الردّ على من وصَفَ جهاد الأمّة المشرف في الشام بالفتنة !
( إنّ سوريا تحت غزوٍ مجوسيِّ يستهدف أمّتنا كلَّها وليس الشام فحسب ، والفتوى بوجوب دعم جهاد الشعب السوري بكلّ أنواع الجهاد بالرجال ، والمال ، والسلاح ، والإعلام ، لاتخفى إلاّ على أعمى البصيرة ، مخذولٍ عن رؤية الحقّ ، مُثبَّـطٍ عن إعانة أهله _ نسأل الله السلامة _ والواجب منعُ قائل هذه الضلالة ، إن لم يمكن بالسلطان ، فبإكثار النكير عليه باللسان ، حتى يُسكـت ، فيُكبـت ، فلا يؤثـّر على جهود الأمة الإسلامية لتحرير الشام من الإحتلال المجوسي ، وذلك كائنٌ وقريب بإذن الله )
حامد بن عبدالله العلي
الحمد لله الذي أمر بجهاد الكافرين والمنافقين ، والصلاة والسلام على المبعوث بالجهاد للمؤمنين ، لقمع الظالمين والمفسدين ، وإظهار الحق المبين ، وعلى آله وصحابته أجمعيـن ، وبعد :
فقد ظهرت أقوالٌ ألقاها الشيطان على ألسنة قائليها ، تشكّك في جهاد أهل الشام ، وتصفُهُ بالفتنة ، وتثبـّط الناس عنهم بتصريح تارةً ، وتلميحٍ تارةً أخرى .
ولاريب أن هذا يدخل في الإرجاف ، والتخذيل ، بل هو أقبح من ذلك ، وأشنع .
وقد أجمع العلماء على تحريم الإرجاف ، ويدخل فيه إشاعة كلِّ ما يوهن العزيمة في لقاء العدوّ ، ومثله التخذيل وهو تثبيط الناس عن الغزو ، وتزهيدهم في الخروج إليه ، ومازال الفقهاء يستدلون في هذا الباب بقوله تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ، وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاّ قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا ، وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا )
كما حفلت كتب الفقهاء من جميع المذاهب على أنه لايجوز استصحاب المرجف ، والمخذل إلى جهاد .
مع أنّ هذا فيمن يقول إنّ الغزو لافائدة فيه ، أو التصدّي للعدوّ لا جدوى منه ، ومثل هذه الأقـوال ، أما من ينهى عن المشاركة فيه بدعوى أنه فتنة ! ونحو ذلك ، فهذا الفعل أشد جرما ، وأعظم تحريما ، بل هو اصطفاف مع العدوّ ، ونكاية في صفوف المسلمين ! وما أشبه قائل هذا القول القبيح ، بمن وصفه الإمام ابن حزم رحمه الله : ( ولا إثمَ بعد الكفر أعظمُ من إثم مَن نهى عن جهاد الكفار ، وأمر بإسلام حريم المسلمين إليهـم ) !
هذا .. وليس هذا الصنف المخذّل بجديـد على الأمـة ، فكم ظهر في صفوفها في حال تصدّيها لأعدائها ، وقيامها بواجب الجهاد .
ومنذ أن وصفهم الله تعالى في غزوة الأحزاب قائلا عزّ شأنه : ( وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ، ويستأذن فريق منهم النبيّ يقولون إنّ بيوتنا عورة ، وما هي بعورة إنْ يريدون إلاّ فرارا ) ، وفي سورة التوبة قائلا سبحانه : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتنّي ألا في الفتنة سقطوا).
من ذلك الحين , وهذا الصنف من المهزومين نفسيا يبرز قرنـُه ، فيردّدون عندما تنهض الأمّة لدفع عدوّها الصائل عليها ، نفس ما ردّده أسلافهم ( إنها فتنة ) و(لا تجلبوا الخراب إلى البلاد ) بجهاد العدوّ ، ( إنّ بيوتنا عورة ) !
