حضارتُنـا ستنتصِـرْ
حامد بن عبدالله العلي
أروع مـا فـي الثورات العربيـة أنهّـا :
أثبـتت أنَّ هذه الأمـّة العظيمـة ، لايستطيع أحدٌ أن ينتزع منها حنينها إلى الكرامة ، و العـزّة ، والتـوْق إلى الحريـّة ، وأنّ هذه القِيـَم الوضَّاءة ، ستبقى فيها كامنـة ، مهما اشتدّت سطـوةُ الطغـاة فيهـا ، وطال زمنُ الإسبتداد عليها ، إلى أن تتفجـر منها كالبركـان الهائـج ، والبحـر المائج .
وأنَّ أشجع أمـم الأرض ، هـي أمّتنـا المجيـدة ، ذلك أنهّـا وحـدها التي ابتُليت بأسوء أنظمـة سياسيـة عرفها التاريـخ ، وأشدّها قسوة ، وأشنعهـا تغـوُّلاً ، ووحشيّة ، وأخسـِّها في التعامل مع شعوبهـا ،
ومع ذلك ، فقـد ثارت شعوبـنا على الطغـاة ، وانتفضت ضدّ البغـاة ، رغم إهـراق الدمـاء ، وتمـزّق الأشـلاء .
ولاريب أنَّنـا إذا ذكرنـا شجاعة شعوبنـا ، فلنضع التـاج الأضـوء تألـُّقاً ، المرصَّع بلآلـيء الشمـوخ ، وجواهر الشـَّمَم ، على رأس الشعب السوري ، ذلك أنـَّه أعظم شعوبنا بلاءً بقسـوة النظام ، وأتعسها حظـاً ونصيبـا بالحرية ،
ورغـم ذلك ، فقد انطـلق ثائـراً كالإعصـار ، وماج كلهيب النـار ، غير عابـئ بالدم الدفيـق ، ولا بوَعَثِ الطريق ، ولا بخذلان الصديـق .
أمـّا اليمن فللّه درُّ أهل اليمن ، ولَنعْـمَ الشعب ، في نعم الوطـن ،
ولقد سـبق هذا الشعب جميـع شعوبنا ، في عزيمة التغيير ، مع حكمـة التنظيـر ، وأثبـت أنَّ المجتمع القبلي المحافـظ لايعني أنـه سيخضع للإستبداد ، أو يجهـل طرقَ الحكم الرشاد ، بل هو يتفـوَّق على غيره في الإبداع السياسي ، في وضع نظام العدالة ، والكرامـة ، مكان نظام عبادة ( الزعيم ) و( الكراسي ) .
ثـمَّ انـظروا بفخـر إلى نساء اليمن كيف شاركن بكمال الحشمـة ، في إصلاح الأمـّة ، فأثبـتنَ أنّ الحجاب لايحجـب الدور الألـِق لعقـل المرأة المسلمـه ، بل يحجـب عن عقـلها خرافات العلمانية المجرمــه .
هذا .. ولاتسلْ عن شعب ليبيـا البطـلْ ، عجيـبٌ أمرُه ، جليـلٌ خطرُه ، طويلٌ صبـرُه ، عـليُّ في الجهـاد شـرفـُهُ ، وذِكـرُه .
أما الجزائـر فتريَّثـوا عليها ، فلن تلبـث حتى ترنـو أبصاركـم جميـعا إليهـا ، فإنـّه شعـبٌ يحسب الأعـداء لغيـره الحساب ، فيحسـب للجزائريين ألف حساب ،
وإنهـم لفي الطريـق ، فإن ثاروا فخـلُّو لهم _ لعمري _ الطريـق .
وفي المغـرب .. يا لـه من مغـرب .. إنـَّا لنسـمع زئيـرَ الأسـود الصارمـة ، والليوث العازمـة ، للوثبـة اللاّزمـة ، والثورة العارمـة ، بالنهضـة الحاكمـه .
وقريبا سيشتعـلُ شعبـُها متسلقـاً جبالَ الثـورة الماجـدة
ليأخـذ نجوم الجـوزاء بيمينـه ، فيجعـلها شعـار الحرية على جبيـن المغـرب الجديـدة القائـدة ، بإذن الله تعالى .
وإنَّ العروبة لتنتظـركِ يا موريتانيـا فأين دورُك ، ومتى يزول عنك جورُك ، ويرتفـع بالعدل أمـرُك ، ويعـلو إلى أبعـد مدى بالحريـة شأوُك .
أما تونس الحبيبة ، فليت شعري أيُّ شيء نقول لتونس ، وهي التي أيقظـتنا من سُباتنا ، بل أحيتنا من مواتـنا ، وأنـارت لنا السبيل ، وأوضحـت لنا الدليل ، وإيم الله إن الكلمـات لتقـف بإستحيـاء ، إذ هي عاجـزة عن حـقِّ الوفـاء .
