حيُّوا الشَّعب السوري محطِّم الفراعنـة !!

 

حيُّوا الشَّعب السوري محطِّم الفراعنـة
 
حامد بن عبدالله العلي
 
لو كان الأمر بيدي لأمرت بإضافة هتاف : ( يحيا الشعب السوري ، وتحيا ثورته العظيمة ) إلى هتافـات المدارس في طابور الصباح ، في كلّ بلادنا من الخليج إلى المحيـط .
 
لم يعـُد أحـد يتحدَّث عن انتصار الشعب السوري لأنـَّه أصبح حتميّة تاريخيّة ، بل عن سوريا الجديدة ، وما ستفرضه من معادلات على المنطقة ، ستحدث تغييّرا جذريا فيها ، ستكون له تداعيات زلزالية غير مسبوقة .
 
ولاريب أنّ جميع العقول في المؤسسات الرسمية ، وغير الرسمية ، من هضبة الجولان إلى آخر الدنيا غربا ، ومن الفرات إلى آخرها شرقا ، مشغولة الآن بتصور المشهد القادم ، كيف سيكون ، وكيف يمكن إستثماره ، وإلى أين ستتجه رياح الربيع العربي بعد سوريا ، وأين ستضع أوزارها ، ويستقر بها النـوى ؟!
 
أما مجهر التحالف الصهيوغربي فموضوع على نقطة القلق الكبرى على الخارطة السورية ، وأعني بها : $$$
 
كلّ هذا الزخم المخيف للعقيدة الجهادية المستمدّة من الإسلام الآخذة في الإلتحام بروح ، وبدم ، ولحم ، هذا الشعب الأسطوري ، إلى أين سينتهي بها المطاف ؟!!
 
ودعوا الكلام بيننا !! لست لهم بلائـم !
 
فالمشهد عندي أيضا يثير الرهبة ! وإذ أتخيـّل أنّ الله تعالى أبى إلاّ أن يجعل الربيع العربي يتسلَّح كلَّ هذا التسلح ! عندما يصل إلى حدود الكيان الصهيوني ،
 
يتملّكني شعـور مهيـب !
 
إنـَّه يتسلـَّح بكلّ ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، يتسلَّح بالأربعـةِ العظام :
 
العقيدة ، والعزيمة ، والصمود ، وبسلاح الحديد ، والنار .
 
أما التحالف الصهيوغربي فالإذن منه تسـمع : إنَّ قعقعة الحديد الجهادي ، عادت مدويّة لتُسمع حول قبر خالد بن الوليد رضي الله عنه ، وصلاح الدين الأيوبي !
 
والعين منه ترى : إنَّ دمشـق التي هي جوهرة تاج شموخ الحضارة الإسلامية يتفجـّر فيها بركان العـزّة من جديد !
 
ثـم إنه ليحدّث نفسه ، والهلـع يجلجل بين ضلوعه : كيـف سنصنع ، وهذا كلُّه على حدود الكيان الصهيوني ؟!
 
 وهو يقف عاجـزا عن اختراق فتوظيف ثورة شعبية تخوض معاركهـا في بِرَك الدماء ، وأنـّى له ذلك ؟!! _ إن استطاع أن يخترق المعارضة الخارجية _ ثـمَّ ستكون لهذه الثورة الكلمة العليا في سوريا الجديدة !
 
فإن قيل فلماذا لم يجُهضـوا هذه الثورة الخطيرة إذاً ، ولعمْري لو استطاعوا لأجهضوا أوّل شرارة في تونس ، غير أنَّ نهضة الشعوب ، كقِوى الطبيعة ، سنن الله في خلقه ، لايمكن إيقافهـا .
 
وحقـَّا ، شاءُوا أم أبـوْا ، إنهم جميـعا ينتظرون ما ستتكشف عنه المعادلة الجديدة في سوريا ، لتوضع مقاييس معادلة وجود الكيان الصهيوني في المنطقة على وفقها .
 
