ما وراء إستهداف مـدِّ التديـُّن !
حامد بن عبدالله العلي
إنَّ إستعار الحملة المشبوهـة ضـدَّ هذه العودة المباركة للهويّة الإسلاميّة في الأمّـة ، وضـدَّ التمسـُّك بهدى القرآن ، وهداية السنة ، وإنتشار تلك الحمـلة الخبيثة على طول البلاد العربية ، وتشابه أساليبها ، وتنسيق خطواتها المدروسـة ، مع تحرُّكـات خارجيّة تتوجَّـه لنفس الأهداف ، وتسعى لذات الغايات ،
إنـَّه دليل على أنَّ ثمَّـة مخططاً كبيـراً في غاية الخطورة يستهدف مـدَّ الصحـوة الإسلامية الآخـذ بالإنتشار كالنـَّار في الهشـيم ، سواء في أوسط النخب الثقافية ، والشارع العربي .
وقـد تمثَّلت هذه الحملة الخبيثة في تحـرُّك ممنهـج موزَّع على عشرة محاور :
أحدها : إستهداف قادة النهضة الإسلامية _ قادة الدعوة وقادة الجهـاد _ إما بالإعتقال ، أو العزل ، أو تشويه السمعة تحت ذريعة ( الإرهاب ) ، أو الملاحقـة بشتَّى الوسائل .
الثاني : وضع المساجـد قيـد المراقبـة _ في بعض البلاد وضع فيها كاميرات لمراقبة المصلين !! _ والتضييق عليها ، وإشهار سيف تهمة الإرهاب عليها ، لإبقاءها تحت هاجس الملاحقة والخوف ، وبعيدة عن بعث روح التغيير في الأمـَّة ، وعزل الخطباء المخلصين الذين يربطون عموم الأمة ، بقضاياها المصيرية ، ويكشفون حقيقة مكـر أعدائها بها ، ويبعثـون في النفوس إرادة النهضة ، وينشرون في طبقات الأمة فكر المقاومة ، ونهج العـزَّة ، ويؤسِّسون الولاء فيه على أساس الإنتماء للإسلام ، والتواصل مع العالـم الإسلامي ، لاسيما في مناطق الإضطهاد على رأسها فلسطين الحبيبة المحتلة .
وقد تصاعـد النشاط المحموم ضد خطبـاء المساجد الغيورين في كثير من الدول ، بعزلهم ، ووضعهـم تحت دائرة الإتهـام ، ووصمهـم بالحاجة إلى إعادة التأهيل ، تحـت ذريعـة أنهـم يحمـلون ( فكر ) ، أو ( بذور فكر) ، أو ( إستعـداد لحمل بذور فكر ) ، أو ( إمكانية الإستعداد لحمل ..إلخ ) !! (التطـرُّف) ، و(الإرهاب) ..إلخ
ثم تعدَّى الأمر إلى المعلِّمـين في المدارس ، فتمت ملاحقتـهم ، والتضييق عليهم ، بنفس الوتيرة ، وتحت ذات الذريعة !
الثالث : منع الفتيـا ، وقصرها على جهات رسمية (مدجَّنة ) ، تدور في فلك إرضاء السلطة السياسية ، ويقتصر دورهـا على :
تخدير الشعوب _ يُستثنى من ذلك بعض الفتاوى الهامشية الضرورية لذر الرماد في العيون _ كلَّما تنادت العزائم للذود عن المقدسات ،
وعلى إطفاء نار الغيرة الإسلامية في نفوس الشعوب الإسلامية ، كلَّما اشتعلت لنصرة قضايا لأمّة الإسلامية ،
ولهذا تجد هؤلاء لايكادون يستفيقون من سباتهـم ، إلاّ لإصدار فتاوى تحريم كلِّ وسائل الإصلاح والتغييـر الإيجابي في الأمـّة ! حتَّى السلمية ، وإنزال الويل والثبور ، وعظائم الأمور على مجـرد التفكيـر في تنظيم مظاهرة ، أو إعتصام ، أو إضراب ، للإصلاح السياسي ، أو لتنوير الرأي العام بواجبـاته تجاه ما يُحاك ضد الإسلام من مؤامـرات.
أما فتاوى الجهاد التي بها يُحمى الدين ، ويُدافع عن بلاد المسلمين ، وحث المسلمين على مساعدة إخوانهم في البلاد المحتـلة ، فكأنـَّها عندهـم الشرك الأكبـر الذي لايُغفـر ؟!!
