الرد على الفئة الضالـــــة

 

الرد على الفئة الضالـــــة " هيئة خدام المهدي " ونقض افتراءاتها على دين الإســـــــــلام
حامد بن عبد الله العلــي


الحمد لله وبه أستعين ، والعاقبة للمتقين ، ولاعدوان إلا على الظالمين ، الصلاة والسلام على خاتم النبيين ، وإمام المرسلين ، سيدنا وسيد ولد آدم أجمعين ، محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحابته الغر الميامين ، وبعــد :

فقد نشرت صحيفة الوطن الكويتية يوم أمس الثلاثاء 6 جمادى الآخرة 1426هـ ، بيانا لمن أطلقوا على أنفسهم " هيئة خدام المهدي" ، تفوهوا فيـه بالسوء ، وخاضوا فيه بالباطل ، واتهموا في بيانهــم ـ كاذبيـن ـ جماعة من شيوخ أهل السنة في الكويـت بأسماءهم ، بأنهم يكفّرون المسلمين ـ بينما هــم يكفـّرون كلّ من لايقول بالإمامة ، أيْ تكفير عامة المسلمين ، كما صرح بذلك من تولىّ كبر ضلالهم في شريط مسموع وسننقل من مصادرهم ما يوضح عقيدتهم في تكفير أهل الإسـلام ـ ونشرُوا من الفرية على الدين ، والعدوان على عقيدة المسلمين ، والتأكيد على عقائدهم الضالة ، معلنين مجاهرين بضلالهـم هذا المبين ، ما يستوجب الرد عليهم ، وبيان خطورة مذهبهم المترنّح ، الذي بلي وتعفّن في معابد الجهل ، وهياكل الضلال عن الحق ، بعدما رضع من رجيع الكذب ، وصديد الدجل المتقيـّح

غير أننا ينبغي أن ننبهّ على ثلاثــة أمور مهمة ، بين يدي هذا المقصود :

أحدها : أن هذه الهيئة الضالـّـة ، ومجلتها التي تسمى " المنبر " قـد تبرأ منها ـ لغلوّها ووقاحتـها ـ كثيــرٌ من الشيعــة أنفسهم ، من عقلاءهم ، ففيهم من يرى ـ كما سمعت ذلك من بعضهـم مشافهـة ـ أن التشيع بحاجة اليوم أكثر مما مضى إلى حركة تصحيحيّة جذريـّـة ، تتبـرّأ مما في تراثه من العقائد الجاهليّـة المناقضة لصريح القرآن ، المشكّكة بكل ثوابت هذا الدين ، والممزوجة بالعداوة ، والتنكـّر ، لتاريخ هذه الأمة العظيمة كلـّـه ، بدءا من الخلافة الراشدة ، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، إلى يومـا هــذا .

الثاني : أن تكفير الشيعة بمجرد الإنتماء إلى التشيّع ، محرم ، مخالف لما عليه أهل السنة والجمــاعــة ، فالتشيّع درجـات ، والتكفير عند أهل السنة والجماعـة ، ينبني على ما ينقض الإيمان : من قول ، أو فعل ، أو شك ، أو اعتقاد ، كاتخاذ الوسائط التي تُصرف إليها العبــادة ـ حتى لو كانوا أنبياء أو ملائكة ـ لتقرب إلى الله تعالـى ، أوالقول بتحريف القرآن ، أو تكفير الصحابة ، أو قذف أمهات المؤمنين ، ونحو ذلك مما يصير به المسلم مرتـدا ، وبعد إقامة الحجة فيما يشترط فيه البيان ، على ما هو مبيّن في باب الردة في كتب الفقه ، والأصل في أهل الشهادتين الإسلام ، ولايزول اليقين بالشــك .

أما قول الفئة الضالة ، بأنه ( من نافلة القول أن كل طائفة من الطوائف الإسلامية تعتبر الأخرى ضالة وفي النار لورود حديث صحيح ثابت مجمع عليه عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يقول فيه : ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلاواحدة ) ، ففيه من المغالطة انه ليس حديثا مجمعا عليه ، بل قد ضعّف الزيادة التي فيها ( كلها في النار إلا واحدة ) ، بعض العلماء من أهل السنة ، وبعضهم حكم عليها بالوضع ، وإن كان الصحيح ثبوتها .

