قل موتـوا بغيـظكم .. فالإسـلام إلى القمـّـة
،
حامد بن عبدالله العلي
،
لم تكن الحملة الحاقـدة التي شنتها غالب الصحافة في بريطانيا علي الإسلام ، وشريعته السمحاء ، بعد المحاضرة المنصفـة التي ألقاها الأسقف روان وليامز رئيس الكنيسة البروتستانتية البريطانية، وأثنى فيها على أحكام الشريعة ، ودعا إلى الاستفادة منها.
ولا عودة أكثر من ستين مطبوعة دنماركية ، منها الصحف الدنمركية الرئيسة ، إلى نشـر الصور المسيئة لنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام ، ثم دسّها تحت أبواب منازل المسلمين في الدنمرك .
ولا تصاعد صوت النائب الهولندي المتطرف غيرت ويلدرز ، وازدياد وقاحته ، حتى دعا إلى تجريد المسلمين في هولندا من جنسياتهم ، وطردهم ، وأنتج فيلما ليعرض على أربع محطات تلفزيونيه ، يشوه صورة الإسلام ويحرض ضده .
ولا ذلك المؤتـمر الذي عقده قياديون يمثلون 15 حزبا متطرفـا أوروبيا في مدينة انتويرب البلجيكية ، ثم إصدارهم ميثاقـا يحذر من أسلمة أوربا ، ويحرض ضـد بناء المساجد ، بعد أن وصفها بأنها 600 مسجـد في أوربا هي أوكار التطرف
ولا تصريحات البابا بنديكت الحاقدة عن الإسلام ، والتي أثارت ردود فعل واسعة ، ووصفها وزير سويسري بقوله ( تصريحات مفيدة ، وذكية ،وضرورية ) !
ولا ما قالته المرشحة النمساوية سوزانا فيتنر عن حزب الحرية عن المسلمين بأنهم (مغتصبو أطفال) ، محذرة من تحولهم إلى نصف عدد سكان النمسا خلال العشرين ، أو الثلاثين عاماالمقبلة , ثـم وصفها الهجرة الإسلامية بأنها (أصبحت موجات تسونامي جديدة تهدد بابتلاع مدن الغرب المسيحي) .
ولا تردّد الإهانات العنصرية ضد المسلمين على نطاق واسع في أنحاء أوربا ، وتطوّرها من لفظ : (المهاجر القذر)، إلى (العربي القذر)،إلى عبارة (المسلم القذر) .
ولا تلك الدراسة البحثية الصادرة في الولايات المتحدة ، التي توصلت إلى أنه وجد من خلال 350 عنواناً من الروايات الشعبية، انتشرت منذ سنة1970 لغاية 1997، انه تم تصوير الإسلام والمسلمين بصورة سيئـة، وتبرزهم بوصفهم إرهابيين، ومتوحشين ، وشهوانيين، وفاسدين .. الخ
.. وتقول هذه الدراسة إن هذه الكتب تغطي 80% من مجموع الكتب ذات الطبعات الرخيصة ، والبيع السريع، وتباع هذه الكتب في غير المكتبات مثل المطارات، ومحطات القطار، والصيدليات، والمتاجر العادية، وباعت الصحف المنتشرين في المدينة، وحتى في محطات بيع الوقود، لتصل الى الجمهور الواسع فتأثر فيه.
ولا قبل هذا كله : تطاول القس الأمريكي الحاقد جيمي سوجارت على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، ومطالبته بطرد جميع طلاب الجامعات المسلمين الأجانب في الولايات المتحدة، و بالتمييز ضد المسافرين المسلمين في المطارات ، وبتعقبهم، ووصفهم تهكما بأنهم (يرتدون حفاظات أطفال على رؤوسهم )!
ولا ماقاله القس بات روبنسون المريض من الإسلام نفسيا ، لإحدى المحطات التلفزيونية ، واصفا المسلمين بأنهم أسوء من النازيين ، وشتمه القبيح في مقام سيد المرسلين ، على قناة فوكس الأمريكية ،
ولا ما تّفوه بـه صديق الرئيس بوش القس الحقود جيري فولويل ، وكذا القس فرانكلين غراهام وهو المقرب من الرئيس بوش، وكذا ما افتراه جون آشكروفت وزير العدل الأمريكي على دين الإسلام .
ولا ما قام به سابقا ـ على سبيل المثال ـ معهد الفنون الحديثة في بريطانيا ، وهـو مؤسسة غير ربحية مسجلة في بريطانيا ، تحصل على مساعدة مالية من مجلس الفنون البريطاني ومعهد الفيلم البريطاني ومؤسسة راين، ومن أهدافه توفيـر المكان للتعبير عن وجهات النظر المتعددة
ما قام به من استضافة عدد من الكتاب ،والأدباء العرب لإلقاء محاضرات أو المشاركة في ندوات .