ويكفي أن تقلِّب صفحات (الإنترنت) لتبحث عن آخر فتوى صدرت من هيئات الفتوى الرسمية تحض على الجهاد في فلسطين ، وتدعو المسلمين إلى دعم الجهاد الفلسطيني ، وتطالب بكسر الحصار عن غزة ، وتدين جرائم السلطة في المقاومين الشرفاء ، وتطالب المسلمين بالنهوض للوقوف ضد مخططات تهويد القدس ، وتهديد الأقصى ، فستجـد الصمت المريب هو سيّد الموقـف ، رغم أنَّ التهديدات الصهيونية تزداد يوما بعـد يوم !!
الرابع : إغلاق المنابر الإعلامية الإسلامية المؤثـِّرة في الأمـّة ،كما حدث مؤخَّـرا لقناة الناس ، والخليجية ، والحافظ ، وتهديد بقية المنابر لتحجيم دورها المهم في التوعيـة ، والإستنهاض .
وينبغي أن يُنْـتَبَه إلى أنَّ هذه الجهات التي تقف وراء هذه الحرب على الصحوة الإسلامية ، ومن وراءهـا من العدوِّ الخارجي ، أفزعـها مواجهة المـدّ الصفوي _ أعني تلك الجهات التي تخاف أيضـاً من المشروع الصفوي سياسياً _ برموز الفكر الإسلامي ، وقيادات الصحوة الإسلامية ، وهي تحمل شُعلة الفكر الإسلامي .
وذلك لأنَّ المواجهـة عندما تكون بهذا النهـج الإسلامي ، ستنطوي أيضـا على نشـر روح التديـُّن ، وربط الأمّـة برموز هويتهـا الإسلاميّة ، وإعادة بعث الإعتزاز بدين الإسلام ، وتقديم الجيل الأول الحامـل لرسالة الحضارة الإسلامية على أنـَّه قيادة الأمة.
وهذا ما يفسِّـر هذا التردُّد ، والإحجـام ، في إطلاق العنان لإعلام إسلامي يواجه المد الصفوي ، إلاَّ بقدر محـدَّد ضيـق لايناسـب الخطر الكبيـر لذلك المشروع الصفوي.
الخامس : محاربة النِّقاب ، والتضييق على المنقبات ، وإجبارهنَّ على لزوم بيوتهنِّ ، بمنعـهن من التعليـم _ في بعض البلاد فُصلت المنقبات من التدريس _ والهدف هو ربط مظاهر التديُّن بالتخلف ، وإرهاب المجتمع من اللحاق بركـب الإلتزام الديني ، وتخويف الناس من الفكرة الدينية بصورة عامة ، وتشويه صورتها في الأذهـان .
السادس : محاربة الحجاب _ كما في تونس _ وتحويلـه إلى ( سلوك مشين ) و ( تصرف يشبه الجريمة ) ، وليس الهدف هو الحجاب في حدِّ ذاته ، ولكن لجعل تجريمـه وسيلة لصـدّ المجتمـع عن مبادىء الإسلام ، وصنع حاجز نفسي مخيف بقوة السلطة بين الشعب ودينه .
السابع : نشر مظاهر العهر ، ومنابر الفجور ، وتيسير الوصول إليها ، وتسهيل الطرق عليها ، بهدف صرف المجتمع _ لاسيما فئة الشباب _ عن التدين إلى الشهـوات ، وعن الإسلام إلى التغريب ، وعن الرجولة إلى الميوعة ، وعن روح الجهاد و المقاومة إلى رذائل الإنحطاط ، والتخنـُّث الفكري والسلوكي .
ومن الواضح أنَّ أعظم ما يحدث من هذا ، هـو في الضفة الغربية ، وذلك أنَّ الحرب على الصحوة إنما هدفها النهائيّ هو هدف صهيوني ، والصهاينة هم أعظم محـرِّك لها ،
ولهذا كانت الحلقة الضيقة حول القدس هـي أخطر حلقة يخشى الصهاينة منها على مشروعهم ،
فكانت الحرب على الصحوة الإسلامية هناك على أوجها ، وخاصة أنَّ موجة التديُّن قد انتشرت في الشعب الفلسطيني بما لم يسبق له مثيل في تاريخه .
