رأس راس موسين والراسِ مين |
|
رأس راس موسين والراسِ مين
حامد بن عبدالله العلي
يقول ميشيل كريشتونالمستشرق ، مترجم ، ومقدّم رسالة ابن فضلان الرحّالــة المسلم ، الذي وصف أعني هذا الأخير أسلاف ذي الوجه المفزوع رئيس وزراء الدانمرك راسموسين ، والراسمين تلك الرسوم الحقيرة في صحافتهم الحقيرة ، وصف أسلافهم من الدنمرك وسائر شعوب الدول الإسكندنافية ( الفويكنج ) ـ بما سنذكره بعد قليـل وبه يتبيّن لماذا تصرف الدنمركيون كالحمقـى فألحقــوا بدولتهم خسائر فادحة مقابل عنجهيّة هوجاء ـ يقول ميشيل في طبعته الإنجليزية واصفا حاضرة من حواضر أمة محمّد صلى الله عليه وسلم ، في وقت كان (الفويكنج) أشبه بالحيوانات ، بل هـم أضل سبيلا ، ولازالوا :
( كانت بغداد ، مدينة السلام في القرن العاشر ، أكثر مدن الكرة الأرضية حضارة ، وقدعاش بين جدرانها الدائرية الشهيرة أكثر من مليون مواطن .. كانت بغداد مركز التأثيرالتجاري والفكري ، في محيط عام من رغد العيش والأناقة والفخامة ، لقد كانت فيهاحدائق معطرة ، وأشجار وارفة الظلال ، وثروة متراكمة تعود لامبراطورية شاسعة ، لقد كانعرب بغداد مسلمين ، وقفوا أنفسهم بشدّة لهذا الدين ، ولكنهم كانوا منفتحين علي شعوبتختلف عنهم في المظهر والمسلك والعقيدة . وفي الواقع ، كان العرب في عالم ذك الزمانأقلّ الشعوب إقليمية ، وهذا ما جعلهم شهودا أفذاذا للثقافات الأجنبية ) أ.هـ
أما توبي أ. هاف ، مؤلف كتاب "فجر العلم الحديث" ، فيقول عن حواضر الإسلام في الزمن ـ أو قريبا ـ الذي كان (الفوينكنج) أسلاف راسموسن قطاع طرق متوحشين :
( وقد ظهرت أول صناعة للورق في أوربا عن طريق العرب في أسبانيا ، ويبدو أن العرب قد استخدموا وطوروا صناعة الورق لأغراض تعليمية قبل الأوربيين بمئات السنين ، ومن أجل تفسير الإنتاج المكثف للورق ، نسب البعض إلى العرب ، انهم أنجزوا مأثرة لها دلالتها الحاسمة ، ليس فحسب في تاريخ صناعة الكتاب الإسلامي ، وإنما الكتاب العالمي بوجه عام ) ص 96 بإختصار
ثم قال ( ومن ثمّ فإنه من الملاحظ وجود مئات من المكتبات متناثرة في الشرق الأوسط ، ملحقة عادة بالمساجد المدارس آلاف من المخطوطات ، فعلى سبيل المثال ، مكتبة القصر في القاهرة كانت تحوي أربعين غرفة مليئة بالكتب في مختلف الموضوعات ، من بينها ثمانية عشر ألف مجلد في العلوم الطبيعية ).
ثم قال ( ومن أشهر تلك المكتبات ، مكتبة شيراز التي يقال إنه كان بها 360 غرفة محاطة بالبحيرات والحدائق ، فيها كانت الكتب موضوعة في غرف لها قباب بها خزائن ، صممت خصيصا للكتب ..وإلى جانب هذه المكتبات الخاصة ، كانت توجد مكتبات عامة ملحقة بالمساجد والكليات ـ تمثل نماذج للكليات حيث التدريس وإيواء الطلاب القادمين من أماكن بعيدة ـ وفي مدينة مرو في شرق إيران ، يقرر المؤرخ ياقوت الحموي وجود عشر مكتبات أنشأها الأثرياء ، بينما يفيد تقرير آخر وجود ثلاثين مدرسة في بغداد في ذلك الوقت ، وتفيد تقارير من دمشق عن وجود 150 مدرسة وعن عدد مماثل من المكتبات ، كذلك أسس القاضي الفاضل مدرسة في مصر زودها بمائة ألف كتاب ، وحينما تأسست المدرسة الكبيرة المعروفة بالمستنصرية نقلها غليها بعض الكتب من مكتبة الخليفة تبلغ ثمانين ألف كتاب ) .