ذلك أن نفوسهم قد ألفت الخنوع ، إذ طال بقاؤُها فيه ، واستهوت ظهورُهم ركوبَ الطغاة عليها من طول خضوعهم للطغـاة ، فهم يتلفّظون بألفاظ العبيد وسط الأحرار ، ويتكلّمون بلغة الرقيق بين الأباة ، وهم لايشعرون !
ولله در القائل :
ومن يُهن يسهل الهوان عليه ** ما لجـرحٍ بميـت إيلامُ
وما أصدق القائل :
إذا ما أهان امرؤٌ نفسه ** فلا أكرم الله من أكرمه
وهم تارةً يُسمُّون هذا النهج الذليل المرذول حكمةً ، وتارة يطلقـون عليه ( نهج السلف ) !
ولعمْري ما هي بحكمة ، بل جبنٌ ومهانـة ، وإنها لجناية عظيمة على سلف هذه الأمة العظيمة ، أن ينسب إليها هذا الخور ، فما كان عصر السلف إلاّ عصر الجهاد ، والتضحية ، والتصدّي للطغاة ، وأطْرِهـم على الحـقّ أطرا ،
لقد كان عهد الرماح العوالي المشهوره ، والسيوف البراقة المنصوره ، والغارات التي هي بالظفر ممهـوره .
إذ كانوا سلالة عـربٍ أقحاح ، يرون الذلّ أقبحَ العيوب ، والجبن أعظم العار ، والرضى بعلوّ العدوّ أشدّ عليهم من الموت :
ونحن أناسٌ لاتوسـُّط عندنا ** لنا الصدرُ دون العالمينَ أو القبر
إذا بلغ الرضيع لنا فطاما ** تخر له الجبابرُ ساجدينا
لقد كانوا يعـدّون المجد لايُنال إلاّ بمواجهة الكماة في ساح الوغى :
لا تحسبُ المجدَ تمراً أنت آكلُهُ ** لن تبلغَ المجدَ حتّى تلعقَ الصَّبـِرا
فلما بعث الله فيهم خاتم النبييّن صلّى الله عليه وسلم ، فدخلوا في دينه ، كانوا كما قال صلى الله عليه وسلم ( خياركم في الجاهلية ، خياركم في الإسلام إذا فقهوا ) متفق عليه ,
فطالت راية شموخهم بالإسلام ، وأعلى الله جباهَهم بالإيمان ، إذ أنزل عليهم : ( وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة ، ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلاّ على الظالمين ) ، وأنزل ( قاتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم ، ويُخْزهم ، وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ) ، وغيرها من الآيات التي ربّتهم على أن لا عـزّ لهم إلاّ بالجهاد ، ولا مجد لهم إلاّ فوق ذُرا سنامه.
وعلمهم القرآن أنْ تحت راية الجهاد تُذبحُ الفتنة ، وليس هي الفتنة !
وأن في ظلال رماحه ، وبأيدي المؤمنين ، ينتقل الذلُّ والخزي إلى العدوّ فيخزيهم الله بأيدي المؤمنين ، ويشف صدور المؤمنين ، وليس هو الذلُّ والخزي!!
وبقيت هذه الأمة فيها هذه الروح الأبيّة التي صنعها الإسلام ، فما برز لهم عدوّ إلاّ نهضوا إليه ملتفّين حول راية الجهاد ، فحطّموا عرش كسرى ، ومزقوا ملك قصير ، ثم كسروا الصليبيين في حطين ، بتضحيات عظيمة ، معطّرة بدماء الشهداء ، ثم هزموا المغول في عين جالوت بمثلها من التضحيات .
ثـم ما زالت الأمـّة على هذا الفهم ، فهْم الأمة الحيّة ، التي ترى أنها بشهدائها فحسب تصنع أمجادَها ، فدماؤهم حبرُ تاريخ عزّهم ، وأجسادهم المخضبّـة بتلك الدماء تحت الألوية ، هي صحائفُـهُ .
ثم كذلك في هذا العصر ، قدمت الأمة في أقصى الشرق مليون شهيد في أفغانستان لتحطيم إمبراطورية الشيوعية المتمثلة بالإتحاد السوفيتي ، ومليون آخر في أقصى الغرب في الجزائر لتطرد المستعمر الفرنسي ، وفي نقطة الوسط ترى شمس الشهيد عمر المختار ساطعةً بالعزّة ، متألقـةً بالمجد ، مشعّـةً بالشموخ .
وفيما بين المشرق والمغرب ، أنهرت الأمة دماءَها رخيصةً ، لتتخلص من إستعمار القرن الماضي ، والذي قبله .
هذا ولم تزل الأمة بهذه التضحيات الباهره ، وتلك الدماء الطاهره ، وهاتيك الأجساد الممزقة في سبيل العزة ، محمودة الذكر ، مرفوعة الرأس ، حتى عند عدوّها ،
إلاّ عند هذه الطائفة المخذّلة ، المرجفة التي تُسمّى تارة جامية ، وتارة انبطاحية ، وتارة مخابراتية ! وكلّها تصبُّ في مصبِّ واحد !
وإذا كانت الأمم كلُّها مجمعة على أن لاشيء أوجب من حفظ كرامتها بمنع تسلط العدوّ عليها ، وفي سبيل ذلك تسترخص كلُّ أمـةٍ ، كلَّ غالٍ ، وتقدم كلّ نفيس.
فكيف بهذه الأمة التي علّمها القرآن : ( ولاتهنـوا ولاتحزنـوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ).
هذا هو منهج السلف في نهج الإسلام ، وعلى آثاره مضـت هذه الأمة العظيمة الشامخة.
أما هؤلاء المخذّلون المرجفون ، فإنما ينبحون كالكلاب بأصواتٍ نشازٍ على لحن الأمة المشبـّع بعزف المجـد ، والعـزّة ، والإباء .
وقد سمعنا _ أوّل ما سمعنا _ نباحهـم المزعـج ، عندما حلّت الصليبية غازية أفغانستان قبل عقد من الزمان ، ثم عـلا صوتهم عندما زحفت جيوشها على عاصمة الخلافة بغداد عام 2003م ، إرضاءً لجيوش الصليب ، ومن أعانها من حمير العرب ، وتزلفاً إلى عبيد بوش وكونداليزا رايس ! ، حتى نصبوا ( بريمر ) وليّ أمر على العراق ، وجعلوا من يجاهده خوارج عليه ، قبحهم الله من عميان البصيرة !
لكنّ الأمة لـم تلتفت إليهم ، ولا عوّلت عليهم ، بل مضت في طريق جهادها ، وبقيت تحته رايته الخفاقة ، مؤمنة بأن هذا هو طريقها المحتوم ، ونهجها الذي بآي الوحي المنـزّل مخطوط ومرسوم .
ثم لما جاء الآن دور المجوس ، واشتعل أوارُ جهادِهم في الشام ، وسُلّـت السيوف البرّاقة ، تحملها الأبطال التي هي للجهاد مشتاقة ، والتف حولهم شعبٌ كريم الأعراق ، عظيم الشجاعة ، كبير المقامات ، شهد له الوحي بالفضائل قبل الناس ، والتاريخ .
ثم مضى هذا الشعب الكريم في طريق لا يرى له رجعة عنه إلاّ بالنصر ، ولا يبصـر نهاية له إلاّ تحرير الشام من احتلال المجوس ، وتطهير سوريا من رجس الفرس المنحوس.
لما جاء دور جهاد المجوس ، طارت تلك الغربان من خرائبها _ كعادتها _ فحطّت حول ساحات الجهاد في الشام ، تصفهم جهاد أهلها المشرّف الذي أعـزّ الأمـة بالفتنة ! وتخذل الأمة عن اللحاق بهم ، والإنفاق عليهم ، ومدّ يد العون لهم !
فهاهو !! هو نفسه نعيق مرجفي غزوة الأحزاب ، وهو ذاته المتكرر عبر التاريخ إلى يومنا هذا ، قبحه الله من نعيق ، وقاتلها الله من غربـان !
