بــن لادن وتســونامــــــــي وياأمّتي لا تنــــــامـــــــي

 

بــن لادن وتســونامــــــــي وياأمّتي لا تنــــــامـــــــي



حامد بن عبدالله العـلي


" " إن شقاء العالم يمتد حتى عتبة البيت الأبيض ، وبلعنة مدهشة تعجز الإمبراطورية عن أن تخفي تماما عن أنظار العالم العدد الذي لا يحصى من الضحايا الذين تنتجهم كل يوم ،وكأمواج محيط لعين يأتي الضحايا ليعلنوا عن أنفسهم على مسافة خطوات من الكابيتول ، غير أن أوفياء مؤسسات بريتون وودز هم فعلا في حالة عمى ، وصمم ، وفقدان حاسة الشم ، إنهم لا يشعرون بالضحايا الذين يصنعونهم طوال ساعات النهار ، ولا يحرك ضميرهم إحساس بالقلق " سادة العالم الجدد ـ جان زيغلر ص 213

مع تحفظنا على إطلاق جون زيغلر للّعنات ، وتفهمنا أيضا لمعاناته النفسية بسبب النفاق الأمريكي الذي يثير غثيان واشمئــزاز العالم كلُّه ، غير انه بلا ريب لن نحمل الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية الزلزال الذي جاء بطوفان تسونامي ، لكنّنا ـ مع ذلك ـ يحق لنا أن نتعجّب من حرص أمريكا على توفير كل وسائل التجسس والإنذار السريع ، و دق أجراس الإنذار المبكّر ، إذا كان ثمة مجرد شكوك ، بدخول شخص واحد ، حتى لو كان شبحـا ، ممن تسميهم "إرهابيين" جيش الشيخ بـن لادن المنتشـر في العالم ، إلى أيّ بقعة كانــت ، وتكليف العالم كله بإذلال أن يبحث معها عنه !

مع أنهــم يعلمون تمامــا أن الشيـخ بن لادن وجيشه ، إنما يهددّهـم هـم فحسب ، لا يهـدد العالـم ، ولا يريد شيئا سوى تخليص المسلمين ، والعالم ، من هيمنة هذه الدولة المارقة المتغطرسة ، حتى أرهقت المشهد العالمي كلهّ ، وأدخلته في حروب واضطرابات دامية ، لتسكين خوفها من زوال عرشها المستبــد ، وتبديد هواجس الرعب من فقدانها السيطرة على النظام العالمي ، وقد باتت لا تذوق الكرى، ولا يغمض لها جفن ، من أجل متابعة كل شخص يؤمن بمشروع بن لادن تراه خطرا على عرشها العالمي ، كما تتابع استخبارتها الحقيرة في الدول الحقيرة التي ذلـت لها ، كل شخص تخاف من تهديده لعرشها الحقير

بينما ،، كما نقلت الجزيرة نت بتاريخ 27/12/2004م ، عن واشنطن بوست : " عن خبير جيولوجي يدعى كيري سيه قوله إن أميركا رفضت تمويل برامج في جزيرة سومطرة بإندونيسيا أو أي برامج خارج البلاد" ، يعني تمويل نظام تنبؤ بالكوارث !!

وقالت الجزيرة نت : " كما انبرت صحيفة واشنطن بوست للحديث عن هذه الكارثة معتبرة أن المأساة الحقيقية تكمن –كما صرح خبراء أمس- في إمكانية إنقاذ أرواح الآلاف من سكان تلك البلاد مثل سريلانكا والهند وتايلند لو أنه كان هناك أنظمة تحذير كتلك الموجودة للكشف عن تغيرات المحيط الهادي.

