ما هو أخطـر من مخطّط تقسـيم اليــمن
حامد بن عبدالله العلي
لم يضيـّع المخطـَّط الصفوي وقـته ، مستفيداً من أكبر حماقة ارتكبتها دول الخليج في تاريخها ، عندما أعانت أحمق رجل في التاريخ وهو بوش ، على إسقاط أقوى سـدّ يحميها من الخطر الصفوي ، فقدّمـت العراق مجاناً إلى عمامات ملالي قم الملتوية بأحقـاد لو وزّعـت على أهل جهنَّـم لوسعـتهم ، ثـمّ فاضت !
نعم قـُدِّم العراق الذي جُحدت ، ولازالت تُجحـد ، تضحياتُه العظيمة ، مجانـاً لهـم ، ليحوّلـوا إمكاناته الهائلة ، ومناطـق جنوبه ، إلى قواعد انطلاق الخطـَّة الخمينيّة التي تتطلـَّع إلى اليوم الذي تُعلق فيه صورته على الكعبة المشرفة ! بعد إسقاط ما يسمُّونـه ( حكم الوهابيّة على الجزيرة العربيـّة ) بالتعـاون ( مع الصهيوصليبيّة ) !
وكان أوَّل احتفال لهـم بما أنجزوه من مرحلة مؤامرتهم في العراق ، ما كشفه ما يُسمى المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ، بزاعمة عبد العزيز الحكيم ، عن تفاصيل المخطط في الدول العربية ، والإسلامية ، وذلك في بيان سرّي يحتوي على توصيات المؤتمر التأسيسي لشيعة العالم في مدينة قم الإيرانية ، وقد أوصـى هذا المؤتمر بتأسيس منطقة عالمية ، تسمى : ( منطقة المؤتمر الشيعي العالمي ) يكون مقرّها إيران ، وفروعها في كافـّة أنحاء العالم ، كما دعـا المؤتمر لضرورة تعميم التجربة الشيعية ، التي كانت ناجحة في العراق ، إلى باقي الدول العربية والإسلامية الأخرى ، منها السعودية ، الأردن ، اليمن ، مصر، الكويت ، و البحرين ، عبـر بناء قوات عسكرية غير نظامية ـ مثل قوات الحوثـي ـ لكافة الأحزاب ، والمنظمات الشيعيّة بالعالم ، وعن طريق إدخال مجموعة من الأفراد داخل المؤسسّات الحسّاسة العسكرية ، والأجهزة الأمنيّة ، ودعمها ماليا ، عن طريق تخصيص ميزانية خاصة بها .
وأما اليمن فمن أوائل المؤامـرات عليه ، مـا نشرته صحيفة الشرق الأوسط في أوائـل 2005 ، وهو بيان من الحوزة العلمية في النجـف ، إلى محافل حقوق الإنسان في العالم ، منتقداً تعامل الحكومة اليمنيّة مع تمـرّد الحوثيين ، ويتّهـم الرئيس اليمني بتبنّي (خطاب طائفي) ضد الشيعة اليمنيّين !
ثم ألقـى النظام الإيراني ، مستفيداً من أموال شيعة الكويت الذين يدعمون كثيراً من الجيوب الإيرانية في العالم ، وما يُسرق من ثروة العراق ، إضافة إلى مخصّصات تصدير الثورة من ميزانية النظام الإيراني ، ألقى بكلّ ما أمكنه أن يلقيه من أموال ، ومساعدات ، وتوجيهـات ، وإسناد ، إلى العصابة الحوثية في اليمـن ، وأصبحت الإتصالات بين مكاتب المرجعيات ، وزعماء الفتنة الحوثية ، عمـلاً ( روتينيا ) ، حتـّى أخذت تتسرب بعضها ، فتفـوحُ منها رائحة التآمـر النتنـة .