ولا تعجـبوا أيها الصادقون ، أن سيبقى في أمّـتنا ، إذ هـو امتحان _ أيضا _ يميّز الصادق من الكاذب ، ولهذا ورد في الحديث ( يقاتلون في سبيل الله لايضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم ).
هذا وقد كتبت فتوى سابقة في جهاد الشام مع أول رصاصة انطلقت في وجه الإحتلال المجوسي له ، بينت فيها حكمه ، وشرحـت فيها وجهه وأمره ، هذا نصها :
قال الحقُّ سبحانه : ( وجاهدوُا في الله حقّ جهادِهِ ) ، وقال : ( والذين إذا أصابهَم البغيُ همْ ينتصروُن ) ، وقال : ( ولمن انتصرَ بعدَ ظُلْمِهِ فأولئكَ ما عليهِمْ من سَبِيل )
وقال صلَّى الله عليه وسلم عن الطغـاة : ( فمنْ جاهَدهم بيدِه فهُو مؤمِن ، ومن جاهدَهم بلسانهِ فهوَ مؤمنْ ، ومَنْ جاهَدَهمْ بقلْبِهِ فهوَ مؤْمنْ ، وليسَ وراءَ ذلكَ منَ الإيمانِ حبّةُ خرْدل ) حديث صحيح رواه مسلم
أما بعـد : فإنَّ الجهادَ في أرض الشَّام هو أفضل الجهاد اليوم ، والقائمون عليه من أسود الشام ، وأبطال الإسلام ، همْ خيرُ المجاهدين منزلة ، وأعظـمهم درجة ، وأزكاهم عند الله إن شاء الله تعالى.
ذلك أنهم يقاتلون من جمـَعَ على أهل الإسلام الشرَّيـْن ، وانتظم الخطريْن ، شرّ المجوس المتدثّر بدين الرفض الذي هو أخبث دين على وجه الأرض ، وشـرّ الطغيان العظيم الذي لم يصل إلى مثله طغـيان.
وهم بذلك يدفعون بنحورهم عن أهلِ الإسلام ، ويهرِقون دماءَهَم لأجل حماية المسلمين ، وليدفعوا عنهم بأس الكافرين ، كما قال تعالى ( وحرِّض المؤمنين عسى الله أنَّ يكفَّ بأسَ الذين كفروا ) .
ولهم أجر المجاهدين الذي ورد فيه قوله تعالى :(وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) ، وفي قراءة أبي جعفر المدني برواية خلف عنه : ( أجعلتم سُقاةَ الحاج ، وعَمَرَةَ المسجد الحرام ، كمن آمن بالله ، واليوم الآخر ، وجاهد في سبيل الله ، لايستوون عند الله ) ، وهذه القراءة أجلى في تعظيم فضل المجاهد ، على كل الأعمال الصالحة حتى أعلاها وهي الصدقة بسقي المـاء ، في أفضل المكان ، لأفضل من يُسقى وهم الحجيج ، بل هـو أفضل ممن يعمرون المسجد الحرام بالصلاة ، والذكر ، وتلاوة القرآن ، فالجهاد بنص الآية أفضل من جميع الأعمال الفاضلة القاصرة ، والمتعدية.
ولهذا ورد عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه كان في الرباط ، ففزعوا إلى الساحل ، ثم قيل : لا بأس ، فانصرف الناس ، ووقف أبو هريرة رضي الله عنه ، فمرّ به إنسان ، فقال ما يوقفك يا أبا هريرة ؟! ، فقال : سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( موقف ساعة في سبيل الله ، خير من قيام ليلة القدر ، عند الحجر الأسود ) رواه ابن حبان في صحيحه ، والبيهقي ، وغيرهما .
ومعلوم أنَّ الصلاة في المسجد الحرام ، بمائة ألف صلاة ، وهذه المضاعفة العظيـمة ، مضاعفةٌ أيضـاً بأكثر من 83 عاما في ليلة القـدر ، وبهذا تكون ساعة الرباط خيراً من كـلّ هذا العمل العظيـم ، فسبحـان الله!
.
