خطبة عيد الفطر عام 1423هـ .... لاقيام للدين إلا بتحكيم الشريعة والجهاد

 

خطبة عيد الفطر عام 1423هـ .... لاقيام للدين إلا بتحكيم الشريعة والجهاد

حامد بن عبدالله العلي

الحمد لله ، والله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا .

الله أكبر ولله الحمد ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، الكبير المتعال ، ولا ينفع ذا الجد منه الجـــد، وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المجيد ، والجهاد بالحديد ، ليبلغ الإسلام ذرى المجد .

وبعد :


فإن الله تعالى وجل ذكره ، قد ذكر في القرآن في مواضع كثيرة ، ارتباط الحكم بما أنزل من الكتاب ، بالجهاد في سبيله ، وأنه ينصر من يحكم بالكتاب المنزل ويتولاه ، بل ذكر أنه ما بعث الأنبياء جميعا إلا ليحكم بالكتاب المنزل ، وأنهم لابد أن يُبتلوا بذلك ، ثم ينصرهم الله تعالى ، قال تعالى ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ) .

وقال (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأرسلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ) .

وقال عن ابتلاء الأنبياء اللذين أنزل عليهم الكتاب والميزان ليحكم بين الناس وليقوموا به بالعدل بين الخلق ، وابتلاء أتباعهم ، قال ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل اللذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) .

ولما كان إنزال الكتاب على نبيه وابتلاءه بالجهاد في سبيل الحكم به يحتاج إلى ولاية خاصة وإعانة خاصة قال ( إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ) وقال ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء اللذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين ) .

وقال آمرا نبيه أن يجاهد الكافرين بالكتاب المنزل ( ولا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا ) .

والآيات في هذا كثيرة جدا ، وذلك لأن الدين لاقوام له إلا بهذين الأمرين :

الكتاب المتضمن للشريعة .

والجهاد الذي يحميها ويقطع عنها كيد أعداءها من شيطانين الإنس والجن الذين هم أعداء لشريعة كل نبي ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ) .

وإنما يدحر العدو الجهاد ، جهاد اللسان والبيان ، وجهاد السيف والسنان .

حتى جهاد الطلب ، إنما هو دحر للشياطين وأولياءهم من الطواغيت ، دحرهم عن بلوغ غايتهم في استعباد العباد لهم من دون الله ، وهي الفتنة التي جعل الله غاية الجهاد قطعها عن العباد ، قال تعالـــى ( وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعلمون بصير ) .

ولهذا السبب ـ أعني أن الدين لاقوام له إلا بالكتاب والجهاد ـ حرص أعداء الأمة على إسقاط هذين الركنين بكل سبيل ، ودأبوا على تشويه صورتهما ، واستطاعوا ـ إلى حين ـ أن ينقضوا هاتين العروتيـــــن العظيمتين ـ إلا قليلا ـ فعُطِّل الكتاب المنزّل عن الحكم بين الناس ، وعُطِّلت سيوفُ الجهاد عن الدفاع عن البيضة ، إلا طائفة قائمة بأمر الله ، يقاتلون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم ، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله .

ومنذ انتقاض هاتين العروتين ، صار حال أهل الإسلام إلى نراه من الضعف والمهانة .

وقد بلغ من مكر الأعداء أن جندوا ممن ينتسب إلى الدعوة الإسلامية ، من ألقى الشيطان على ألسنتهم من القول الباطل الخطل ، ما تقشعر له قلوب المؤمنين استبشاعا ، حتى قال بعضهم متزلفا للطواغيت الحاكمة بغير ما أنزل الله : إن الحكم بما أنزل الله ليس من أولويات الدين المبجل ، ولا من أصول الكتاب المنزل .

سبحانك اللهم هذا بهتان عظيم ، وكيف لا يكون الحكم بما أنزل الله الذي اخبر الله تعالى أنه ما أرسل الرسل ولا انزل عليهم الكتب إلا لتحقيقه ، وبيّن الله عز وجل ، أن التحاكم إلى غير الله ، إنما هو الشرك وعبادة الطاغوت ، كيف لا يكون من أصل الدين ، وأساسه المتين .

وأما الجهاد فإنه ذروة سنام الإسلام ، وعز المسلمين ، وغيظ أعدائهم ، ورهبة قلوبهم وقلوب المنافقين ، وهو أفضل ما تطوع به المتطوعون ، وأعلى ما تقرب به إلى العاملون ، وأزكى ما تنافس فيه المتنافسون ، حتى لقد عد العلماء الرباط بالثغور أفضل من المجاورة بمكة والمدينة ، والعمل بالرمح والقوس في الثغور ، أفضل من صلاة التطوع .

