لماذا استنكرنا مطالبتنا بالامتناع عن الدعاء على عبدة الصليب

 

لماذا استنكرنا مطالبتنا بالامتناع عن الدعاء على عبدة الصليب

حامد بن عبد الله العلي

***أصدر أكثر من خمسين من خطباء وأئمة المساجد في الكويت ، اليوم 13 ربيع الأول بيانا هذا نصه :

***الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد المؤيد بالقران المبين، المبشر به في كتب السابقين ، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ، وبعد :

*** فليس بخاف أن اشد الناس عداوة للامة الإسلامية ،هم كفرة أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، الذين قال الله عنهم ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)(المائدة:78-79)

*** فهم المشركون بالله ، المحرفون كتب الله ، الجاحدون لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم الساعون في الأرض بالفساد، الكائدون لهذه الأمة المكر السيئ في كل البلاد كما قال الحق سبحانه في القرآن العظيم:-

***(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ،اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة 30-33)

*** فقد أعلن الله سبحانه الحرب عليهم قائلا ( قاتلهم الله ) فكيف يمنع خطباء المساجد من الدعاء عليهم ؟! وقد حكى الله عن السماوات أنها تكاد تتفطر من افتراء النصارى عليه باتخاذ الولد ، وتكاد الأرض تنشق من هذا الكفر الشنيع ، وتكاد الجبال تطبق عليهم كما قال سبحانه :( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأرض وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّا، ًأَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً) (مريم:89-91) فكيف تمنع منابر المسلمين من الدعاء على أعداء الله تعالى ؟!

*** وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم من هم المغضوب عليهم المذكورون في سورة الفاتحة فقال اليهود ، ومن هم الضالون : فقال النصارى ، وأجمع على ذلك علماء التفسير اتباعا لتفسير النبي صلى الله عليه وسلم ، وبهذا يعلم أن كل مسلم يتبرأ من سبيل اليهود والنصارى ، في كل ركعة من كل صلاة ، ويدعو أن يجنبه الله تعالى طريقهم الضال ، فكيف يحق لأحد أن يمنع الدعاء عليهم ؟! فحسبنا الله ونعم الوكيل.

***هذا وقد ساءنا ما صدر مؤخرا من المطالبة بمنع الدعاء على النصارى في المساجد ونحن إذ ننشر هذا الإعلان ، لنهيب بوزراة الأوقاف أن ترعى حرمة منبر الجمعة الذي وضع أساسه النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن تحفظ دوره المهم في توعية المسلمين بدينهم ، وتحذيرهم من مكائد أعداءهم ، في زمن قد تداعت عليهم الأمم ، وتكالبت عليهم المحن، وأعلنت عليهم حرب صهيونية صليبية ، فلم يبق لهم إلا بيوت الله تعالى ، عصمة لهم بعد الله من كل فتنة والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير .

*******انتهى نص البيان *******

***هذا ولا نملك سوى أن نشكر هؤلاء الاخوة الشيوخ الأفاضل ـ وإن كنت أحد الموقعين ولكن لا يمنع ذلك أن أتوجه بالشكر لهم ـ على هذه الكلمات المعبرة عما في نفس كل مسلم ، والتي تعكس التواصل الذي ينبغي أن يكون بين خطباء المساجد ، وواقع أمتهم ، ووعيهم لما يدور حولهم ، وإصرارهم على أن يؤدي منبر الجمعة دوره العظيم في الأمة ، فلله درهم وعليه شكرهم .

*** وقد كتبت في صحيفة الوطن اليوم 13 ربيع الأول مقالا تعليقا على مطالبتنا معشر الخطباء بالامتناع عن الدعاء على النصارى ــ وإن كان القرار لم يصدر ، ولكن قد ذكر هذا شفهيا ، والخطباء متخوفون من أن ثمة نية لإصداره ــ وقد جاء في مقال الوطن الكويتية :

***قد أثار التصريح الذي صدر مؤخرا حول منع الدعاء على اليهود والنصارى ، جدلا كنا في غنى عنه ، فخطب المساجد ، وصلوات المسلمين ، مازالت تدعو على أعداءهم ، منذ عصور الإسلام الأولى إلى يومنا هذا ، من غير أن يثير ذلك معه أي غبار ، بل مــر عبر القرون بسلام ، بين دعاء الخطباء ، وتأمين أهل الإسلام .

