بسم الله الرحمن الرحيـم
البيـان الخليجـيّ
حامد بن عبدالله العلي
قال الحقُّ سبحانه : (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً ، وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ، إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ، وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّبِاللَّهِ عَلَيْه توكَّلتْ وإليْهِ أُنِيـبْ )
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فنحن الموقّعون على هذا البيان ، بعد أنْ رأيـنا :
1ـ الموقع البالغ الأهميـّة للخليج العربي ، للعالميْن العربي ، والإسلامي ، ثمّ العالم أجمع ، ومع ذلك فلاتزال أنظمته السياسية متخلّفـة عن ركب التطوّر البشري ، كما لاتزال هويته مهدَّده ، وشعوبه مهمّشة ، ومقدّرات أوطانه تضيع أكثرها سُدى ، والبونُ شاسع جداً بين ما يمكنه تحقيقه من إنجازات حضارية عظمى لشعوبه خاصّة ، ولأمّته عامـّة ، وبين ما هو عليه من تراجـع كبير على شتّى المستويات !
2ـ التهديدات الإقليمية _ لاسيما من أطماع النظام الإيراني _ التي بلغت مرحلة الخطورة البالغـة ، كما العالمية من المشروع الصهيوغربي ، والتي تستوجب التحرُّك السريع لإنقاذه عبر إصلاح شامل داخليّ يُشرك شعوبه في مواجهة التحديّات ، ويحفظ مكتسباته لرصيد قوّته الذاتيـة ، ويعـزّزها كـي بها يستغني عن الأجنبيّ ، لئلاّ يبقى ميدانا مفتوحا دائماً للغرب يستخدمه في لعبـة إدارة الإزمات !
3ـ التطوُّرات الهائلة التي طرأت على العالم العربي في سياق الربيع العربي ، الذي أطلق إرادة الشعوب ، وأعاد الإعتبار لثقة الأمّة بذاتها ، ووضع حـدّا لتردّي النُظُم السياسيّة في العالم العربي ، ذلك التردِّي المتمثّل بمربـَّع : الإستبداد ، والتبعيّة للخارج ، وإنتهاك الحقوق ، وهتـك الكرامة الوطنية ، وإذلال كرامة المواطنين ، وإهدار المقدرات .
مما يستوجب علينا في الخليج أن نسارع بالتحرّك للّحاق بركب التغيير الإيجابي الذي تشهدُهُ أمّتنـا ، بل نكون سبّاقين بهذا التحرك
لما تتمتّـع به منطقتنا من إحتضان لمهد الحضارة الإسلامية ، وإنطلاق إشعاع نورها للعالم ، إضافة إلى ثرواتها التي تتمكن بها من قيادة العالمين العربي ، والإسلامي نحـو التفوُّق الحضاري العالمي .
نعلـن :
أنـّه قـد آن الأوان لتطوير أنظمة الخليج سياسيّا ، بحيث تتأهّل لإتحاد يزيدُها قـوّة ، ويكون نواة لوحدة عربية أكبـر
وذلك ،
بإطلاق مشروع يقوم على ثلاثة أسس :
أحدها : إصلاح سياسي جذري يجعل الشعب هو مصدرُ السُّلطات ، ويقوم على فصْلها ، ويتبنَّى مبدأ الشفافية الكاملة بين الشعب والسلطة ، ونهج الرقابة على السلطة ، في دستور متطوّر يحقـّق كلّ طموحات شعوب الخليج ، في إطار يجمع بين الهويّة الإسلامية ، ومنجزات العصر.
ثانيا : عدالة إجتماعية يعيش في ظلّها الشّعب كلُّه كريماً ، مستفيداً من ثروات وطنه ، بإستحقاقات يستمدُّها من اعتزازه بهويّته ، وإنتمائه لوطنه .
ثالثا : حقوق مُصانة ، وحريّات محترمة ، تبدأ من حريّة النقد للسلطة ، وتنتهي بحرية الشراكة السياسية الكاملة ، وفي بناء الدولة ، وتمـرُّ بالسماح بجميع مؤسسات المجتمع المدني ، ووسائلها ، التي تمنح الشعوب أدوات حماية حقوقها ، وحرياتها ، وتحميها من الظلم ، والجور ، والطغيـان ، وانتهاك الكرامـة .