ونقلتت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إنهم كانوا يرغبون بتحذير تلك البلاد ولكن غياب التقنية حالت دون ذلك "

ونشرت رويترز بتاريخ 31/12/2004م " اعلان الرئيس الاميركي جورج بوش عن ارسال الوزير كولن باول الى المناطق الآسيوية المنكوبة، جاء في خضم مناقشات داخل الاوساط الاميركية وانتقادات الى ادارة بوش لانها تتلكأ في زيادة المساعدات الفعلية، وفي تحسين صورة البلاد في العالم "


غابت التقنية ، وغابت المساعدات الأمريكية ، ثــم جاءت متأخرة ، وبعد أن وصفتها مؤسسات تابعة للأمم المتحدة بالبخل ، ثم جاءت في ذيل من قدم المساعدات للمنكوبين بالنسبة للدخل القومي الأمريكي القائم على السطو على ثروات الشعوب ، وأسواق المال العالمية ، و الاستدانة بلا رد ، ومشاركة الأنظمة الفاسدة سرقاتها، والتلاعب في النظام الإقتصادي العالمي.

غاب كل ذلك عن ضحايا " تسونامي " المحيط الهندي ، كما غابت أمواج محيط ضحايا الهيمنة الأمريكية عن شاشات الإعــلام ، والأمريكيون في عمى ، وصمم ، وفقدان حاسة الشم ، كما قال جان زيغلر ، لا يهمّهم كــم ومن يموت، فالمهم أن تبقى أمريكا سيدة العالم ، والأمريكيون أكثر شعب في نسبة السمنة ، من دماء شعوب العالــــم ، كما أنهم أكثر شعب في نسبة الغبــــاء !

