العلاقة بين قراصنة الغرب وقراصنة الصومال !
حامد بن عبدالله العلي
(مطلوب منا أن تكون لدينا خطة ، نستطيع عن طريقها ، أن نحوّل البحر الأحمر إلى بحيرة يهودية بالتدرج) قائد البحرية الصهيونية الأسبق
من سيـصدِّق أن وجوداً مكثّفـا للأسطول الأميركي الخامس في المياه الدولية للبحر الأحمـر ، وعلى قـرب من قاعدة بحرية استراتيجية فرنسية ـ أميركية مشتركة ، في جيبوتي التي تطـلّ على باب المندب ، وحولها الأساطيـل الأوروبية التي تتجـوّل في المياه الدولية هناك ، بزعـم مايُسمّى مكافحة الإرهاب ، ولحماية السفن التجارية ، وناقلات النفط ، أنَّ كلَّ ذلك لم يكن لـه أيُّ تأثـير يذكر على قراصنـة بدائيين ، يسرحون ، ويمرحـون بلا رقيب ، ولاحسيب ، في البحر الأحمـر ، يخطفون السفن ، ويتحدّون الدول ، ويجمعون الملايين !!
تُـرى لماذا يقبـع القـط هناك مستمتعـاً بالفُرجـة ، لاعبـا بذيله ، ينظـر إلى الفئران التي تعيث في البيت فسـاداً ؟!
مما حفظه لنا التاريخ في القرن التاسع عشر من الوقائع ، أنّ سفينة هندية كان اسمها : (دوريا دولت) ، كانت تملكها امبراطورية الهنـد البريطانية ، قـد تعرضت للقرصنة إزاء السواحل اليمنـيّة ، فلم تصدق بريطانيا أنها حصـلت على ذريعة للاحتلال مدينـة عدن عام 1839 ، ثم جنوباليمن ، فاستمر الإحتلال دهرا طويلا.
فلاجرم ، كان اليـمن من أوائل من استرابـوا بقصة القراصنة هذه ، فدعـا وزير الخارجية اليمني , قبل شهرين ، دعـا الدول العربية المطلة على البحر الأحمر إلى اجتماع يناقش فيه أمن البحر الأحمر ، وخليج عدن ، وبحر العرب.
وكان يحاول عبثا ، منع التدخل الأجنبي ، بتكراره التأكيد على الدول العربية ـ ولكن هيهات ! ـ لتحمل مسؤولياتها ، إذ كان البحر الأحمـر هو البحيرة العربية الوحيـدة الكاملـة ، فقال : (بتعاون الدول المطلة ، سيتم الحفاظ على أمن البحر الأحمر ، فنحن بحاجة إلى اجتماع تدعى إليه الدول العربية المطلة على البحر الأحمر لترى فيه كيف تتحمل مسئولياتها أولاً كمجموعة عربية في هذا الجانب ).
ولكن يبدو أنـَّه قد سبق السيف العذل ، فها هو مجلس الأمـن ، ذراع الإستعمار الجديد ، يدعـو بقرار ملزم بتاريخ 8 ـ 10ـ 2008م ، إلى نشر سفن ، وطائرات حربية من الدول المعنية بأمن الأنشطة البحرية ، في البحر الأحمـر .
ولم يكد ينتهي إعلان القرار ، حتى قال السفير الفرنسي لدى مجلس الأمن جان موريس ريبيه : ( إنَّ الاتحاد الأوروبي سيبدأ في التخطيط لإرسال قوة بحرية مشتركة قد تكون جاهزة للانتشار بنهاية العام ).
ولم ينس الماكـر أن يتذرَّع ـ كعادتهم في النفاق ـ بحماية المساعدات الإنسانية في الصومال ـ بعكس غـزة!! ـ فأضاف : ( إنَّ مثل هذه القوّة ستدعم الجهود الحالية التي تقوم بها البحرية الفرنسية ، ومن دول أخرى لحراسة شحنات برنامج الأغذية العالمي التي يعتمد عليها نحو 3.5 مليون صومالي) .
لقد انكشف الغطاء ، وبان الصبح لذي عينين ، ونفض قراصنة الغرب بقيادة أمريكـا أيديهم من أثيوبيــا ، التي قـد باتـت تُذبح على أرض الصومال ذبحـاً ـ بحمد الله ـ بيـد أبطال الجهاد الصومالي ، ورأوْا أنهـا قـد غـدت ، قاب قوسين أو أدنـى من الهزيمة النكراء ، وأصاخـوا بفـزعٍ إلى استغاثة العميل عبدالله يوسف وهو ينادي على نفسه بالويل والدمار ، ويتهيّـأ للهروب ، والفرار.
وخشــوا أن تعود الحالة الإسلامية إلى الصومال ، بعد إنتصاراتها العظيمة حتى وصلت إلى أعتاب مقديشو، فهرعوا إلى خطتهم الجهنمية المفضلة ، وهي إشاعة الفوضى ، ونشر الخراب ، والتذرع بذلك للسيطرة على البحر الأحمـر ، للحيلولة دون رجوع خيراتـه إلى أهله ، ولمنع استقلال الصومال ، ولقطع الطريق على عودة التجربة الإسلامية الناجحة في الصومال ، تلك التجربة التي تمثّلت في المحاكم الإسلامية ، وأعطـت نموذجا نيـّراً لأمل الشعب الصومالي ، في حياة كريمة ، عزيزة ، في ظل إسلامه.
