400 لايكفي لتدميـر الـ G8

 

400 لايكفي لتدميـر الـ G8
الخبـــــر
،
حامد بن عبدالله العلي
،
يخطئ من يظن أنّ الوحش المدمـّر الذي يبتلع العالم ، وأعني به ألـ G8 ، ولد عام 1975م ، لقـد وُلد في مفصل 41/ 42 ، عندما دخلت أمريكا الحرب العالمية الثانية ، فثلطـت بعدها ، شكل النظام الإقتصادي العالمي ، بشياطينه الثـلاث : البنك الدولي ، صندوق النقد الدولي ، اتفاقيات بريتون وودز.
،
صحيح أنّ الرأسمالية اللبرالية وهي العاهـرة التي ولدت ألـG8 ، سفاحا من العولمة ، في زناهـما في سرداب العالم الغربـي ، قد مرت بثلاثة أطوار ، الأول رأسمالية إستعمار القرن التاسع عشـر ، والثاني ما بين الثورة الشيوعية 1917م ، إلى سقوطها 1990م ، والثالث ما بعـد 1990م حيث تفردت بالهيمنة العالمية ، غير أنها في الحقيقة لم تكن في جميع أطوارها تحمـل سوى غاية واحـدة ، هي الوصول إلى النهايات الخمس :$$$
،
الأولى: نهاية التاريخ بسيطرة النموذج الرأسمالي ( أي شركاتها الجشعة التابعة للـ G8) على لقمة عيش العالم كلّه .
،
الثانية : نهاية الجغرافيا ، بهيمنة شركات ألـ G8 ، على أسواق العالم ، متجاوزة كلّ الحدود الجغرافية .
،
الثالثة : نهاية الدولة ، حيث تلغي ألـ G8 ، سيادة الدول ، لحساب أطماعها ، وتخضع الدول في ازداوجية معايير مفضوحة .
،
الرابعة : نهاية الهويّة ، حيث تتحرك دائما لوأد هويّات وخصوصيات غيرها من الثقافات لصالح ثقافتها ، وهويّتها ، التي هي في الحقيقة بلا هويـّة !
،
الخامسة : نهاية الدين ، وإحلال عبادة الثالوث : المادة ، اللذّة ، المنفعة ، محل عبادة الله تعالى ، والإيمان بالرسل ، واليوم الآخـر .
،
أحسـب لقـد صنع أبليس الأكبر، هذا ألـ G8، وأشرف نفسه على علاقة الزنا بين الرأسمالية الليبرالية ، والعولمة ، حتى ولدتـه سفاحا ، وأرضـعه لبن الصليبية الغربيّة ، وربّـاه في عشّـه ، حتّى استوى على سوقه ، ثم أرسله يبشر بدين الشيطان الجديـد ، الذي يتطلع للهيمنة على العالم ، وغايـته دمار البشـرية كلّها ، وسوقها إلى الدمار في الدنيا ، والجحيـم في الآخـرة . 
،
ولـم يغـب عن تخطيطه بلا ريب ، أنَّ أوّل أهدافه هو العالم الإسلامي .
،
يتصـوّر المكرة العالميون ،  أنّ النظام العالمي الجديد ، سيتشكّل لامحالة : إمّا إلى خماسيّ الأقطاب ،
،
 وإماإلىأحاديّ القطب ـ كما يتمنى الغرب بقيادة أمريكـا ـ وتدور حوله مجموعة قوى كبرى.
،
ثـمّ القوى المتوقعـة أن  تكون قوى قطبيّة، هي :‏
،
، أمريكا ، أوروبا الموحدة ، كما عّبر نكسون : عملاق يتوحـد ، والصين كما سماها عملاق يستيقظ , واليابان: عملاق رغم انفه، ثم روسيا بعد أن تتعافى من كبوتها.
،
ثم إنّ هذا العالم العربي والإسلامي ، يقع بين هذه القوى ، وتحتـه مفاتيح السيطرة : مكامـن الطاقـة ،
،
 ومن يكون فيه مسيطرا عليه ، سيحكم قبضته على كلّ إحتياطي النفط في العالم .
،
وتعني هذه السيطرة ، أن تكون مقاليد الإحتكارات الست ، بيد المسيطر وحـده ، وهـي احتكار مصادر الطاقة الأساسية ، وإحتكار التكنولوجيا ،  واحتكار المؤسسات المالية ، واحتكار وسائل الإعلام ، و احتكار القرار الدولـي ، واحتكار الوسائل العسكرية ، ونعني هنا أنـّه يكون القطـب الأكبر المهيمن ، وليس الإحتكار الشامل بمعناه الحرفي.
ثـم ماذا سيحدث ؟! سيحـلّ الخـراب والدمار ، لأنّـّه وبوضوح تام ،  يعني سيطرة هؤلاء على العالم ، سيطرة رعاة ، وحماة ، أنظمة الطغيان البشـع في العالم ، وعلى رأسهـا النظام الصهيوني العنصري الذي حول الشعب الفلسطيني إلى أشد شعوب العالم بؤسا في التاريخ ـ أعلى نسبة فقر وفقر دم في العالم ـ  تحت رعاية ألـ G8!!

