مترجما إلى الفارسية .. مقال ( الشعب يريد إسقاط نظام المرشد الأعلى وولاية الفقيه ) .. بالفارسي
الشعب يريد إسقاط (نظام المرشد الأعلى وولاية الفقيه)!
حامد بن عبدالله العلي
جوهـر ما يجري من ثورات سياسية في منطقتنا ، هـو سقوط فكرة ( عصمة السلطة ) مع هذه الثورة المفاجئة ، والسريعة ، والمدهشـة في وعـي الشعوب بحقوقها .
سقوط تلك الفكرة المتخلِّفة ، التي أُقيمت الأنظمة السياسية العربية الحالية عليها عمليّا ، حيث تكرِّس الخضوع المطلـق للسلطة ( الديكتاتورية ) ،كما أقيم عليها النظام الإيراني الحالي _ إمتـداد الثورة الخمينية _ نظريــَّا وعمليـا ، ونعني بـ ( نظريـّا) هنا : عصمـة السلطة الغائبة ! ونيابـة (الولي الفقيـه) عنها !
هذه الفكرة هي التي تتهاوي الآن ، وتسقط تحت أقدام الشعوب الزاحفـة ، لتستعيد سلطتها المغتصبـة ، وتسترد أعظـم حقوقهـا .
وإذا كانت الشعوب العربيـّة بدأت تتحرّك لإسقاط الإستبداد السياسي ، وإسترجاع سلطتها المغتصـبة ، فإنَّ الشعب الإيراني قد سبقها في مظاهرات عام 2009م ،
وهو ـ والحـقُّ يقال _ سابـق لكلِّ المنطقة في هذا الوعي ـ ذلك أنَّ أول دستور دخل المنطقة كان إيرانيـّا ، وكان الشعب الإيراني يمارس الإحتجاج السياسي ، وينظم وسائله بحضاريّـة عاليه ، قبل المنطقة العربية بأسرهـا، ومن يطّلع على موسوعة تاريخ إيران السياسي لحسن الجاف ، تتجلَّى له هذه الحقيقـة بوضوح
وليس هذا بمستغرب فالشعب الإيراني ذو حضارة من أقدم حضارات التاريخ ، وهو شعب حيويّ ، ذكيّ ، متطـوِّر جـداً سياسيا ، وثقافيا ، ومعرفيا ، منذ القـدم .
ولهـذا فالمتوقـَّع وفي وقت قريب جداً ، أن نرى إنفجار ثورة الحريـّة مشتعلةً في طهـران ، ضـد ثورة الإستبداد الخمينية .
ذلك أنها حقيقة كونية ، تلك الحاكمـة على رقبة كلِّ ثورة : أنها إذا خوت شعاراتها من مضامينها ، وإنتشر السخط الشعبي عليها ، ودبَّ الخلاف في رموزهـا ، فهي آيلة إلى السقـوط ، جفـَّت الأقـلام ، وطُويـت الصحـف .
وأجلى ما تكون هذه الحقيقة فيما يجري فـي إيران اليـوم .
فالنظام الإيراني الحالي لايختلف عن أيّ نظام عربي آخر ، إلا أنـَّه أشـد ذكاءً في إجادته النفاق ، وفي حرفيّته العالية في المتاجرة بالشعـارات .
والبلايـا الثلاث التي تُردي هذه الأيام الأنظمـة العربية بـ
ـ (الضربة القاضية الفنيـّة) ، هي بعينها ماثـلة في النظام الإيراني الحالي : الإستبداد بالسلطـة ، وإنتشار الظلم وسلب حقوق الناس ، وإنتهـاك كرامتهم وجوهرها في حريتهم .
وإليكم التفصيل من هذه الجهـات الثلاث :
أمـّا في إغتصابـِهِ لحـقّ الشَّعب الإيراني في الإختيار ( الإستبداد بالسلطة ) فهو في ذلك أشـدُّ ظلما ، وأعظـمُ جرمـا ، ذلك أنـَّه يبْنـي هذه الجريمة السياسية على تديُّن زائف ، وخرافـة بلهاء ، غايـة في السخف ، وهي خرافة نيابة النظام السياسي لسلطة غائبة معصومـة كعصمة الربّ من الخطـأ ! تعالى الله علوا كبيراً .
وحينئـذٍ فلا مجـال مع هذه السلطة ، لأيّ حقِّ للشعوب في الإختيـار أصلا ، إذ قائد الأمـّة إنمّـا يُنصَّ عليه من السَّماء ! حتى لو كان غائـبا لايشهد شيئا من حياة الناس ، ولايمارس سلطاته بدستور !!