أما الصهاينة ، فإنهم لـم يغـب عن أذهانهم قـط ، السيطرة على البحر الأحمـر ، ومما قاله بن غوريون في أوائل القرن الماضي : (إنّ العقبة وموقع إيلات التاريخي – أم الرشراش- سيسمح لنا بالتمركز في خليجالعقبة ، والبحر الأحمر ) ، كما كتب في سنة 1934م لزميله القاضي (برانديز) في المحكمةالأمريكية العليا: ( سيكون لنا طريق مائي مفتوح إلى المحيط الهندي وأكبر قارة فيالعالم من خلال خليج (إيلات) والبحر الأحمر)
وفي سنة 1949م ، أصدر بن غوريون أوامره بإحتلال مرفأ إيلات على البحر الأحمر؛موجهـاً ذلك بأهمية المرفأ لتحقيق مستقبل علاقات اقتصادية مع دول أفريقيا وآسيا،فتوجه الكونويل إسحاق رابين ـ أصبح رئيس وزراء الكيان لاحقا ـ بقوة عسكرية لإحتلال.
ومنذ ذلك الحين ، والنشاط الصهيوني المحموم حول البحر الأحمر لايتوقـف ، وقـد بات معلوما اليوم ، وجود طائرات تجسس صهيونية مجهزة بمعدات تجسس متطوره في دهلك ، وقد ذكرت صحيفة عال همشمار الصهيونية وجود 60مستشاراً عسكرياً صهيونيا في أثيوبيـا ، كما تقوم زوارق صهيونيـة من طراز (وفورا) – وبشكل دوري- بأعمال التفقد ، والدورية ، والتفتيش اليومي، باتجاه جزر (حنيش) اليمنية.
،
ولاغرابة في ذلك البتة ، فقد كان شيحومي ناحال – وهـو أحـد أكبر مخططي الاستراتيجية الصهيونـية - قـد كـتب في وثيقة ، هـي من أهم الوثائق : ( إن المنطقة المحورية بين البحر الأحمر ، والبحر الميت ، يجب أن تظل تحت السيطرة الإسرائيلية وهي خط الدفاع الأول عن إسرائيل ) .
،
ولهذا لم يزل الصهاينة يسعون ، لإنجاح مشروع قناة تربط بين البحر الأحمر ، والميت ، حتى أعـلن عن المشروع فـي نهاية آب عام 1994 م ، ثم أعيدت صياغة التصور الأردني للمشروع ، وبعـد معاهدة السلام في وادي عربة بتاريخ 26/10/1994 وضعت الأردن مواردهاكافة في خدمة المشروع الصهيوني ،وكان الصمت العربي كالعادة يوافق على كلِّ ما يجري!
،
ثـم لم يُفشل هذا المشروع إلاَّ الإنتفاضة الفلسطينية الباسلة ، غير أنَّ الأطماع الصهيونية ، لم تتوقف ، ولـن تتوقف ، حتى توقفها راية الجهاد ،كما كان في تاريخ أمتنا كلَّه .
،
وكم هو جاهل ذلك الذي يظـنَّ أنَّ العدوَّ الصهيونـي يجهـل خطورة ترك البحر الأحمـر تحت سيطرة أي وجود يعادي الأطماع الصهيونية ، وما الغربية عنها ببعيد.
،
والخلاصة أنَّ عبث القراصنة الصوماليون الذي يثيـر تركـه الريبة ، لن يدعه القراصنة الغربيّون يمـرّ دون أن يستثمروه بكلِّ خبث ، وجشع ، لمخطـط صهيوصليبي قديم للهيمنة على البحر الأحمر ، ولآخـر جديد لإجهاض المشروع الإسلامي في الصومال ، ولهذا فمـن غيـر المستبعد أن نسمع رمي المجاهدين في الصومـال بفرية القرصنة إذا لزم الأمـر ، ولهذا فإنّه من الحكمة أن يقضي المجاهدون الصوماليون على القراصنـة ، فإنَّ عملهـم من الفساد في الأرض الذي يجب قطع دابره.
،
وأما الدول العربية المطلّـة فلن يعدو دورها دور المنفـّذ لذلك المخطط الخبيث !
،
غير أننا على يقين أنّ كلّ هذا المكر ، سيعود وبالاً على ماكره ، كما عاد عليهم مكرهم السابق ، فأصابهم سيئات ما مكروا ، وحاق بهـم ، وجر عليه الويلات ، ولكنهم كما قال تعالى : ( ثم لايتوبون ولاهم يذَّكرون ) .
،
وأخيـرا فنصيحتنا للجهاد الصومالي ، أن يمضي على بركة الله في تطهير أرض الصومال من أثيوبيا الصليبية ، وكلِّ أولياءها ، وسيجعل الله تعالى عاقبة أمرهم نصراً ، وتمكينا بإذن الله ، وعليهم أن يحذروا الخلاف ، والشقاق ، وإهمال سنن الله تعالى التي أخذ بها أنبيـاؤه ، وأمر بها في شريعته ، كما وضحنا ذلك مرارا في مقالات ، وفتاوى متعددة.
والله حسبنا ، عليه توكلنا ، وعليه فلتيوكـل المتوكلـون الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 22/11/2008 عدد القراء: 9217
أضف تعليقك على الموضوع
|