خواطر نوويــة!!

 

 

خواطر نوويــة!!

حامد بن عبدالله العلي

 


جال بي الخاطر يوما عن السبب الذي جعل العالم من حولنا يتسلح بوسائـل القوّة ، ويمتطي أسباب التمكين ، وخُلِّفنا نحن وراء الناس ، يحُال بيننا وبين عـِـزّنا ، وبينما يوجد في العالم أكثر من 450 مفاعلا نوويّا ، قـد جُعلت بلادنا العربية حِجرا عنها محجورا ، بل حتى علومها قــد صارت حرما محظورا ؟! خشية أن نبني مفاعلا ، فنتحوّل إلى فاعلين ، لا مفعولين ، فنفرض هيبتنا على العالم ، ونردع أعداءنا عن الطمع في انتزاع ما بأيدينـا ، ونستعيد حقوقنا ، ونرد من يهددنا على عقبه خاسئـا ،

فلم يستطع الخاطر أن يدفع عن نفسه الجواب : أنّ الأنظمة السياسية هي المسؤولة ، فقلت لخاطري : حسنـاً ، ذلك لاريب فيه ، لكن ما بال الشعوب من غيرنا ، قــد ثارت على أنظمتها المنحرفــة ، وبقينا نحن في أغلال الرق إلى يومنا هذا ؟!

فحينئذ خيـِّل إلـيّ أن أمَّتنـا على هيئة رجل قوي البنية مكتمل الخلق عنفواني ، غير أنه مقيّـد على كرسي ذي أغلال ، يداه ورجلاه ، قد أحكمت أغلاله ، وإذا بآخر قائم على رأسه ، كلما أراد التخلّص من أغلاله ، يحقنه ذلك القائم عليه بحقنه ،فردتــه خاملا .

وعلمــت أن ذلك الكرسي ، هو الأنظمة السياسية التي صنعها أعداء الأمـّة ، خاضعةً لغير شريعة الله تعالى ، سواء هيئة الطاغوت العالمي ( هيئة الأمم ) بشرعته الكافرة ، والدول الخاضعة له بشرائعها مثله ، صُنعت لتبقى الأمّة حبيسة لهـا ، والأغلال هي سياط الرق التي ضُربت على أمّتنــا ،

سياطٌ مسلّطة على عقولها بإرهاب الدولة ، تملأ قلوب الشعوب بالرعب من (ولي الأمر) وزبانيته ، وسياط مسلطة على أجسادها بالعذاب المهين ، إنْ هي حاولت النهوض .

وأما القائم عليها يُخدّرهــا ، كلّما همـت بنهدة أقعدها عن قيامهـا ، فهم علماء السوء ، وحقنهم هي إلباسهم الباطل لباس الحق ، وتزيينهم للأمّة ما هي فيه من الذلّ والهوان ، على أنـّه الحكمة المهديـّة ، والمصالح الشرعيـّة ، وأنّ إنقيادهم لحيف السلطة وإفسادها ، وصدها عن سبيل الله وإبعادها ، طاعة لرب العالمين ، وعمل بأحكام الدين !

فعاد الخاطر تارة أخرى قائلا : مهلا يا هذا ، فقل لي بربك : لماذا غيرنـا من الشعوب لم يكن فيهم مثل ما فينا من هؤلاء المخدِّرة المخذلِّة ؟! أو كانوا لكنهم سقطوا مذ وقفوا في صف الظلمة الخونـة ، وداستهم الأقدام وهي في طريقهـا إلى الحريـّـة ؟!

فحينئذ مسّني طائف من الشيطان الرجيم ، أطـلّ برأسه بين عقلي وخواطري فألقى : هو الدين نفسه ، دينكم هو المسؤول ، ألا تراهم لمّا نبذوا دينهــم وراء ظهورهم عزُّوا ، فلم يبقَ بينهم مكانٌ لأولئك المخدِّرين بإسم الدين .. وانخنـس .

فقلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أعليّ يا ابن الخطيئة الكبرى ؟! إذهب إلى أفراخك من زنادقة العلمانيين والليبراليين العرب ، ألم يكن ديننا هو سبب مجــدنا دهورا ، فلمّا نُحـّـي عن الحكم ، والمحاكم ، وعن صياغة الهوية ، وتوجيه الثقافــة ، والهيمنة على السلطة ، صرنا إلى ما صرنا إليــه ؟!

فعاد الخاطر كرة ثالثة : إنّ هذه الشعوب قد استمرأت الرقّ ، حتى غدت تقاتل دونه ، ألا تراهــم يموت طاغوتهــم الذي لم يعلمهم شيئا سوى وظائف العبودية له ، فيبكون على أيامه كما تبكي الثكلى على وحيدها ، ألا تراهم صـنعت لهم أنظمتهم أصنام الوطنيّة فخروا لها سجّدا ، وسبَّحوا بحمدها ، ووقفوا لأعلامها خاشعيــــن ، وهم مع ذلك يرون الحاكم يسرق هذا الصنم ، ويخونه ، ويعبث بعرضه ، ويبول عليه ، وهم يصفّقون له ولصمنـه ! ( لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ) .

فقلت لخاطري صدقـتَ ، والحـلّ إنما يكمن في تفجير نووي يوقظهم من سباتهم ، يحدث صعقة هائلة ، فيكون أوّل من يُصعق بها ، فيُصـرع ، الملبّسون المخذّلون ، فإذا سقطوا ، نهضت الأمـّة فحطّمت أغلالها ، وعلـت عن كرسي الذلّ ، الذي أُقعدت فيه ، إلى عرش النصر المظفّـر ، والمجد المؤثـَّل ، فاستـوت عليه .

وهاهو التفجير النووي قـد استفتح القــرن فانطلق ، فانبعـث من بين غبار زلزاله المدمـّـر ، أفواجُ المجاهدين ، فانتثرثت دماؤهم ترسم طريق الخلاص ، بريشة الاستشهاد ،

وانتشرت روحهم خلل الأمة ، تصيح بها صيحة الإفاقة ، فأحيت خلائق لاتحصــى

في مضمار الجهــاد حثيثا تجــري ،

وبدأت رياح التغيير تســري ،

وبدا نقع غبارها يلوح في الأفق ،

من جاكرتــا إلى نواكشوط ، عبر أفغانستان ، و العراق ، وفلسطين ، والصومال ، وبين هذه المحطـّات المباركة ، وفيها ، يجُنـّد الرجال والنساء لمشروع التغيير العالمي كلّ يوم ، وتسقط في كلّ ساعـة حلقة من حلقات الرقّ ،

وتلتحم العزائم ، وتهبّ بتباشيـر النصــر النسائم .

وهذه الروح لن يردّها بإذن الله شيء حتى تصير إعصارا ، يقلب عالي أنظمـة الطواغيت سافلها ، ويرمي قِوى الطغيان العالمي فيقطع حبائلها ،

فالحقْ بركب النصر ويحك إنهم ** بلغوا العلا والمجد فيهم سائـرُ
إنْ كنتَ فيهم أوكان غيرُك راكبا ** لافرقَ ،يمضي الركبُ ،أنت الخاسـرُ
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 07/12/2006