ويتولـَّى كبـر محاربة مظاهـر التديُّن ، الأجهزة الأمنية العباسيّة ـ الدايتونيّة التي تعمل بإشراف تام من الأمن الصهيوني .
وقد عملت السلطة (العباس ـ دايتونية) ، منذ أن تأسست على إتجاهيـن :
أحدها : نشر أوكار العهر ، والفجور ، والقمار ، والمراقص ، والملاهي الليلة ، والفساد ، وحفـلات الإنحلال الأخلاقي في مناطق الضفة لاسيما تلك التي يكثر فيها الفكر المقاوم .
والثاني : ضرب الجمعيات الخيرية ، والمؤسسات التربوية الإسلامية ، وفصل الأئمة والخطباء الذين هم في فلك المقاومة ، وفصل المدرسين المتديّنين ، بل والتضييق على أقاربهم عـبر التهديد بقطع الرواتب _ وهذه مهمِّة فياض الخبيث حامل " شنطة الأرزاق " _ ووصل الأمر إلى السيطرة على التوجه العام في المدارس ، ومراقبتها بشدة ، لقطع الصلة بين مؤسسات التعليم ، والفكر المقاوم !
وقد صرح عباس بنفسه بلسانه قائلا : ( لقد فرضت خريطة الطريق مطالب من جميع الأطراف ، كان علينا أن نوقف الهجمات الإرهابية ، الاعتراف بإسرائيل ، وحتى وقف التحريض ، لذا تعال وانظر ما قد فعلنا ، على الرغم من أنَّ اللجنة المشتركة لمكافحة التحريض لم تعد فعّالة ، فقد عملنا ونعمل ضد التحريض ، قالوا إنَّ هناك مشكلة في التحريض خلال خطب الجمعة في المساجد ، اليوم لم يعـد هناك المزيد من التحريض في أيّ مسجد ) !! هاآرتس 15/12/2009م
وتستعين السلطة لإنجاح الإنتقال بالشعب الفلسطيني من فكر الجهاد ، والمقاومة ، والتحريـر ، والإستشهاد ، إلى الإنبطاح ، والإنهزام ، والإستسلام ، والركون إلى الواقع .
تستعين لإنجاح ذلك بطائفة ( الإنبطاحية ) وهي جماعة معروفة تتمسَّح بالدين ظاهراً ، وتحارب كـلَّ التوجُّه التغييري في الأمـّة منذ سقوط الخلافة إلى يومنا هذا ، ولها صلات وثيقة بالإستخبارات في كلِّ بلد ، وتتحرَّك _ بحسب التوجيهات الأمنية _ لمحاربة الدعاة ، والمصلحين ، والمجاهدين ، وتحريم كلِّ حراك سياسي ، أو إجتماعي ، وكـلِّ وسيلة تثير قلق السلطة السياسية.
وهؤلاء الإنبطاحية تحت حجـَّة أن عباس ( ولي الأمر المسلمين ) في فلسطين ، تجب طاعته ، والخضوع التام لسلطته ! وأن حركة حماس ، أو الجهاد ، أو فصائل المقاومة الأخرى ، ليسوا سوى خوارج يجوز ( لولي الأمر ) إستحلال ما شاء أن يستحـلّ منهم ! هؤلاء الإنبطاحية يقومون بكلِّ ما يُطلب منهم لإنجاح المشروع الصهيوني في فلسطين !
ودورهم في فلسطين لايختلف عن بقية البلاد العربية ، في الأفكار ، و(السلـوك الأمنـي) ! حتى إنَّ لبعضهم علاقات ( تنسيق ، وتعاون ) لايستحي منها مع السفارة الأمريكية في بلده !
وهذه الصورة المصغَّرة في الضفة هي نفسها مستنسخة في كلِّ العواصم العربية ، وتقوم بنفس الدور ، وتتحرك نحو نفس الأهداف ، وتقف وراءها نفس الجهات الصهيوصليبية!
الثامن : ملاحقة العمل الخيري الإسلامي ، وإغـلاق كبرى المؤسسات الخيرية الإسلامية لاسيما في الخليج ، ووضع بعضها على قوائم ( دعم الإرهاب ) والتدقيق على حساباتها ، بهدف تخويف ذوي الدثور من التبرع لها ، بغيـة تجفيف منابع الدعم المالي لمؤسسات الصحوة الإسلامية ، من الحضانات الإسلامية إلى الجامعات ، ومن دور الأيتام ، إلى معاهد تحفيظ القرآن وتخريج الخطباء .