غير أن معنى الحديث عند أهل السنة ، على معنى الوعيد الذي قد يتخلف لأسباب كما يتخلف الوعيد على الكبائر : كما قال شيخ الإسلام رحمه الله :

( ليس كل من خالف فى شىء من هذا الاعتقاد ـ أي إعتقاد أهل السنة ـ يجب أن يكون هالكا ، فإن المنازع قد يكون مجتهدا مخطئا يغفر الله خطأه ، وقد لا يكون بلغه فى ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة ، وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته ، واذا كانت ألفاظ الوعيد المتناولة له لايجب أن يدخل فيها المتأول ، وذو الحسنات الماحية ، والمغفور له ، وغير ذلك ، فهذا أولى ، بل موجب هذا الكلام ، أن من اعتقد ذلك نجا فى هذا الاعتقاد ، ومن اعتقد ضده فقد يكون ناجيا ،ـ وقد لا يكون ناجيا ، كما يقال من صمت نجا )

والحاصل أن أهل السنة لايجزمون على مخالفيهم بدخـول النار على كلّ حـال ـ مالم يرتد ويموت على الردة ـ كمـا لايحكمون على جميع الطوائف المخالفة لأهل السنة بالكفر ، ويعذرون المخطيء بالجهل ، والتأويل ، ويعدون المخالـفة للإعتقاد الصحيــح ، خطأ تارة ، وضلالا تارة ، وكفرا تارة ، ثم لايقتضي ذلك عندهم ـ وإن كان كفرا ـ أن يكون الواقع فيه كافرا ، فقد يكون معذروا بتأويل ، أو جهـل ، أو إكراه .


الثالث : أن ثمة دلائل كثيرة تتعاظم مع الأيام ، وهــي تشير إلى مؤامرة تهدف إلى إثارة الفتنة في بلاد الإسلام ، بتحريـك طائفة الشيعة في كل بـلد ، لإشغال المنطقــة عن مواجهة الخطر الأعظم الذي دهمهـا وهو هذا المشروع الصيهوصليبي ، ثم استغلال هذه الطائفة في مخطط بالغ الخطورة سنبيّنه بعــد ، والواجب على العقلاء أن يتنبّهوا لذلك ، فيقطعوا السبيل على مثيري هذه الفتنة .

