خطبة عيد الفطر عام 1430هـ

 

خطبة عيد الفطر عام 1430هـ
سماع مباشـرهنـا   
تحميل rm هنـا
      mp3هنـا
روابط أخرى هنـــا
،
الحمد لله كثيراً ، والله اكبر كبيراً ، وسبحان الله بكرة ، وأصيلا .
الله اكبر ، الله اكبر ،  لا إله إلا الله ، والله اكبر ،  الله اكبر ، ولله الحمد 
 
 الله أكبر ، ولله الحمد عدد خلقه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته ، ورضا نفسه ،  
 
والله أكبر ، ولله الحمد ما تكوّر الليل على النهار  ، وما أظلم الليل ، وأسفر الإسفار ، وعدد قطر الأمطار ، وجريان الأنهار .
 
 وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار ، العزيز الغفار ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله النبيّ المصطفى المختار ، اللهم صلّ وسلّم عليه ، وعلى رفيقِه أبي بكر في الغار، وعلى عمر فاتح الأمصار، وعلى عثمان شهيدِ الدار، وعلى عليّ المبشَّر بالقرار في دار الأبرار، وعلى جميع الآل ، والصّحب الأخيار ، ومن انتهج نهجه الهادي ، واقتفى تلك الآثار$$$
 
الله أكبر ،  الله اكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد
 
الله اكبر ، ولله الحمد ، الحمد لله الذي أنزل علينا الصلاة والصيام ، ووفّقنـا للقيام ، وعلّمنا سنن الهدى ، وعمل الخيرات ، وهدانا لدين الحق ، وفعل الصالحات.

الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة ، وأصيلا
 
الله أكبر ،  الله أكبر ،  لا إله إلا الله ، والله اكبر ،  الله اكبر،  ولله الحمد .
 
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وبفضله تُؤتى الدرجات ، وبنعمته تُبدّل السيئات حسنات .
 
أيها المسلمون : إن ّالعيد في الإسلام مدرسة عظيمة ، كما قال تعالى ( ولتكملوا العدة ، ولتكبّروا الله على ما هداكم ، ولعلكم تشكرون ) .
 
فهو مدرسة تأسيس العقيدة في نفوس المسلمين ، تلك العقيدة الإيمانية التي تجلجل بكلمة التكبير ( الله أكبر ) و( لا إله إلا الله ) يرفع بها المؤمنون أصواتهم ، ويخرجون بها إلى صلاتهم ، فتضجُّ بها مدائن المسلمين ، وثغورهم مع طلوع شمس هذا اليوم ،  فتذكـِّرهم بأنَّ إيمانهم بالله تعالى أكبـر من كلِّ شيء سواه ، وأنَّ كلمة التوحيد هي العنوان الأعظم لهذه الأمّة ، عليها تجتمع ، وبها تفارق غيرها ، ولإعلاءها تجاهد .
 
كما تذكرّهم بأنّ هذا الشعار العظيم يعني أنَّ شريعة الله تعالى هي أكبر من كلِّ مناهج الأرض ، وكلِّ أفكار البشر ، وأنَّ اتباعها وحدها هو محور الإيمان ، وقطب رحى الإسلام ، وهي التي تميـِّز هذه الأمِّة عن غيرها ، وتبرز شخصيتها الحضارية ، وتظهر رسالتها التي بعثت بها .
 
 فمن قدَّم عليها غيرها ، أو ساواها بغيرها ، فقد ناقض كلمة ( الله أكبر ) و ( لا إله إلا الله )  ، إذ قد دخـل في قوله تعالى ( تالله إن كنّا لفي ضلال مبين ،  إذ نسوّيكم بربّ العالمين ، وما أضلّنا إلاّ المجرمون ).
 
فاتخاذ الأنداد المعبودة ، مثل أتخاذ الطواغيت التي للحكم بغير شريعة الله مقصودة ، والأرباب التي للتشريعات المناقضة لدين الله مورودة ، كلُّ ذلك داخل في ( إذ نسويكم بربِّ العالمين ) .
 
كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله : ( وهذه المقامات الثلاث هي أركان التوحيد : أن لا يُتخذ سواه ربا ، ولا إلها ، ولا غيره حكما ) .
 
وتصديق ذلك في سورة التوحيد ، التي هي سورة الأنعام ، فقال تعالى : ( قل أغيرَ الله أتخذ وليّا فاطر السموات والأرض ) وقال : ( قل أغيرَ الله أبغي ربـّا وهو ربُّ كلِّ شيء ) وقال ( أفغيرَ الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصّلا ) .
 
ولهذا قال تعالى ( ولتكبّروا الله على ما هداكم ) أي هداكم لشريعته ، وعلّمكم الهدى ودين الحق ، ثم قال ( ولعلَّكم تشكرون ) أي فاشكروا هذه النعمة العظيمة ، التي هي أعظم نعمه عليكم ، وأجلّ هداياه إليكم ، كما قال تعالى ( اليوم أكلمتُ لكم دينكم ، وأتممتُ عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا ) ، وقال ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ، وأحلوا قومهم دار البوار ) ونعمة الله هي رسالة محمّد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
 
كما أنَّ العيد مدرسة تعلّمنا الإنتماء إلى أمـّة واحدة ، هي أمة الإسلام ، ألا ترون أن جميع المسلمين في كلِّ بقاع الأرض ، يُصبِحون اليوم يردّدون كلمة واحدة ، ويعلنون شعاراً واحداً ، ويصلـُّون صلاةً واحدة ، فيحطّمون بذلك كلّ السدود الموضوعة التي بينهم ، ويُلغون كلّ الحدود المصنوعـة التي فرَّقتهم .
 
فيتذكّرون يوم كانوا يحكمهم نظامٌ إسلاميٌ واحد ، ينتظم كلَّ شعوبهم تحت خلافة واحدة ، يستظلّون بظلّهـا ، فتحكم بشريعتهم ، وتُعلي كرامتهم ، وتُظهـر عزّتهم ، وترفع دينهم ، وتحفظ عقيدتهم ، وتجاهد اعداءهم ، وتقوم برسالتهم الحضارية .
 
كماقال تعالى ( إنمـا المؤمنون إخوة ) ، و( إنمّا وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا ) ، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ( المسلم أخو المسلم ) وقال ( المسلمون يدٌ على من سواهم ، ويسعى بذمّتهم أدناهم ) .
 
وما فائدة هذه الذكرى إلاَّ لتحريضهم على السعي لإعادة الوحدة الإسلامية ، والحكم بالخلافة الإسلامية ، والتحرك لإلغاء كلّ ما يقف في طريقها من معوّقات ، قـد وَضَعها أعداء الإسلام ، ليبقى مفـرّقاً ، ضعيفاً ، تابعاً .
 
كما أنَّ في العيد مدرسة تعلمنا أنّ  أعياد أمّتنا مقرونة بعقيدتها ، متصلة بشريعتها ، منتمية إلى ملّتها ، ذلك أنّ الإسلام ينتظم الحياة كلها به ، ويجعل المسلم يعيش نهج حياته كلّها وفق منهج الله تعالى ، فيفرح بالعيد أول ما يفرح بالصلاة ، بعد عبادة الصوم ، ويخرج من شهر عبادة ، ليدخل أول شهر من أشهر الحج .
 
 الله أكبر ،  الله أكبر ،  لا إله إلا الله ، والله اكبر ،  الله اكبر،  ولله الحمد
 
الله اكبر ، الله اكبر ، الله أكبر كبيراً ، والحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة ، وأصيلا
 
أيها المسلمون ، يأتينا عيدنا هذا ، كأعياد كثيرة مضت ، وأمتنا بين مشهدين اثنين ، كلُّ منهما يحتاج منـّا إلى وقفـة :
 
أحدهـما : مشهد الآلام ، وهـو مشهـد أمة جريحة ، مهيضة الجناح ، ممزقة الأوصال ، قد تداعت عليها الأمم ، وتكالب عليها الأعداء ، وتآمر عليها الصهاينة مع الصليبين ، ليطفئوا نور الله تعالى فيها ، وليقضوا على حضارتها ، وليستلبوا حاضرها ، وليسرقوا مستقبلها .
 
