صلّعت فصلّعوها!!
حامد بن عبدالله العلي
( وشرهم من غش قومه ، وصرفهم عن حقيقة معنى الإستقلال ، بتسميته الأشياء بأسماء الأضداد ،كإطلاق اسم المساعدة والإنتداب ، على الإستعمار المرادف للإستعباد ) محمد رشيد رضا ـ تفسير المنار
ليس شيء أشـرّ على المسلمين من عمـل الملبّسين ، وتلبيس الحق بالباطل هـي وظيفة إبليس ، ومنها اشتقّ أسمه ، ولهذا لم يباشر وظيفته أوّل ما باشرها ، إلاّ بأسلوبه المفضّل ، وهو الخداع والتغرير ، الذي هو التلبيس والتزوير ، كما قال تعالى ( وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) ، وقال ( فدلاّهما بغرور ) أيْ بخداع .
ولهذا كان أخوف ماخافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمّته، (كلّ منافق عليم اللسان ) خرجه أحمد والضياء في المختارة، ولأحمد من حديث أبي ذر رضي الله عنه : (غير الدجال أخوف على أمتي من الدجال ، الأئمة المضلون ) .
وكلما ادلهمّت الفتن كان ضرر هؤلاء الشياطين الإنسية أخطـر ، وفتنتهم أعظم
ونحن نذكر في هذا المقال أمارات يعرف بها هؤلاء الشياطين ليحذرهم الناس ، ومن باب إماطة الأذى عن طريق المسلمين :
فأحدها : أنهم عندما يُذكر الزعماء الفاسدون ، بقصد ، أو ذكراً عابراً ، تتغشّاهـم خشية أشدّ من خشية الله ، ويتزّل عليهم خشوع أعظم من خشوعهم في الصلاة ! ثم يأخذون في اللهج بالثناء عليهم ، كأنّهم معصومون من كلّ خطيئة ، بينما هـم سبب شقاء وهزيمة أمتنا ، وإذا ذُكرت رزايا وبلايا أولئك الزعماء في الأمّة ، طفقوا يبحثون لهم عن الحيل الشرعيّة ، والترقيعات الإبليسيّة ، حتى إذا نفدت تلك الحيل ، ولم تعد تنفع الترقيعات ، ركبوا دين هذه المرجئة الضالة، الذين ورد فيهم : (صنفان من أمتي لا يردان علي الحوض : القدرية ، والمرجئة ) ابن أبي عاصم واللالكائي في السنة .
الثانية : أن ألسنتهم مدلاة على صدورهم ، لهثا لما يُلقى إليهم من فتات الدنيا ، من أقذار أولئك الزعماء ، فأعناقهم ملتوية تحت كراسي الكفرة ،والفجرة ، والظلمة ، استجداء للمناصب والرتب ، شحذا لما يلقـى إليهــم ، مقابل فتاوى الترقيع ، أو الصمت والبقاء في مناصب التلبيس الدينيـّة التي تخدر عامـّة المسلمين .
الثالثة : أن هؤلاء الأبالسة الإنسيّة إذا ارتقوا منبرا من منابر الدين ، قلما ـ أو ربما ينعدم ـ أن تسمعهم ينطقون بهذه العناوين الشيطانية: الصليبية ، الصهيونية ، الإمبريالية الغربية ، الإستعمار الجديد ، الهيمنة الأمريكية ، المخطط الأمريكي ، المشروع الأمريكي ،العدوان الأمريكي على أمتنا ..إلخ فإنْ فوجئ أحدهــم بسؤال ، أو اضطرّه شخص إلى ذكــر هذا البلاء الأخطــر على أمّتنا ، وقد عمّها وطمّها ، تجـده يتنحنح ، ويتبحلق ، كأنما يتمزّق ، ثم يتعتع لعلعا ، ويتململ كأنهم دهمه الأخبثان معا ، ثم ينطلق متهرباً بكلمات عامـّة ، ثم يختم بأن يأتي بطامّة ! نعوذ بالله من شر كل هامّة ولامّة !