ثم إنَّ هذا النص يستغرق الزمـان كُلـَّه إلى نهاية التاريخ ! فليت شعري ، أيُّ شيءٍ يبقى للشَّعـب !! وأيُّ معنى للإستبداد غير هذا ؟!!
كما قال الشريف المرتضى : ( اعلم أن كلامنا في وجوب النص _ يعني على الإمام _ وانه لا بد منه ، ولا يقوم غيره في الإمامة مقامه ، تقدم ، وذلك كافٍ في فساد الاختيار _ يعني إختيار الشعوب للحاكـم _ لأنَّ كلَّ شيء أوجب النص بعينه فهو مبطل للاختيار ) .
هذا .. ولقـد اكتشف الشعب الإيراني مبكـّرا أنّ الثورة الخمينيّة ما هـي إلاّ خدعة متقنة الصنع ، ظاهرها إلهـاء الشعب بإختيار محدود ، بينما يحتوي باطنها على إستبداد مطلق لانظير له في العالم ، يعتمد على خرافة النيابة عن المعصوم ، وقرب ظهوره ، حيث سينتقم من العالم الإسلامي ، وينهي (مظلومية أهل البيت) عبر التاريخ !
وهـو إستبداد مطلق لأشخاص محدودين حول خامنئي ، يجلـدون الناس بسياط الحرس الثوري ، وهراوة (الباسيج ) لإرهاب الشعب ، ولإبقائه تحت سياط الخوف ، والقهر ، والظلم .
وبعدمـا إكتشف الشعب هذه الخدعة ، تحت ظلال سقوط شعارات الثورة ، وفشلها في تحقيق آمال الشعب الإيراني ، وفي أجـواء خانقـة لرزوحِ الإيرانيين تحت الفقر ، والبؤس ، والمعاناة ،
كما اكتشـف أنَّ تحالف ( الملالي والأفندية والعسكر ) أي الزعماء الدينيين ، والتجار الكبار ، والمؤسسات العسكرية والأمنية المسخّرة للسلطة ، ليس سوى نسخة إيرانية للنظيـر العربي في مصر ، وتونس ، وليبيا ، وسائر الأنظمـة العربية ، أعني تحالف : ( القصر ، ومافيا رجال الأعمال الحرامية ، والأجهزة الأمنية ) !
وبعدما شعر من كانوا رموزا في الثورة الخمينية ، ووثق بهم الشعب لينال بهذه الثورة آماله ، وكرامتـه ، وحريته ، وحقوقـه ، أعني أمثال موسوي ، وكروبي وغيرهما ، بعدما شعـروا بالمسؤولية التاريخية ليغيـِّروا موقفهـم ، وليصفُّوا إلى جانب مطالـب الشعب .
بعد هذا ، قرر الشعب الإيراني أن يجعل الإنتخابات الماضيـة فيصلا زمنيا ، ليحدث فيه التغيير التدريجي الذي ينتهي بالثورة على الثورة ، ليتمّ القضاء التام على العقيدة الإستبدادية التي قامت عليها الثورة الخمينية .
ولمـّا علم تحالف (الملالي والأفندية والعسكر ) أنَّ الإنتخابات تسير بإتجاه سقوط سلطتهم ، وصعود الإصلاحيين الذين سيُحدثون إنقلابـا ثقافيا ، وسياسيا ، وإجتماعيا ، يكون في صالح الشعب الإيراني ، وضـدَّ المخطط الخرافي الخارجي الذي سيطر على عقول طغاة طهران ، وخيـَّل إليهم أنهم سيسيطرون على العالم الإسلامي ، مهيّئين لإستقبال ( صاحب الزمان ) الذي أزف خروجُـه !!
حينئذ قام هذا التحالـف بأكبر فضيحة تزويـر عام 2009م ، لفرض أحمدي نجاد الذي هو دمية بيد خامنئي وعصابته ، دمية بلهاء لاتخجـل حتَّى من الترديد _ على وسائل الإعلام _ أنَّ لديها إتصـالاً مباشرا بـ ( صاحب الزمان ) ، يبشّرها بالنصر ، ويخبـرها بما يحمله المستقبل لها ، ولإيران ، من نجاحات !!
وما إن فاحـت رائحـة التزويـر الهائل للإنتخابات _ التزويـر الذي سيهيِّئ لخروج المهدي !! _ حتى ثـار الشارع الإيراني ثورته التي أذهلت العالـم ، وخرجت المظاهرات المليونيـّة قبل عامين ، تطالب بإسقاط نجاد ، وإعادة الإنتخابـات.