منها تلك التي تتضمَّن رسالة من الحوثي إلى جواد الشهرستاني ، المسؤول الأوّل على عمليّة تنسيب مدراء مكاتب المرجعية في العالم ، وجاء فيها :
(سماحة السيد جواد الشهرستاني :
بحكم أنكم ستتحملون مسئولية الإشراف على عملية تنسيب مدراء مكاتب المرجعية في العالم , وبما أنّك صهر ، وابن شقيق سماحة المرجعية - السيستاني – نحب أن تكونوا على معرفة بالأوضاع ، والأحوال الحاليّة ، والمستقبلية القريبة في اليمن , لمعرفتنا بجهودكم التي تبذلونها لتقوية آل البيت الشيعي ، وإعادة حكم آل البيت سلام الله عليهم ، إلى حكم اليمن ، وذالك بالشكل الآتي ....لقد أوصلنا الأمور إلى مرحلة النضوج , فالظروف الداخليّة ، والدوليّة مهيـّأة ، ونحن لا نعترض أن يقوم السيد ... من الاتصال ، والتنسيق ، بعناصر المعارضة ، ونرجو منكم تحريك عناصر الحركة المتواجدين في أوروبا ، وبالذات في هولندا ، فنحن بحاجة إلى اتصالاتهم بالداخل لإثارة المناطق القبلية ... بالإضافة إلى شخصيات ، وقيادات بارزة بالتحرّك ، وبذل الغالي ، والنفيس ، لتحقّق الحركة هدفها النهائي ، ومع علينا سوى استغلال الوقت ، وما عليكم غير تقديم الدعم المعنوي ، والمادي ، والسياسي الذي سيمكننا من تحديد زمان المعركة ، وبدايتها ونهايتها لمصلحة آل البيت عليهــم السلام وفقكم الله ..)
ولايضع الحوثيّون في مخططهم تقسيم اليمن ، وإقامة دويلة إيرانية فيه فحسب ، بل أخذوا في الآونة الأخيرة يصرّحـون ، بالمطالبة بإستعادة جبال العرو ، وجيزان ، وعسير ، ونجران ، مدعين أنَّ الإمام يحيى تخلـّى عنها جبراً ، بعد إتفاقيّة الطائف ، وليس هذا كلّه إلاّ تنفيذاً للمشروع الصفوي الشامل الذي بيّنا خطره مراراً ، وأنّه بُنـي في مخيلات مخترعيـه المريضة ، على حطام تقسيم الجزيرة من اليمـن إلى الخليج ـ الأمر الذي يلتـقون فيه مع المشروع الصهيوصليبي ـ مستفيداً من كلّ مثيرات الفتن ، ودعاة الإنفصال ، وعوامـل التخريب ، وحركات الفوضى التي يمكن توظيفها، كما يفعلون في العـراق.
إنَّ الأيـَّام قد بدأت تكشف ملامح المخطط الأخطر في العصر الحديث على الأمّة الإسلاميّة ، الذي لو قـُدِّر أنْ يتحوَّل إلى صورة مجسَّمة ، لظهـر في صورة الشيطان نفسه ، بل أقبـح منه صورة ، وأخبـث مظهرا .
ولقد ظـُلم اليمن من جيرانه دول الخليج الأثرياء ، ومع أنـّه يتمتع بكلِّ مقومات التكامل معهـا ، ويعيش فيه شعبٌ من أطيب الشعوب ، وأنبلها ، وأكرمها أخلاقا ، غير أنَّه تُرك يواجـه الفقر ، والعوز ، وتخنقـُه الأزمـات ، حتى تحـوَّل إلى بيئة قابلة لعبث المشاريع المتآمـرة على أمّتنـا .
وهم في ذلك يكرّرون الخطأ الذي ارتكبوه مع العراق ، فحاصروه ، وأفقروه ، وتركوه يواجه كلَّ المؤامرات لوحده ، بل تآمـروا عليه ، فلما سَقط ، سُقط في أيديهم ، وغدوْا ينوحون نياح الثكالى على شرفاءه ، ويتوجسَّون خيفة مما يأتينهم من خونته ، ومن وراءهم من ثعابين قـم .
وإنَّه لمن أهـم الواجبـات اليوم ، دعم كلَّ الجهود المواجهة المخطط الحوثي في اليمن وبكلِّ السبل ، ومن أهمِّها محاربة تقسيمه ، وكشف زيف دعاة الإنفصـال ، وإحباط مشروعهم المتآمـِر ، ليس حمايةً لليمن الذي يحـتلّ في أمّتنا سواد العين فحسب ، بل حمايـةً لكلِّ الأمّة من أخبث مخطّط يمـرُّ عليها .
والله حسبنا عليه توكلنا ، وعليه فليتوكل المتوكّـلون الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 06/08/2009 عدد القراء: 28781
أضف تعليقك على الموضوع
|