يقول الكتاب ( وكانت أوربا تعد إلى جانب هذه المستويات فقيرة للغاية ) فجر العلم الحديث ص 97ـ 98 بإختصار
نعم كانت ولازالت حضارة الأمة التي أخرجها الله بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قائمة على العلم والمعرفة ، ولهذا سادت ،وسترجع كما كانت ، بعد أن تتخلّص من الأنظمة السياسيّة المتعفّنة ، من طواغيتها ، وجلاديها ، الساطين على مقدراتها ،يحولون بينها وبين الرقيّ والنهضة .
تلك هي حضارتنا التي يسخر منها اليوم حثالة الصليبيّة الملعونة ، لكن تعالوا ، تعالوا لنقرأ ماذا قال ابن فضلان ، واصفا أجداد راسموسين الذي تسخر صحفه البائسة من خير البشر ، ومَن جاء بأعظم حضارة طرقت الوجــود:
هذه بعض المقتطفات مما جاء في رسالته واصفا (الفايكنج) ، مما يبدو أنها معادة ترجمتها إلى العربية من النسخة الإنجليزية :
( ويجتمع في ا لبيت الواحد العشرة والعشرون والأقل و الأكثر ، ولكل واحد سرير يجلس عليه ، ومعهم الجواري الروقة للتجار ، فينكح الواحد جاريته ورفيقه ينظر إليه ، وربما اجتمعت الجماعة منهم علي هذه الحال بعضهم بحذا بعض وربما يدخل التاجر عليهم ليشتري من بعضهم جارية فيصادفه ينكحها فلا يزول عنها حتى يقضي إربه ..)
وفي فقرة أخرى قال واصفا وليمة : (تظاهر فريقنا بالاستمتاع بالطعام ، تقديرا لشرف الوليمة ، رغم أن الطعام كان رديئا ، وتخلل الحفل كثير من قذف الطعام والشراب ، ومن الضحك والمرح ، وقد كان شائعا وسط هذا الاحتفال الجامح أن تري أحد الأعيان يزني مع إحدي الجواري على ملء النظر من زملائه .. فإستدرت وقلت .. استغفر الله . فضحك رجال الشمال كثيرا على إرتباكي ، وقد ترجم لي أحدهم أنهم يعتقدون أن الله ينظر بعين الرضا إلي المسرات المفتوحة ، وقال لي ( إنكم يا معشر العرب ، مثل عجائز النساء ، توجفون وترتجفون أمام منظر الحياة ) !!
ويقول أحمد أبو مطر في دراسة عن رحلة ابن فضلان : (عندما يموت رجل جليل منهم ـ أي تلك الشعوب البربرية في شمال أوربا ـ أو أحد رؤسائهم ، يقومون بوضعه في قبره ويقفلون عليه القبر لمدة عشرة أيام ، حتى يفرغوا من تفصيل وحياكة الملابس اللازمة لهذه المراسم ، مراسم حرق الميت ، ومن ضمن هذه المراسم أن تحرق معه إحدى جواريه .. من منكن يموت معه ؟
.. فوافقت واحدة منهن طائعة راضية بمحض إرادتها ، فهذا حسب معتقداتهم شرف لها ، ومن لحظة موافقتها ، تسهر بقية الجواري علي خدمتها في كل أمور حياتها ،ومتطلباتها ، لدرجة أنهن يغسلن رجليها بأيديهن، وهم يستعدون لتفصيل وحياكة الملابس اللازمة للحرق ، و الجارية في كل يوم تشرب وتغني فرحة مستبشرة .. .
ولما كان اليوم الذي سيحرق فيه الميت وجاريته ، تقوم الاستعدادات لذلك أمام النهر الذي ترسو فيه سفينته ، التي يجري إعدادها بشكل فائق الجودة ، والبذخ ، بما فيه السرير الذي سوف يمدد عليه الرجل الرئيس المتوفى ، وتشارك في هذه المراسم ، إمرأة عجوز شمطاء ، تسمي عندهم ملك الموت ، وهي التي تتولي قتل الجارية التي وافقت علي الموت مع سيدها .