وسيطرة المسؤولين عن عامة حروب التدمير الشامل في العالم ، كالحربين العالميتين ، وكلّ الحروب الصغيرة التي تبيد البشر إلى يومنـا ، وما يجري في العراق هـو المثال الذي لايـزال حيـّا .
 
وسيطرة صانعي ومستعملي القنابل النووية .

وسيطرة المسؤولين  عن التلوث الذي يهلك البشرة، وعن ثقب الأوزون الذي يهدد بقاءنا على الكرة الأرضية .
 
وسيطرة المسؤولين عن انتشار أوبئة الإشعاعات النووية بسبب حروبهم القذرة.
 
وسيطرة المسؤولين عن انتشار الفساد الأخلاقي ، والإنهيار القِيَمي في العالم .

وسيطرة الذين بسبب سياساتهم الإقتصادية ، وجشعهم ، يموت ملايين الأطفال العالم الثالث جوعا أو مرضا .
 
وسيطرة الذين ينفقون ملايين المليارات من التسليح الرهيب ، وربع البشرية تتضور جوعا ، ليرهبوا العالم ،وليسترقّوا الشعـوب ، وليستعبدوا البـشر .
 
إن تدميـر ألـ G8، لن يتحـقق بمظاهرات ولو أدَّت إلى جرح 400 شرطي ألماني ، ولكن سيتحـقق بوعـي شامل لخطورة بقاء النظام العالمي على ما هو عليه ، وبنهوض شامـل لتغييره جذريا.
 
وإذ كان الإسلام يحمل في عقيدته شعورا بالمسؤولية العالمية ، فإنه هو المخاطـب بالأصالة لهذه النهضة الضرورية .
 
وكما دعوت في مؤتمر حقوق الإنسان المنعقد في الدوحة قبل عدة أشهر ، أعيد الدعوة إلى أن يتولـّى علماء المسلمين ومفكروه ، تأسيس منظمات حقوقية ، وأخرى مناهضة للعولمـة ، تتحمـّل أعباء المسؤولية التاريخية للقيام بهذا الدور الأهمّ ، وأن لايتركوا الساحة العالمية لمنظمات غربيّة فحسـب ،  تدافـع عن عالم مقهور نشكل نحن أغلبيّتـه !
 
ولو انقعد مؤتمـر إسلامي عن خطورة سياسات الـ G8  في ظل العولمة ، ونفاقها ، وآثار هيمنتها على العالم ، والعالم الإسلامي خاصة ،  وانبثقت عنه لجان حقوقية إسلامية تعتني بهذا الدور ، لكان خيرا لهم من تكرار الكلام الممـل ، والممجوج ، والمثير للغثيان ، الملقَّـن من قبل أجهزة الإستخبارات ، عن خطر التطـرّف ، وخطورة الإرهاب ، ومنهـج الوسطية ..إلخ ، في عالم أضحـى ترسـم فيه القوى العظـمى جغرافيا مستقبله لتجعلنا وثقافتنــا  خارج حتّى هامشـه !  
 

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 03/06/2007