وحقا شاءُوا أم أبـوْا ، ستكون مقاييسها مختلفة تماما عما مضى ، وفي صالح أمّـتنا بإذن الله تعالى .
 
وأما المكـر (القرمجوسي) _ القرمطي المجوسي _ الذي لايكره في الدنيا شيئاً كما يكره صحابة النبيّ صلى الله عليه وسلم ، وأقرب الناس إليه ، فترتعد فرائصُهُ خوفا من ثورة شعب تتشرّف تربته بأنها تحتضن مئات الصحابة الكرام ، ويتألـَّقُ تاريخـه بمجـد الإسلام !
 
نعم .. إنه ينتفض رعبـا من ثورة الشعب الذي يستحقّ لقب : محطّم الفراعنة ،  إذْ هو الذي حطَّم أعتـى الفراعنة على أرضه ، قيصر ، وهولاكو ، والصليبيين ، وسيحطِّم ببشارات النبوة في نهايات التاريخ أيضا من هـو أشد منهم قوَّة ، وأعظـم جمعا .
 
وهو يعلم أنّ نجاح الثورة السورية يعني خنـقَ شيطان المجوس الذي باض ، وفرَّخ حول بابل سحره الأسـود البغيض ، في جنوب العراق ، حالمِـاً أن ينشر فراخَه في كلّ العالم الإسلامي ، وهو حلمُ إبليس بالجنة !
 
وإذا كانت الثورة السورية العظيمة قد أسقطت من الآن رموز الزيف (القرمجوسي) ، فأضحـوْا عراة بفضيحتهم ، لاسيما حزب الشيطان الأصغر حسن نصر _ الأوسط هو بشار ، والأكبـر هو الخامنئي _ فإنها بعد إنتصارها ستصبح مركز الدفاع عن الأمـّة في وجـه هذا المد القبيح المليء بنتن الحقد المجوسي ، وصديـد الضغائن القرمطية.
 
وسبحان الله الذي كتب أن تسيـر الدنيا على سُنِنِه التي لاتتبدَّل : على قدر التضحيات العظيمة ، تأتي النجاحـات العظيـمة .
 
إنَّ الشعب الذي صمد هذا الصمود الأسطوري عامـاً كاملاً ، رغم شدّة طغيان العدوّ الحـانق ، ورغـم الحصار الخانق ، والخذلان الطابق ، لن يردَّه دون مطلب الحريّة شيءٌ ،
 
 ولسوف تتحوّل دماء شهدائه إلى الفأس التي سيحطّم قيود الطغيان ، واليـد التي ستحمـل شعلة الحرية وقّادة ، ولواءَها خفاقا عاليـا.
 
هذا .. وإني لأرى فـي ثورة الشـام ثلاثَ دلالات رمـزيـّة  ،
 
 وإنَّ روعتها لتهـزّ النفس هـزَّا :
 
1ـ رمزية إنطلاقـة الثورة من أطفال هذا الشعب العظيـم ، وكثرة الشهداء الأطفال _ وقد زادوا على الألف شهيد _ ممـا يرمـز إلى إشراقة المستقبل الواعـد لهذه الثورة ، فستحمل مبادئها الأجيـال بإذن الله .
 
2ـ ورمزيـّة كون حمص هي عاصمة الثورة السورية ،
 
 ألـم تروْا كيف صار الصمود الحمصي رمزا إلـِقاً في صناعة الثورات ،
 
 ولا جَرَم .. فهي المدينة التي تحتضن أكبر عدد من قبور الصحابة بعد البقيع ، والصحابة هـم صناع أعظـم ثورة في التاريخ على طغيان العالم بأسره .
 