وفي اللحظة المحددة يخرجون الميت من قبره ، ويلبسونه سراويل جديدة ، وخفّ له أزرار من ذهب ويجعلون علي رأسه قلنسوة من ديباج ، ويضعونه في الخيمة التي علي السفينة ، ويجلسونه وقد اسندوه بالمساند ، ووضعوا أمامه الفاكهة ، والريحان ، والنبيذ ، والخبز ، واللحم ، والبصل ، ثم يقطعون كلبا نصفين ، ويلقونه في السفينة ، ويضعون جنب المتوفى جميع سلاحه ، ثم يجيئون بفرسين ، يذبحونهما بعد الغرق ويقطعون لحمهم بالسيف ويلقونه بالسفينة ، ثم يفعلون الشيء ذاته ببقرتين وديكا ودجاجة ..
وأثناء ذلك تقوم الجارية ، التي سوف تحرق معه بالمرور داخل الخيم المنصوبة علي شاطئ النهر أمام السفينة ، فينكحها كل صاحب خيمة ويقول لها .. قولي لمولاك إنما فعلت هذا حبا به ...
وبعد حركات متعددة تقوم الجارية أمام الحضور ، ومع العجوز ( ملك الموت ) تصعد إلي السفينة ، فتشرب النبيذ ، قدحا بعد قدح ،
وملك الموت تقتلها بخنجر عريض النصل ، والرجال يضربون بالخشب علي التراس ، لئلا يسمع صوت صراخها ، فتجزع بقية الجواري ، فلا يوافقن بعد ذلك علي الموت مع أسيادهن !
ثم يتم حرق السفينة بكلّ ما فيها : الرجل السيد المتوفى وجاريته المتوفاة ، وكل الأشياء والحاجات التي تم جمعها في السفينة ، أثناء تلك المراسم العجائبية .
أما المفارقة الأغرب فهي مقارنة أحد الأسكندنافيين بين مراسمهم هذه ، ومراسم العرب في الدفن ، فقد قيل لابن فضلان عبرالمترجم : أنتم معاشر العرب حمقى .. إنكم تعمدون إلى أحب الناس إليكم وأكرمهم عليكم فتطرحونه في التراب ، وتأكله الهوام والدود ، ونحن نحرقه بالنار في لحظة فيدخل الجنة من وقته ، وساعته )!
(لا يجد هؤلاء الإسكندنافيون سببا للحزن علي موت أي إنسان ، و لا فرق في ذلك أن يكون الميت فقيرا ، أو غنيا ، وحتى موت شيخ العشيرة ، لا يثير حزنهم أو دموعهم ، ففي نفس مساء نفس اليوم الذي أقيمت فيه مراسم جنازة الزعيم (ويغليف ) ، كانت هناك وليمة عظيمة في ردهات الشماليين ، وقد لاحظنا أن ولائمهم طافحة دوما بالخمر ،والجواري ، والجنس العلني أمام أعين الجميع ) . نقلا عن موقع الأرشيف العراقي.
فلاجـرم ،، الآن عرفنا لماذا نزع العرق الهمجي ، عرق أحفاد (الفايكنج) ، نافرا ما في جيناتهم من حنين إلى البربرية ، والتوحّش ، والوقاحة ، والسفالة ، لأنّهم أصلا كانوا يحترفون القرصنة ، ويعيشون كالبهائم ..
وذلك عندما كانت أمة محمد صلى الله عليه وسلم تعلم البشرية مظاهر الحضارة ، والرقيّ ، وقيم الإنسانية الفاضلة.
ولاريب أن هؤلاء (الفايكنجيين) مصاصي دماء الذين لايفهمون إلاّ لغة الصدام ، ماضون في تنفيس أحقادهم ، بدافع الحقد لاغير ، وهو ما وصفــــه الله تعالى قائلا : ( قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر ) .
ثم لا جرم أيضا ،، ـ وهـو مثال واحد مما لايُحصى ـ لـن تعجب من إيواءهم صعلوكة صومالية من موالد 1969 ، لم يمض على لجوئها إلى هولندا ، سوى عشرة أعوام ، فلمّا أظهرت وقاحتها في التطاول على الإسلام ، انتخبت نائبة عن حزب الشعب الحر الديمقراطي ، في عام 2003، وقد وضع أسمها قبل العديد من مخضرمي الحزب وكبار الساسة فيه !
