عندمـا ينبطح الطغــاة !
حامد بن عبدالله العلي
لا أدري .. غيـر أنيّ تذكـرتُ قولَهُ تعالى عن فرعون : ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ) ، وأنـا أرى فرعون مصر يُؤتـي ( ببدنـه ) ! على نقّالـه ، ويوضع فـي قفـص ، كأنـَّه موميـاء ، تعلوه الذلـَّة ، وعلى وجهه قتـرة ، لايحـرّك إلاّ شفتيـه : ( حاضر أفنـدم ) !
وكذلك أراد الله أن تكون آخـر صورة له ، ( منبطحا ) أمام شعبه ، وأمام أمته ، وأمام العالم ، لأنه طيلة سنوات عمره ، كان يعمل على هدف واحد فحسب ، هو أن يجعل هذه الأمـَّة منبطحـة لأعدائها ، بل لأشدّ الناس عداوة لها ، اليهود ، ثـمّ الجزاء من جنس العمل ، حتى إنه لم يأسف عليه إلاّ الصهاينة !
فسبحانك اللهمّ ، مصرف الآيات ، ( وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ ) !
نعـم .. أراد الله أن يجعل إنبطاحـه آية لمن خلفه من الطغاة الذين سيتكبكبون في مهاوي الخزي بإذن الله قريبـا ، كلّهم سواء ، لايُستثنى منهم أحـد ، إذ هـم جميعا لم يصنعوا إلاّ إذلال أمـتنا ، وتمريـغ أنفها في الرغـام .
أراد الله أن يكـون إنبطاحـُهُ عبـرةً لهـم ، أنَّ إنبطاحهم لأمريكا _ الآخـذة بالإنهيـار السريع وترك حلفائها يلقون مصيرهم أمام شعوبهـم الغاضبـة _ لن ينفعهـم ، يوم يحـرّك الله شعوبهم ، فينزع من قلوبها الخـوف من سياط زعمائهـم وزبانيتهـم ، ويلقـي الرعب في صدور الطغـاة !
غير أنَّهم عن آيات ربهـِّم لغافلـون ، تصديقا لقول الحق سبحانه : ( سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَ يُؤْمِنُوا بِهَا ، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ، ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ) .
وعلى رأس هؤلاء الذين عن آيات الله غافلون ، طاغيـة الشام ، المستكبر على الله ، الذي ( اسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَـقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ ) ،
لقد أسرف في سفك الدماء ، وأطلق العنان لآلة القتل الوحشية التي ما أعدها والله إلاّ لذبح المسلمين ، لتدمـِّر المدن السورية ، وتهشم عظام الشعب ، وتزهـق الأرواح ، وتسحـق كلَّ ما أمامـها ، لاترقب في الشعب الأعـزل إلاَّ ولا ذمـّة !
حتى أخـذ هـو وجنوده يعتدون على بيوت الله ، ويمنعون مساجد الله أن يُذكـر فيها إسمـُه ، ويسعون في خرابها ، ويسفكون الدم الحرام فيها ، معلنين كفرهم ، مجاهريـن بتمرّدهم على خالق السموات والأرض .
وقد قال الحق سبحانه : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ، وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ، وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) .
ولقـد توعـَّد الله تعالى أن يكونَ لهم في الدنيا قبل الآخـرة عذاب ، وهو الخزي ، وذلك ما سيحيق ببشارَ وحزبه ، فسيحلّ عليهم الخزي العظيم ، ويحيط بهم العـار ، وسيجعلهم الله تعالى عبـرةً للعالميـن بإذن الله تعالى .
وسيكون شركاؤُه في هذا الخزي ، المتحالفين معه على إجرامهـم الذي تقشعـرُّ منه الأبدان ، وتشيب له الولدان ، أعني مجرمـي نظام طهـران ، جنود إبليس الأكبـر الخامنئي الذي يسمـّى نفسه ( إمام المسلمين ) ! وهو لـم يزل يمكـر بالإسلام والمسلمين ، ويشـرب دماءَهم صبوحـه ، وغبوقـه !