وكلّما تدلّوا في ارتكاسة نفاقهم هذا ، قلّ استعمالهم لهذين اللفظين ، بينما تكاد تتقطع حناجرهم بالصياح عن أخطار وهمية : (الخوارج) ، و(التكفيرية) ، و(الفئة الضالة) ، والسبب أنّ الأبالسة لاتذكر الشياطين ، ولكنها تفرق من المجاهدين المصلحين ولهذا تحذّر منهم المسلمين !
وكل يميل إلى شكله ** كأنس الخنافس بالعقرب
الرابعة : أنهّم وبينما الأمّة الإسلاميّة يضجّ أنينُها ، وتتصاعد صيحاتها من جرائم الحملة الصهيوصليية في فلسطين ، والمتحالفة مع العلاقمة المجوسية في العراق ، تجد هؤلاء الأبالسة الأنسيّة في صمت القبور ، كأنّما أُغشيت أفواههم أغلالا ، وأقحمت في جحور ، يتوارون فلا تشاهـد منهم رمزاً ، ولا ترى فيهم من أحــدٍ ، ولا تسمع له ركزاً ، وإذا سقط صليبي أو صهيوني جاسوس ، خبيث ، في بلاد المسلمين بيد المجاهدين ،خرجوا من جحورهم مولولين ، يتخللون بألسنتهم تخلل البقرة بلسانها ، وتحوّلوا إلى أبطال البلاغة ، وفرسان الكلام ، فتبا لهم وسحقـا.
الخامسة : أنهم ـ في الحقيقة ـ علمانيو الممارسة بالفعـل ، وإنْ كانوا ينكرون هذا الكفر بالقول ، فكلامهم ، وتصرفاتهم إزاء أحوال الأمـّة ، بل وجودهم نفسه في مناصبهم ، تكريسٌ لنهج فصل الدين عن السياسة والحياة ، وفتاواهم تصبّ في هذا التكريس صبّا ، وتخــبّ فيها خبّا خبّا ، لأنّهم إذا جاءت الحاجة إلى تبصير المسلمين بالأخطار العظام التي تدك معاقل الإسلام ، أحالوُا الأمر إلى (ولاة الأمور) فهم (أعلم بما يدرأ عن الأمّة الأخطار) ، ثم اجتمعوا ليصدروا فتوى في قيادة السيارة ، أو زواج المسيار !
وهكذا ! حتّى كرّسوا في عقول عامة المسلمين : أنّ الدين محصور في الفتوى حول الفرج ، وما يدور حوله ! ولا علاقة له بمايجري على المسلمين من تسليط الكفار في هرج ومرج ، فليس له صولة ولا جوله !
السادسة : أنهم يلهجون ببدعة ( الوسطيّة المحرفة ) ، فيشرّقون فيها ، ويغرّبون ، ويشملون ويجنبون ، كأنـّه ليس في الدين غيرها ، ويحملون عليها كلّ ما تريده السلطة السياسية المنحرفة ، أن يحرّفوه من الدين ، وينزعونها عن كلّ كلمة ، أو موقف حق ، يصلح بـه حـال المسلمين ، وإذا تتبعت مسارات هذه (الوسطية المحرفة) وجدتها تصبّ كلّها في إتجاه واحد ، أنّ الوسطية هـي : (الإنهزام بين يدي مشروع القرن الأمريكي) ، غيـرَ أنّ معناها الحقّ هـو (الخيرية التي لاتنالها الأمـّة إلاّ بالجهاد) ، بينما هم جعلوهــا سمةَ منكري الجهاد ! والعجيب أنّ هذه (الوسطيّة المحرفـّة) لم تظهر علينا إلاّ عندما جاء الإستعمار الجديد يمتـدّ في هذه الأمّة مـدّا ، وأعجب من ذلـك أنـّه راض عنها جــدّا جدّا!