نحن يا شعوب الجنوب في قعــر "سونامي" أصلا ، منذ أن عقد مؤتمر يالطا ، ومؤتمر بريتون وودز لتقسيم العالم غنيمة ، ونهب ثرواتــه .
ذانك المؤتمران الخطيران اللذان كان لهما وبعدهما أعظم الأثر في العالم الذي نعيشه اليوم ، وذلك بنهاية الحرب العالمية :
أحدهما سياسي هو مؤتمر يالطا .
وعقده الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية في يالطا ، بعد أن تأكدت هزيمة ألمانيا النازية وايطاليا الفاشستية واليابان ( دول المحور ) ، حيث اجتمع روزفلت ، وستالين ، وتشرشل ، وجرى الاتفاق بينهم على اقتسام العالم ، وتقسيم الدول بينها على أنها غنائم حرب ،
والثاني اقتصادي وهو مؤتمر بريتون وودز.
وعقد في 22 يوليو 1944 في بريتون وودز ، في ولاية نيوهامشر الأمريكية ، وحضره ممثلون لخمسة وأربعين دولة مدعومين بأكبر خبراء اقتصاديين في العالم ، وقــد كان الدمار الذي أتى على أوربا ، هو الدافع الأساسي لفكرة تأسيس البنك الدولي ، ثم صندوق النقد الدولي ، ولهذا فقد كان همّه الأكبر ، توفير متطلبات الدول الغنية ، غير مبال بالدول الفقيرة ، أو ما يطلقون عليها بالدول النامية ، إنما تحول تفكيره إليها بعد أن وجد الحاجة إلى ثوراتها ، ثم في مرحلة لاحقة إلى أسواقها أيضا كما نراه اليوم في مرحلة العولمة .
وعندما نشأ صندوق النقد الدولي ، هيمنت عليه الولايات المتحدة منذ البداية ليس فقط بحكم اختيار واشنطن مقرا له فحسب ، وإنما بحكم ثقلها التصويتي ودورها المحوري في صناعة القرارات التي يتخذها الصندوق، ولهذا السبب أصبح المؤسسة المركزية في النظام النقدي الدولي منذ بدء مزاولة عمله من مارس 1947.
ثم نشأ نظام يطلق عليه نظام بريتون وودز لأسعار الصرف حيث اتفق البلدان المنضمة إليه على إبقاء أسعار صرفها بالدولار الاميركي مربوطة بأسعار قابلة للتعديل في حالة الاختلال الجذري في موازين المدفوعات فقط وبعد أن يوافق الصندوق، أما في حالة الولايات المتحدة فقد تم ربط قيمة الدولار بالذهب.
وأصــدق عبارة وصفت المؤامرة الأمريكية على هذه المؤسسات ، ما ذكره الملف السياسي في صحيفة البيان الإماراتية عدد 19/9/2003م ،والذي نقلنا منه أيضا الفقرتين السالفتين ، فقد قال : " استهدف نظام بريتون وودز ترتيب عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية والمعسكر الرأسمالي منها على الأخص وفقاً لاساس جديد يضمن النواحي التجارية والمالية والنقدية، ومن البداية اجتهدت اميركا في أن تفرض تصوراتها عند صياغة مشروع اتفاقية بريتون وودز وان تستغل نفوذها السياسي والاقتصادي الكبير لتحقيق السيطرة التامة من خلال المؤسسات الدولية. ومن ثم فإن هذا النظام ضمن الاستقرار للدول الغربية وعلى رأسها اميركا وخدم أهدافها الاستراتيجية التي بدأت باعمار أوروبا التي دمرتها الحرب العالمية الثانية للاستعانة بها في الصراع مع الاتحاد السوفييتي، وانتهـت إلى إحكام السيطرة السياسية والاقتصادية على بلدان العالم النامي "
ويقوم صندوق النقد والبنك الدولي في الوقت الحالي بدور الجرافة التي تزيح العراقيل من طريق العولمة، وذلك عبر برامج التكييف الهيكلي التي يفرضها على الدول النامية حيث الشروط المجحفة لمنح قروض جديدة منها تصفية القطاع العام المحلي وبيعه لرأسماليين دوليين أو محليين وتقليص الإنفاق العام على الخدمات مما يقود في النهاية إلى تدمير البنية الاقتصادية للدول الضعيفة. أما البنك فلا يدعم مشاريع إنتاجية قد تسهم في تطور الدول النامية، وإنما يشجع المشاريع الخدمية والتي تغذي الاستيراد والاستهلاك " .
هكذا إذن يا حامية حقوق الإنسان ، وداعية الحرية في العالم ، يا دجّالة العصر ، بل دجّالة العصور كلها ، وبريطانيا المجرمة معهــا ، ومسكين أنت يا بن لادن ، أردت أن تصنع سونامي عالمي ، ينهي معاناة الملايين كل يوم ، الملاييــن من ضحايا ، صانعة زلازل الفقر والموت والدمار في العالم ، الساحرة القبيحة المنتنة المتغطرسة أمريكا ، التي تختفي وراء قناع الزيف الإعلامي العالمي الذي تملكه ، تحاول به أن تظهر بن لادن ومن معه تهديدا على العالم ، بينما هي تذبح أمواجا من الضحايا كلّ يوم ، ذبحا مباشرا بالسكين كما في العراق وفلسطين ، وذبحا أقبــح منــه بلا سكين ، بلا أدنى شعور بالقلق أو وخز الضمير ، في العالم كله ، أكثر بكثير مما فعله سونامـــي ، فضلا عن عمليات بن دلان .
هذا ،، وإنه ليس من قبيل الصدفة أن يكون التصدي للخطر الأمريكي على العالم ، إسلاميـّا ، في حين يقبع العالم كله خائفا ذليلا ، بين يدي أمريكا وشركاءها من الزعماء المفسدين المستفيدين من ظلمها العالمي ، فإن هذه الأمّة لم ولن تنام عن تحمل مسؤولياتها تجاه العالم ، وإصلاح البشرية ، فهي مبعوثة لتكون خير أمة أخرجت الناس ، وهي تعلم أن السبيل إلى إنقاذ الإسلام ، والبشرية من السونامي الأمريكي لن يكون سوى بالجهاد .
اللهم أرسل على أمريكا تسونامي وآخر وثالث ورابع وعاشــر ، ليأخــذ البيت الأسود ، وساكنيه ، ومعه عشرة داوننج ستريت وساكنيــه أيضا ، إلى لعنة الله تعالى الأبدية


الكاتب: حامد بن عبدالله العـلي
التاريخ: 07/12/2006