ولنذكر أيضا _ في هذا المقام _ بعض الأحاديث الواردة في فضل الجهاد العظيم حضّا لأهلِ الشَّام عليه ، وترغيبا لهـم فيه :
.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثلُ المجاهد في سبيل الله ، كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله ، لا يفتر من صيام ، ولا صلاة ، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى ) رواه البخاري ومسلم
وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله ، لا يفتر من صيام ، ولا صلاة ، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى ) متفق عليه
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ( رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله ، وأُجري عليه رزقه ، وأمن الفتّان ) رواهمسلم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيُّ العمل أفضل ؟ قال : ( إيمان بالله ورسوله ، قيل : ثم ماذا ؟قال : الجهاد في سبيل الله ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرر ) متفق عليه
وعنه رضي الله عنه : ( مرَّ رجل من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعشب ، فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته ، فقال : لو اعتزلت الناس ، فأقمت في هذا الشعب ، ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ( لاتفعل فإنّ مقام أحدكم في سبيل الله ، أفضل من صلاته في بيته ستين عاما ، ألا تحبُّون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة ؟ اغزوا في سبيل الله ، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة ، وجبت له الجنة) رواه الترمذي ، ومعنى فُواق ناقة : أي ما بين الحلبتين من الراحة .
وعنه : ( أنّ رجلاً قال : يا رسول الله ، دلّني على عملٍ يعدل الجهاد ، قال : لا أجده ، ثم قال : هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك ، فتقوم ولا تفتر ، وتصوم ولا تفطر ؟! فقال : ومن يستطيع ذلك ؟! قال أبو هريرة : فإنّ فرس المجاهد ليستنّ ، يمرح في طوله ، فيكتب له حسنات ) رواه البخاري ، والطول هو الحبل الذي يشد به الفرس ، ويستنّ أي يعدو
.
هذا .. ومن يُقتل من المجاهدينَ في الشام ، أو ممن يعينُهمْ ، أو ممن يؤيـّد الثورة بأيّ نوع من أنواع التأييـّد ، كلّ هؤلاء الذين يجاهدون نظام طاغية الشام ، من يُقتـل منهم فهو شهيدٌ ، ينال فضل الشهادة بإذن الله ، وفضلهـا عظيمٌ ، كما في حديث أنس مرفوعا : ( ما أحد يدخل الجنة ، يحب أن يرجع إلى الدنيا ، وله ما على الأرض من شيء إلاّ الشهيد ، يتمنَّى أن يرجع إلى الدنيا فيُقتـل عشر مرات ، لما يرى من الكرامة ) متفق عليه
فأيُّ فضلٍ في الإسلام أعظـم من هذا الفضل ، وأيُّ مكانة أسمى من هذه المكـانة ؟!
كمـا نؤكـِّد لأسود الجهاد الشامي ، وكلّ الثوار الأحـرار ، أنَّ كلّ من يقاتـل مع نظام طاغية الشام ، وأشقاها ، وشارونها ، يريد أن يسفك دماء أبنائها ، ويعتدي على حرماتها ، فدمُهُ مباح ، في شريعة الإسلام ، بإجماع علماء الإسلام ، وسلاحه الذي يحمله يذهب للمجهود الجهادي ،
كيف لا ، وقد قال تعالى ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيءَ إلى أمـر الله ) ، وهؤلاء المدافعون عن نظام هذا الفرعون المتكبر في الأرض ، ليسوا بغاةً فحسب ، بل هم أعظم الطغيان ، وجنـود الشيطان ، فليس في إباحة دمهم من الشكِّ قطميرٌ ، ولا نقيـر.