وأجدني مضطرا ، قبل تفصيل الرد على عقائدة هذه الهيئة الضالـّـة ، أن ألقي الضوء على تطور المذهب الشيعي في جانبه السياسي ، مع ربط ذلك بالمخطط الغربي الذي نعيش أحداثه العاصفة ساعتنا هذه :
علاقة التشيّع بالمخطط الغربي لتقسيم دول المنطقــة :
كان الجانب السياسي لدى الشيعة يسيطر عليه عقيدة " الغيبة والإنتظار " ، طيلة قرون مضت ، إذ كانت عقيدة الإمامية قائمة على أن الإمام المعصوم المنصوص عليه هو الذي يتولى أمر الأمة ، وأن الأرض لايجوز أن تخلو من إمام معين من قبل الله تعالى ، فليس في الأمر شوى ولا انتخاب ، بل كل النشاط السياسي برمته في الدولة ، لايجوز أن يقوده إلا الإمام المعصوم حتى من الخطأ والنسيان ، وما على غيره من الرعيـّـة إلا الإنقياد التام فحسب ، ولهذا فليس في العقيدة الشيعية السياسية في الأصل شورى ، ولا رقابة على سلطة ، فضلا عن تداولها ، ولاتعترف العقيدة الشيعية السياسية بأي دولة إلاّ دولة المعصوم أصلا ، فهو خوارج على كل نظام سياسي لايرجع إلى إمامة المعصوم أو النيابة عنه ، بأصل عقيدتهم !
ولمّا كان نصــب الدولة ، والجهاد ، وإقامة الحدود ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإقامة الجمعة .. إلخ ، وسائر الولايات السياسية تابعة لمنصب الإمام المعصــوم ، وقد خلى هذا المنصب منذ أن اضطرت الشيعة لتفسير انقطاع تسلسل الإمامة ، بولادة ابن للحسن العسكري ، ثم غيابه ، وأنـه المهدي المنتظر الغائب في السرداب ، فقد بقيت الشيعة خارج الحياة السياسية ، تسيطر عليها عقيدة الغيبة والإنتظــار كما ذكــرنا.
غير أنه قـد تطور الفكر الشيعي بعد ذلك ، وحاول كثير من المفكّرين ، اقتحام السور المضروب على عقيدة الغيبة والإنتظار ، حتى وصل تطور الفكر السياسي إلى فكرة " ولاية الفقيه " التي كان الشيخ احمد بن محمد مهدي النراقي (توفي 1245هـ أول من دعـا إليها ، في كتابـه عوائد الأيام في بيان قواعد الأحكام) ، وبحث مشكلة الإمامة أو السلطة و الولاية العامة وضرورتها في (عصر الغيبة) وذلك على نفس الأسس الفلسفية والمبادئ التي توجب (الإمامة ) للأئمة المعصومين عندهم .
قال أحمد الكاتب في كتابه " تطور الفكر الشيعي " : ولم يتوقف النراقي وهو يؤسس لشرعية (ولاية الفقيه الكبرى) التي تضاهي الإمامة العامة الكبرى ، عند شروط العصمة والنص والسلالة العلوية الحسينية) التي أدت بالأجيال الشيعية الامامية الأولى ، وخاصة بعد الحيرة التي أعقبت وفاة الإمام الحسن العسكري دون ولد ظاهر ، إلى القول بفرضية وجود (الإمام محمد بن الحسن العسكري) ثم أدت بهم إلى القول بنظرية (التقية والانتظار) التي كانت تحرم الثورة والإمامة والجهاد والحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصلاة الجمعة وتبيح الخمس والزكاة والأنفال وما إلى ذلك في (عصر الغيبة) .
وقام النراقي بإعطاء الفقهاء منصب (الإمامة الكبرى) ومسئولياتها العامة ، وقال بصراحة :· كلما كان للنبي والإمام فيه الولاية ، وكان لهم ، فللفقيه أيضا ذلك ، إلا ما أخرجه الدليل من إجماع أو نص أو غيرهما وقال:· ان كل فعل متعلق بأمور العباد في دينهم أو دنياهم ولا بد من الإتيان به ولا مفر منه ، اما عقلا أو عادة من جهة توقف أمور العباد والمعاش لواحد أو جماعة عليه ، وإناطة انتظام أمور الدين أو الدنيا به ، أو شرعا من جهة ورود أمر به أو إجماع أو نفي ضرر أو إضرار أو عسر أو حرج أو فساد على مسلم ، أو دليل آخر.. أو ورود الإذن فيه من الشارع ولم يجعل وظيفة لمعينٍ واحد أو جماعة ولا لغير معين ، أي واحد لا بعينه ، بل عُلمَ لا بدية الإتيان به أو الإذن فيه ، ولم يُعلم المأمور ولا المأذون فيه .. فهو وظيفة الفقيه وله التصرف فيه والإتيان به .
ثــم جاء الخميني فزاد في مبدأ ولاية الفقيه بضرورة الإمامة في عصر الغيبة ، وقال ان ما هو دليل الإمامة بعينه دليل على لزوم الحكومة بعد غيبة ولي الأمر (ع) سيما مع هذه السنين المتمادية ، ولعلها تطول - والعياذ بالله - إلى آلاف السنين، والعلم عنده تعالى وقال : · أية حاجة كالحاجة إلى تعيين من يدبر أمر الأمة ويحفظ نظام بلاد المسلمين طيلة الزمان ومدى الدهر في (عصر الغيبة)مع بقاء أحكام الإسلام التي لا يمكن بسطها إلا بيد والي المسلمين وسائس الأمة والعباد؟ واستشهد بقول السيدة فاطمة الزهراء (ع) في خطبتها المعروفة والطاعة نظاما للملة والإمامة لماً من الفرقة) كدليل على لزوم بقاء الولاية والرياسة العامة، وقال: ... أما في زمان الغيبة فالولاية والحكومة ، وان لم تجعل لشخص خاص ، لكن يجب بحسب العقل والنقل ان تبقيا بنحوٍ آخر، لما تقدم من عدم إمكان إهمال ذلك ، لأنها مما يحتاج إليه المجتمع الإسلامي... والعلة متحققة في زمن الغيبة ، ومطلوبية النظام وحفظ الإسلام معلومة لا ينبغي لذي مسكة (عقل) إنكارها أ.هـ
والمقصود أن تطــور الفكر السياسي الشيعي وصولا إلى نظرية ولاية الفقيه ، ثم توافق ذلك زمانا مع سقوط الشاه ، واجتماع عوامل عدة أدت إلى نجاح الثورة الخمينية ، فسيطرة الشيعة على آلة الدولــة في إيــران ، تلك الأرض المترامية الأطــراف الغنية بالموارد الطبيعية الضخمة ، والموقع الجغرافي الاستراتيجي ، والشعب الحيوي ، الذكي ، والمبدع ، بالحضارة الضاربة في عمق التاريخ ، أدّى أن يتطلع الخمينيون إلى تسخير آلة الدولة ، وموارد الأرض ، وطاقات الشعب ، لتصدير العقيدة إلى الخارج ، وبسط الهيمنة العقائدية على الخليج ، فالجزيرة ، فالعالم الإسلامي.
ولم يكن ثمّة خطـّـة توسـّـع أفضل ، ولا أيســر وأقل تكلفــة ، من استغلال الحماقة التي ارتكتبتها الإدارة الأمريكية في اجتياح العراق ، فحصلت إيران على فرصتها التاريخية في تحويل العراق لاسيما جنوبه إلى نسخة أخرى من الدولة الخمينية ، تمهيدا لتوسـّـع آخر ينسـاب على طول الخليج مرورا بالكويت إلى البحرين ، حيث تنتشـر الأحزاب الشيعية التي تُعـَـدّ امتدادا استراتيجيا لإيران .
ويتزامن هذا مع مخطط أمريكي قديم يهدف إلى تقسم المنطقة :
ففي السبعينات نشرت جريدة النهار البيروتية ، مقالا هـاما لعلياء الصلح، بنت رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رياض الصلح ، وقــد ذكرت فيه أن ثمة مخططاامريكيا سريا يقضي بتقسيم المملكة العربية السعودية الى ثلاث دويلات..