ثـمّ إبليس الأوسـط المالكي ! وأمّا الأصغـر فهو ( أرقوزهـم ) حسن نصـر ، هذه الجمرات الثلاث التي ستُرمى وشيكا بإذن الله .
وهم يمدُّون طاغيـة الشـام في إجرامه ، ثم لايقصـرون ، ذلك أنهم يعلمون أنَّ إنتفاضة الشعب السوري ستطيح بأحلامهم التي ملأ بها الشيطان رؤوسَهم السقيمة ، أن يهيمنوا على العالم الإسلامي ، ليحوِّلوه إلى ( ولاية فقيهم ) ناهـب أموال الخمس ، المتمتع بالعذارى ، الحاقد على النبيَّ العربيّ ، والقرآن العربيّ ، والصحابة العـرب ، وتاريخ الإسلام الأوَّل الذي صنعه العـرب ،
يسـتر هذا الحـقد الشعوبي المريض ، بإسم أهل البيت ، وأهلُ بيت النبوّة الأطهـار بـراءٌ من هؤلاء المجرميـن الأفّاكين السفلـة .
نعـم .. سينبطح بشار أمام شعبه ، بهذه الثورة الشامية المباركة ، مثلمـا انبطح فرعون مصر ، كمـا أرادوا أن يبطحوا شعوبهـم ، وسينبطح مع بشّار زبانيته مع بوطيـّه _ بطّ الله رأسه _ ثـمّ ستجري _ بإذن الله _ عملية (تحوُّل إنبطاح) كبيـرة بإذن الله من الشعوب إلى الطغـاة ، ومع الطغـاة سينبطح الفكر الإنبطاحـي ، ملحق الطغـاة الديني الذي هو شريك لهم كامل الشراكـة في كلّ مااقترفـوه في حـقّ الأمـّة .
وذلك أنَّ الأسباب الموضوعية التي أدت إلى زوال من مضى من الطغاة ، هي بعينها فيمن بقـي ، وكذلك الأسباب التي أدت إلى الثورات السالفة ، هي نفسها متوفـّرة في بقية الشعـوب التي تنتظـر دورها .
ولاريب أنَّ كـلَّ ما ستحمله الأيام للأمـّة في مستقبلها بشارات الخير ، وإرهاصات النهضة ، ومقدمـات التحوُّل الأكبـر .
وما هذه الدماء الزكيـّة التي تهراق إلاّ الغيـث الذي سينـبت هذه الأمـّة من جديد ، ويعـيد إليها مجـدها التليد ، بنهـجها الرشيد السديد .
وإليكم صورة المستقبل _ والله أعلم _ طـال أم قصُـر الزمـن ، ستسقط هذه الأنظمـة كلُّها ، وستتغيـَّر ، وسترقـى شعوبُنا بزوالهـا ، وستعـود نهضتها ، وسيكون لتركيـا دورٌ رئيس ومشـرِّف ، وستتبوّأ مبادىء الإسلام محلاّ عظيما في هذه المرحـلة الثوريـّة ، ثم سيعظـم هذا المحـلّ المبارك شيئا فشيئا ، حتى يستوى على عرشه فيهيمن ، ويسيـّر الأمـّة ,
ثـم يلتئم لهذه الأمـّة شـأنٌ عظيـم ، وقوةٌ لايستهان بها ،
وستسقط أمريكا ، وسيولـِّي محـور النفاق الصفوي بمكـره ، سيولـّي الأدبـار ، إلى غيـر رجعـة ، وسيرتـدُّ مركز الصليبية إلى أوربـا ، وسيزداد تعصُّـبا ، وستتغيـَّر خارطة قوى العالـم بحيث يكون الإسلام في مركـزه ، في صراعات دولية جديـدة على هذا الأساس ، ثـمّ يديل الله ما شاء من الأيـّام بين الناس .
هذا ونسأل الله أن يكتـب لنا أجـر جهاد إرجاع الإسلام إلى عـزِّه ، ويخـتم لنا بالشهادة في سبيله .
والله سبحانه هو مولانا ، وهو حسبنا ، عليـه توكّلـنا ، وعليه فليتوكّـل المتوكّـلون . الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 08/08/2011 عدد القراء: 28159
أضف تعليقك على الموضوع
|