ثم رمزية حـيّ بابا عمرو خاصّـة ، نسبة إلى قبـر الصحابي الجليل عمرو بن معدي كرب رضي الله عنه ، الملقـب بفارس العرب ، وبذي الصمصامة ، السيف المشهور الذي صال صولة الأسـود في معارك الفتوح كلّها من القادسية إلى اليرموك ،
 
 حتى استشهد بين بابين مطلّين على حيّ حمـص ، فدفن ثـَمَّ ، ومعه الصمصامة ، فسُمِّي المكان باب عمرو .
 
ثم لم تزل الشجاعة تُذكـر عبـر الأجيـال ، والقرون ، في أهل هذا الحيّ ، كما في أهل حمـص كلّها ، وكأنهّم أبناء الصمصامة !
 
حتى رأينا شجاعتهم التي يعجـز اللسان عن وصفها ، في هذه الثورة المباركة ، لاسيما في بابا عمرو .
 
3ـ ورمزية بدء الثورة من بوابة سوريا إلى الجنـوب ، مـن درعا عاصمة حوران ، حيث الأصالة المنتمية إلى العمـق العربي ، مما يرمز إلى إمتداد الثورة _ بإذن الله _ لتشعل بقية الجسد العربي في أروع إمتداده ، من نياط عروقه الأصيلة .
 
وبعـد :
 
فإذا كانت الثورات السابقة على الثورة السورية قد أعطتنـا الدروس التمهيديّة للثورة على الطغيـان .
 
فإنَّ الثورة السورية جاءت لتأهيل الأمّة لتقـوم بأعلى مستويات الثورة ، وأعظمـها في التضحيات ، وأطولها مـدى ، وأصبرها في مواجهة الجراح ، والـرّدى.
 
جاءت لتقول إنـّه عندما يكون الطغيـان هو الأشدّ قـوّة ، والأقسى قبضة ، والأولـغ في الدمـاء ، فإنَّ الشعوب أيضا قادرة على هزيمـته ، بالصبـر ، والثبـات ، و الصمـود ، والإصرار.
 
ولسوف تنتصر الثورة السورية المباركة ، وستكـون فتحـا عظيما لأمّتنا ، إذ ستطـلق روح تغيير غير مسبوقة فيها ،
 
آذنـةً ببدء المرحلة الثانية من نهضة الأمّـة .
 
مرحلـة الثورة في أرض النبوّات ، رسالة حضارتنا ، وميراثها الأعظـم :
 
الشام ، والعراق ، والجزيرة العربية .
 
وإنـّا لنـَرَى بروقَها تلمـع في إعصـارها القادم في أفـق السمـاء ، وإنا لنسمع رعودها تدوِّي في سحـبها المسرعة إليـنا بالخيـر والضـياء.
 
فإذا أرخت سماء المرحلة الثانية من نهضة العرب عزاليها ، وهطلت بمثل أفواه القـِرَب ، بغيثِ الثورةِ الأجش ، ليروي القلوب العطشى إلى الحرية ، والنفوس الظمأى إلى الخلاص ،
 
وإذا تفجَّـرت بديمـةٍ تمـلأُ ثرى جزيرتـنا ماءً يطهـّرنا من رجسِ الطغيان ، ونجاسة الإستبداد ، والإقطاع الملحق به ، ومن أدران التخلُّف ، وقذارة الموروثات المزيَّفة الجاثمة على عقول شعوبنا ، وقلوبهـا.
 
فحينئذ تذكـُّروا دماء الشعب السوري ، وأرواح شهداءه الأبرار ، وأنها أهدت إليكـم ذلك الغيـث .
 
 ثـم قفوا جميعا ، فحيـُّوا هذا الشعب العظيـم ، محطـّم الفراعنـة ، وانحنوا له أقوالا ، وأفعـالا .
 
وضعوا على جباهكـم علَمَ ثورتِـه تعظيـما ، وإجلالاً .
 

والله الموفق ، وهو حسبنا ، عليه توكلنا ، وعليه فليتوكّـل المتوكّلـون


الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 25/03/2012