بدأها البابا عندما زار العراق قائلا : من أور ( الناصريّة ) إلى ( أور شليم ) وفي تكريت مسقط رأس صلاح الدين أُعلن انتصار حرب بوش الصليبية .. وخواطــر

 

بدأها البابا عندما زار العراق قائلا : من أور ( الناصريّة ) إلى ( أور شليم ) وفي تكريت مسقط رأس صلاح الدين أُعلن انتصار حرب بوش الصليبية .. وخواطــر

حامد بن عبدالله العلي

خاطرة :
ــــ

كان البابا عندما زار العراق قد أطلق على رحلته عبارة لم تكن عابرة لمن يفهم مغزاها .. قال : «مشياً على الأقدام من أور إلى أورشليم»، و(أور) هي الناصرية ، التي عقد فيها اجتماع ( الكرزايات ) التي سيحكم الصهاينة العراق عبرهم.

وتعمدت أمريكا أن يكون إعلان النصر في تكريت ، وتكريت تحتضن القلعة التي فيها مسقط رأس صلاح الدين الأيوبي ، قاهر الصليبيين ، والصهاينة يعتقدون أن ابراهيم عليه السلام ، سار من أور ( الناصريّة ) جنوب العراق ، إلى الأرض المقدسة ، ثم إلى مصر ، وأن أرضه التي وطأتها قدمه ، ستكون لهم بوعد إلهي ، من الفرات إلى النيل ،ويعتقد الصليبيون المتصهينون عصابة بوش أن السماء هي التي تقودهم ليحققوا حلم اسرائيل ، لأن بذلك فحسب يحصل نزول المسيح ، هل عرفنا الآن الدلالات التوراتية لهذه الحرب الصليبية؟

خاطرة :
ــــ

ثلاثة طواغيت في العالم ، يريد سدنة البيت الأبيض وكهّانه ، وحاخامات تل أبيت أن يُعبِّدوا لها الخلق .

الأول : الحضارة الغربية المادية الصليبية المتحالفة مع الصهيونية .

الثاني : الشرعة الطاغوتية الدولية المتمثلة في مواثيق الأمم المتحدة .

الثالث : الحدود السياسية الزائفة التي هي تركة الاحتلال الصليبي السابق للدول الإسلامية ، فقد تحولت إلى طواغيت معبودة ، تقدم على شريعة الله الآمرة بموالاة المؤمنين والبراءة من الكافرين ، فصار المؤمنون بهذا الطاغوت العصري ( الحدود السياسية ) يوالون ويعادون ، ويصلون ويقطعون ، ويحبون ويبغضون ، على أساس العلاقة بهذا الطاغوت والموقف منه ، وبعضهم مع ذلك يشهدون الشهادتين ، لكنهم لتلك الطواغيت ، راكعون ساجدون ، ملكت عليهم قلوبهم ، فاتخذوها أربابا من دون الله تعالى ، وهم بصنيعهم هذا عابدون لغير الله تعالى ، كفار مرتدون .

وهذه الطواغيت الثلاثة هي : ( اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ) لهذا العصر ، وهي الأصنام العصرية التي تعبد من دون الله تعالى ، وما هي إلا أسماء سمَّوها زورا ، ما نزّل الله بها من سلطان ، وهي زيف كبير باطل من صنع الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله تعالى ، وهي الجاهلية الأخرى بعينها واسمها ، ورسمها ، لاتعدوها طرفة عين .

ومن آمن بها فقد كفر الله تعالى ، ومن آمن بالله تعالى وشريعته فلا يصح إيمانه حتى يكفر بهذه الطواغيت جميعا ، ولا يكفي أن يكفر بها حتى يتبرأ من المؤمنين بها أيضا .

ويجب على كل مسلم أن يقول لمن يدعوه إلى الإيمان بها ، ما قاله نبي الله هود عليه السلام : (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) .

خاطرة :
ــــ

وقد وضع سدنة وكهان البيت الأبيض ، وحاخامات اليهود في تل أبيب ، لطواغيتهم هذه ، وضعوا سدنة صغارا ، هم أولياؤهم الذين يُعبِّدون الخلق لهذه الطواغيت في آفاق الأرض ، ويأخذون الولاء لها ، ويخوفوّن الناس منها ، ويرغّبونهم بما عندها من متاع الدنيا .

والله تعالى أمر المؤمنين أن لا يخافوا إلاّ الله تعالى ، كما قال تعالى (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِاللَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) .

كما أمرهم أنْ لا يفتنهم متاع الحياة الدنيا عمّا عند الله تعالى ، وقال (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى) .

قال ابن كثير رحمه الله : (يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم لا تنظر إلى ما هؤلاء المترفون وأشباههم ونظراؤهم فيه من النعيم فإنما هو زهرة زائلة ونعمة حائلة لنختبرهم بذلك وقليل من عبادي الشكور وقال مجاهد أزواجا منهم يعني الأغنياء فقد آتاك خيرا مما آتاهم كما قال في الآية الأخرى " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم لا تمدن عينيك " وكذا ما ادخره الله تعالى لرسوله في الآخرة أمر عظيم لا يحد ولا يوصف كما قال تعالى " ولسوف يعطيك ربك فترضى " ولهذا قال " ورزق ربك خير وأبقى " وفي الصحيح أن عمر بن الخطاب لما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المشربة التي كان قد اعتزل فيها نساءه حين آلى منهم فرآه متوسدا مضطجعا على رمال حصير وليس في البيت إلا صبرة من قرظ واهية معلقة فابتدرت عينا عمر بالبكاء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما يبكيك يا عمر ؟ " فقال يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت صفوة الله من خلقه فقال " أوفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا ") .

وكما كان نبينا صلى الله عليه وسلم ، يجب أن نكون ، مؤثرين الآخرة على الدنيا ، حذرين أن نجعل الدنيــا ربا ومعبودا مع الله تعالى .

خاطرة :
ــــ

والله تعالى امتحن الخلق بهذه الطواغيت ، وهي تجتذب الخلق بحب الدنيا ، كما يفعل المسيح الدجال في آخر الزمان ، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفتنة عن التوحيد بحب ملذات الدنيا ، هي أكثر ما يصيب الناس آخـــر الزمان ، كماقــــال ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل ) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وفي حديث حذيفة قال ( دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ) رواه البخاري ، فهؤلاء الدعاة للافتتان بحضارة الغرب الكافر ، هم الدعاة على أبواب جهنم .

وترى أكثر الخلق اليوم ، يتعادون ويتدافعون لإلقاء أنفسهم تحت أقدام هذا الطاغوت ، يعلنون له الولاء والطاعة ، وينبذون كتاب الله وراء ظهورهم ، من أجله ، ليأكلوا من فتات ما يلقيه عليهم أولياء هذا الطاغوت ، الدعاة على أبواب جهنم ، حرس الحدود السياسيّة الطاغوت الثالث .

خاطرة :
ـــــ

يجب أن نتذكر دائما أن المشروع الإسلامي ، ليس بالضرورة هو الحركة الإسلامية ، فالمشروع الإسلامي هو رسالة الإسلام ، التي يدير المعركة ضدها مشروع الغرب الصليبي في هذا العصر ، وهذا المشروع الغربي هو الجاهلية بعينها ، فهما مشروعان متناقضات يتصارعان ، الإسلام والجاهلية ، والإسلام هو الإسلام ، والجاهلية المعاصرة أخت الجاهلية الأولى ، لكنها تلبس اليوم لباسا عصريا جديدا فحسب ، وصانعها وداعيها الأكبر واحد ، هو الشيطان.

وأما الحركة الإسلامية فهي مجموعة من الرجال الذين يقومون ، فيزعمون تجديد الإسلام ، ونصر المشروع الإسلامي ، غيــر أنهم بعد ذلك :

** إما أن يصبروا في تحمل أمانة نصــر هذا المشروع كما أنزل الله تعالى ، غير مبدلين ، ولا مداهنين ، وغير عابئين بأن يصيروا غرباء ، كما وصفهم الله تعالى في القرون السالفة : ( فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم ، واتبع الذين ظلموا ما اترفوا فيه وكانوا مجرمين ) ، أو يمكنهم الله تعالى في الأرض إن شاء .

** وإما أن يستوعبهم مشروع الجاهلية ، بعد تقديم سلسلة التنازلات ، حتى يتحولوا ـ من حيث يشعرون أو لا يشعرون ـ إلى أبواق له ، يسيرون في ردفه ، ويطبلون لانتصاراته .

وهذا الصنف الأخير حدث في الكويت ، بصورة مأساوية كارثية في صفوف الحركة الإسلامية ، وذلك في امتحان التوحيد والولاء والبراء الذي امتحنوا به ، عندما نزلت الجيوش الصليبية في ساحة أرض العراق ، منطلقة من الكويت ، فزلت حينئذ أقدام ، وضلت أفهام ، وخاضت بالضلال المبين ألسنة كانت قبل ذلك تنطق بالحق ، فغدت تضل الخلق ، وإنما نقول هذا تحذيرا وتنفيرا ، لا شماتة وتعييرا .

وهل أفسد الدين إلا الملوك *** وأحبار سوء ورهبانهـــا

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 06/12/2006