التطاول على مقام الصحابة

 

 

التطاول على مقام الصحابة


حامد عبد الله العلي

في عددها الأخير نشرت مجلة السمو الإسلامية ، خبرا مفاده أن مواطنا رفع دعوى قضائية على مطبوعة في الكويت اشتملت على تطاول بالطعن واللعن والتكفير لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالبنط العريض في الغلاف تنفي المطبوعة المذكورة ، أن الصديق رضي الله عنه وأرضاه كان مصاحبا للنبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة ، وتقرر أنه رضي الله عنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار ، وأنه ليس المعنـــي بقوله تعالى ( ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا ) .

وفي داخل المطبوعة صور كاريكاتير تستهزئ بالصحابة ، وسباب وشتائم ورمي بالعظائم لخاصة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لاسيما الصديق أبي بكر ، والفاروق عمر ، وسيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنهم ، مما لا يصح منا نقله هنا في هذا المقال ، فليس هذا هو المقصود ، بل المقصود إرسال رسالة عبر هذه الزاوية من صحافتنا التي من مسؤولياتها إتاحة فرصة النقد لتقويم الخلل ، ولجم الشطط ، لإلزام من لا يقدر مسؤولية الكلمة المنشورة باحترام نفسه ، وإقامتها مقام الإجلال والتوقير ، وهو يقف بين يدي منزلة الصحابة الكرام الذين هم وزراء النبي صلى الله عليه وسلم وخاصته ، وأئمة الدين بعده ، الذين حفظ الله بهم الرسالة المحمدية ، وأعلى بهم شعائر الملة الإسلامية ، وهم عنوان نجاح خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم في تربية الرجال ، وبرهان لما أودع الله فيه صلى الله عليه وسلم من أعلى مقومات القيادة على الكمال ، التي منها حسن اختيار الوزراء والأعوان ، والبصيرة النافذة في وضع القيادات في مواضعها .
والعجب كيف يتجرأ عليهم الأقزام ، وهم من عدلهم الله تعالى في كتابه المعظـــــم إذ قال ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ) وقال عز شأنه( إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما ) وقال ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ) .

وقد دلت هذه الآيات الكريمة على أنه سبحانه قد رضي عنهم ، وشهد لهم بأنهم أحق بكلمة التقوى وأنهم أهلها ، وأنه سبحانه امتدحهم في التوراة والإنجيل ، وقال المفسرون إنه لما كان اليهود موصوفين بغلظ القلوب وقسوتها عن ذكر الله ، وشدتهم على بعضهم ، والجبن والتقاعس عن الجهاد ، أمتدح الله تعالى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة بالرحمة فيما بينهم والخشوع في العبادة والشدة على الكفار عكس صفات اليهود المذمومة ، ولما كان النصارى موصوفين بالرهبانية المبتدعة وضعفهم عن القيام بنصر الدين ، امتدح الله تعالى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الانجيل بأنهم أقوياء في دين الله تعالى يغيظون الكفار بقوتهم ونصرهم لدين محمد صلى الله عليه وسلم .

والخلاصة أن توقير الصحابة من توقير النبي صلى الله عليه وسلم ، واتهامهم اتهام لمقام النبوة نفسه ، وذلك يؤدي إلى الشك في الدين كله ، لانهم هم نقلة الكتاب والسنة ، وما عرفنا ديننا إلا من طريقهم ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من يسب أصحابه ، لان من سبهم فقد آذاه صلى الله عليه وسلم ، ذلك أنهم تلاميذه الذين اختارهم على مدى ثلاثة وعشرين عاما يربيهم على الوفاء لرسالته العالمية ، والقانون الكويتي صريح بتجريم من يتطاول على مقام الصحابة ، والمطلوب من وزارة الإعلام ، الوقوف عند مسؤولياتها تجاه هذه المطبوعة المتطاولة على ثوابتنا والله المستعان .

 


الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 06/12/2006