وقد أحاطت مكائدهم بقدسنا المقدَّس ، حتى حفروا تحته بغية هدمه ، وحوله بغية عزله ، وأشعلوا خطط تهويد القدس ، وتآمروا على فلسطين الحبيبة ، ليطمسوا حقوق أمتنا فيها ، وأمعنوا في حرب أهل الجهاد الفلسطيني ، ففي الضفة الغربية يُودع اليهودُ وأولياء اليهود ، مجاهدينا الأبطال غياهب السجون ، ويسومونهم سوء العذاب ، وأمَّا غـزّة العـزّة فوراء حصار خانق ، من عدوِّ حانق ، ومنافق مارق .
 
وتعيث جيوش الصليب وأعوانهم ، في أفغانستـان الشامخة ، وعراقـنا الأبيّ ، والصومال ، وغيرها ،  فساداً ، وإفسادا ، تقتـل الأبرياء ، وتسفك الدماء ، وتعبث بالبلاد ، وتضلّ العباد .
 
وتتآمر على السودان ، واليمن ، وباكستان ، لتقسيمها ، وعلى بقية بلادنا ، لإلحاقها بهمينتهم ، وتطويع مقدراتهـا لمخططاتهم ، وتخريب ثقافتها الربانية ، لإحلال ثقافتهم المادية ، المنحلة ، مكانها .
 
وهذا كلّه تصديقا لقول الحق سبحانه : ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتّى تتّبع ملّتهم ) وقوله عـزّ وجـل : ( ولايزالون يقاتلونكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن استطاعوا ) وحديث النبيّ صلى الله عليه وسلم ( تتداعي عليكم الأُمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها ) .
 
وأما الثاني فمشهد الآمال: وهو مشهد هذه الصحوة الإسلامية المباركة ، والنهضة الإيمانية الصاعدة بقـوّة ، وانتشار الإسلام العجيب ، وزحفه على المعمورة ، حتى شهد بذلك البعيد قبل القريـب .
 
ثم هذا المـدّ المتصاعـد في أمّتنا من القوة الجهادية ، والعزيمة القتالية ، والإصرار على الكفاح ، والتمسّك بالمقاومة بالكلمة ، والسلاح ، حتى غـدت هذه الرياح الجهادية المباركة ، مرعبة للأعداء ، مؤذنـة بنصـر يبلغ عنان السماء .
 
ولاريب أنَّ هؤلاء الأبطال الذي يحملون على أكتافهم عزة الإسلام بسلاحهم حول بيت المقدس ، وعلى ثرى فلسطين الطاهر ، ويلقون بأرواحهم في مهاوي الردى ، رخيصة في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى ، ودفاعا عن المسجد الأقصـى ، ومثلهم إخوانهم في أرض الرافدين ، وبلاد الأفغان ، وغيرها ، أنهـم صفوة هذه الأمة ، وخير رجالها ، وأعظـم أبطالها ، فللّه درُّهم ، وعليه شكرُهم ، ومنه سبحانه ثباتهم ، وصبـرُهم .
 
وبهم يحقق الله تعالى قولـه : ( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ، والله متمُّ نوره ولو كره الكافرون ) ، وقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم ( لن يبرح هذا الدين قائما ، يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة ) رواه مسلم
 
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( بشّر هذه الأمة بالسناء ، و الرفعة ، و النصر ، و التمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا ، لم يكن له في الآخرة من نصيب) رواه الإمام أحمد من حديث أبي رضي الله عنه.
 