أما خليـجنا المحروس ، وشعـبه المحبـوس ! فلن أقـول :
إلى كمْ أنتَ تهتفُ بالعبيدِ ** وما أجْـداكَ إيقاظُ الرُّقـودِ
فدعْكَ فلنْ تثيرَ نيامَ قومٍ ** وطبعُ الـرقِّ فيهم من عهودِ
بل سأقـول :
إذا أيْقظتهـمْ ذكروُا جـُدودا ** سمـَوْا فتسلَّقوُا المجدَ المجيدا
فثاروُا للعـَـلاءِ لهمْ زئـِـيرٌ ** كأنَّ القومَ قدْ خُلقوا أسوُدا
غير أنِّ لكـلِّ عـزِّ أوانـُه ، ولكلِّ مجـدٍ إخــوانـُه .
أما العراقُ فهــو _ واسوأتـاه _ ضحيـة لإحـدى جنايات النظام العربي الذي في طريقـه إلى الهلاك .
شمـَخَ العـراق حتـى بلـغ فلكَ العزة الأعلى ، ونجـم المجـد الأجلى ،
ثـم خانـوه فأسلموه ، وخذلوه فضيَّعـوه ، وبكلِّ سوء كافأوه ، حتـَّى صـار تحت مخـلب الفُرس المجوسية ، وبين أنيـاب الصهيوصليبية ، يستصرخ فلا صَريـخ ، ويستنجـدُ فلا مُصيـخ .
غيـر أنَّ شعب الرافدين لن يطول به الزمن حتى يثـبَ نمورُه ، ويعتلي الأطوادَ صقـورُه ، فتربَّصوا به تربـَّصَ المستيقنين ، فقد انطـلقت شرارةُ ثورته الآن في صلاح الديـن ، وبهذا الإسم تيمــُّن المسلمين .
وأما السُّودان فسبقت بالإصلاح ، وعاشـت منـذ زمن تلك الأفـراح ، وأهلهـا سيكملون المسيـر ، بهدوئهم المعـتاد ، وسكينتهـم المعروفة بيـن العبـاد !
ودعنـا من ذكـر مصـر ، فهي الأمُّ التي بقِيـَم حضارتنا مُفعـَمة ، وهـي الكبيرة المعـلِّمة ،
وهـي بحـرُ التغييـِر المحيـط ، وبركانُ الثـورة النشيـط ، وما من تغييـر صالح في الأمـّة ، إلاّ وفي رقبـته لمصـر منّـة .
والخلاصـة أنَّ شعوبـنا أثبـتت أنها أمّـة الكرامة ، والعـزَّة ، والشجاعـة ، والحريـة .
وما سيأتـي بإذن الله أعظم تألُّقــا ، وما ستشرق به شمسـُها من الخيـرات ، بإذن الله أروع مشرقـا .
هذا وتأملوا معي فيما أنزل الله على هذه الأمة من أعظـم الهدى ، وأرشد الخيـر العاصـم من الردى ، في قوله تعالى ( فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ، وما ضعفوا ، وما استكانوا )
وكيف دلَّ ربُّنـا هذه الأمة على أنَّ الوهن الذي يصيب الإرادة ، والضعف الذي يصيب العزيمـة ، والإستكانة التي هي ضد ( وأنـتم الأعـلون ) ، هي الأدواء العظيمـة التي تُسقط الشعـوب في براثـن الرضا بالظلم ، وتُقيّدهـا بأغلال الرقِّ للطغـاة .
فإنْ هي تخلَّصت من هذه الأدواء ، فامتلأت النفوس بصلابة الإرادة ، وقوة العزيمـة ، وشموخ العـزّة ، بعد التوكُّـل على الله تعالى ، فسوف تنتصـب هامتـُها ، وسترتفع قامـتها ، وتعـلو رايـتها بإذن الله تعالى .
وإذ قـد نفضت أمـُّتنا غبارَ الوهن ، والضعف ، والإستكانة ، فحري بنا أن نقـول : إنَّ حضارتـنا قريـبة بإذن الله إلى النصـر المبين ، لتشعل منار الهدى للعالميـن .
طريقُ النهضةِ الكبْرى برعْـدٍ
فبـعدَ العشْرِ تأتيكَ الهدايـهْ
بجاثيةٍ ثمانٌ بعــدَ عشــرٍِ
وفيـها البدءُ من نعْـمَ البدايهْ
وإيمانٌ بما يحويـهِ وحـــيُّ
على إثـْرٍ من الخمسينَ آيـهْ
بسورةِ توبـةٍ تُتلــى بفهْـمٍ
فتُعلي أمـّة الهـادي برايـهْ
نسأل الله أن يتمـَّمَ ربيع أمـِّتنا بإشراقةِ الزهور ، وعبيـرِ العطـور ، وأفراحِ الحبـور.
بعهد جديد يفـوحُ بعبَق العـدل ، وينْتشي بنسائـم الحريـة ، وينتعشُ بضيـاء الكـرامة .
في ظـلالِ إسلامنا الوارفه ، وأُخـوّته الآلفـه ، وتعاليمِه التي بكلّ خيرٍ سالفه .
والله المستعان ، وهو حسبنا عليه توكـّلنا ، وعليه فليتوكـّل المتوكـّلون .
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 16/05/2011 عدد القراء: 49813
أضف تعليقك على الموضوع
|