وذلك كلُّه تحت مظلّة تكافؤ الفرص ، التي يتساوى أمامها جميعُ أبناء الوطن الخليجـي .
كما نؤكـّد أنـّه كلّ يوم يتأخـَّر فيه الخليج عن إطلاق هذا المشروع الحضاري الشامل ، وعن المسارعة في تحقيقه ، يعني اقترابه من السقوط في هاوية الضياع ، فالدمار ، وقد يزول من الخارطـة تماما ، ويصبـح نهبـاً للقوى الإقليمية ، والدولة المتربّصة بـه.
كما نعلـن ،، أنـّه لامعنى للدعوة لإتحاد أنظمة الخليج بما هي عليه _ بتفاوت فيما بينها _ من استبداد سياسي مأساوي ، واحتكار وتوريث للسلطة ، وتبديد كارثي للثروة ، وضياع للهوية ، وتهميش للشعوب ، وتخلُّف ثقافي ، وظلم اجتماعي ، وتضييق على الحريّات ، فإنّ هذا الإتحاد ليس سوى ( تكثير تراكمـي كمّي وكيفي ) لكلّ هذه المصائب على شعوب الخليج !
ونحن إذ ندعو إلى إطلاق هذا المشروع تحت عنوان : ( نحـو خليج متحدّ حرّ دستوريّ ) ، فإننا نتطلَّع إلى هدف : تحرير الخليج من جميع صور التخلّف الداخلي ، والهيمنة الخارجية ، وإخراجه من حالة الإرتهان لخارجه ، وإنقاذه من تحويله إلى ميدان دائم للتنافسين الإقليمي ، والدولي ، وإرجاعه إلى دوره الريادي في الأمَّة :
، رصيداً أساسيا لقضاياها ،
وقلعةً حصينة لهويّتها ،
ومنطلقاً قائدا لأهدافها الحضارية العالمية.
وإنَّنـا لندعو إلى حشد الطاقات لإنجاح هذا المشروع ، بدءا من إجتماع رموز الإصلاح الداخلية إضافـةً إلى تلك التي أُجبرت على الخروج من الوطن ، إجتماعها عليه .
وإنتهاءً بتأسيس المؤسَّسات التي تضطلع بوضع أهدافه موضع التنفيذ ،
ومروراً بمنابر الإعلام التي تنشر هذه الفكرة النيّرة ، وترفع مستوى الوعي السياسي لدى شعوب الخليج ، وتحشد الدعم لهذا المشروع الحضاري ،حتى يُكتب له النجـاح بإذن الله تعالى .
والله وليّ التوفيق ، وهو سبحانه ، حسبنا عليه توكّلنا ، وعليه فليتوكّل المتوكّـلون.
الموقّعـون :
1ـ حامد بن عبدالله العلي
تنبيه : ليس إشغال المشهد الثقافي في الخليج ، سواء الإسلامي وغيره ، بصراعات جانبية ، ومعارك جزئيّة ، وملاحقات على مواقف مجتزأة ، وإلقاء القضايا الساخنة للجدل ، والجدال _ حتى تلك الدينية منها _ وإلهاء الساحـة السياسية ، والثقافيـة بهـا ، إلاّ لإبعـادْ النخـب الفاعلـة ، والحالـة الثقافية ، عن مشاريع التغييـّر التحريرية التي تُلحق شعـوب الخليج بالربيع العربـي .
ومالم يطلـق الإصلاحيـُّون مشاريع تشكِّل قوالب عظمى ، تنصهر فيها الطاقات الإصلاحيّة ، لتُحدث تغييرا جذريـّا ، لاهامشيّا ، ولا تجزيئيـّا ، وليحشدوا لها كلّ القـوى ، وليتجاوزوا الإنشغال الدائم بالمعارك الجانبية ، فسوف يبقون في دوامة الإلهاء المفتعـل ، أو الموظَّف سياسيا، ممن لايريد بهذه الأمـة خيـراً ، إلى أن يورّثوا كلّ تخلّف الحالة الخليجية للأجيال القادمـة ..والله المستعان .
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 24/02/2012 عدد القراء: 56719
أضف تعليقك على الموضوع
|