فكشـَّر طغاة طهـران عن أنيابهـم ، وعطّلـوا وسائل الإتصال ، والإنترنـت ، و( التويتـر ) ، والفيس بوك ، تماما كما فعل نظام تونس ، ومصر ، وليبيا ، ثـم أعملوا القمـع الوحشي للمظاهـرات السلمـيّة ،
القمـع الذي وصل إلى درجـة الذبح ، والتعذيب المروِّع ، والإغتصاب في السجـون بشكـل واسـع ، حتى أصبحت شوارع طهران كأنها ساحة حـرب ضدّ الشعب الأعـزل .
ولاريب أنَّ طغاة نظام طهران أدركوا أنَّ تلك الإحتجاجات المليونية على التزويـر ، ستتحوَّل مع مرور الزمن ، ومـع تصاعد الغضب الشعبي ، إلى شعار : ( الشعب يريد إسقاط نظام المرشد الأعلى ، وولاية الفقيه ) .
إذ لـم يعـُد سـرَّا مـا تنامـى بصورة كبيـرة جـداً في النخب الثقافية الإيرانية ، حتـّى في الوسط الديني في قـم ، وغيـرها ، من حركـة تجديـديّة واسعـة الإنتشـار ترفض فكــرة ( الحرية المخادعـة ) الـذي يختفـي وراءهـا _ بوجه صارم قاسٍ لايعـرف التسامح كوجه خامنئي _ ( حكمُ المعصـوم ) !!
وغيـرُ خافٍ أنَّ هذه الحركة قد غدت _ مـنذ عهد خاتمـي _ مطاردة أمنيـّا ، ومُضيّق عليها بوسائل لاتختلف عن وسائل الأنظمة العربية التي تلاحق أحرار المفكرين الذين يناهضون الإستبداد السياسي .
غير أنها رغم هذه الملاحقة ، آخذة في الإنتشـار بصورة عجيبة ، تزداد يوما بعد يوم ، كما يزداد سقوط خرافات طغاة إيران عـن ( ولاية الفقيه للمعصوم ) يوما بعد يوم في الشارع الإيراني.
وليس ببعيد أنَّ الخمسة ملايين التي نزلت الشارع يوم 5 ديسمبر 1978م ، مطالبة برحيل الشاه ، سنراها قريبـا تطالب برحيـل هذا النظام الذي خدع الشعب ، وفشلت شعاراته ، فشـلا ذريعا .
هذا هو البلاء الأول : الإستبداد السياسي .
أما في سلب حقوق الناس فكلُّ من يتجوَّل في إيران ، لايخفى عليه الفقـر المدقع ، والبؤس الموجـع ، الذي يعيشه عامـّة الشَّعب الإيراني ، فقد بلغت نسبة التضخم نحو 25 بالمائة ، واستفحلت أزمة السكن ، وانتشرت العنوسة ، وسجت الميزانية أعلى نسبة عجز منذ قيام الثورة، إضافة إلى إنتشار الأمراض الإجتماعية ، والمخدّرات ، والفساد المستشري في إدارات الدولة ، ومؤسسات النظام ، مما ينذر بإنفجـار شعبي بركاني .
وقد عبـَّر لي أحـدُ الإيرانيين الشرفاء عن معاناتهم ، بهـذه العبارة : لم يقدموا لنـا دنيا تشبع ، ولا دينـا يُقنـع !
وأما في إنتهاك الحريـَّات ، فليس ثمة نظام ينتهك الحريـّات ، ويعتدي على كرامة شعبه ، ببشاعة بالغـة التوحـُّش ، مثل النظام الحالي في طهران ، وهذه الحقيقة تعرفها المعارضة الإيرانية الشريفة حقّ المعرفة ، ويعلمها الشعب الإيراني المظـلوم علم اليقين ،
ثـمَّ يتعدى ذلك بصورة أشدَّ بشاعـة إلى الأقليـات في إيران _ كما ذكرنا تفاصيل ذلك في مقال سابق _ لاسيما شعب الأحواز الذي لم يزل يصرخ من الإضطهـاد العنصري فتكاد صرخاتـه تصمُّ سمــعَ جيرانه العرب ، ولكنَّ القوم صمُّ ، بكمُّ ، عميُّ ، فهم لايعقـلون !
والأدهى والأمـر ، والمصيبة الكبرى التي أضافتها ملالي إيران فزادت خبـثا على الأنظمة العربية التي تتهاوى هذه الأيام تحت معاول السخط الشعبي العارم ، أنَّ من أهـمّ أسباب شقاء الشعب الإيراني ، هو تعدِّي ظلم النظام إلى خارج حدوده ، وإنفاقه مئات المليارات لكي يبثُّ أحقاده على جيرانه ،
وأنَّ إنشغاله بتدريب الأحزاب الموالية له في البحرين ، ولبنان ، والكويت ، والسعودية ، وغيرها ، تدريبهـم لأعمال التخريب ، والفتن في البلاد العربية ، هو السبب الرئيس لما يعانيه الشعب الإيراني من حرمان عظيم .
