قال الكاتب الأمريكي المشهور نيكولاس كريستوف في صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً :
(إننا نقوم بمطاردة الإرهابيين المسلمين في غابات الفلبين ونتعامل بكل الريبة والشك مع الملامح الشرق أوسطية ونتناسى أن هناك بين العيون الزرقاء والبشرة الشقراء إرهابيين أكثر خطراً ) .
وقال : ( إنه يعشعِشُ في أذهان قادة أجهزة الاستخبارات الأمريكية هاجس الإرهاب الإسلاميّ ويتناسون المهووسين المتطرفين من الأمريكييّن الذين يدبّرون المخطّطات الإرهابيّة التخريبيّة التي تبدو بجانبها مخطّطات الإرهابي ـ على حد وصفه ـ أسامة بن لادن مجرد ألعاب أطفال ) .
وأضاف كر يستوف قائلاً: (إن هناك العديد من الجماعات الأمريكيّة المتطرِّفة مثل جماعة "ديفيد بورجيرت" كانت تخطّط للقيام بثورة عنيفة وحرب أهليّة هدفها الإطاحة بكلّ الحكومة الأمريكية.
وقال كريستوف : إن جماعة بورجيرت كانت تخطّط وفقاً لشهادات مسئولين أمريكيين باستخدام مدافع رشاشة وقنابل وكميّات هائلة من الذخيرة لاغتيال 26 مسئولاً محليّاً في مونتانا ثم القضاء على قوة الحرس الوطني لدى وصولها، وبعد أن ترسل السلطات المذعورة قوات تتبع حلف شمال الأطلنطيّ الناتو ينتفض الأمريكيّون الوطنيّون الحقيقيّون وتنشب حرب شرسة وتقع الولايات المتحدة في نهاية المطاف في أيدي مسيحيين بيض.
ومضى يقول : إنه في ولاية ميتشيجان خطط الإرهابيّون الأمريكيّون لنسف مبنيين فيدراليين بينما خطط الإرهابيّون في ميسوري لشن هجوم على قواعد عسكريّة أمريكيّة تبدأ بقاعدة فورت هود بتكساس لدى فتح أبوابها أمام عشرات الآلاف من الزوار . كما خطط أعضاء ميليشيا كاليفورنيا لنسف منشأة لتخزين البروبين ، بينما خططت ميليشيا أخرى في فلوريدا لتدمير محطة للطاقة النوويّة)
وأضاف ـ وهنا بيت القصيد ـ : (لو كان أعضاء هذه المليشيات من المسلمين لكان قد تمَّ اعتقالُهم ، والزجَّ بهم في السجون في الحال ، ولكن المشكلة أننّا سجناء لأفكارنا المسبقة ) .
والشاهد من كلام هذا الشاهد ـ وهو شاهد من أهلها ـ أن الإسلام نفسه هو المستهدف من قبل الغرب الصليبي ، وأزيد الكاتب كريستوفر من الشعر بيتا من قصيدة التناقضات الأمريكية التي لا تحصى أبياتها ، فقد بلغ عدد المعتقلين بسبب الإرهاب الأسود ، إرهاب الصهاينة ذوي القبعات السود ، في سجون الكيان الصهيوني 7500 سجين أغلبهم اعتقلوا مؤخراً ، موزعون على 12 معتقل تعذيب بوسائل محرمة دوليا ، ومنهم فتيات صغيرات في سنة 16 سنة ، تعرضوا لانتهاكاتٍ خطيرةٍ واعتداءاتٍ في تلك المعتقلات ، وفيهم مرضى ، وأغلبها اعتقالات جماعيّة .
وأما عددُ الأطفال الذين قُتلوا فهو 136 ، وجرح 2600 منهم 500 في إعاقةٍ دائمةٍ ، كلُّ ذلك في أقل من عامٍ مضى فقط ، وأما عدد القتلى من المسلمين في فلسطين فقد خرجوا عن حد العد ، فلم يعد الإحصاء له معنى ، إذ بلغوا 2280 قتيلا في الانتفاضة الأخيرة فحسب ، و38000 مصاب ، وكلُّ هذه المجازر اليومية، إنما تحصل لهم لأنهم لا يريدون سوى حقوقهم المشروعة بطرد المحتل من بلادهم .
غير أنَّ الحقيقةَ الأَهمّ وراءَ كلّ هذا ، هي أن الإرهاب الأزرق الأشد خطراً على العالم ، وأمريكا هي صاحبة الإرهاب الأزرق ـ والأسود إذا اشتد سواده فهـــو أزرق ـ هي المحرك الحقيقي للإرهاب الأسود ، فهي ترعى وتحمي الكيان الصهيوني ، وتؤيد ما يفعله من جرائم ، وتصفه بأنه دفاع مشروع عن النفس ، بينما تصف المسلمين المدافعين عن حقهم المشروع بأنهم إرهابيون .
فلماذا التثريب على المسلمين إذن ، إن اعتقدوا أن أمريكا لاتحارب الإرهاب ، وإنما تحارب الإسلام ، وأنها لا تريد القضاء على الإرهاب كما تزعم ، بل هي التي تصنعه بيديها تارة ، وتهيء ظروفه تاره ، لاستغلاله لتحقيق هيمنتها العالمية .
وقد لعبت أمريكا هذه اللعبة ، في العالم عقودا مديدة ، حتى كأنها غدت لعبتها السياسية المفضلة ، غير أنها اليوم غافلة عن حقيقة مهمّة ، وهي أن هذه اللعبة تُصبــح خَطِرةً جداً ، إن صارت مع الإسلام ، لأنها ستغدو لعبةَ الموت نفسِهِ .
فهذه الأمّة التي نزل عليها قولُه تعالــــى ( وَأَنتُم الأَعلَون إِن كُنتُــم مُؤمِنين ) ، لا يعرف أحدٌ مكنونَ طاقتِها الحقيقيّة ، حتى يهب إعصارُها الذي لم يتفجّر بعـدُ بركانُـه ، ولم يحِن بعـدُ زمانُـه ، وإنمـا أطـلَّ عليهم إطلالَه ، وذاقوا بعض فِعالِـه ، فإمـا إذا نَزَلَ بساحتِهِـم فلا تَضرِب لَـهُ مثالَه .