ولهم علينا حق النصرة ، والتأييد ، والدعـم ، مع النصح ، والترشيد .
 
وأوَّل ذلك :  أن لاتفتَّ في عزائمهم هزيمـةُ المنهزمين ، وإرجاف المرجفين ، وتثبيط المثبّطين ، فإنهّم على الحقّ ، وبهم ينتصـر الحقّ ، ومهما كانت النتائج ، فلن يضيع الله أجرهم ، ولن يخيب ظنَّهـم ، ويكفي من ثمار جهادهم المبارك أنَّ الأمة بدت بهـم مستعصية على أعداءها ، مفتخرة بجهاد أبناءها .
 
والثانـي :  أن يبنوا جهادهم على الوحي المنير ، والفكر المستنير ، الذي يتجنَّب الشـذوذ ، والشطط ، والغـلوّ في الغـلط .
 
والثالث : أن يتعاونوا ، ولا يتخالفـوا ، وأن يتطاوعوا ، ولايتنافروا ، ويعذر بعضهم فيما اختلفوا فيه ، ويلتمس كلُّ منهـم العذر لأخيه .
 
والرابـع :  أن يقدّمـوا الأوْلى فالأوْلـى ، مرحلةً ، مرحلةً ، بلا إستعجال للنتائج ، ولا تعجّـل للثمار ، ولا إحـتكار للحقّ ، بناءً على أنَّ مصلحة الأمة ، فوق مصلحة الجماعات ، ومواجهة العـدوّ المشـترك ، أولى من إثارة الخلافات ، وخطر الكافر المحتـلّ ، أعظم من إنحراف المسلم المضلّّ ، فكيف بالمخالف المجاهد العدلْ .
 
وليعلموا أنَّ طبيعة المعركة إنما هي أمة تواجه أمّة ، وحضارة تصارع حضارة ، وأنّ الجهاد إنما هـو مشروع مقاومة شاملة ، تجمـع بين كفاءة القتال ، ودهاء السياسة ، وبراعة الإعلام ، في نزال طويل ، يحتاج أن يجمع بين شدة العزائم ، وطول النفس.
 
الله اكبر ، الله اكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الله اكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكـرةً ، وأصيـلا .
 
ـــــــ
 
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد
 
أيها الإخوة المؤمنون ، والأخوات المؤمنات ،  إنَّ العبادة إنما هي الشكر ، وإنَّ شكر نعمة الله تعالى بهذا الدين ، هي أن نعمل به في كّـل مناحي حياتنا : في أنفسنا ، وفي أهلنا ، وأوطاننا ، وأنظمتنا السياسية ، ونظم الحكم ، وحياتنا الإجتماعية ، وعلاقاتنا  بغيرنا من الأمـم.
 
 وأن نجاهد في سبيل عـزتهِّ ، لنعيد إلى أمتنا وحدتها المفقودة ، وخلافتها المنشودة ، وشريعتها العظيمة المحمـودة .
 
عليكم عباد الله بالتقوى ، فالتقوى جماع الدين ، ونظام احتوى دين جميع المرسلين ، قال تعالى(ولقد وصّينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإيّاكم أناتقوا الله


وأعلموا أنّ من حقق التقوى بعد رمضان ، فإلتزم شرائعالإيمان ، فقد تحلّى بحليته ، ورُزق خيـرُه ببركته ، ومن عاد إلى التفريط ، فهو الذيعن فضائله حرم ، عائذين بالله تعالى من مصيبة الديـن .


حافظوا على الصلوات لاسيما الفجر والعصر ، واتقوا اللهفي نساءكم وأولادكم فأقيموهم على الطاعه ، وعودوهم على حفظ القرآن ، وسماعه ،وعلموهم ديانة أهل السنة والجماعه ، وغضوا أبصاركم ، واحفظوا فروجكـم ، طهرواأجسادكم بإلتزام الإسلام ، وطهروا أموالكم عن ترك الزكاة ، والكسبالحرام .
 