ثم في صيف 1987 نشرت مخططات في أمريكا ودول غربية ، تهدف إلى تفكيك دول عربية وشرق اوسطية غير عربية، والعربية هي، سورياوالسعودية والعراق وايران وسلطنة عمان واليمن ودولة الامارات العربية المتحدة وقطروالكويت.

ثم نشرت مجلة المستقبل العربي ـ الصادرة عن مركز الدراسات العربية الوحدوية في نوفمبر ـ 1992 بحثا لسفير سوريسابق ، هو خير الدين عبدالرحمن ، ذكر فيه :

لقد تبنت ادارة الرئيسالامريكي ريغان المخطط الاستراتيجي للتغيير في خريطة الشرق الاوسط.. والخليج العربيخاصة، واسرائيل لكي تتسع بآفاق حدودها الوهمية والتي لا تقبل برسمها املا فيالاتساع.. ونال المخطط موافقة الكونغرس الامريكي بالاجماع عام 1983 والتصديق عليه،واطلق عليه مشروع الشرق الاوسط اليهودي الامريكي والذي وضعه هو (برنار لويس) القاضيبتقسيم منطقة الشرق الاوسط بأكملها ، والتي اطلق عليها بعد حادثة 11 سبتمبر خريطةالشرق الاوسط الجديدة.. وحسب الوثائق المنشورة من قبل لم تعد جديدة..

والغريب في الأمر ، أنه بعد تحريرالكويت زارت نائبة وزير الخارجية الامريكية الكويت ، فوجه لها هذا السؤال في احدى الديوانياتالكبيرة: هل مخطط التقسيم للمنطقة العربية مازال قائما؟ فأجابت بصحة المخطط وضرورةانجازه.. والتقسيم المخطط له سيشمل تركيا وايران وافغانستان بالاضافة الى الدولالعربية في المشرق وفي افريقيا ابتداء من مصر المخطط لها ان تكون من دول ثلاث .

ينذر هذا المخطط الرهيب بتقسيم منطقة الشرق الاوسط بأكملها من جديد، وهذا مادفع (زبيغينيو بريجنسكي) مستشار الرئيس الامريكي الاسبق للامن القومي لأن يتوقعنشوب حرب أخرى في المنطقة على غرار الحرب الايرانية العراقية .
كما جـاء في كتاب أسرار سياسية عربية ص 183 ، خريطة صهيونية لتقسيم شبه الجزيرة العربية والخليج وفيها الغاء الكويت وقطروالبحرين وسلطنة عمان واليمن والامارات العربية المتحدة .
وتضم ثلاث دويلات فقط هي :
دويلة الاحساء الشيعية
ودويلة نجد السنية
ودويلة الحجاز..
وضع الخريطة المستشرقالصهيوني برنار لويس سنة 1980 واعتمدها الكونغرس الامريكي بالاجماع في جلسة سريةعام 1983،.. وعرضت للتنفيذ منذ عام 1991 على نار هادئة حتى زاد اشتعالها في أتونالعراق خلال عامين لتطبيق هذا المخطط .. منقول بتصــرف من مقال الكاتب عبدالله خلف في صحيفة الوطن الكويتية بتاريخ 11/7/2005
والحاصل أن المخطط الشيعي الإيراني قد أصبح جزءا من مشـروع غربي واسع ، يستهدف تقسم المنطقة ، وإضعافها ، وتفتيتها ، واستعمال المخطط الشيعي الإيراني في هذا المشروع الشيطاني ، وهذا هو الذي يفسّـر ما يجري الان على المشهد السياسي من طهران مرورا بجنوب العراق إلى الكويت فالمنطقة الشرقية في البحرين .
وما تحمله الأيام القادمــة أشد مما مضى ، ومن الواضح أن الفتنة أطلت بقرونها ، وتوشك أن تعصف بالمنطقة برمتها ، نسأل الله تعالى أن يعصمنا من شرورها ، ويرزقنا العفــو والعافية في الداريــن ، والثبات في الأمر ، والعزيمة على الرشد آمين .
وهذا أوان الردّ على الهيئة الضالّـة ، فقد تضمت المجلة الناطقة باسم هذه الهيئة ، وهي مجلة المنبر ، من الفِرى على دين الله ، وإهدار كلّ محكماته ، مـا يصعب حصره ، ولكنـها ترجع في الجملة إلى :

1ـ التشكيك في القرآن الكريم ، وإنكــار أنه محفوظ من كلّ تحريف .


2ـ الشرك الأكبر في دعاء غير الله تعالى وتوجيه العبادة إلى سواه .


3ـ الطعن في الصحابة وتكفيرهم وتكفير المخالفين والمنكرين لإمامة علي رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم .


4ـ وقذف وتكفيــر أمهات المؤمنين
رضي الله عنهــن .

