فـرح فـي رفــح
،
حامد بن عبدالله العلي
،
وهكذا بهذا اليُسـر ، والحمدلله ، سقـط الكيد الصهيونيّ ،وتهاوى المكر الأمريكيّ، وسقـطت كلّ إتفاقيات الذلّ ، والعار ، التي تحكم المعابـر ، وتحاصر غـزة وأبطالها ، سقـطت تحت أقدام المقتحمين لجدار رفح بعد تفجيره .
يا لله ، ما أعجـب ما جرى ،، لقد أظهـرت هذه الجموع العفوية كم هـو مزيف هذا الكيان الصهيوني ، وكم هو مفكّك ، وواهٍ كبيت العنكبوت ، وكـم هي ضعيفة أمريكا إمام إرادة شعـب مؤمن بحقّـه ، قويّ العزم على نيله ، مهما كلّفه ذلك.
لقد بكى الصهاينة وهم ينظرون إلى آلاف الغزييّن يعبـرون إلى أرضهم ، ووطنهم ، في مصـر ، ويلتقون مع أمّتهـم ، فيحضن المسلم أخاه ، ويعانـق المؤمن وليّه الحميم ، وينصر أبناء الأمّـة بعضهم بعضا .
لقـد بكوْا اليوم دموعا ، وسيبكون بإذن الله مثلهـا ، دمـاءً ، كدماء من يقتلونهم من أمّتنا ، ظانّين أنهم سيبنون على دماءنا كيانهم المزيـّف اللعيـن ، وهيهـات .
وفيما جـرى عـبر ، وأيّ عبـر :
أولا : تأمّلوا كيف استطاع بضعة آلاف من عامّة المسلمين ، أزالوا الحدود بالقوة ، أن يقلبوا رأسـاً على عقـب ، ما كان يتعاطاه الساسـة المزيّفـون على أنـّها ثوابت سياسية راسخة ، ويظهرونـها حرماً لايمُـسّ ، وكيف تهشّم هذه الزيـف وشـيكا، وكذلك هـو مصيـر كلّ ما يحاولون تزييفه لنا من باطلهم ، وحدودهـم ، التي تفـرّق أمّتنا ، فلا تنسـوا يا أولي الألبـاب هذا الدرس.
ثانيا : صدق الله العظيم ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) ، فحصار غزّة جاء بإجتماع الأمّـة على قضيتها المركزية ،وهي القضية الفلسطينية ، وأعطى الأمة درسا لاينسى في أنّ الإرادة المتوكلة على الله لايغلبها شيء ، وأنّ القوة هي القرار.
ثالثا : الهزيمة النفسيّة هي العدوّ الحقيقي ، والانتصار عليها هـو مفتاح النصر ، فانظروا كيف أصبـح المكر السياسي الصهيوني ، وغـدت الآلة العسكرية الهائلة ، كالذبـاب ، بعدما سـقط الخوف من النفوس ، فقررت اقتحام الحصار بالقوة.
رابعا : بحركة عفوية سريعة من ثلّة قليلة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، انقـلبت على الصهاينة أسطورتهم التي شحذوا بها تعاطف العالم ، وسقـط قناعـهم : أنهم أمـّة مستضعفـة ، مظلـومة ،
وظهـرت صورتهم الحقيقية ، أنهـم عصابات من طغاة ، وظلمة ، ومصاصي دماء ، يقتاتون على معاناة شعب أعزل ، فقير ، ضعيف ، محاصـر ، اضطر أن يحطم جدار السجـن ليـجد لقمة العيـش.
خامسـا : التطبيع مشروع فاشـل ، فلا يستطيع أحـدٌ كائنا من كان ، أن يفرّق هذه الأمّـة ، ويقضي على رابطة ولاءها العظمى وهي الإسلام ، وقد شهدنا كيف أن المصريين الذين كانوا أوّل شعب مستهدف بمشروع التطبيع ، كيف أنهّم هرعوا لإخوانهم في غـزّة ، وداست أقدامهم كلّ محاولات الصهاينة ، لعزل شعوب الأمة عن بعضها ، وكذلك هو شعـب مصر ، ولم يـزل ، سبـّاق لكلّ الخيـر .