وإذا كان النبيُّ صلّى الله عليه وسلم ، أمر بقتال الخوارج من أجل أنهم يستحلون دماء المسلمين ، كما في الصحيح : ( يقتلون اهل الإسلام ، ويذرون أهل الأوثان ) ! مع أنهـم كما جاء في وصفهم في الصحيح ، كما في السنن والمسانيد من طرق متعددة ، قال صلى الله عليه وسلـم عنهم : ( يحقر أحدُكم صلاتَـه مع صلاتهم ! وصيامَـه مع صيامهم !، وقراءته مع قراءتهم ! يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الإسلام ، كما يمرق السهم من الرمية ، أينما لقيتموهم فاقتلوهم ; فإنّ في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة ; لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد )
فهؤلاء الأخباث جنود طاغية الشـام وشارونها ، المعتدون على دماء الناس ، وأعراضهم ، وأموالهم ، أحقُّ بأن يُقتلوا قتل عادٍ ، وثمـود .
غير أنَّ للمجاهدين أن يرجِّحوا مصلحة العفو ، للتشجيع على الإنشقاق ، أو ترك القتل أحيـاناً إن كان ذلك مأمونا ، وترجَّحَ تركـُه ، وليجتهدوا فيما يؤلف قلوب الشعب إليهم ، ويجمـع الكلمة عليهـم ، فجواز القتل لايعني وجوبه في كلّ حال ، ولا رجحانه في كلّ الأحـوال .
هذا ونهيب بأهل الإسلام ، لاسيما ذوي اليسار ، والجمعيّات الخيّرية ، وغيرها ، إعانة الجهاد الشامي بالمال ، ففي الصحيح : ( من جهَّز غازيا فقد غزا ، ومن خلف غازيا في أهله فقد غزا ) .
هذا وقد أصدرت سابقا بيانا في دعم الثورة السورية ، وجهاد أهلها ضد طاغية الشام ، وأشقاها ، وشارونها ، هذا نصُّـه :
المحمودُ الله جل في علاه ، بالحمد كلِّه ، و المصلَّى والمُسلَّمُ عليه نبيُّه المجْتبى ، ورسوله المصْطفى ، وعلى أهل بيته الطاهرين ، وأصحابه الطيبـين ، و على كلّ مَن بآثـارِه اقتفى ، وبهُداه اهتدى ، وبعد :
يُشعـل شعب الشام الأبـّي ، أحفاد صلاح الدين الأيوبي في أرض جهاده ، ثورة عظمى ضد طاغيتها بشّار ونظامـه ، الذي طغى في البلاد ، فأكثـر فيها الفسـاد ، وأهلك بالظلم العبـاد ، ثم أظهـر حقيقة طغيانه ، ومبـلغ إجرامه وعدوانه ، فيما فعله في المتظاهرين ضـد نظامه ،
إذ أخذ يسومونهم سوء العذاب ، في إبادة جماعية لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث ، يحضُّهُ عليها حقدُه البغيض على الإسلام والعروبة ، إذ كان من الطائفة النصيرية الملعونة المتحالفة مع المجوسية الكسروية المأفونة في طهران ، ضدّ أمة الإسلام والإيمان ، كما يؤزُّهُ خوفُه على عرش طغيانه أن يهـوى ، وإنَّ ذلك لواقع بإذن الله ، وعلى نظام دولته الباغي أن يسقط ويفنـى ، وإنَّ ذلك لحادث بإذن الله .
ولقد تعرَّضَ الشّعب السوري في أثناء حكم هذا الحزب اللعين إلى أبشع ضروب القمع ، والتعذيب ، والتنكيـل ، والقتل بالإغتيال ، كما انتشر الفساد ، وفشَت الجريمة ، ، وعـمَّت الفواحش ، والإنحلال الأخلاقي ، وحورب الدين ، والتدين في الشعب السوري ، وصار حكمه ملاذا للدعوة المجوسية الباطنية الرافضية ، ولأخباث الخلق ، فقد سلّم الشام إلى مجوس طهران لينشروا فيها أخبث دينٍ للشيطـان .
ولقد اقتـرف هذا الحزب الخبيث في الشعب السوري كلَّ أصناف التنكيل ، والتعذيب ، وحرّم الشعـب من أدنى حقوقه الإنسانية ، وسلبه حريَّتـه ، وسلَّط عليه أنظمة القمع ، والإرهاب البوليسي ، كما استنزف وبدَّد ثروة الشعب السوري ، وموارده الطبيعية الغنـيّة ، ونهَبَ أموال الخزانـة العامـّة ، والأرصـدة .. إلـخ
غير أنّ شعب سوريا البطـل ، وهو الذي سطَّر في تاريخه أروع البطولات ، وتحت ترابه الطاهر يحتضن قبرَ خالد بن الولد رضي الله عنه ، وصلاح الدين الأيوبي ، لايمكن أن يذلّ لطاغية ، أو يستعبده طغيان .