ومن الواضح أن هذه المجلة يدور الفكر الذي تقدمه على هدم ثلاثة أمــور لا يقوم دين الإسلام إلا بها :

الأول : القرآن العظيم .


الثاني : الصحابة الذين نقلوا الدين ، ومن العجائب أنهم يقولون نحن لا نطعن في الصحابة الذين ماتوا في زمن النبوة ، بل الذين بقوا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ، والهدف واضح ، وهو أن الذين بقوا هم الذين نقلوا دينه من بعده ، فالطعن فيهم طعن في القرآن وفي السنة وفي الدين كله .


الثالث : تشويه صورة بيت النبوة نفسه ، بالطعن في أمهات المؤمنين .


أما التشكيك في القرآن :


فقد جاء في هذه المجلة الصادرة عن هيئة خدام المهدي قولها ( كان أعداء علي عليه السلام كثيرين ، ومبغضوه أكثر ، وكان من السهل التأثير على كتّاب الوحي ، والحفظه ، لتحريف القرآن ، وحذف الآيات التي ذكر فيها علي ، وهكذا صار القرآن محرفا ، والأمة كقطيع الإبل السائبة ) المنبر عدد 18

وقد اتفق العلماء على أن المشكك في حفظ القرآن كافر ، لانه :


أولا : مكذب للقرآن في قوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) .


ثانيا : مبطل لآية الإسلام الخالدة التي تحدى الله تعالى بها الإنس والجن إلى قيام الساعة قال تعالى ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) ، ومعلوم أن كل نبي آتاه الله آية مؤقتة بزمنه ، لان أحدا منهم لم تكن رسالته خالدة ، أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد جعل الله تعالى رسالته باقية ، فكانت آيته العظيمة وهي القرآن باقية ببقاء رسالته ، ولهذا فمن يشكك في حفظ الله للقرآن ، ويدعي أن الصحابة غيروه ، وبدلوه ، وعبثت به الأيدي ، فهو مبطل لآية الإسلام ، وكفى بهذا كفرا مبينا .

ثالثا : أن إدعاء إمكان تحريف القرآن ، فضلا عن القول بتحريفه ، إبطال للشريعة كلها ، لان كل آية سيحتمل وقوع التحريف فيها على هذا القول ، فتذهب فائدة الانتفاع به ، وتبطل الشريعة ، وكفى بهذا شركا وافتراءا على دين الله .


رابعا : لم يشكك في حفظ القرآن ، إلا المستشرقون بغية هدم الدين ، وهؤلاء الضالون السبئية ساروا معهم في هذا الكفر المبين ، وبهذا يعلم أن الهدف واحد وهو القضاء على دين الإسلام ، بالتشكيك بأعظم ما فيه وهو كتا ب الله تعالى .

أما الشرك في عبادة الله تعالى :


فقد ورد في المجلة ما يلي :

1ـ (الزوجة الهندوسية نادت يا حسين الشيعة ، فظهر لها جسم نوراني ، وأعاد الرأس المقطوعة إلى مكانها ، فوقف الزوج حيا ، وانتقم من القتلة المنبر عدد 24 )


2ـ (الام تعلقت بضريح باب الحوائج للعباس عليه السلام ، فأعاد الحسين عليه السلام ولدها إلى الحياة المنبر عدد 23 ) .


وهذا كله من الشرك في عباده الله تعالى ، لان الدعاء عبادة ، وفي الحديث ( الدعاء هو العبادة ) والشرك هو توجيه العبادة لغير الله تعالى ، كما قال تعالى ( قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا ) وقال ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ) وقال ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) وقال ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) ، وقال ( إياك نعبد وإياك نستعيـــن ) , وقال ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) والصلاة إنما هي دعاء من أولها إلى آخرها ، وقال تعالى على لسان ابراهيم عليه السلام إمام الموحدين ( الذي خلقني فهو يهدين ، والذي هو هو يطعمني ويسقين ، وإذا مرضت فهو يشفين ، والذي يميتني ثم يحيين ، والذي اطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ) .


وفي الحديث الصحيح ( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ) ،والنصوص في هذا الباب كثيرة ، وهي دالة بلا ريب ، أن كل من يوجه دعاءه لغير الله تعالى ، فيما لايجوز سؤاله من غير الله تعالى ، فهو مشرك ، لانه عابد لذلك الغير مع الله تعالى

ومن هؤلاء المشركين ، الداعين لغير الله تعالى ، من يقول : نحن لا ندعوهم لاعتقادنا أنهم يخلقون ويرزقون ويحيون ويميتون ، وإنما نستشفع بهم إلى الله تعالى ، ومع أنهم يكذبون في هذا الزعم ، بل هم يعتقدون أنهم يخلقون ويرزوقون ويحيون ويميتون ، ويعلمون الغيوب ، وهذا شرك في الربوبية مع ما فيه من شرك في الالوهية ، ولكن ـ على سبيل التنزل ـ نقول لهم حتى لو زعمتم أنكم إنما تدعونهم من دون الله تعالى ، بقصد الاستشفاع بهم إلى الله ، فهذا لاينفعكم ، بل هو أيضا شرك في عبادة الله تعالى .