أيها المسلمون : إنَّ للعيد بهجة ، فابتهجوا في غير مساخط الله ، وفيه فرحة فافرحوا في غير كفران لنعمة الله ،
 
وإنما بعثنا رحمة للناس ، وبهجة للدنيا ، ولنمـلأ الحياة بالخير :
 
خرج الإمام أحمـد مـن حديث  أبي ذر رضي الله عنـه قال صلى الله عليه وسلم : ( على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه . قلت : يا رسول الله ! من أين نصدق وليس لنا أموال ؟ قال : لأن من أبواب الصدقة التكبير ، وسبحان الله ،  والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، وأستغفر الله،  وتأمر بالمعروف ،وتنهى عن المنكر ، وتعزل الشوكة عن طريق الناس ، والعظمة ، والحجر ، وتهدي الأعمى ، وتسمع الأصم ، والأبكم حتى يفقه ، وتدلّ المستدلّ على حاجة له قد علمت مكانها ، وتسعى بشدّة ساقيك إلى اللهفان المستغيث ، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف ؛ كلّ ذلك من أبواب الصدقة ، منك على نفسك ، ولك في جماعك زوجتك أجر ،  قال أبو ذر : كيف يكون لي أجر في شهوتي ؟ فقال : أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ، ورجوت خيره فمات ؛ أكنت تحتسبه ؟ قلت : نعم . قال : فأنت خلقته ؟ قال : بل الله خلقه . قال : فأنت هديته ؟ قال : بل الله هداه ،  قال فأنت ترزقه ؟ قال : بل الله كان يرزقه ،  قال : كذلك فضعه في حلاله ، وجنبه حرامه ، فإن شاء الله أحياه ، وإن شاء أماته ، ولك أجر)
 
كما بُعثنا للشـرّ مباعدين ، وعنه ناهين :
 
وإن أعظم الشـرّ ، الظلم العظيم ، الشرك بالله تعالى ، وذلك الذي يدعو مع الله إلها آخر ، فلا يستقيم التوحيد الذي هو العروة الوثقى إلاّ بالكفر بالطواغيت ، والآلهـة ، والأرباب ، والأنداد ، فلا يعبد شيء منـا ، ولا يُتَّخذ حكما ، ولا وربّا مع الله تعالى.
 
 ثم إنّ أكبر الكبائر بعد الشرك قتل النفس ، بغير حق ، ثم الزنا ، عافانا الله ، وإياكـم ، وكلّ مسلم ،
 
قال تعالى : (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ،  ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلاّ بالحق ، ولا يزنون ، ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلاّ من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدّل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما) .
 
وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا يا رسول الله : وما هن ، قال الإشراك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا،  وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) متفق عليه
 
وخرج ابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهمـا ، قال صلى الله عليه وسلم:( خمس إذا ابتليتم بهن ،  وأعوذ بالله أن تدركوهن ،  لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلاّ فشا فيهم الطاعون ، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلاّ أخذوا بالسنين ، وشدة المئونة ، وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلاّ منعوا القطر من السماء ،  ولولا البهائم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله ،  إلاّ سلط الله عليهم عدوا من غيرهم ، فأخذوا بعض ما في أيديهم ، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلاّ جعـل الله بأسهم بينهم ).
 
وبعـد :
 
فقد أوصى الصالحون بهذه الوصايا العظيـمة  : بتقوى الله تعالى فإنه رأس الأمر كلِّه  ، و بتلاوة القرآن ، و بذكر الله تعالى فإنه ذكر للعبد في السماء ، و نور له في الأرض ،  والصمت إلاّ في خير فإنه الحكمة ، و نعم العون على أمر الدين ،
 
 وقد ورد في الآثـار :  إيّاك وكثرة الضحك فإنـّه يميت القلب ، و يذهب بنور الوجه ، وقالوا : عليكم بالجهاد فإنـّه رهبانيّة أمـّة الإسلام ،  وأحبوا المساكين ، وجالسوهم ، وانظروا إلى من تحتكم ،  و لا تنظروا إلى من فوقكم ،  فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عندكم ،  صلوا قرابتكم ، و إن قطعوكم ،  وقولوا الحق ،  و إن كان مرّا ،  لا تخافوا في الله لومة لائم .
 