فأعلن أولاً الثورة السلمية ، فلمّا انطلقت وآزرها الشعب ، فاستظهرت ، واستوتْ على سوقها ، عظم الطغيان من العِدى ، وتجاوز الظالمـونَ المدَى .
فتشكَّل من أسود الشام ، وليوثه العظام ، ومن الضباط المشنقّين عن جيش الطاغية ، وغيرهم من الجنود الشرفاء ، وأعانهم غيرهم من داخل سوريا وخارجها من أعانهم ، فالتئم جيشٌ من المجاهدين .
فأطلقوا صيحات الله أكبر بالجهاد ، فصارت من تحت أقدام فرعون سوريا ، الأرضُ تموج موج البحـار ، وترتج ارتجاج أعجاز النخل أصابها الإعصـار ،
فدعـا الطاغية جيشا من المرتزقة من طهران ، وأرجاس جيش المنغولي مقتدى الصدر ، وأنجاس المهرّج زعيم حزب الشيطان في لبنان ، للدفاع عن عرش البغي والعدوان ، فلم ينجِّهِ ذلك من ثورة غضب الأسود ، وإعصار يشبه إعصـار الجـدود .
وهاهو الشعب السوري يشتـعل إشتعال النار في الهشـيم ، وينطلق إنطـلاق السيل العظيـم ، ويضـرب ضربة السيف الصريـم .
ويصِـرُّ على إسقاط الطاغية ، وعلى إسترداد حقوقه ، وإقامة سلطان العدل ، وإطـلاق مشـروع النهضة التي تلتحق بالنهضة العربية الكبرى ، لتعيد لأمّتـنا رسالتها الإسلامية الخالدة ، وترفع رايتها الحضاريـة الرائدة .
وهو يقــدّم هذه الأيام تضحياتٍ عظيمة ، يقدِّم دماء أبنائه ، وأرواح شهدائه ، ويعرض نفسه لمواجهة نظـام هـو أطغى الطغـاة في الأرض ، وأخبـث الفجرة العـتاة على الدين ، والمال ، والنفس ، والعرض ,
ليحرِّر الشعب السوري من الظلـم ، والطغيـان ، والبغـي ، والاستعباد ، والعـدوان.
فالواجب على الأمّة الإسلاميّة دعم الشعب السوري في جهـاده ، بكلِّ ما يحتاجه حتّى إسقاط الطاغيـة ، وعلى العلماء ، والمثقفين ، نصرهـم ، والشدّ من أزرهـم ، حتى يزيحوا هذا المستكبـر الخبيث ، ويبدلهم الله تعالى سلطانا عادلا ، وعيشـا كريمـا فاضـلا .
ويا أيُّهـا الشعب السوري البـطل ، اعقد العزم بالله ، واجمع التوكّل على الله ، وأحسن الظن بالله ، واثبت على جهادك ، فمن يقتـل فيه ، فهو شهيـد ، ومن يجرح فيه فهو كالجريح في الجهـاد ، يأتي يوم القيامة ، ريح دمه ريح المسك ، وثوابه ثـواب المجاهد للكفر والشـرك .
هذا ونحن متفائلون أنّ نهاية هذا الطاغية قريبة ، وسيهلك الله معه من كان له شريكـا ، وسيقر الله تعالى _ بإذن الله تعالى _ عيون المسلمين بهلاكه وشيكا.
.
والله المستعان ، وهو حسبنا ، عليه توكّلـنا ، وعليه فليتوكّل المتوكّلون ، والله نعم المولى ، ونعـم النصيـر الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 28/05/2013 عدد القراء: 49756
أضف تعليقك على الموضوع
|