بل هذا الذي تقولونه ، هو مقصد الكفار الأولين ومرادهم ، بعينه لايعدوه قيد أنملة ، فلم يكن مراد كفار قريش في شركهم وعبادتهم غير الله تعالى ، أن آلهتهم تخلق أو ترزق، أو تنفع أو تضر بنفسها، فإن ذلك يبطله ما ذكره الله عنهم في القرآن، وأنهم أرادوا شفاعتهم وجاههم، وتقريبهم إلى الله زلفى، كما قال سبحانه وتعالى في سورة يونس عليه الصلاة والسلام: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ فرد الله عليهم ذلك بقوله: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الارْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ، فأبان سبحانه أنه لا يعلم في السموات ولا في الأرض شفيعا عنده على الوجه الذي يقصده المشركون، وما لا يعلم الله وجوده لا وجود له؛ لأنه سبحانه لا يخفى عليه شيء، وقال تعالى في سورة الزمر: ( تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) .


فبين سبحانه في هذه المواضع ، أن العبادة لاتكون إلا له وحده، وأنه يجب على العباد إخلاصها له جل وعلا؛ لأن أمره للنبي صلى الله عليه وسلم بإخلاص العبادة له، أمر للجميع .. ومعنى الدين هنا هو العبادة، والعبادة هي اسم يجمع كل ما يتقرب به إلى الله من الاعمال والاقوال الظاهرة والباطنة ، ويدخل فيها الدعاء والاستغاثة، والخوف، والرجاء والذبح والنذر.


كما يدخل فيها الصلاة والصوم وغير ذلك، مما أمر الله به ورسوله، ثم قال عز وجل بعد ذلك: ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) ، أي يقولون: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى فرد الله بقوله سبحانه: ( إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) ، فأوضح سبحانه في هذه الآية الكريمة: أن الكفار ما عبدوا الأولياء من دونه إلا ليقربوهم إلى الله زلفى.


والمقصود أن هذا هو زعم الكفار المشركين بالله تعالى منذ القدم ، يزعمون أنهم يعبدون ما يعبدونه من دون الله ، ليقربهم إلى الله زلفى ، ولكن الله تعالى ، قد أبطل ذلك بقوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ 9 ، فأوضح سبحانه كذبهم في زعمهم أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى، وكفرهم بما صرفوا لها من العبادة .


وبذلك يتضح جليا أن الكفار الأولين إنما كان كفرهم وشركهم ، باتخاذهم المعبودات من دون الله ، شفعاء بينهم وبين الله ، كما يشفع المقربون عند الملوك ، فقاسوه عز وجل على الملوك والزعماء، وقالوا: كما أن من له حاجة إلى الملوك والرؤساء يتشفع إليه بالخواص ، والوزراء ، والمقربين ، فهكذا نحن نتقرب إلى الله بعبادة أنبيائه وأوليائه، وهذا هو الكفر بعينه ، والشرك باسمه ورسمه .


لأنه سبحانه لا شبيه له، ولا يقاس بخلقه، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه في الشفاعة، ولا يأذن إلا لأهل التوحيد، وهو سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم، وهو أرحم الراحمين، لا يخشى أحدا ولا يخافه ، ولايتوقف عطاؤه على إذن آذن ، ولا مكره له سبحانه ، يحمله أن يعطي مالايريد أن يعطي ، او ما لايحب أن يفعل ، ولهذا صح في الحديث ( إذا دعا أحدكم ربه فليعزم المسألة ولايقول اللهم أغفر إن شئت ، فإن الله تعالى لامكره له ) .


لأنه سبحانه هو القاهر فوق عباده، والمتصرف فيهم كيف يشاء، بخلاف الملوك والزعماء فإنهم لا يقدرون على شيء ، فلذلك يحتاجون إلى من يعينهم على ما قد يعجزون عنه، من وزرائهم وخواصهم وجنودهم، كما يحتاجون إلى تبليغهم حاجات من لا يعلمون حاجته، فيحتاجون إلى من يستعطفهم ويسترضيهم من وزرائهم وخواصهم .


أما الله تعالى فهو سبحانه غني عن جميع خلقه، وهو أرحم بهم من أمهاتهم، وهو الحكم العدل، يضع الأشياء في مواضعها، على مقتضى حكمته ، وعلمه ، وقدرته، فلا يجوز أن يقاس بخلقه .


ولهذا أوضح سبحانه في كتابه: أن المشركين كانوا يعتقدون في الله تعالى ، أنه هو الخالق الرازق ، وأنه هو الذي يجيب المضطر، ويكشف السوء، ويحيي ويميت، إلى غير ذلك من أفعاله سبحانه .