وقال السلف الحكمـاء : ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك ، و لا تجد عليهم فيما تأتي ، و كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال : أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه ،  و يستحي لهم مما هو فيه ، و يؤذي جليسه.
 
الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد
 
أيها المسلمون : هذا اليوم قبل صلاة العيد تُخـرج زكاة الفطر تقرُّباً إلى الله ،  وأداءً لفريضته ، وطعمة لإخوانكـم الفقراء ، والمساكين ، وطهرة للصائم من اللغو ، والرفث ، صاعا من قوت البلد ، عن كلِّ صغير ، وكبير ، وذكر ، وأنثى ، من المسلمين ، ولاتجب على الحمل في البطن ، ولا حرج إن أخرجها عنه ، وقـدأمرنا أن نؤديها قبل خروج الناس إلى الصلاة ، ولاحرج أن تُقـدَّم عـلى ذلك بليلة أو ليلتين ، فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ، ويجب أن يؤديـها تاركهـا ، حتى لو تعمد تأخيـرها إلى بعد صلاة العيد ، أو تكاسـل ، ويأثم بتعمِّده ، وأما من نسى أن يؤديها قبل صلاة العيد ، فيؤديها ، ولو بعد الصلاة ، ولايأثم ، فقد رفع القلم عن المخطىء ، والناسي ، والمكره
 
وقـد صحّ في الحديث استحباب صيام ست مـن شوال ، وأنّ من صام رمضان وأتبعه ستَّا من شوال ، فكأنه صام السنة كلَّها ، رواه مسلم 
 
اللهــم  إنا أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، و موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وشكر نعمتك، وحسن عبادتك، وقلوبــا سليمة ، وألسنة صادقة ، ونسألك من خير ما تعلم، ونعوذ بك من شر ما تعلم، ونستغفرك لما تعلم؛ إنك أنت علام الغيوب.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا و بين معاصيك، و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك، و من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا، و أبصارنا، وقوتنا ما أحييتنا، و اجعله الوارث منا، و اجعل ثأرنا على من ظلمنا، و انصرنا على من عادانا، و لا تجعل مصيبتنا فى ديننا، و لا تجعل الدنيا أكبر همنا، و لا مبلغ علمنا، و لا تسلط علينا من لا يرحمنا

اللهم انصر أمتنا ، وردّها إلى دينها ، ووحّدها أمة واحدة ، خلافتهــا فيمن خافك واتقاك وطلب رضاك .
 
اللهم حرر أسرانا في فلسطين ، والعراق ، وأفغانستـان ، وغوانتنامو ، وفي كل البلاد يارب العالمين.

اللهم انصر المجاهدين في فلسطين ، والعراق ، وأفغانستان ، والصومال ، وكشمير ، والفلبين ، و الشيشان ،  وفي كلِّ مكان .
 
اللهم كن لهم ولاتكن عليهـم ، وانصرهم ولا تنصر عليهم ، وانصرهم على من بغى عليهم ، اللهم خذ عنهم العيون ، واملأ قلوبهم رضا بك،  وبدينك ونبيّك ، واشرح صدورهم للجهاد ، وثبت أقدامهم ، اللهم كن لهم عونا ونصيرا ، واجمع كلمتهم ، وألف قلوبهم ، وسدد رميهم ، واجعل عاقبة جهادهم خيرا ورشدا ، اللهم اجعلنا من جنودك ، وارزقنا الشهادة في سبيلك ، واختم لنا بها حياة الصالحين ، اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ، واجعلنا للمتقين إماما ، الله آتنا في الدنيا حسن وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،  اللهم توفنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين ، آمين .

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 16/09/2009