ولهذا تصاعدت حدَّة المطالبات مؤخـَّرا في دول الخليج بوضع العمل الخيري تحت إشراف مباشر للسلطة السياسية التي تنسق جهارا نهارا عبر لجان مشتركة مع الجهات الأمريكية والغربية تحت حجة ( تجفيف منابع الإرهاب ) !
التاسع : تغيير المناهج الدراسية ، لإزالة كلِّ ما فيها من بواعث الصحوة ، ومحرّضات التديُّن ، ومبادىء التمسُّـك للهوية الإسلامية ، وقد بلغ الأمر أنَّ ترأست يهودية أمريكية لجنة لتغيير مناهج التعليم الإسلامي في مصر !!
العاشر : تبنـِّي وتشجيع التيار الشاذ المحسوب على الصحوة الإسلامية ، بهدف سلب الخطاب الإسلامي التغييري قدرته على التعبئة والتأثيـر الجماهيري ، وذلك بتمكين هذا التيار الشـاذ من وسائل الإعلام ، ومهمته الرئيسة هي أن يستبدل بخطاب التغييـر ، الخطاب التدليسي الذي يجهـد في إضفاء الشرعية على ما هو قائم من الأوضاع لاسيما السياسية ، ليقطع الطريق على تيار التغييـر .
وهذا التيـّار يعمل عمل البديل المزيّف الذي يجتذب الشعوب إليه ، بإسم الدعوة الإسلامية ، وهو يبـدو كأنـّه يلقي طوق النجاة ليخرج الحالـة الشعبيّة العربية الساخطـة على واقعها المزري ، يخرجهـا من الباب ، ولكن لتجـد نفسها في نهاية المطاف قد عادت إليه من النافذة من حيـث لاتشعـر ، وذلك بإسم الديـن !!
وهذا التيار لايقل خطورة عن ( الفرقة الإنبطاحية ) ، وهما يعملان من جهتيـن مختلفتين ، ولكنهما كالعنانين اللذيْن يكبحـان جماح الشعوب ، ويبقيانها تحت وطأت واقعها المأساوي ، وذلك لمصلحـة بقاء الأنظمة السياسية أطول فترة ممكنة على كراسيها.
هذا ولايخـفى أنَّ هـدف التحالف الصهيوصليبي من هذه الحملة على التديـُّن ، هو الحـدُّ من إنتشار الإسلام ، في ظل تراجع التنصيـر ، وهدف الأنظمة هو خوفهـا من نهوض الشعوب _ عندما تلتزم بالإسلام الحقيقي إسلام التغييـر _ مطالبة بحقوق الأمة ، ومنها إختيار نظام الحكم الشرعي الذي يتولى أمرها ، ومحاسبة الأنظمة على جرائمها ، وخياناتها.
.
وأيضـا من أهداف محاربة التدين إزالة أعظـم محرِّكات مقاومة المشروع الغربي الذي يستهدف الإسلام ، وإيقاف الإمداد الديني الذي يغذّي حركات الجهاد التي دوَّخـت المشروع الصهيوصليبي ، واستنزفته
.
ولما كانت الأنظمة السياسية العربية تستمد وجودَها ، وبقاءَها من هذا المشروع ، فقد وضعت إمكاناتها تحت تصرفه ، في محاربة العودة الدينية في الأمّة الإسلاميّة ، ولهذا فهذه الأنظمـة تزداد كلَّ يوم ذلاَّ ، وسقوطـا ، وإنحطاطـا _ إذ الإسـلام عـزُّ لمن يحمله ، وذلُّ لمن يخذله _ حتى وصل بهم الأمـر أن لم يجرؤوا في قمة ( سرت ) الأخيـرة ، على كلمة واحـدة تزعـج الصهاينـة ، رغم كلِّ التعنت الصهيوني ، وإمعانـه في إذلالهـم !!
غير أنَّ العجيب في الأمر أنَّ هذه الحرب تأتي في الواقـع بنتيجة عكسية تماما ، وهي وإنْ بدت تؤتـي ثمارها مؤقَّـتا في بعض بلاد ، فهي تأتي بالضـد تماما في بلاد أخرى كثيرة ، ولهذا فمعدَّل موجة التديُّن في تصاعد مسـتمر بحمد الله تعالى في العالم أجمـع ، تماما مثل روح الجهاد التي خرجت عن الطوق ، واستعصـت عن السيطرة ، حتى لقد أصبحـت ثقافة عامة في بعض البـلاد الإسلامية .