وهذا لايعني أن يكون الجهاد خبط عشواء ، بلا خطط حكيمة ، وخطوات محكمة ، وأهداف معلومة ، وغايات مرسومة ، فيصبح عمل المجاهدين ضرره أكبر من نفعه ، بل المجاهدون أحوج الناس إلى حسن التخطيط ودقة التنظيم ، وحسن النظر في العواقب ، ومراعاة المصالح والمفاسد ، فالدين كله قام على تحصل المصالح ودفع المفاسد .

ولم يكن أعداء الأمة على شيء أحرص منهـــم ـ بعد إقصاء الحكم بالشريعة ـ على إلغــاء الجهــاد ، وتنفير قلوب المسلمين منه ، ذلك لأن قلوبهم تمتلئ رعبا من هذه الكلمة ، ويعرفون ما يقوم عليها من عز الإسلام .

هذا وقد دس أعداء الإسلام في صفوفه ، ومن بين المنتسبين إليه ، من يحاول أن يجعل الجهاد في سبيل الله ، إثمـــا مبينا ، ومن يقذف في قلوب المجاهدين الوهن ، ويعوقهم عنه ، ويطعن في ظهورهم بألسنة حداد ، ويحث على خذلانهم ، ويحرّض عليهم ، وهو يقترف هذا كله ، باسم الدين ، زاعماً الدفاع عن سنة سيد المرسلين ، بينما هو يسعى في خراب الدين وتقويض أركانه ، ذلك أن ترك الجهاد أقرب الطرق إلى ذلك ، فأي ذنب بعد الشرك أعظم من هذا الذنب العظيم .

غير أن ذلك كله لن يفت في عضد أهل الجهــاد ، ولهذا وصفهم الله تعالى بقوله ( لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ) ، وفي هذا النص دليل أن المجاهدين ، ستقف منهم طائفتان موقفين : فثمة من يعلم انهم على حق ، ولكنه يخذلهم جزعا من تحمل عزيمة أمرهم الرشيد ، وثمة من يخالفهم فيما هو فيه من القيام بما أمر الله من جهاد العدو بالحديد ، ولكن لاهؤلاء ، ولا هؤلاء ، سيبلغون ضرهم ، بل هم ماضون في سبيل الله لاخوف عليهم و لاهم يحزنون .

وبعد ،،، عباد الله

إن أصدق الحديث كتاب الله ، وأوثق العرى كلمة التقى ، وخير الملة ملة إبراهيم ، وأحسن السنن سنة محمد صلى الله عليه وسلم ، وخير الهدي هدي الأنبياء ، وأشرف الحديث ذكر الله ، وخير القصص القرآن ، وخير الأمور عواقبها ، وشر الأمور محدثاتها ، وماقل وكفى ، خير مما كثر وألهى ، وشر الضلالة الضلالة بعد الهدى ، وخير الغني غنى النفس ، وخير الزاد التقوى ، وخير ما ألقي في القلب اليقين ، والريب من الكفر ، وشر العمى عمى القلب ، والخمر جماع الإثم ، أعظم الخطايا الكذب ن وأقبح الفواحش الزنا ، وغض البصر يورث نور البصيرة ، ومن يعف يعفه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، ومن يكظم الغيظ يأجره الله ، ومن يغفر يغفر الله له ، ومن يصبر على الرزية يعقبه الله ، وشر المكاسب كسب الربا ، وشر المآكل مال اليتيم ، وملاك العمل خواتمه ، وأشرف الموت قتل الشهداء ، ومن يستكبر يضعه الله ، ومن يعص الله يطع الشيطان ، ومن تطاول تعاظما حطّه الله ، ومن تواضع تخشعا رفعه الله .

واعلموا أن جماع ما أمر الله به عباده في قوله ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) .

وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم ( اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ) .


اللهم أغفر للمسلمين والمسلمين ، والمؤمنين والمؤمنات ، وألف بين قلوبهم واجمع كلمتهم ، وانصرهم على عدوكم وعدوهم ، اللهم قاتل كفرة أهل الكتاب من اليهود ، والصليبيين ، الذين يصدون عن سبيلك ، ويقاتلون أولياءك ويكذبون برسلك ، اللهم عليك بهم ، اللهم شتّت شملهم ، ومزّق جمعهم ، ورد كيدهم في نحورهم ، وأنزل عليهم بأسك الذين لا يرد عن القوم الكافرين .

اللهم إنا نستهديك ونستغفرك ، ونثنى عليك الخير ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يكفرك ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين ، اللهم ارفع راية الجهاد ، وانصر المجاهدين ، اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا ،اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.



الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 06/12/2006