وقد أطَّلعـت الشعوب العربية على صورة مفزعة جـداً لحقيقة الأحزاب الموالية لإيران في العراق والخليج ، والتي تتحرَّك بإشراف النظام الإيراني الحالي ، وكان هذا الإطـلاع المفـزع بإطلالـه على مااقترفـوه في العراق من جرائم فاقت قدرة العقل البشري على إستيعاب بشاعتها ، وهـي جرائم لـم يُعرف لها نظير حتّى في الغزو المغولـي للعـراق!
وهذا كـلُّه يؤكـِّد على أنَّ هذا النظام الذي يتسلَّط على الشعب الإيراني المظـلوم ، ويستولـي على السلطة فـي طهران ، ويدعي أنـّه يحكم بالنيابة عن العصمة المطلقة !
أنـَّه لـم يعـد له مكان في العالـم ، في ضـوء ما يجري من ثورات الحريـّة للشعوب على الظلم ، والإضطهاد ، وعلى أنظمة التوحش ، والتعذيـب ، وعصابات السطو على السلطة بالتزويـر ، والقمـع .
ومعلـوم أنَّ لعبته المفضلة السخيفة في التلويح بالخطر الغربي ، والصهيوني ، والمتاجرة بشعار القضية الفلسطينية ، كلَّما قامت الشعوب الإسلامية تستنكر عليه جرائمـه ، لـم تعـدُّ تنطلي على هذه الشعوب ،
لاسيما بعدما تبيـَّن لها أنه شريك للهيمنة الغربية فيما جرى على الأمّة من مصائـب عظيمة ، بل وفي أطماعه التوسعيّـة ، لإحتلال الخليج ، والحرمين ، والبلاد العربية بأسرها ، ليحكمها بإستبداد (ولاية الفقيه النائب عن السلطة المعصومة الغائبة ) !
وأنـَّه نموذج كامل لنظام الإستبداد ، والقمع ، وإنتهاك الكرامة ، والحـقوق ، لايقـلّ عن النموذج الذي يلوِّح لنا بخطـره .
هذا .. وإنَّ الشعب الإيرانـي النبيـل بحـقّ ، يحتاج إلى من يـمدُّ له يد العون ، وهو يتطـلَّع إلى حريـّته المسلوبة ، ليتخلّص من كابوس هذا النظام القمعي ، المستبدّ ، الذي تسلّـط عليه أكثـر من ثلاثة عقـود .
ليستعيد حقـَّه في إختيار السلطة إختيارا حـراً ، وفي العيش الكريم ، والحياة الآمنة ، والحريـّة الحقـّة التي حُـرِم منهـا دهـراً تحت شعارات زائفـة ، لسلطة مستبـدة.
وقد آن للشعـب الإيراني أن يشارك جيرانه العرب في ثوراتهـم الماجدة ، ويصـرخ في شوارع طهـران :
الشعب الإيراني يريـد الحرية ، والكرامـة ، والحقـوق .
الشعـب يريد إسقاط نظام خامنئي ، وولاية الفقه ، وحكومة نجـاد .
فمتى نرى هذا المشهـد الرائع ترتجّ بـه طهـران التي بدأت منها ثورة الإحتجـاجات على إغتصـاب السلطة ، ولكنها لم تجـد من يأخذ بيدها ، كما وجـدت الثورات العربيـة .
وختـاما .. فإنـّي والله متفائل جــدا بقـرب رؤيتنا لهذا المشهـد الذي على إثـره ، سيسقط بإذن الله ، نظــام طغـاة طهران ، وتُشرق شمس الحريّة على الشعب الإيراني ، فيستـردَّ حقوقه ، ويستعيد حريته ، ويرفع راية كرامته ،
ليُسـقط بعدهـا مشروع الأحقاد السياسية التي ملأت أرجاء النظام الإيراني الحالـي ، ويُطـوِّح بسياسة الإنتقام من العروبة ،
ويمـدُّ يد الصداقـة إلى الشعوب العربية ، لتتطهر المنطقة بأسرها من كلِّ أجنبـي ، يعبث بمقدارتها ، ويستولي على خيراتها ،
وتبني شعوبنـا نهضـتها الجديدة بسواعـد أبناءها ، وثروات بلادها ، ومقدرات أوطانـها .
والله الموفق ، وهو حسبنا ، عليه توكّلنا ، وعليه فلتيوكّل المتوكّـلون الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 26/02/2011 عدد القراء: 28547
أضف تعليقك على الموضوع
|