عبادة المادة ، وتقديس اللذة ، وإخضاع العالم للمنهج النفعيّ ، ومسخ القيم والفضائل ، وتكريس الظلم العالميّ ، وتمجيد عنصريّة الجنس الأزرق ، والتعصب للصليبيّة المحرَّفة المتحالفة مع العلمانيّة اللادينيّة .
هذه هي السبع الموبقات التي يدين بها الفكر الغربي المعاصر ، وأضحى يبشر بها العالمين ، وهي أعظم خطــر يواجه رسالة الإسلام في هذا العصر ، بل يواجه البشرية أجمعين ، ليقودها إلى الضنك في الدنيا ، والشقاء في الآخرة .
ويستعمل دعاة الفكر الغربي ، المبشر بهذه الموبقات ، ثلاث وسائل رئيسة للهيمنة على العالم :
أبواق وسائل الأعلام .
واليد الخفيّة للاقتصاد ، وتتفرّع منها ذراعان : البنك الدولي ، وصندوق النقد الدوليّ .
والقبضة الحديديّة للجيوش .
وهدف وسائل الإعلام الغربيّة النهائيّ : جعل الفكر الغربيّ هو المرجعيّة العالميّة ، وتنميط القيم في العالم وفق هذه المرجعيّة .
وهدف اليد الخفيّة للاقتصاد ، إخضاع العالم للسطوة الغربيّة ، بربط اقتصاده عبر منظومات دوليّة ، يهيمن عليه الغرب ، تحت شعار ( العولمة التجاريّة ) .
وهدف القبضة الحديديّة للجيوش ، إرهاب العالم ، لإبقاء موازين القوى الدولية تميل لصالح الغرب ودوله ، باعتباره المرجعية النهائية للعالم كله ، سياسيّا واقتصاديّا ، وثقافيّا ، تحت غطاء ما يسمى بمنظمات الشرعيّة الدوليّة ، وإبقاء قدرة التحكم الهائلة ، والسيطرة التامة ، في الإقتصاد ، والسياسة ، ووسائل الاتصال ، ومصادر المعرفة والأخبار ، كلها تسير باتجاه واحد ، من عالم الأطراف ( كل ما سوى الغرب من العالم ) إلى القلب ، أي الغرب وحده .
كان جورج كينان أحد أهم العقول الاستراتيجية في أمريكا في الخمسينات يقول : ( إننا ـ أي الأمريكيين ـ نملك أكثر من 50% من ثروات العالم ، بينما لا يزيد عددنا على ما نسبته 6,2% من سكان العالم ، إن هدفنا الاستراتيجي يجب أن يكون المحافظة على هذه الفجوة ) من كتاب الحكّام الجدد للعالم ، للكاتب البريطانيّ جون بيلجر .
ومن أجل المحافظة على هذه الفجوة ، جاءت العولمة ، ولها يُسخر صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي في العالم ، ومن آثارها أن دول العالم الثالث تسدد 100 مليون دولار يوميا فوائد ديونها الربوية للغرب ، ومن جراء ذلك أن أكبر مائة شركة عملاقة غالبها غربية ، هي المستفيد الأكبر من العولمة ، ليبقى سدس العالم يعيش تحت أقل من دولار يوميا ، وثروات أغنى 200 رجل في العالم تفوق دخل 41% من سكان المعمورة ، ولتبقى هذه الفجوة وتتسع ، تتخلص الدول الصناعية الكبرى ، من فائض الحبوب والمنتجات الغذائية ، بدل إطعامها للشعوب التي تموت جوعا .
وأيضا من أجل المحافظة على هذه الفجوة ، ليبقى العالم الغربي ينظر إلى العالم كله من أبراجه العاجية ، بكل كبرياءه الأهوج ، تقام الترسانات النووية المخيفة ، وترمى نفاياتها السامة قريبا من البلاد الفقيرة ، وترصد مئات المليارات للإنفاق العسكري ، لتسفك دماء الأبرياء ، وتصادر حرية الشعوب ، وتدعم الدكتاتوريات ، وتُحمى الأنظمة الفاسدة .
وعلى سبيل المثال ، لاقيمة في سبيل المحافظة ميل توازن القوى لصالح الغرب ، لـ6000 طفل عراقي يموت يوميا من الحصار ، أما حقوق ودماء الفلسطينين ، فهي الأرخص في العالم ، فقد بلغ عدد المعتقلين الفلسطينين في سجون الكيان الصهيوني 7500 سجين أغلبهم اعتقلوا مؤخراً ، موزعون على 12 معتقل تعذيب بوسائل محرمة دوليا ، ومنهم فتيات صغيرات في سنة 16 سنة ، تعرضوا لانتهاكاتٍ خطيرةٍ واعتداءاتٍ في تلك المعتقلات .
وأما عددُ الأطفال الذين قُتلوا فهو 136 ، وجرح 2600 منهم 500 في إعاقةٍ دائمةٍ ، كلُّ ذلك في أقل من عامٍ مضى فقط ، وأما عدد القتلى من المسلمين في فلسطين فقد خرجوا عن حد العد ، فلم يعد الإحصاء له معنى ، إذ بلغوا 2280 قتيلا في الانتفاضة الأخيرة فحسب ، و38000 مصاب ، وكلُّ هذه المجازر اليومية، إنما تحصل لهم لأنهم لا يريدون سوى حقوقهم المشروعة بطرد المحتل من بلادهم ، وإنما استطاع الكيان الصهيوني اقتراف ما اقترف ، بالقبضة الأمريكية الحديدية ، المبطنة بمليارات الدولارات .
ويغلف الغرب موبقاته السبع التي يسوق بها العالم إلى هاوية الدمار ، بشعاراته الزائفة ، الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ، وبأنه يحمل للعالم الخلاص عن طريق تفوقه القيمي .
إنه زخرف القول نفسه ، الذي تلبسه شياطين الجن والأنس في كل عصر ، فتلبس به الباطل لباس الحق .
وإن جهاد هذه الموجة العالمية المرعبة ، باستنهاض الأمّة الإسلاميّة ، ذات الرسالة العالمية ، التي وحدها تملك القدرة على التصدي لهذا الشر المستطير ، بحملة شاملة مسددة ، فريضة على العلماء والدعاة مؤكدة ، وهي أولى الأوليات ، وأعظم الواجبات ، لا من أجل حماية المسلمين فحسب من هذا الداء ، بل لحماية البشرية جمعاء ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ).