حلم الشعوب العربية بالغُمَّـة العربية
حامد بن عبد الله العلي
،
القرار الوحيد الذي ينبغي أن تتخذه الغمة العربية هو بعـد أن يجتمعوا صفوفا ويصلوا صلاة الميت على النظام العربي ـ هذا إن كانوا سمعوا بالصلاة على الميت ـ ثم يتخذوا قرارا جماعيا بالإستقالة عن الزعامة ، وإعتزال كراسي الحكم ، والتوجه إلى الله تعالى بالتـوبة مما جنت أيديهم على الأمـّة ، ثم الإعتذار لشعوبهم عما فعلوه فيهم من الجرائم ، وما أوصلوا إليه أمّتنـا من المهانة ، والإذلال ، الذي لم تصل إليه في تاريخها قــط .
وحينئذ ستزول العقبة الكؤود أمام الأمّـة لترجع إلى هويتها الإسلامية ، وتعيد الخلافة الحاكمة بالشريعـة ، وتعلن الجهاد سبيلا وحيدا لرفع المهانة عن أمتنـا ، واسترجاع كرامتـها .
صحيح أنـّه سيكون أوّل من سيفزع من هذا القرار ـ الحلـم ـ علماء السوء ، وسيهرعون لإقناع الحكام بالعدول عنه ، والسبب واضح بلا ريب ، وهـو أنهم سيفقدون السحـت الذي كانوا يقتاتون عليه من فسـاد هذا النظام.
كما قال ابن كثير : ( قال لما ولي يزيد بن عبد الملك ، قال : سيروا بسيرة عمر ـ يعني عمر بن عبد العزيز ـ فمكث كذلك أربعين ليلة ، فأتى بأربعين شيخا ، فشهدوا له أنه ما على الخلفاء من حساب ، ولا عذاب !! )
أربعون ، كقصة ( البابـا والأربعين حرامي ) ، أما اليوم فستأتي بطانة السـوء ، بألـوف مؤلفة من الشيوخ المرتزقة ، المتمـرّسين بصنعة إبليس في التلبيـس ،
ومن آخـر ابتكاراتهم الإبليسية ، أن أدخلوا الملعونين على لسان داود ، وعيسى بن مريم عليهما السلام ، من كفـرة بني اسرائيل ، مـن اليهود المغضوب عليهم ، والنصارى الضالـين ، الذين قال الله تعالى عنهم ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتّبع ملّتهم ) ، ـ في زمـن تكالبوا على أمتنا بكلّ أنواع الإجرام ـ أدخلوهـم في ولايـة المؤمنين الموحّـدين ، بدعوى التقارب بين الأديان ، لإنقاذ (الإنسانية) ، وقد قال تعالى ( قتل الإنسان ما أكفره ) ، وأكفـره هـم هؤلاء الذين دمّروا الإنسانية بكفرهم ، وطغيانهم ، بتنظيمهم الصهيونية والصليبية العالمية .
وجاءوا بهذا التلبيس تحت شعار (الديانات الإبراهيمية ) ، شعار الماسونية الصهيونية العالمية ، هذا الشـعار المفترى على إبراهيم عليه السلام ، الذي وصفه الله تعالى قائلا في محكم التنزيل : ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ، ولكن كان حنيفا مسلما ، وما كان من المشركين * إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ، وهذا النبيّ والذين آمنوا ، والله ولي المؤمنين) ،
وقد قال تعالى ( ياأيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى ، أولياء بعضهم أولياء بعض ، ومن يتولهم منكم فإنّه منهم إن الله لايهدي القوم الظالمين )
وينبغي أن يكون في حيثيات القرار ما يلي :
نحن زعماء النظام العربي البائس ، إذ نعتـرف بأننا فشلنا في سماع صرخات أطفال غـزَّة ، وإنقاذ مرضاها من الموت المحقـق ، فضلا عن إعانة مجاهديها على عدو الأمة الأول والأخطر ، العدو الصهيوني ، فضـلا عن أن نكون نحن الذين ندافع عنهم ونحرر أرض فلسطين المغتصبة من العدو المغتـصب ، بل كنا من حاصر هذا الشعـب المسكين ، وأعان عدوه عليه .
وإذ كنا الســبب بعد أن ضيعنا فلسطين ، في إحتلال أفغانستـان ، والعراق ، وما جرى في العراق من مآس تشيب لها الولدان ، وفي جعل لبنان ـ والخليج على الطريق والحبل على الجرار ـ ساحة صراع بين المشروعين الصفوي ، والصهيوأمريكي ، وفي تسهيل المؤامرات الغربية لتقسيم السودان ، واحتلال الصومال ، وفي جعل أمتنا نهبا لكل مشروع أجنبي ، يستعمرها بقواعده العسكريـة ، وإرتهان سياستها ، والسيطرة على ثروتـها .
وفي حرمان شعوبنا ، ونخبها ، من الحرية التي هي مـن الشعوب بمثابة الرئة ، ونبضات القـلب ، وسلكنا في سبيل ذلك كلّ أصناف التعذيب السادية التي ما عرفها حتى فرعون ،
ووصل بنا الحال إلى أننا في عصر ثورة المعلومات ، والاتصالات ، وبينما الشعوب كلّها تتنفس هواء الحرية النقي ، قـد وضعنا ميثاقا للفضائيات العربية ، يكمم الأفواه ، ويحارب الكلمة الحرة ، ويراقـب ضمير شعوبنا ، خشية أن ينهض هذا الضمير يوما من الأيام ، وسجنّـا رؤساء تحرير الصحف ، لنقلهم الأخبار عن مرض الرئيس ، ولاحقنا كلّ كلمة حرة في وسائل الإعلام تبحث عن الحقيقة .
وإذ نهبنا ثروات الأمـة ، وأمعنا في تقسميها ، وتفتيتها ، وحولنا الأنظمة السياسية من خادمة لشعوبها ، ساهرة على مصالحها ، نائبة عنها في تحقيق آمالها ، إلى شركات خاصة لنا نتوارثها على حساب مصالح أمتنا .
وختمنا هذه الإنجازات الكبيرة ، بالوقوف موقف المتفرج على التطاول بشتم منقذ البشرية ، وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ، من الدنمرك ، والسويد ، ووسائل الإعلام الغربية ، ومن البابا اللعين ، بل قابلنـا هذا السيل من العدوان المتواصل الممنهج على إسلامنا ، بالتزلف إليهم ، ودعوتهم إلى بلادنا ، وتمرير مشاريع التنصيـر الخبيثة فيها .
ولهذا فقد قررنا إعلان وفاة النظام العربي ، وتقديم استقالتنا الجماعية ، وأن تستلم الأمـة مصيرها بيدها ، وتعلن إنطلاق مشروع نهضتها ، واسترجاع عزتها ، وانتصار حريتها .
انتـهى الحـلم ، وحسبنا الله ونعـم الوكيـل ، نعم المولى ونعم النصـير
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 28/03/2008 عدد القراء: 11590
أضف تعليقك على الموضوع
|