الطعن بالرمحِ المركوزِ في مشروع المتغطرس سركوزى
"الإتحاد من أجل المتوسـط"
حامد بن عبدالله العلي
أؤيد تماما ما قاله رئيس التحرير صحيفة بوليتيس ، ديني سيفير ، بتاريخ 12 يونيو معلقـاً على مشروع ساكروزي المسمى الإتحاد من أجل المتوسط ، إذ ذكـر في مقالـه أنَّ الهدف من مشروع "الإتحاد من أجل المتوسط" هو "إبعاد سوريا عن القضية الفلسطينية ، بالتوصل لحلّ مع إسرائيل بشأن الجولان خاصة ، وأنَّ الكثير من العسكريين الإسرائيليين يطالبون بذلك ، وسخِـر من الشبكة التي ينصبها ساركوزي واصفا إيَّاهـا بأنها : غليظة الخيوط ـ يقصد مكشوفة ـ وقال : إذ بمشاركة إسرائيل في "الاتحاد من اجل المتوسط" يجبر البلدان العربية على علاقة مع إسرائيل "كشريك" لم يختاروه ، وسيكون لصالح إسرائيل بخلق علاقات طبيعية معها ، أي بالتوصل لحالة ممثلة لما تـمَّ مع كل من مصر ، والأردن ، نظير مقابل مجزي من الولايات المتحدة في السبعينات من القرن العشرين).
ولهذا لم أعجـب لمـا نشرته وكالات الأنباء عن الناطق باسم الحكومة الصهيونية مارك ريغيف إن: "لقد اعتبرت اسرائيل على الدوام أنـَّه في مصلحة كل شعوب المتوسط ، تعزيز تعاونها ، ولذلك نحن نرحب بالمشاركة في الاتحاد من اجل المتوسط" ، وأكَّـد الأهمية التي يشكلها هذا اللقاء الدولي بالنسبة لاسرائيل مشيرا إلى أنها "المرة الأولى التي يجتمع فيها قادة من منطقة المتوسط على أعلي مستوى" بمشاركة الدولة العبرية ، وأضاف: "كما في مناسبة أي لقاء دولي، نأمل في أن يشكل فرصة للقاءات مباشرة" بين اولمرت وقادة عرب ) .
عقيب إنهيار الإتحاد السوفيتي نشرت جريدة financial Times مقالا لجيمس مورغان قال فيه " إن انهيار المعسكر السوفياتي قد ترك المجال شاغرا أمام صندوق النقد الدولي ومجموعة السبعة الكبار G7 ـ صارت بعد ذلك G8 ـ للتحكم في العالم ، وخلق مرحلة إمبريالية جديدة... وإن إقامة نظام عالمي جديد هي صنيعة السبعة الكبار وصندوق النقد الدولي ، والبنك العالمي ، ومنظمة التجارة العالمية ، غير أن هذا النظام يعمل ضمن نسق غير مباشر للحكم... إلخ "
ساركوزي العاهر المتغطرس هو أحد الإمبراليين الأقزام ، وقد جاء يمشي بزهوته المعهودة يظن أنـَّه قـد حان دوره ليعبث في العالم العربي كما يعبث مع عاهراته ، متناسيا أنَّ ما حفره الإستعمار الفرنسي في ذاكرة شعوبنا ، أعظم جرما ، وأشد قبحا ، من كلَّ إستعمار مضى ، وأنَّ أكاذيبهم ، وألاعيبهم كلُّها مكشوفة ، فهم لـم يأتوا ، ولايأتون قــط ، للبحث عن مصالح مشتركنا معنا ، بل لأطماعهم وجشعهم مع الصهاينة ، على حساب مصالحنا .
وكالعادة يدعو ساسة الغرب الحكَّام العرب فيستجيبون بغير شرط ولا قيد ، فكلُّ الذي يريده أولئك الساسة أن يُسلِم الحكُّام مصير المنطقة إلى غول الجشع المادي الغربي ، والأطماع الصهيونية ، مقابل أن يدعوا الحكام في كراسيهم ، فلا تثـار عليهـم قضايا حقوق الإنسان ، ولا الحريات ، ولا محاسبة السلطة فضلا عن تداولها ، ولايزعجونهم بما يكدر خاطرهم ، وهم يسخِّرون رقاب شعوبهم ، ومقدراتهـا ، للطغمة الحاكمة والوارثون لها سواء الجمهوريات المتحوّلة ، والملكيات المتأصّلة.
يقول سركوزي إنَّ من أهداف الإتحاد من أجل المتوسط التعاون في مجال الطاقة الشمسية ، فهم الآن يريدون سرقة شمسنا بعد أن نهبوا نفطنا ،وكما فعلوا في الإقتصاد العالمي فجعلوا العالم اليوم على حافة إنهيار إقتصادي عالمي ، سيفعلون كذلك بالطاقة الشمسية لو تركوا وشأنهم .