وإنما الخصومة بين المشركين وبين الرسل في إخلاص العبادة لله وحده، كما قال عز وجل: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ وقال تعالى: ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالارْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالابْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الامْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ ) .


والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكلها تدل على أن النزاع بين الرسل وبين الأمم، إنما هو في إخلاص العبادة لله وحده، كقوله سبحانه: ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) ، وما جاء في معناها من الآيات .

وقد بين سبحانه في مواضع كثيرة من كتابه الكريم شأن الشفاعة، فقال تعالى في سورة البقرة: ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ ) ، وقال في سورة النجم: ( وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ) .


وقال في سورة الأنبياء في وصف الملائكة: ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) ، وأخبر عز وجل أنه لا يرضى من عباده الكفر، وإنما يرضى منهم الشكر، والشكر هو توحيده والعمل بطاعته، فقال تعالى في سورة الزمر: ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) .

وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال "من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه" أو قال "من نفسه"
وفي الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا


أما الطعن في الصحابة :

فقد أوردت مجلتهــم ، نقولا كثيرة لا تحصى في الطعن في الصحابة ، وقد وصل الأمر إلى اتهام الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه ، بانه مصاب الشذوذ الجنسي ، و كــذا كل من يدافع عنه من علماء المسلمين ، فهــو مثله !!

قـذف" هيئة الخدام الضالّـة " الصريح لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :

كما نشرت مجلة المنبر الصادرة عن هيئة خدام المهدي ، في عددها لشهر شعبان 1425هـ ـ بلتويح واضح ـ وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه عديم الشرف وأنه ليس مثل عشائر العرب الذين يجعلون الشرف أغلى من الروح والحياة ، وذلك بإبقاءه على عائشة رضي الله عنه زوجة له إلى وفاته ، مع أنها كانت ـ كما تفتري المجلة بغاية الإنحطاط والسقوط والحقد ـ كانت تمارس مهنة ترويج الدعارة في المجتمع المدني أيام الصحابة .

والتي وصفت نفسها بأنها مجلة فكرية ثقافية شهرية ، قالت تحت اسم مستعار كما يبدو ( سعيد السماوي ) ما يلي :

" من دون أي خجل ، ومن دون أي حياء ، امتهنت عائشة مهنة "التسكع " !!! بالجواري حيث تأخذهن وتزينهن ، وتعمل لهن عمليات المكياج المناسبة ، من أجل إغواء الشباب في الطرقات ، وجذبهن إليها(هكذا يبث حقده على النبي صلى الله عليه وسلم بوصف زوجته بهذه الأوصاف ) لأنها لم تعد ( جذابة ) ، كما كانت شابة ، رغم سوادها ودمامتها !! فهل عرفتم الآن لماذا تبرأتم مــن " ماما عائشة " ، لأنني بصراحة لست مستعدا لأن تكون أمي متسكعة ، ولا أتصور أن أي شخص يمكن أن يقبل أن يحترم أمه ، أو أخته ، أو زوجته ـ لاحظ الطعن الواضح في النبي صلى الله عليه وسلم ـ إذا كانت هذه القذارة هي مهنتها ؟!
وأي صاحب غيره ـ لاحظ كيف يعود يلمــز في شرف النبي صلى الله عليه وسلم ـ يقبل أن تكون إحدى محارمه تمارس مهنة ( قـ... ) ص 25


ويقول سابقا لهذا الكلام : ( حقائق مؤلمة ، ولكن من يقدر على إنكارها ، وبالنسبة لي شخصيا فإنه لو كانت أمي التي ولدتني بهذه الصفات التي سأنقلها عن عائشة ، وبهذا الحجم الهائل من الانحلال الأخلاقي ، فإنني لن أتردد في البراءة منها ، ولولا أنه لا يجوز لي قتلها كنت فعلت ـ لاحظ كيف يعود ويكرر الهمز واللمز في النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ـ لان الشـرف عندنا نحن أبناء عشائر العرب أغلى من الروح والحياة ) ص 19

وواضح جدا ولا يحتاج إلى إيضاح ، أنه يريد أن يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم ليس عربيا ولم يكن عنده ما عند الكاتب من الشرف الذي هو أغلى من الروح عند عشائر العرب ، ولهذا كانت زوجته عائشة ـ رضي الله عنها ولعن من سبها ـ تفعل ما تفعل وبقيت عنده لم يتركها حتى مات !!


وفيما يلي بيان منزلة الصحابة وحكم من يطعن فيهم :

فضل الصحابة :


قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله : ( فإن الله تعالى أثنى على أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم من السابقين والتابعين لهم بإحسان . وأخبر أنه رضي عنهم ورضوا عنه ؛ وذكرهم في آيات من كتابه .


مثل قوله تعالى { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما } .


وقال تعالى : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } .


وفي الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه } .
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على ما تواتر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما واتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة عثمان بعد عمر رضي الله عنهما .


وقال صلى الله عليه وسلم { عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة } .


وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه آخر الخلفاء الراشدين المهديين . وقد اتفق عامة أهل السنة من العلماء والعباد والأمراء والأجناد على أن يقولوا : أبو بكر ثم عمر ؛ ثم عثمان ؛ ثم علي رضي الله عنهم . ودلائل ذلك وفضائل الصحابة كثير ؛ ليس هذا موضعه .


وكذلك نؤمن " بالإمساك عما شجر بينهم " ونعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب وهم كانوا مجتهدين ؛ إما مصيبين لهم أجران ؛ أو مثابين على عملهم الصالح مغفور لهم خطؤهم ؛ وما كان لهم من السيئات - وقد سبق لهم من الله الحسنى - فإن الله يغفرها لهم : إما بتوبة أو بحسنات ماحية أو مصائب مكفرة ؛ أو غير ذلك . فإنهم خير قرون هذه الأمة كما قال صلى الله عليه وسلم { خير القرون قرني الذي بعثت فيهم ؛ ثم الذين يلونهم } وهذه خير أمة أخرجت للناس . ونعلم مع ذلك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أفضل وأقرب إلى الحق من معاوية وممن قاتله معه لما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق } .


وفي هذا الحديث دليل على أنه مع كل طائفة حق ؛ وأن عليا رضي الله عنه أقرب إلى الحق . وأما الذين قعدوا عن القتال في الفتنة ؛ كسعد بن أبي وقاص وابن عمر وغيرهما رضي الله عنهم فاتبعوا النصوص التي سمعوها في ذلك عن القتال في الفتنة وعلى ذلك أكثر أهل الحديث .


وكذلك " آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " لهم من الحقوق ما يجب رعايتها فإن الله جعل لهم حقا في الخمس والفيء وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا : { قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد } . وآل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة هكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل ؛ وغيرهما من العلماء - رحمهم الله - فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد } .


وقد قال الله تعالى في كتابه : { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } وحرم الله عليهم الصدقة لأنها أوساخ الناس وقد قال بعض السلف : حب أبي بكر وعمر إيمان ؛ وبغضهما نفاق . وفي المسانيد والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس - لما شكا إليه جفوة قوم لهم قال : { والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم من أجلي } . وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إن الله اصطفى بني إسماعيل ؛ واصطفى بني كنانة من بني إسماعيل ؛ واصطفى قريشا من كنانة واصطفى بني هاشم من قريش ؛ واصطفاني من بني هاشم }

انتهى كلام شيخ الاسلام ابن تيمية .

قلت : ومعلوم أن الطعن في الصحابة الكرام ، هو اتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه بالفشل في رسالته ، وأنه لم يقدر أن يؤسس له اتباعا مخلصين ، فكان ـ على زعم هؤلاء المنافقين الذين يطعنون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ـ اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، الذين هم خاصة أتباعه الذين لايفارقونه حضرا ولا سفرا ، وأصهاره ، ووزراءه ،كانوا لايؤمنون بما يقول ، بل يضمرون النفاق والخيانة له طيلة وقت صحبتهم له .


ثم إنه بعد موته ، خانوه في أعظم أمور الدين ـ ويزعم هؤلاء الذين يطعنون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن الامامة هي أعظم أمور الدين ـ خانوه في هذا الامر العظيم ، وبذلك يكون الصحابة رضي الله عنهم ، قد أثبتوا للناس جميعــا ـ كما هو لازم قول هؤلاء ـ أن النبي الذي اصطفاه الله على البشر أجمعين ، كان مثالا لاكبر فشل في التاريخ ، وكان دينه الذي فضله الله تعالى على كل الاديان ، كان أسوأ الاديان حظا من التوفيق الالهي ، فلم يحمله بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا الخونة ، ولم ينشره في الارض إلا أهل النفاق والريب فيه ، وأن القرآن الذي هو أعظم الكتب ، صار بيد أشد الناس خيانة في التاريخ ؟؟!!

فتأمل ما الذي يؤدي إليه الطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، من الشناعات التي لايقرها شرع ولا عقل ، والله ثم والله ، لايطعن فيهم إلا حاقد على هذا الدين ، ساع في إفساده وإبطاله .


والطعن في الصحابة نفاق ، كما قال صلى الله عليه وسلم : رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار)) ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يحب الأنصار إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق, فمن أحب الأنصار أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله)) ، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم قد أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)) ،
و الطعن في الصحابة عموماً طعن في القرآن وتكذيب للآيات من سورة الحشر فقد أثنى الله عز وجل علي المهاجرين من أصحاب نبيه بقوله للفقراء والمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون )


وأثنى الله تعالى عن الأنصار من أصحاب نبيه بقوله: والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا


الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 07/12/2006