سادسا : ألـم تروْا كيف بصقت جموع المقتحمين المباركة في وجه رايس ، إثـر زعمها أنّ المعادلة هـي : أمن الصهاينة ، مقابل الاحتياجات الإنسانية لأهل غزة ، فأرادت أن تقتل شعـبا من أجل أن يأمن محتـلّ مغتصـب في أرضٍ مغتصبة !
ألـم تروا ، كيف بدت تلك المتغطرسة الأمريكية ، صاغرة أمام الإنتصار الباهر لصمود غزة .
سابـعا: ثـمّ ألـم تروْا كيف بدا عباس الخائن ، أشـدّ صغارا من رايس ، وهو يرى الحصـار ينهـار ، بينما الصواريخ المباركة تنهال على المغتصبات الصهيونية ، وهو الذي كان همـّه أن ينقـذ الصهاينة من صواريخ المجاهدين ، فأخـذ يندد ويعيـب فيهـا أثناء الحصـار ، فعاد عيـبه فيه ، ورد الله يده إلى فيه .
ثامنـا : تحطيم جدار رفـح يجـب أن يعي منه أهلنا في الضفة الدرس جيدا ، فيحطمون ـ عندما يحين الوقت ـ تلك الحواجز المهينة التي أقامها الصهاينة هناك .
تاسعـا : يجب أن لاننسى أنّ قـوّة تفجيـر جدار رفح ، ليست هـي تلك القوة المادية التي حطّمته فحسب ، ولكن وراءها ذلك الضـخّ الإعلامي المتواصـل في شعوب الأمّـة الذي رفع مسـتوى التعاطف مع القضية الفلسطينية ،
مما وجّـه رسالة واضحة للسلطات المصرية أنّ بركان الغضـب سينفجـر في مصـر ، مـا لم يُسـمح بتحطيم جدار رفح ، وإنقاذ الفلسطينيين ، والتنفيس على مشروع المقاومة المباركة في غـزة ، فكانت قوة التفجيـر هذه ، هي القوة الأقـوى التي حطّمـت الجـدار .
فلنستـمر في قوة الدفـع الإعلامـية هذه ، ولنعبئ أمتنا بالحماسة لقضايانا ، حتى إذا احتيج إليها وجدناها حاضرة معطاءه.
وليسـتمر الضغـط الإعلامي ،والتصعيد الشعبي ،حتى يسقط حصار غزة برمـته ، فإن حصار غزة هو القضية ، وليس إغلاق المعابـر ، وقطع الكهرباء.
عاشرا : يجـب أن يعـي قادة الأمّـة ، من تحطيم حاجز رفـح ، درسا بالغ الأهميّـة ، وهـو أن يحطّـموا من النفوس حاجز الخوف من التغيير الذي فرضته أنظمة الطغيـان ، فحوّلـت الشعـوب إلى قطعان خائفة من أيّ حركة تطالب بحقوقها ، ليحطّـموا بعد ذلك كلّ الحدود السياسية التي مزّقـت أمّتنا ، وأضعفتها ،وأطمعت الأجنبيّ فينا ، وحالـت بيننا وبين إنقاذ إخوة لنا ، يواجهـون أعدى أعداءنا ، لينقذوا أقدس مقدساتنا .
فيا أيها العلماء ، والدعاة ، والمفكرون ، والمثقفون ، والسياسيون ، لاتستنكفوا أن تجلسوا اليوم مجلس التلميـذ ، وتتعلموا الدرس من هذه الصـورة
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 25/01/2008 عدد القراء: 13194
أضف تعليقك على الموضوع
|