الانتفاضة تنادي ..فهل من مجيب ؟!!

 

الانتفاضة تنادي ، فهل من مجيب؟!

حامد بن عبدالله العلي

مما يثير العجب والدهشة حالة الخمول المريبة التي تسيطر على الشارع العربي ، والتي لا تتناسب البتة مع الوضع المتفجر في فلسطين ، والمعاناة التي يواجهها المسلمون هناك ، مما يؤكد أن ثمة أمرا ما يجري وراء الأكمة لإجهاض الانتفاضة !!

وأسباب هذا الخمول والوجوم الذي أصاب الأمة ترجــــع إلى مايلي :
1ـ تراجع الاهتمام بالانتفاضة في وسائل الإعلام ، وبدلا من ذلك تفضيل إلهاء الشعوب بالحفلات والطرب وكل جديد في حياة من يسمونهم نجوم الفن ، كما هي عادة إعلامنا الذي لا يحمل رسالة هادفـــــة.

2ـ نجاح خطط تفريق الجبهة العربية ، وعزل القضية الفلسطينية .
3ـ إلهاء الصف العربي بعملية السلام التي تبين أنها كانت من المنظور الصهيوني مجرد خدعة ينشغل بها العرب ، ريثما يكمل الكيان الصهيوني خططه الأمنية والاستيطانية والسياسية لجعل الفلسطينيين في أضيق مأزق يمكن أن يصلوا إليه ، ليجبرهم على أكبر قدر من التنازلات في آخر المطاف .
4ـ فشل آخر قمتين عربيتين في قيادة الدعم للانتفاضــة ، وقد تبين أن القمتين كانتا ـ مثل كل القمم العربية ـ استعراضا للخطب ، وتخديرا للشعوب العربية فحسب ، وأنها عقدت لزحلقة التعبئة الغاضبة التي عمت الوطن العربي والإسلامي عند أول اندلاع الانتفاضة إثر دخول السفاح شارون ساحة المسجد الأقصى المبارك .

5ـ جهود الولايات المتحدة في الضغط على الزعامات العربية لتخفيف أجواء العنف كما يسمونها ، وهي في الحقيقة ليست سوى تدابير سياسية لوأد الانتفاضة .

والاهم من ذلك كله هو جهل ـ أو تجاهل ـ الدوائر المختصة ، في الأنظمة العربية ، بأن اليهود ينطلقون من إرث ديني تلمودي صهيوني ، هو الذي يسوقهم إلى مواقفهم السياسية .

ومن باب شهد شاهد من أهلها ننقــــل فقرة مهمة من كتاب ( التاريخ اليهودي : الدين اليهودي ) حيث يقول مؤلفه اسرائيل شاحاك في هذا الكتاب الوثيقة إن صناعة القرار في الكيان الصهيوني تقولبها الجماعات الدينية المتطرفة ، ويقول إن الدين اليهودي والتاريخ اليهودي والدولة الإسرائيلية ،أطراف غير منفصلة عن بعض ، وأن أثقال ثلاثة آلاف سنة مازالت تخيم بكل خرافاتها وخزعبلاتها على أفكار اليهود ومواقفهم حتى وقتنا الحاضر وهي تجد طريقها بقوة إلى أعلى قمة الهرم السلطوي في دولة إسرائيل ، ويقول إن إرث الدين اليهودي والتاريخ اليهودي هو الذي يشكل طبيعة الحركة السياسية في الدولة الصهيونية منذ قيامها وإلى أجل غير منظور، نشر بلوتو برس في لندن 1994م .
كما أن من أهم الاسباب أيضا : الجهل أو التجاهل بأن الدعم اللامحدود الغربي للكيان الصهيوني ينطلق مما وصفه بول فندلي وهو عضو سابق بالكونغرس الأمريكي وعضو لجنة المصالح الوطنيــة ، قائلا ( وفي كثير من الاحيان يكون ناتجا من التعصب الديني للمسيحيين الأصوليين في أمريكا البالغ عددهم حوالي أربعين مليونا ، والذين يعتقدون بأن اسرائيل تحتل دورا مهما في الخطة الإلهية ، وحيث إنهم مقتنعون بأن اسرائيل هي الوريث الشرعي للأرض التي أعطيت للإسرائيليين في العصور القديمة فإنهم يطلبون إلى الولايات المتحدة أن تبقى اسرائيل قوية حتى يحين موعد المعركة التي طال انتظارها في سهل هرمجدون ، حيث سيتم خلاص المسيحيين الأصوليين ، كما يعتقدون ، ثم يتحول جميع من يتبقى من اليهود حالا إلى اعتناق النصرانية أو يهلكون ) بول فندلي في بحث قدمه لندوة عقـــدت في لندن بعنوان ( وضع نهائي أم لعبة نهائية ) 15/2/1996م .

فالمعادلة الحقيقية المختفية وراء الأحداث إذن هي : إن تجاهل هذه الحقيقة وهي أن الصراع مع الكيان الصهيوني ومن يقف معه ، هو صراع عقائدي ديني ، هذا التجاهل مبعثه التخوف من بعث الروح الإسلامية في الأمة من جديد ، وعدم بعث هذه الروح يعني انتصار الكيان الصهيوني لأنه سيواجه أمة خاوية من رسالة وهدف ، فرجّح المتآمرون على الأمة الخضوع لانتصار الكيان الصهيوني وإذلاله للامة الإسلامية كل يوم ، على السعي لاعادة تمسك الأمة بدينها ا لذي هو السبيل الوحيد لانتصارها وعزتها .

هذا هو التفسير الوحيد للتقاعس المخزي عن الواجب الذي تفرضه الأخوة الإسلامية تجاه مسلمي فلسطين ، وهم يتعرضون لأقسى أنواع الاضطهاد والإذلال ، من أشد الناس عداوة للإسلام والمسلمين.

والمطلوب اليوم هو تحرك سريع لإيجاد مخرج تفرضه الشعوب على الزعامات ، لدعم الانتفاضة ماديا ومعنويا وإعلاميا ، وبالمقاطعة السياسية والاقتصادية للكيان الصهيوني ، لإجباره على التراجع عن طغيانه الإجرامي ، وإن العبء الأكبر إنما يقع على المنظمات والهيئات والجمعيات الشعبية ، لأخذ زمام المبادرة ، فلماذا لا نسمع لهم صوتا والأبرياء يتساقطون كل يوم على أرض فلسطين المباركة ؟؟؟

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 06/12/2006