***فلماذا تُحدث المحدثات إذن ، ولماذا تُبتدع البدع ، فتجلب معها بشؤمها آثارها السيئــــة ؟ أليس فيما جرى تصديق لقوله عليه الصلاة والسلام : كل بدعة ضلالة. ويحار المرء حقا ، لماذا حصل ما حصل من الدندنة حول نية منع الدعاء على بعض أعداء الأمة ، ثم تخرج فتوى تستدل بمواضع من الشرع مخصوصة ، ومقيدة بأحوال معروفة ، فترسل الفتوى عامة ، لتنزل على واقع ذلك المنع ؟!

*** ومعلوم أن المسألة ليست في منع الدعاء على إهلاك كل اليهود والنصارى فإن ذلك لا يكون ، وهو اعتداء في الدعاء ، وكذلك الدعاء بهدايتهم أجمعين ، وليست المسألة أيضا في واقع دعاء خطيب مسجد معين ، يقطن حوله كثرة من أهل الأديان الأخرى ، والمسلمون طامعون في دعوتهم وتحبيب الإسلام إلى نفوسهم ، فيكون سماعهم الدعاء عليهم ، حاجزا لهم عن الإسلام ، كما يحجز الداعية أسلوبه الجاف وتهجمه على الكفار ، في مقام الدعوة عن دخولهم في الدين .

***كما أن المسألة ليست في مقام الخصام والملاحاة مع الكفار والمشركين ، حيث يحرم علينا شتم الآلهة التي تعبد من دون الله تعالى ، فيسبوا الله عدوا بغير علم .

*** ونحن أيضا لسنا جالية إسلامية مستضعفة في بلد كافر تراقب وسائله البوليسية مساجدنا ، وتلزمنا بعدم التعرض لهم ، وإلا طردونا من بلادهم ، فندعو عليهم سرا ، ونعرض بهم جهــــــــــــرا ، نحن يا قوم هنا في الكويت ، شرفنا بأن نكون في جزيرة العرب ، مهبط الوحي ، ومهد الدين ، في عقر دار الإسلام .

***ولهذا يقول العلماء ، لابد من تحرير موضع النزاع ، قبل الخوض في أي مسألة ، فالقضية هنا ، هي في منع عام لدعاء الخطباء على الذين يراهم المسلمون جميعا أعداء لهم ، يشهدون ذلك في كل قناة فضائية ، ووراء كل ما يصيب المسلمين من رزية ، إنه دعاء على الظالمين المعتدين .

*** ومع أن المطالبة بالمنع لم يذكر فيها أنه إلى أجــل محدود ـ وحتى لـــــــو كان كذلك فإنه لا يجوز منعه ـ وإنما أطلق إلى وقت لم يحدد ، ولعمري لا يعلم إلا الله تعالى أمده ، لان الكيل قد طفح ، والعدوان على الأمة قد شطح ، ولايأتي زمان إلا وبعده شر منه ، فالأمة تعيش هذا الزمن أحلك أوقاتها العصيبة ، لبس لها محاربوها جلد النمر ، وصار القابض على دينه كالقابض على الجمـــر ، فإلى أي أمد ــ ليت شعري ـ سيبقى المنع ، إلى أن تندرس معالم العقيدة ، وينتشر الكفـــــر؟

***ولقد اشتد الكرب ، وعظم الخطب ، وتكالب الأعداء ، وتخاذل الأولياء ، وأهريقت دماء المسلمين أنهارا ، وتسلط عليهم أخوة القردة والخنازير وأعوانهم كفارا وفجارا ، والدعاء سلاح المؤمنين المضاء ، ونورهم الوضاء ، وركنهم الوثيق من كل بلاء ، فدعوا المسلمين في أحزانهم يدعون ربهم ، ولاتضاعفوا كربهم بمنع الدعاء .

***وختاما فإن منابر الجمعة في بلاد الإسلام ، من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق ، من نواكشوط إلى جاكرتا والصين ، ستبقى بإذن الله تعالى مبتهلة ، ترفع أيديها بالدعاء على أعداء الله تعالى ، وبالنصر للإسلام ، في كل مكان ترفع فيه راية الجهاد ضد اليهود وإخوانهم الصليبين .

ونقول لكل الشعوب الإسلامية التي ابتليت بظلم الكفار :

إن النصر لقريب بإذن تعالى ، قال الحق سبحانه ( ولاتهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون إن كنتم مؤمنين ، إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ، وتلك الأيام نداولها بين الناس ، وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين ، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ، أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) آل عمران 139ـ 142


الكاتب: حامد بن عبد الله العلي
التاريخ: 06/12/2006