قاعــة ابــن لادن .. وقاعــدة الجهــاد

 

قاعــة ابــن لادن .. وقاعــدة الجهــاد

حامد بن عبد الله العلي

عرضت محطة (بي.بي.سي وورلد) البريطانية ضمن برامجها يوم السبت 28 ربيع الآخر 1424هـ ، تقريرًا عن الأسلحة النووية في الكيان الصهيوني ، وكانت قد تضمنت الدعاية للبرنامج عددًا من التساؤلات .

من بين تلك التساؤلات : أي دولة من بين دول الشرق الأوسط تمتلك أسلحة نووية غير معلن عنها؟ من هي الدولة التي تمتلك أسلحة كيماوية وبيولوجية غير معلنة؟ أي دولة في الشرق الأوسط لا تخضع لأية رقابة خارجيّة؟ أي دولة فرضت حكمـًا بالسجن الفعلي لمدة 18 سنة على شخص سرب معلومات عن أسرارها النووية؟

وقد تضمّن التقرير مقابلات مع مسؤولين صهاينة ذوي صلة بالموضوع، من بينهم عضو الكنيست شمعون بيرس، أحد المشاركين، حسب تقارير غربية، وحسب أقوال صدرت عنه مؤخرًا، في اتصالات جرت مع فرنسا حول إقامة المفاعل النووي .. إنتهى الخبر.

كيف أمكن أن يستمر هذان الكيانان المجرمان ( الأمريكي والصهيوني ) .. عفوا .. الكيان الواحد .. بانتهاك كل ما يطلب مجلس الأمن المزعوم احترامه من سائر الدول ، سواء على صعيد ما يسمّى حقوق الإنسان ، أو مــا يطلق عليه (أسلحة الدمار الشامل ) ، أو ما يُدعى (قرارات الأمم المتحدة ).

ومع ذلك يسوقان (قطيع) الدول العربية من موقع جوهري وقيادي ، في المنتدى الاقتصادي الذي أقيم مؤخرا في الأردن وحضره عدد من الدول العربية ، والذي بدت فيه أميركا والكيان الصهيوني ، هما اللاعبان الأساسيان فيه .

فيما بشرت واشنطن بقرب تدفق الاستثمارات الأميركية ، وأكدت إصرارها على مشروع السوق الحرة وإنشاء إقليم اقتصادي شرق أوسطي ينطلق من التعاون مع الكيان الصهيوني ، والذي بدوره قد طرح في المؤتمر اقتراحا بإنشاء صندوق دولي للاستثمارات في الشرق الأوسط يبلغ حجمه عشرين مليار دولار.

وتناقلت الأخبار أنه من المقرر أن يستثمر الاتحاد الأوروبي في هذا الصندوق عشرة مليارات يورو في حين ستستثمر أميركا عشرة مليارات دولار فيما يضيف القطاع الخاص ستين مليار دولار في إطار المشروعات التى سينفذها والبالغ قيمتها ثمانين مليار دولار .

وأن استثمار هذه المبالغ سيتم خلال أربع سنوات لتطوير الشرق الأوسط ، ويحدث هذا كله في وقت تندرج شركات صهيونية لإعادة إعمار العراق ، وكيف لا يدخل الصهاينة العراق ، ولم يجد العراق من يمثله سوى الحاكم المدني الأمريكي ، في المنتدى الاقتصادي ، ولم يجد من يعترض على هذا الوضع من ( أولي الأمر ) !! الذين كانوا في المنتدى الاقتصادي يعقدون (المعاهدات الشرعية ) لمصلحة المسلمين !!

لقد بات واضحا جدا مما جرى في المنتدى الاقتصادي الأخير ، أن المشروع الصهيوأمريكي بإلحاق شرق أوسط جديد ينظر إليه على أنه مجرد (سوبر ماركت) كبيــر ، وأما جمهور الشعوب العربيّة فهم قطع بشرية يمثّلون طبقة العبيد الكادحين في المشروع ، وبقيتهـم محارق استهلاكية لإنجاحــه ، إلحاق هذا الشرق الأوسط الجديد بالاقتصاد الأمريكي ، ودمج الاقتصاد الصهيوني فيه .

وأما دول المنطقة فتؤدي فيه دور المنفـّـذ المطيع لأطماع ومطالب وسياسات واشنطن ، ليصبح الكيان الصهيوني المتخلّص والمرتاح إلى الأبد من كلِّ أشكال المقاومة الفلسطينية بتعاون من دول المنطقة كلِّها ! يصبح ذا وضع أكثر من طبيعي بين (إخوانه) في الإنسانيّة !!

بعبارة أخرى : واضح جدا أن الدور الصهيوأمريكي في هذه اللعبة الكبيرة ، (خارطة الطريق الكبرى) ، هو إنضاج هذا المشروع حتى يكتمل بحيث يكون الصهاينة على قمة هرمه .

وأما دور دول المنطقة في هذه اللعبة فسيقتصر على الانشغال بملاحقة كل من لاتعجبه هذه اللعبة إلى أن تنتهي .

فمن يجول بخاطــره أن يقاومهــا باللسان .. (يعاد تأهيله) ! لكي يفهم جيـدا أن مقاومة هذا المشروع الصهيوأمريكي ، هو ( الإرهاب) بعينه ، وأن المعترضين عليــه ليسوا سوى ( الخوارج والتكفيريين ) أنفسهم .

لأنّ ( ولاة الأمر ) المتَّهمين بموالاة الكفار في مشروع الإمبراطورية البوشية الشارونية ، معصومون في (بواطنهم الطاهرة ) من كل ما ينقض العقيدة الإسلامية ، فلا ينبغي أن يغتـرّ مغتـرّ جاهـل لم يحقق العلم ! (بظواهرهم) حتى لو بدت (ظهـورهـم) كأن بوش وشارون يمتطيانهـا امتطــــاءً .

وأما من يفكّـر أن يقاومها بالسِّنــان ، فإنه يُرقـم اسمـه ، في لائحة الشرف ، في قاعــــة ابن لادن ، وهي غرفــة ( BIN LADEN ROOM) في مقر وكالة الاستخبارات الأمريكية في (لانغلي) ، والتي خصصت للمعلومات المتعلقة به ، بعدما تكدّست تلك المعلومات إلى درجة غير عاديّة .

وكل قاعات الاستخبارات العربية المخصصة لمتابعة الرافضين لتلك الخطة ، هي بمثابة فروع لتلك القاعة في ( لانغلي ) ، تمدّها بالمعلومات اللازمة لاستكمال عمليات القضاء على الجهــــاد ، من أجل أن يستوى الإمبراطور بوش ، وبين يديه حاخامات اليهود على عرش العالم !

وواضح أيضــا أن المشروع ينطلق الآن بسرعة مبشّرا بنجاح أكثر من باهــــر (للإمبراطور) بوش ، ولن يعيق نجاح هذا المشروع في نظـر الأمريكيين إلا ثلاثة عوامـــــل :

** الأول : فشل الاحتلال الأمريكي في العراق ، وهو إلى الآن آيل للسقوط ، بفعل المقاومة المسلحة المتصاعدة في العراق ، والتخبط الأمريكي في إدارة شؤون البلاد .

** الثاني : فشل وهـــم خارطة الطريق وسقوط مشروع (أبو مازن) برمته ، وهذا الوهم قـد ولد ميتا أصلا ، وسوف تحترق جثته وسط نيران الجهاد الفلسطيني قريبا .

** الثالث : عودة تحــدّي حركة طالبان كقـوّة جهاديّة متصاعدة في أفغانستان الأمر الذي تناقلته الأنباء ، وبشرت به الركبان .

ولاريب أن أعظم خطر يواجه الأمّة الإسلاميـّـة اليوم ، وهو نجاح هذا المشروع الأمريكي ( مشروع خارطة الطريق الكبرى ) .

ومع يقيننا التام أنه مشروع فاشل قطعا ، وأن جميع الملفات من قاعة بن لادن في (لانغلي) ، ستنقل من هناك قريبا إن شاء الله تعالى ، ويوضع مكانها ملفات الفشل الذريع والمتواصل لبوش وإدارته ليستفيد الرؤساء القادمون منها درسا واحدا يكتب على باب الغرفة من خارجها : كفــوا عن أحلامكم بمحو الإسلام ، لأن ستتكسر على صخرة الجهاد الإسلامي .

غير أن هذا المشروع الجهنّمــي لن يوقفه :

خشيتـه كخشيـــة الله أو أشد خشيه ( فلا تخافوهــم وخافــون إن كنتم مؤمنين ) .

ولا الركون إليه ( ولاتركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) .

ولا مداهنته ( ودُّوا لـو تدهـن فيدهنون ) .

ولا وضع الثقة في الزعماء المنافقين الذين هم جزء منه ( فلا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ) .

بل سيوقفــــه قاعـــــدة الجهــاد في القرآن :

بصيرةُ أولي الأبصـار في إســلام : ( وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) .. وفـي الإحاطــة بكيــد الأعــداء …

وفعــلُ أبي بصيــر فيهـم .

الكاتب: حامد بن عبد الله العلي
التاريخ: 06/12/2006