أما الذين استضافهم هذا المعهد فمنهم : محمد شكري صاحب كتاب "الخبز الحافي"، الرواية الممنوعة في معظم البلاد العربية وتسخر من الإسلام ، عبد الرحمن منيف صاحب رواية "مدن الملح "التي هي مثل رواية الخبز الحافي ، كما يبدي هذا المعهد اهتماما خاصا بكل المعادين للإسلام ، فيجري لقاءات مع نوال السعداوي ، وحنان الشيح ، وعائشة جبار وغيرهم .
ولا إستضافة الغرب عموما ، لكل من أعلن ردته شاتما الإسلام، من أمثال سلمان الرشدي الذي قال في شأنه ذلك الوزير البريطاني الذي ينتمي لحزب المحافظين : (يجب إعادة فتح بريطانيا للانجليز، ويجب طرد المسلمين إلى ديارهم إذا كانوا لا يستطيعون أن يعيشوا في بلد يسمح فيه لسلمان رشدي بحرية التعبير عن آرائه )!
لم يكن ذلك كلّه ـ رغم احترامنـا للمفكرين المنصفين الغربيين وإعترافنا بجهودهم المشكورة في الدفاع عن حضارتنا والدعوة إلى إحترامها ـ قد جاء إعتباطيّـا ، ولا هـو ضـرب من العبث ،
إنَّ السبب تماما كما اختصره كاردينال بول بوبارد أحـد المقرّبيــن من البابا السابق : "إن الإسلام يشكل تحدياً مرعباً بالنسبة للغرب، ومشكلاً خطيراً بالنسبة للأمل المسيحي".
وهو يعكـس صعود الإسلام بقوة في العالـم ، وقدرته الحيوية على الحفاظ على هويته ، وسرعة إنتشاره رغم شدة الظروف المحيطة بــه :
إنه كما قال إدوارد دجيرجيان السفير الأمريكي السابق في الكيان الصهيوني ، ومساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط أيضاً ، في مقالة في صحيفة الكريستشان ساينس مونيتور ، في17 /3/ 1995م
"إن نداء (الله أكبر) التي يطلقها المقاتلون المسلمون ، يمكن سماعها عبر هلال الأزمات منطلقة من البوسنة ، وخلال الشرق الأوسط ، حتى أواسط آسيا ، وجنوب شرق آسيا، إن الإسلام يلعب دوراً حاسماً في المشكلات المختلفة ، كما في البوسنة ، وفي الشيشان ، وفي ناقرنو-كراباح ، والجزائر ، وغزة ، والضفة الغربية ، وكشمير ، والمسلمون في هذه المنطقة كلَّها ، يؤكدون هويتهم ، مقابل النظم غير الإسلامية أو الشرائح أو الأنظمة القائمة على العلمانية…"
إنَّ دهشة الغرب المتقوقع على ذاته ، المتغطرس بنفسه، المزهّـو بأنه يملك وحـده حق السيطرة على كلّ شيء ، إذ كان متقدما في التكنلوجيا ، مما جعله يرى نفسه مرجعية نهائية ، ومعيارا يحكم علــى جميع الحضارات ، والظواهـــــر ، ويحولها إلى (مستعملات) له ، من حقِّه أن يوظفها لأطماعه ، لأنه الأقوى ، والأجدر بالبقاء أقوى في نهاية للتاريخ تحافظ على بقاءه الأقــوى !
إنّ دهشـته من كسر الإسلام لهذه الغطرسـة ، هو الذي أحـدث في ضميره ، ردَّة الفعـل العنيـفه التي يظهرها في صورة العنصرية المقيـتة ضد المسلمين ، والعداء للحرية ، ولحقوق الإنسان اللذين طالمـا تبجّح بأنه المدافع عنهما.
غيـر أننا على يقيـن ، بأنّ الإسلام رغـم كلّ هذه المحن ، سيمضـي شاقّـا طريقـه إلى القمَّـة ، حتى يبلغ أن يصنـع هـو بجلالـة تعاليمه ، وسـموّ قيمه ، نهاية التاريخ بقيادته للعالم ، بإذن الله تعالى .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله :
( كما قال تعالى : " وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ " وذلك أشد الغيظ والحنق قال الله تعالى : " قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور " أي مهما كنتم تحسدون عليه المؤمنين ، ويغيظكم ذلك منهم ، فاعلموا أن الله متم نعمته على عباده المؤمنين ، ومكمل دينه، ومعل كلمته ، ومظهر دينه ، فموتوا أنتم بغيظكــم " إن الله عليم بذات الصدور " أي هو عليم بما تنطوي عليه ضمائركم ، وتكنّه سرائركم من البغضاء ، والحسد ، والغلّ للمؤمنين ، وهو مجازيكم عليه في الدنيا ، بأن يريكم خلاف ما تؤملون ). الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 21/02/2008 عدد القراء: 16090
أضف تعليقك على الموضوع
|