.
ولايخفى أنَّ هذا الرجوع المبارك ، والهائل الإنتشار لحبِّ الدين ، والتمسُّك به ، والذي اكتسح الفكر والشارع العربييْن ، مع أوَّل فرصة تسنَّت له عندما إنطلقت ثورة الإعلام ، والإتصالات ، والمعلومات ، وأصبحت في متناول كلِّ يـد بعد أن كانت محتكرة ، أنـَّه دليل على ظمأ شعوبنا لهويّتهـا الإسلامية ، وللرجوع إلـى دينها ، وأنه لم يكن يحول بينها وبين إرتوائها به إلاَّ مانعٌ خارجيُّ متعمـَّد من هذه الأنظمة الخبيثة التي كرَّست جهودها لمحاربة التديُّن !
.
هذا .. ونحـن نعلم أنَّ هذه هـي طبيعة المواجهة بين معسكري الحقّ ، والباطل ، ولم يتغيـَّر فيها شيء سوى الأدوات ، منـذ فجر التاريخ إلى يومنا هذا ، وأنها ستبقى ما بقيت الدنيا ، حتى ينتصر الحقّ على الباطـل في جولته الأخيـرة .
وأنَّ الله تعالى إنمـا قدَّرها ليحقق بها مراداته العليَّة ، التي وصفها بقوله تعالى :
( وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)
.
قال الإمام ابن كثير رحمه الله : ( أَيْ نُدِيل عَلَيْكُمْ الأعْدَاء تَارَة ، وَإِنْ كَانَتْ لَكُمْ الْعَاقِبَة لِمَا لَنَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَة ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَلِيَعْلَمَ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا " قَالَ اِبْن عَبَّاس : فِي مِثْل هَذَا لِنَرَى مَنْ يَصْبِر عَلَى مُنَاجَزَة الأعْدَاء " وَيَتَّخِذ مِنْكُمْ شُهَدَاء " يَعْنِي يُقْتَلُونَ فِي سَبِيله وَيَبْذُلُونَ مُهَجهمْ فِي مَرْضَاته ) .
.
وأنَّ الحرب على المشروع الإسلامي المبني على فكرة : لانهوض لهذه الأمة إلاَّ بالإسلام ، والإسلام جهاد يواجه تحديـّات كلَّ عصر بوسائل مكافئة ليحقق التفوُّق الحضاري ويقود العالم بتعاليمه ، فلم يبعثه الله ليكون تابعا لمشروع آخر ، ولا ليصبـح موظَّفـا لتكريس سلطة سياسية ، ولا ليتحوَّل إلى نظريات تُدرَّس في الجامعات فقـط ، أو حركة روحية لاغيـر ، أو رسالة اجتماعية فحسـب ! ، أنـها حرب محسومة النصر لصالح الإسلام بإذن الله تعالى.
.
.
فيا أهل الجهاد ، ويا أصحاب الدعوة ، واصلوا السيـر ، ولاتهولنَّـكم إنتفاشة بالباطل ، وزخرفـته للقول ، ولا يغرنـَّكم تقلب الذين كفروا في البلاد ، فإنَّ الحق قديـم ، لم يتغيـر ، ثابـت ، منصـور ، مؤيـَّد من السماء ، وكلّ هذه الهرطقات التي تصدر من المؤسسات الدينية المزيفة التابعة لأنظمة الذلّ ، ومن يحركونه لمهاجمة الصحوة ، والتشكيك في أهدافها ، ومبادئها ، هـي مثل ( ضراط الشيطان ) عند سماع الأذان ، لن يوقف مسيرة الإصلاح الجهادي والدعوي بإذن الله تعالى ، وأنّ الباطـل مجتثتُّ ما له من قرار .
.
واعلموا أنَّ قافلة الإسلام تولاها الله تعالى ، فهـي ماضية لا يوقفها شيء ، وستصـل إلى أهدافها وإن طال المسيـر ، فمن يلحق بها فلنفسه ، ومن تنكـب عنها فعلى نفسه ، والله غنـيُّ حمـيد .
.
والله المستعان وهو حسبنا عليه توكلنا وعليه فليتـوكل المتوكـلون . الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 15/10/2010 عدد القراء: 26811
أضف تعليقك على الموضوع
|