في وحل المادية ، وعبادة الشهوات ، من لبان أمّهـا ،  واستمرأت الكذب ، والخيانة ، وتشبعـت جذورها ريـّا من حبائـل المكـر السيـّىء ، ممزوجهـا بخلاصـة الشـرّ .
،
 
هذا ،، وليـست روعـة المنهـج الإسلام هذا النجـاح الباهـر ،  في الهيمنة على ضمير الشعوب الإسلامية ، وعلى وعـي وقلـوب النخـب فيها ، فحســب.
،
 
 بل في أمرين :
،
 
أحدهـما :  أنّ جميع أعداءه قد مُنحوا الفرصة الكاملة ، ووضعت في أيديهم جميع وسائل القوة الماديـة ، وهي وسائل غيـر عادية ، وغير مسبوقة في تاريخ البشـرية ، ومع ذلك تساقطوا جميعـا ، أو هـم في طريقهـم .
،
 
وبقي المنهج الإسلامي يتعاظـم  ، وينـمو ، ويتألـّق بشموخـه ، مع ضعف عدّتـه ، وتكالب الأعداء ، وتداعـي الحاقدين عليه من كلّ ناحية .
،
 
والثاني : أن النجاحات الجزئية العابرة التي تحصدها أحيانا الحركات العلمانية ،  إنما تستعيرها خلسـةً ، من نفحات المنهج الإسلامي ، ومن خطابه الحيويّ ، المفعم بقوة التغييـر ، وثقافة الإصــلاح.
،
 
ونحن هنا نتحدث على مستوى حرب العقول ، إذ النصـر فيها هو النصـر ، والهزيمة في ساحتها هي الهزيمـة .
،
 
وحقّ علينا شكـر هذه النعمـة ( ثورة المعلومات والإتصالات ) التي لا أقول باتت تسقط ورقة التوت عـن دجاجلة العصـر ، بل حتّى تمنعهم من وضعها ، فلن تكلّف نفسك عناء كبيرا حتى تمـرّ على المعلومات الرقميـة الهائلة التي تكشف ـ مع حلول (بركات) الغرب علينا بقيادة أمريكا ـ مدى تردّي الحريات ، وحقوق الإنسان ، وتفشـّي الفسـاد ، على مستوى الأنظمة السياسية ، من الخليج إلى المحيط ،  مع إنتشـار الفوضى ، و الدمار ، والبؤس ،  على مستوى الشعوب ، و على جميع الأصعـدة من البوابة الشرقية إلى نواكشوط.
،
 
وكم هو أعمى البصيـرة من لايـرى أنّ كلّ المناهـج حولنا سوى الإسلام تضعُـف ، والإسلام وحده يقوى ،  ويزداد قوة كلّما مـر الزمان ،
،
 
فعلى مستوى المشهد السياسي ، أمريكا غارقـة في مستقنع مؤامراتها ، ومعها الكيان الصهيوني ، وقد اتسع عليهما الرقـع ، وبدأت روسيا تعود لتعكر عليها صفو استكبارها العالمي ، بإستكبار أقبح منه أو مثله ، وقـد استقبلت موسكو شافيز عدوّ أمريكا العاض على أنف غرورها ، ووعدتـه بتسليح كاف لإغاظة جارة السوء أمريكا ، ومع تضخّم الصين ، وإزعاج إيران ، وغيرها ،  للتفرد العالمي الأمريكي ، فليس أمام فرعون العالم إلاّ طريق الغـرق الذي وقع فيه فرعون متحديا موسى عليه السلام ، بل فرعـون العالــم الآن بين الشاطئين .
،
 
وعلى مستوى مشهد القيـم الحضاريـّة ، فإنـّك لن ترى حولك سوى الإسلام وحـده شامخا بقيمــه ، مشمخـرّا بثقافة الفضيلة ، مستعليا بطهارة مبادئه ، وسموّها على المادية النفعية المنحـلة التي تنخـر في أخلاق البشرية ، وتقودها إلى الهاوية السحيقة.
،
 
ولنظهر مثالا واحدا فقط : إنّ منح ملكة بريطانيا لقب فارس لذلك الذي استجمع جميع معاني السخف ، وعلى وجهه ذلك السواد المعهود على الأدعياء المفلسين المتدسّسين ، سلمان رشدي الذي لايحمل من معاني السلامة والرشد شيئا ،  لدليل على ما وصل إليه العواء من شدة الألم في ضمـير الغرب ـ ماخلا عقلاءهم ومنصفيهم ـ بسبب قوّة الإسلام .
،
 
فليمنحوا من شاءوا ما شاءوا ، وليحاربوا هذا الدين مابقيت فيهم عين تطرف ، وليكرهوا ظهـوره غاية الكراهية ، وليمقتوا أهله كلّ المقت ،
 
فإنـّه أصلا لايتألق ظهوره إلاّ مقرونا بكراهيـة أعداءه :  (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ،  وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
،
 
إنه المنهج الوحيد الذي يأتـي حلبة الصراع ، واثقا من نصره قبل أن يأتي ، ومنتصرا قبل أن ينتصـر .    

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 30/06/2007