السابعة : أنهم لايحبون أبطال الجهاد ، وقلوبهم مليئة حقداً على القائمين ضـد الحملة الصهيوصليبية بالقتال والجلاد ، فألسنتهم عليهم حداد ، لايلتمسون لهم عذرا ، ويمتّنون لهم من أمرهم عســرا ، بينما تلين قلوبهم على أهل الصليب وأعوانهم ، فهي عليهم هيّنة ، وألسنتهم فيهــم ليّنة ، وإذا لقي مجاهد ربّه شهيدا تجد وجوههم متهللة فرحا ! وإذا وقعت على الصليبين أو حلفاءهم هزيمــة ، ترى وجوههم مسودّة ! وهذه صفة الخوارج بعينها ، فإنّ شرّهم على أهل الإسلام ، ولينهم مع أهل الكفر ، كما أنها صفة المنافقين كما حكى الله ذلك في كتابه العزيز .
الثامنة : أنهم مستعدون لتمرير شعارات الجاهلية ، ولو بتحريف أصل الدين ، فقد شرعوا للنّاس تحت (دين الوطنيـّة) الجاهلـي ، ولاءً ينازع ولاءَ المسلمين ، وعصبيّةً بديلا عن أخوّة المؤمنيــن ، وسموّا التحالف مع الصليبيّة لإحتلال بلاد المسلمين ، وعونـا لهم على المجاهدين ، معاهدات المستأمنين ، وأباحوا أن يتولىّ الكفار ولاية ديار الإسلام ، ولامانع لديهم أن يبدّلوا كلّ دين الله تعالى ، فإن وصلوا إلى حدّ يخشون من إنكشاف غشهم للمسلمين ، أوعزوا إلى السلطة المنحرفة أن تمرر هـي الكفر ، حتى يصير أمراً واقعاً ، ريثما هم يشغلون الناس بخطر (الخوارج) و(التكفيريين)!
التاسعة : أنّ كلّ وسيلة عندهـم لإنكار المنكر على السلطة ، حرامٌ في حرام ، وكلّ وسيلة تراها السلطة تقمع الدعاة ، وترهب القائمين بالقسط ، الداعين إلى الخير، من الأمر المباح ، بل مصلحة شرعيّة ، وعين الحكمة المرضيـّة !
العاشــرة : أنّ أرصدتهم أبدا تزيد ، وجيوبهم من العطايا والهبات في مزيد ! وأنباء ما يملكون من الأصول والعقار ، طارت في الناس كلّ مطار ، وخدودهم تبرق لمعانا من النعيم ، وجلودهم أنعم من جلود الحريم ، وإذا قيل لهم كيف يحلّ لكم أخذ هذه وهي من أموال الأمّة تأخذونها كالرشوة ، هــزّ أحدهم مشلحه المذهب في تبختر ، ثم مـدّ شفتيه قليلا ، ثم أمالها يمينا وشمالا في تقعّـر ، ثـم قال : يقول علماؤنا لوليّ الأمر أن يخصّ من يشاء بالعطـاء فيما يراه المصلحة !
تبا لكم ولعلماءكــم الدجالين أعوان الظلـمــة :
إذا رأى إبليس غرّة وجههم ** ولىّ وقال فديـتُ من لايفلح!
ألا والله ،، إن المصلحة كلّ المصلحة في التشريد بكم من خلفكم ، وفضح قلوبكم المتعفنة ، وإنزال الدرّة العمرية على رؤوسكم حتى يخرج ما فيها من النفاق ، يابقايا المكانس ، وخدام الصلبان ، والكنائس ،
فاللهم إنا نعوذ بك من النفاق ، والشقاق ، وسوء الأخلاق ، ونعوذ بوجهك أن تطبـع على قلوبنا ، أو تطمس على بصائرنا ، أو تبتلينا بمثل ما ابتليت بـه القوم الضاليــن ، اللهمّ طهّر قلوبنا وألسنتنا مما يسخطك ، ونقّ أرواحنا مما يغضبك ، وثبّتنا على الإيمان حتى نلقاك ، وامنحنا رضاك ، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولاتجعل الدنيا أكبر همنا ، ولامبلغ علمنا ،، آمين
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 07/12/2006 عدد القراء: 6908
أضف تعليقك على الموضوع
|