ولايخفى سركوزي أنه صهيوني إلى النخاع ، فقد بادر إلى زيارة تل أبيب بعد ساعات من انتخابه رئيسا لحزبه ، مفتخراً أنه أول نشاط يقوم به ، ثم لم يزل يعيد التذكير بهذا الفخر الصهيوني .
في 30 كانون الأول 2007م نشرت الوكالات تصريحات لوزير المجاهدين الجزائري محمد الشريف عبّاس قالها لصحيفة "الخبر" اليوميةالجزائرية التي تعدّ أوسع الصحف العربية انتشارا في العالم، حيث تطبع نحو مليون نسخة يوميا ، من ضمنها : ( أنتم تعرفون أصول الرئيس الفرنسي وتعرفون أيضا الجهات التي أوصلته إلىالسلطة(...) لقد كان هذا نتيجة لعمل يعكس آراء مهندسي قدوم ساركوزي إلى السلطة،اللوبي اليهودي الذي يتحكم بالصناعة في فرنسا ) .
وأضاف : ( ألا تعرفون أن السلطات الإسرائيلية أصدرت طابعا بريديا عليه صورة ساركوزي في عزحملة انتخابات الرئاسة الفرنسية ؟ ثم إن التحاق شخصيات محسوبة على اليسار الفرنسي بحكومة اليمين التي يقودها ساركوزي، تحمل دلالات عميقة ؛ فوزير الخارجية برناركوشنير لم يقفز إلى الطرف الآخر إيمانا بقناعات شخصية ، وإنما الحركة التي قام بها تعكس قناعات المهندسين الفعليين لصعود ساركوزي إلى الحكم. وأقصد بذلك اللوبي اليهودي المسيطر على صناعة القرار بفرنسا).
وخير وصف مختصر لسركوزي ما قاله المفكــر الفرنسي المسلم بيـير زيـــن ، قال : ( ساركوزي الذي يسعى إلى تسويق التجربة الأمريكية في فرنسا ، عبر تسويق مشروع المحافظين الجدد ، من حيث " الرؤية" السياسية التي سوف تخدم بلا شك من هم في السلطة اليوم، ولا أعني بهم الديغوليين، بل أعني بهم النخب اليهودية ، التي تسعى إلى تصفية المسلمين والعرب عموما.
نيكولاس ساركوزي كان أول من صاغ قانون حظر الحجاب في المؤسسات الرسمية الفرنسية، وأول من نادي إلى قانون فرنسي داخلي لمواجهة ما يسميه "الإرهاب" المقبل.. وأول من يدق نواقيس الخطر في فرنسا لأجل إرعاب الشعب الفرنسي ، وجعله أكثر عنصرية ، وضغينة ، ضد العرب ، والمسلمين ، والأفارقة ، والأجانب عموما، ولهذا ما يفعله ساركوزي لا يختلف عما فعله "توني بلير" في بريطانيا ، حين دعا قبل عامين إلى قانون داخلي ، يتوجب على أساسه تطبيق نظام البطاقة (بطاقة الهوية) ، وحين وقعت التفجيرات الأخيرة في بريطانيا وجد "بلير" نفسه في موقف القوة لأجل فرض على البريطانيين كل أنواع " الذل" لأجل "مكافحة الإرهاب" الذي تربطه الصحف البريطانية بالإسلام ، وبالجاليات المسلمة الموجودة في انجلترا ) .
وأخيـرا فإنَّ الصهاينة يعلبون لعبة جديدة مع فرنسا بعد إستهلاك الدور الأمريكي ، والبريطاني ، وهدفهـم هـو إنقاذ الصهاينة مع مأزقهم التاريخي الذي لم يصلوا إلى مثله في تاريخهـم .
وسركوزي هو الحمار الصهيوني الجديد ، يريد أن يعيد سيناريو الصهاينة مع مصر ، والأردن مع سوريا هذه المرة ، ولتحييد الحالة اللبنانية أيضـا ، تمهيدا لعزل إيران ، لإنهاء هذا القلق الغربي المزعج بسبب أطماع إيران ،ولكي تقر أعين الصهاينة ، وقـد قضي على كلِّ تهديد لهم داخل كيانهم ، وشرق وغرب النيـل ، والفـرات .
وأمـَّا حكَّام العرب فانطلقوا يهرولون كالعادة ، علَّهم يحصلون على صور تذكارية مع سركوزي ، وزعماء أوربا ، ويحوزون على رضاهـم ، ثـمَّ لايهمَّهم بعد ذلك شيء ، فليس وراءهم أمَّة يحمونها ، ولا رسالة يحملونها.
غير أننا نسأل الله تعالى أن يفشل مشروع سركوزي ، ويرده خائبا ، وأن يقيض لهذه الأمَّـة من يقوم بأمرها ، يحمي عزتها ، ويعلي شأنها ، ويذود عن حياضها ، ويرد إليها حقوقها المستلبة ، ومقدراتها المغتصـبة ، آمين الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 13/07/2008 عدد القراء: 8888
أضف تعليقك على الموضوع
|