هذه اللخناء قدّموها ، لأنها قالت عن نبي الإسلام : ( في صحيفة تراو اليومية الهولندية ، بتاريخ 25 / 1/ 2003 بعدما فازت ، قالت : قبحها الله وأهلكها :
( إن محمدا ـ حاشاه صلى الله عليه وسلم ـ طبقا لقيمنا الغربية هو إنسان ضال وطاغية مستبد.. إنه ضد حرية التعبير، إذا لم تفعل ما يقول لن تكون نهايتك مرضية. هذا يعطيك خلفية عن الأشرار في الشرق الأوسط مثل ابن لادن .. إن كل المسلمين مثل محمد ، فهل تتعجب من وجود الكثيرين من المسلمين يمارسون العنف؟ ستصعق عندما أقول هذا الكلام، ولكنك ستكون مخطئا كما معظم الهولنديين الأصليين. لا تنسى من أين أنا أتيت؟.. أنا كنت مسلمة. أنا أعرف عن ماذا أتحدث. إن حرية التعبير هنا هي أكبر إله مهدد من قبل أتباع محمد) .
ثم لاجرم لن تعجب أنهم اختاروها أيضا ، كأفضل برلمانية العام الماضي ، فمازالت تمُعن في تطاولها حتى أنتجت فيلما تليفزيونيا مع المخرج الهولندي"ثيو فان جوخ" بعنوان (الرضوخ) ، ليس فيه سوى تشويه صورة الإسلام والقرآن بشكل استفز المسلمين في هولندا والعالم،
فقام لفوخ ، ضاربا يافوخه ، ذلك المسلم من أصل مغربي
وهؤلاء الهمج البرابرة، يعلمون أنهّم كذبة عندما يتذرعون بقيم الحرية التي يزعمونها ، وهم أعظم الشعوب ، استعبادا لغيرهم ، وأشدهم سفكا لدماء البشر .
وعلى صعيد محاربتهم للحرية في النشر ، لايمكن إحصاء ضيق عطنهـم بالحرية التي تقول كلمة الحـقّ، وقريبا رأينا كيف اتخذت أقسى الإجراءات ضد وسائل إعلام عربية ، لأنها أساءت إلى اليهود بزعمهم ، فأوقفت فرنسا تلفزيون المنار من قمر يوتيلسات ، وكذا فعلت الدول الأوربية ، وذلك لئلا يطلع الناس على ما يفعله اليهود من جرائم .
وأعجب من هذا ، فقد بثّ التلفزيون المصري قبل ثلاثة أعوام مسلسل لممثّل مصري يُدعى محمد صبحي بعنوان "فارس بلا جواد" ، فلم يهنأ للأوربيين ـ دعاة الحرية ـ لم يهنــأ لهم بال حتى حاربوه ، ذلك أنه أشار فقط إلى كتاب بروتوكلات صهيون !! وكانت الاحتجاجات رسمية ، عقدت لها اجتماعات برلمانية أوربية !!
و إبراهيم نافع ، رئيس تحرير الإهرام السابق ، ومعه الصحفي المصري عادل حمودة ، اتُّهما بقضية في فرنسا بسبب نشرهم لمقال اعتُبر ماسا لمشاعر اليهود.
أما التشكيك في الهولوكست ، فلا تسأل عما يحدث لمن ينشر مايشكك فيها من المفكرين الأوربيين ، ولا عمّا جرى لدور النشر التي نشرت مؤلفاتهم .
كما لاتسأل لماذا لاتتجرأ صحيفة أوربية ، ودانمركية على وجه الخصوص ، أن تحقّر الشذوذ الجنسي ، لأنها ستتُهم بتحقير فئة محترمة من المجتمع الأوربي .
ومثل هذه الأمثلة مما يفضح تذرعهم السخيف بحرية النشر ، لاتُعد ولا تحصى .
والخلاصة : إنهم حفنة من المرضى المتعصّبين ، والكذبة الحقودين ، لايفهمون أصلا لغة الحوار ، وليسوا في مستوى حوار البشر مع بعضهم ،
ولا ، ولــن يردعهم إلى حكم الله فيهم ، قاطعوهم ، واقطعوهم ، ورحم الله مسلما أماط الأذى عن الطريق ،،
والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل