عـــــرّة في عــــرّة!!.

 

عـــــرّة في عــــرّة!!.


حامد بن عبدالله العلي

لك أن تنقـّط العنوان كيفما شئت ، ثم لاتثريب عليك أن تقرأه : عِزّة في غـَزّة ، أو غَـزّة في عِـزّة ، أو عِـزّة فـي عِـزّة ، أو غـَزّة في غـــَـزّة ، أو غَـزّة في عـرّة ، أو عرّة في غــزّة ، أو حتـّى عَـرّة في عـّـرّة ، والعـَرّة الشدة ، وقيل الشدة في الحــرب !

فكلّ ذلك صحيحٌ ، وواقــع بوجه مـن الوجــوه !

صحيحٌ أننا تعودنا أن كلّ إنسحاب صهيوني إنما هو رسولُ شؤم بنار خطــر قادم ، يشعلــها المكر الصهيوني المتحالف مع الصليبية العالمية ، من قبل وعد بلفور المشؤوم.

فالإنسحاب من سيناء ـ مثلا ـ كان في حقيقته إنسحاب مصر من الصف العربي ، لشقـه ، وتمزيقه ، وقد كانت قلوبهم مهيـّئة ، إذ هـي ممزقة أصـلا بالكفر والنفـاق ، وعداوة الله ورسوله بالفجـور ، والشقاق ، والإنسحاب من لبنان كان تهيئة لإخراج الوجود السوري في لبنان تمهيدا لمـا هو أدهى وأمـر ، فقـد كانت عصابة الأشرار الصهيوصليبية تـعدّ المنطقة برمتها ، لآخـر ما أنتجته شياطينهم في وكريها : البيت الأسود ، وتل أبيــب ، منـذ حرب الخليج 1990 م ، بل قبل ذلك

وصحيحٌ أن نحـو السبعة آلاف صهيوني الذين سيتم إخراجهم من غزة ، إنما هم أقل من سكان مستوطنة واحدة في الضفة الغربية ، فكأنّهم إنمـا وُضعوا هناك ، كتحريك قطعة الشطرنج طُعْما ، طَمَعا في مكاسب أكبر عند الإنسحاب يوما مـا ، ذلك أن الصهاينة كانوا دائما يلعنون غــزة ومخيماتها ، ذات المليون وثلاثمائة ألف قنبلة بشرية ، على ثلاثمائة وخمسين كم مربع فقط ، وودوا أنها غارت في البــحر وأراحتهــم !


وصحيحٌ أن شارون يريد أن تَفهم البشرية البائسة لأنـّه معدود فيها ، أنّ الإنسحاب مـن غزة ـ بعد إضافة سياجين جديدين موازيين للسور الذي يحيط بها حاليا ، وحوائط خرسانية ارتفاعها سبعة امتار ، أي تحويلها إلى سجـن كبيـر ، ومواصلة المؤامرات لجعل غزّة ساحة قتال بين عصابات دحلان وأضرابه من أمراء الحرب ، وبين الإسلاميين ـ هـي تلك التضحية الكبيرة التي يستحق الصهاينة بعدهـا ، كلّ الدعم من جميع دول العالـم ، وعلى رأسها واشنطن عش الصهيونية ، ومأواها ، وملجؤها وملفاهــا :

كلّ الدعـم ، لإبتلاع الضفة الغربية ذات العمق الإستراتيجي للصهاينة ،والتهديد الأكبر لكيانهم ، وتهويد القدس ، وفرض واقع جدار الفصل ، وتطبيع علاقات الصهاينة بالدول العربية ، وإلغاء حق العودة .. إلـخ



كأنّ لسان حالهم يقول : ألا لم يُعـد للقطيعة ـ حتى وهـي شكليّة ـ معنى ، وهاهمالصهاينة يتنازلون عن أرضهم ، ويجبرون مواطنيهم على إخلاء مساكنهم ، ويمدُّون يدالسلام ، ببراءة الأطهار الأنقيــاء ، لبني عمومتهم العرب، فلماذا تبقون أيهـاالعرب قساة القلب إلى هذه الدرجة

وإلى متـى كـلّ هذه الأحقـاد على جلادكـم ، ومغتصب أرضكم ، وقاتل أبناءكم ، ونساءكــم ؟!!


ألم يتنازل لكم عن واحـد ونصف بالمائة من كامل الأرض الفلسطينية من النهـر إلى البحـــر ، بعد نحـو 57 عاما من الكفاح الفلسطيني ، وأكثر من مائة ألف شهيد ، وأكثر من أربعة آلاف شهيد في الإنتفاضة الأخيرة فقط !!

ألا يستحق في مقابل هذا التنازل المؤلم ، والسخـاء الهائل ، ومقابل تنازله عن سوق غــزة ـ وهي سوق من الدرجة الثانية لمنتوجات الكيان ـ أن يحصل على أسواق الدول العربية ، لاسيما الخليـج ، الذي ينفق أهله عطاء من لايخشى الفقـر لاسيما بعد ارتفاع أسعار النفط !

وعلى تطبيعها بعد تقطيعهــا !!

صحيح هذا كـلّه !!


غير أن هذا الدجـل اليهودي ، وإن كان ينفق عند خونة القضية الفلسطينية وتُجّارهـا ، فإنه لم ، ولـن ينفق في سوق الجهــاد في فلسطيـن .

ذلك أن صفقة البيع في سوق الجهاد الإسلامي ، لونٌ آخـر ، لايفهمها عبدة الذهب ، وعباد الدنيا ، اللاهثون وراء ما يلقيه عليهم الصهاينة من فتات ما سرقته أمريكا من العراق ، وخزائن النفط العربي ،

إنها صفقـة مع ربّ العالمين ،

وتلكم والله بيعة ، لاتقبل التنازل ، ولا تعرف عن الحق التخاذل .

( إنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ).

وليمكروا ما شاءوا أن يمكروا ، وليُعدّوا لمكرهم ما قدروا عليه من الكفر ، والبغي ، والإثم والعدوان ، فسيرجع ذلك كله عليهم ، وسيأتي الجهاد بنيانهم من القواعد ، فيخر عليهم السقف من فوقهم ، وسيتهاوى بنيانهم الصهيوني الذي بنوه ، ولم يزل ريبة في قلوبهم ، سيتهاوى بالله تعالى ، ثم بسواعد المجاهدين ، وإن طال الزمن .

بالله أولا ، ثم بأولئك الأبطال المجهولين لنا ، المعروفين في ملكوت السماء ، المتوجين هناك بتاج العز ، المدثرين برداء المجد ، الذين خطّ لهم الشيخ أحمد ياسين ، والرنتيسي ، وأمثالهم من أسود الإسلام ، منـذ استشهـاد القسـام ، خطـّوا لهم الطريق واضحا بينا ، لالبس فيه ، وصارما لا تهاون فيه ، وحازما لالين فيه ،

تلكـم والله خارطـة الطريق التـي خطّهــا صاحب اللواء المنصور ، الموعود بالنصـر في القرآن ، والتوراة ، والأنجيل ، والزبــور ،

محمد صلى الله عليه وسلم : " َوكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ، وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ "

وبعــد ،،

فإن غـزّة ستبقى أرض العـزّة ، ( غـَزّة ) في جنب الصهاينة ، وستبقى عَـرّة على أعداء الله ،

فهنيئا لأهل غزة إذلالهم الصهاينة وطردهــــــــم ، ومبارك عليهم نصرهــم ،

( َولْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ ) ،

وليستعدوا لما هو آت ، فإنـّه (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ) .

فإن الصهاينة يعدون لشدّة ، غيـر أن جحافل الجهاد في فلسطين لهم مستعدة ،،

وليبشروا بالنصـر ـ فإن العدو بخلاف ما يحاول إظهاره من التجـلّد ـ مثكـلٌ بالجراح ، مثقـل بالآلام من ضرب السيوف وطعن الرمـاح ، وقريبا سيموت طاغيتهم شارون ، ويموج أمرهم ، وتدنو ثمار الكفاح ، ( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) .


الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 07/12/2006