تعالي أقبـِّل جبيـنك يا غــزّة

 

تعالي أقبـِّل جبيـنك يا غــزّة
 
،
حامد بن عبدالله العلي
،
ياللعجب تُـرى كيف استقامـت هذه المعادلة :  تخشى الجيوش العربية كلَّها من الكيان الصهيوني ، حتّى إنها تحرسه ! ويخشى الكيان الصهيونـي غــزّة ؟!!
،
 
مـاذا في هذه البقعـة الصغيـرة من أرض الإسلام ؟!!
،
 
ما كنـت أشـكّ طرفة عين ، أنَّ أكبـر محـرّك لكلّ هذا الطغيان الأمريكي الذي جاء بإحتلال العراق بعد أفغانستـان ، وبإعلان الحرب على الإسلام تحت شعار ( الحملة الدوليـّة على الإرهاب ) بكلّ ما يحمل تحتـه :
 
مـن إخضاع الدول ، إلى عناية بأدقّ التفاصيل حتى إعادة النظر في المناهج بحجة أنها تدعو للكراهيـة ، والمطالبة بتأهيل خطباء المساجد لأنهم ـ من جملة عيوبهم ـ (يدعون على اليهود والنصارى) ! وإلى محاصـرة العمل الخيري الإسلامي ، وتدجين الدعاة ، وتوظيف الفتوى $$$
 
 وهذه العملية المقزِّزة لمحاولـة ( الإخصاء ) الشامــل للخطاب الإسلامي التغييري ، تحت شعــــار ( الوسطيّة ) ، و( الإعتدال ) ، و( محاربـة التطرف ) ، وبتشجيع البدائـل ( المخصيّة سلـفاً ) كقطعان المرجئـة ، ودراويش التصوف ، و(فتاوى الرواتـب والمكافآت ) ، ووضعـها فـي مواضع التأثيـر الجماهيري لتزييف الوعي الإسلامـي ..إلــخ
،
 
 أنَّ أكبـر محـرك لكلّ هذا الدولاب العملاق من المكر الشيطاني ، هـو تصفية القضية الفلسطينية.
 
 لتنتهــي : بأمن صهيوني مستقر وكامل ، وسط مشروع تطبيع شامل ، ومصادرة كلّ الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها القدس ، مقابـل فتات من خداع لايُسمن ولا يغنـي من جــوع.
،
 
وتعالوا لنتـذكَّــر :
 
مع مطلع هذا القرن ، ومع تنامي الانتفاضة وإشتعال أوارهـا ، جاءنـا أولا تقرير ميشيل ، وخطّـة زيني ، وكانا يطرحان  إجراء مقايضة ،  بين وقف المقاومة، والتبرؤ منها نهائيا ، مع تصفية بنيتها التحتية ،  مقابـل إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 28 أيلول العام 2000 ، ففشلا.
،
 
ثم جاءتنا خارطة الطريق ، فتاجر بها المتاجرون ،  وكان الصهاينة قـد أعلنوا ملاحظات جوهرية عليها ،  فوعدهم بوش بأخذها بعين الإعتبار ، أهمها ضرورة استبدال التبادلية والتزامن بالتتابع ، فيطبق الفلسطينيون أولاً التزاماتهم ، فيما يتعلق بمحاربة ما يسمى الإرهاب ، وتصفية بنيته التحتيـّة بكاملها ،  ثم ينظر الصهاينة فيما بعد في كيفية تنفيذ التزاماتهـم ،،  ففشـلت.
،
 
ثم جاءتنا بعد ذلك ، الخطة الأمنية الأميركية، التي قدمها دايتون، وطـرح فيها ،  مقايضةالأمن ،  بالاقتصاد، على أن يتـمّ ذلك على مراحل.. أولها أن تهـدأ غـزّة ،  ويثبت شعبها أنـه على إستعداد أن يهلل للمحتلّ وهو يذبحـه إن لـم يكن بالقتل المباشـر ، فبالفقر ، والبطالة ، والإذلال ، والحصـار .إلخ ،، وفشـلت.
،
 
وفيما بين ميتشيل ـ زيني ، ودايتون ، ومنذ عام 2000 ، لـم تهدأ شرم الشيـخ ، ولا الرحلات الصهيوأمريكية بين هذا المقـرّ التآمري ، وتل أبيت ، والبيت الأبيض ، وتـمَّ أثنـاء ذلـك إحتلال العراق ، ونشر أكبر ترسانة عسكرية في المنطقة ، واستعرضت أمريكا أكبر استعراض لقوتها التدميرية ، وقدرتها على الطغيان ،
،
 
وتـم استحمـار عصابة دايتون ، من جوقة الخيانة العباسية الدحلانية ، كما استُحمر الذين من قبلهـم ، من المتاجرين بحقوق الشعب الفلسطيني .
،
 
وكانت ، ولازالت ، المؤامـرة كلَّهـا ، تهدف لإذلال غــزّة ، وليركع الشعب الفلسطيني ، وليخضـع متنازلا عن مقدسات الإسلام ، وحقــوقـه .
، 
 
ثـمّ في النهاية ، تأمّلوا هذا الفرق الشاسع ، بين ذلك الحديث الذي كانت تتبجَّح بـه رايس كلّمـا تجوّلـت بسيقانها المعوجّـة بين العواصم العربية  ، عـن القرارات التاريخية التي ستغيّر وجه المنطقة،والأفق السياسي الجديـد الذي سيحل جميع مشكلاتها ، والتبشير الأمريكي بقرب جنة الفردوس التي تحملها الإدارة الأمريكيــة !
وبين النهاية :  غـرق أمريكي في مستنقع من الفشـل والتخبّط ، في كلّ الملفـات.
،
فالتكشيـر عن الأنياب ، وإنكشاف الحقيقة ، بإعلان غـزّة كيانا معاديا ، وصـبّ الحقد الصهيوصليبي على شعبها البطـل .
،
تأملوا هذا كلـّه ، واستخلصوا نتيجـة و احـدة ،
،
 غـزة هاشم على صـغر حجمها ، وفقـر أهلها ، وشدة لواءها ، وعظم مصابها ،
،
صمـدت أمام كلّ هذا المـد الهائل من المكـر الصهيوصليبي ، ولازالـت .
،
رغـم خذلان لم يسبق له مثيل من الشعـوب ، وخيانـة الأنظـمة ، وقلـّة الإمكانـات ، وشـدّة الخطـب ، وتوالي المحـن ، واجتماع عدوّ هـو أشد ما يكون بأسـاً ، وأعظـم ما يكون حقـداً ، وأجمع ما يكون عدةً وعتاداً .
،
ماذا في هذه البقعـة الصغيـرة من أرض الإسلام ؟!!
،
هـي عقيدة الإيمان ، وروح العزيمـة ، وشمـوخ العـزّة ، وصـمود الأبطـال.
،،
هــذا ،
،
 
 والواجـب اليـوم إعلان النفيـر العام لدعـم صمود غـزة ، وتخلصيها من آثـار هذا القرار الصهيوني بإعلانها كيانا معاديـا.
ووالله ، إنّ كلّ من تحت يده مسؤولية يقدر بهـا على فك الحصار عن فلسطين ، حتى العلماء ، والخطباء والدعاة من منابرهم ، والقائمين على الإعلام الإسلامي ، وقادة العمل الخيري ، فضـلا عن أهل الجهـاد ،
 فلا يفعـل ،
فإنّـه شريك للصهاينة في كلّ إذلال صهيوني لأهلنا في فلسطين ، من سفك الدماء ، إلى الإهانات النفسية اليومية .
،
ونسأل الله تعالى أن يُفرغ على أهل فلسطين الصـبر ، ويثبت أقدامهـم ، ويقيهم شـر أعداءهم ، وينزل على هذه الأمـة ، في هذا الشهـر ، نصـرا مؤزّرا ، يـرد بــه عدوها خائبا خائـرا ،، آمين

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 21/09/2007