بداية نهاية الثورة الصفوية الحاقدة
حامد بن عبدالله العلي
( لأول مرة يحدث مثل هذا الانحدارالخطير في تاريخ الإسلام، حيث تقوم شرذمة باسم الدين لتملأ العالم فساداً ، ونكراً ، وشراً ، لم يحدث له نظير من قبل ، ولا من بعد. وإنّ أخطر ما يكمن في هذا الفساد والشر هو أن هذه العصابة ، حاولت بكل ما أوتيت من قوة وسلطان أن تقلب الموازين الثابتة للأخلاق ، وتغير الحدود الرصينة بين الخير والشر ، وبين المدنية والهمجية ، ولتقضي على كل ماسجلته العصور السالفة من الصور الرائعة للفداء ، والتضحية في سبيل الحرية ، وكرامة الإنسان، ولتشوه كل ما أعطته الشرائع السماوية للبشرية من خير ، وسعادة ، ولتمحو كل ماأملته المثل الأخلاقية في سجل الأخلاق، ولتضرب بعرض الحائط كل ما أملته العقول النيرة من دليل وبرهان ) موسي الموسوي في كتابه القيم الثورة البائسة يتحدث عن الثورة الخمينية.
لم تصنع الانتخابات الإيرانية شيئا سوى إضرام النار في رماد كان يتوقد تحت غطاء نظام يقتات على الظلم ، والإستبداد الداخلي ، والتآمر على أمة الإسلام في الخارج.
وهاهي أحقاد النظام الصفوي ترتـدّ عليه ، فتنفجـر في عقر داره ، بعد أن ظنّ أنه ناج بما فعله من جرائم كارثيـّة في العراق ، وأفغانسـتان ، وتآمر في لبنان ، واليمن ، والخليج ، ومصـر ، وغيرها من بلاد الإسلام .
ولاريب أنَّ ما تفجر في طهران من غضب عارم على النظام الصفوي ، ليس من فعل أوباما وإن حاول أن يتذاكى متشبّعـا بما لم يُعـط ، فما هو إلاّ متحذلق لايحسن سوى الأكاذيب ، والدجــل .
ولا هو من تدبير الدول العربية التي تعيث فيها الأحزاب الموالية لنظام طهران فتـناً ، بينما تقف هذه الدول الضعيفة المتْخمة بالفسـاد ، كالحمقاء ، البلهاء ، التي لاتصنع شيئا سوى محاربة أبناءها من النخب الفكرية ، والثقافية ، كما قال الشاعر :
أسدٌ علي وفي الحروب نعامة ** فتخاءُ تنفر من صفير الصافر
وإنما هي سنة الله تعالى في كلِّ من يمكر السوء بالإسلام وأهلـه ، كما قال تعالـــى ( استكباراً في الأرض ومكر السيّء ، ولا يحيق المكر السيّء إلاّ بأهله ، فهل ينظرون إلاّ سنّة الأولين ، فلن تجد لسنّة الله تبديلاً ، ولن تجد لسنّة الله تحويـلاً) .
إنَّ دماء شرفاء العراق ومجاهديها ، ومجاهدي الأفغان ، وغيرهم من العلماء ، والدعاة السنة ، في إيران ، وخارج إيران ، الذين قتلهم الغدر الصفوي ، تـفور الآن ، لتحيط لعنتها بهذا النظام الخبيث.
لقد انطلقت الثورة الخمينية الحاقدة ، من ثقافة زائفة ، مفـتراة ، قـد افترتها بنفسها ، فأقامتـها على صناعة الأحقـاد ، وإجترار الإحن ، على كلِّ ما يمت إلى الإسلام بصلة ،
بدءا من القرآن العظيم الذي رموه بالتحريف ، والتبديل ، كما فعل كلُّ أعداء الإسلام ، مروراً بالطعن في عرض النبي صلى الله عليه وسلم ، وبتكفير أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولعنهم ، والحطّ من منزلتهم العظيمة ، وجهادهم في سبيل رفعة الإسلام ـ حتّى إن نجادي لم ينس أن يطعن في الصحابيين الجليلين الزبير وطلحة رضي الله عنهما في خطاب نجاحه المزيف في الانتخابات الإيرانية ـ وإنتهاءً بتشويه كلَّ صورة التاريخ الإسلامي بإدعاء أنَّ تاريخ المسلمين كلِّه قام على خلافة مغتَصبة ، ثم تسلسل في تاريـخ أمَّة لاتستحق أن يحسب لها شيء من الإنجازات ، ولايثبت لها شيء من الكرامات ، لأنهّـم أتباع صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم !
وقـد كان أول فرصــة لتسلط هذه الثقافة الصفوية ـ إن جاز لنا أن نسميها ثقافـة ـ على غيرها ، هـي عندما دخلت تحـت أحذية الصهيوصليبية في العراق ، فلم تستطع أن تقاوم إطلاق غريزة الحقد على المسلمين ، فعبثت بكل قيم شريفة عرفتها الإنسانية فيما فعلته في الشعب العراقي من قتل ، وإغتصاب ، وتعذيب ، وتخريب ، وتدمير ، وإبادة ، ولازالـت.
حتى إنَّ ما وصفه الباحث الإيراني المعارض موسى الموسوي ، مما صدرنا به هذا المقال ، ليعـد جزءاً يسيراً من حقيقة ما يحمله القوم.
وهذه الثقافة لايمكن أن تبني أمـّةً ، ولا تستحق أن تحمـل رسالة حضارة ، ولاتحقق إنجازاً بشريا نافعـاً ،
ولهذا فإنَّ شريحة واسـعة من الطبقة المثقفة الإيرانيـة ، ومن النخب الثقافية في الشعب الإيراني الحيوي الماجـد ، قد مجـَّت هذا النظام ، ولـم تعد تحتمل الإستمرار في الإنقياد الأعمى له ، وهو يسيـر بها إلى الهاوية.
وهاهي شرارة إنطلاق الثورة على الثورة ، قد بدأت اليوم في طهران ،
وقد عُلم أن الثورات إنما تنفجر بعد تراكمات من المظالم ، السياسية ،والإجتماعية ، والإقتصادية ، فتتأجَّج شيئا فشيئا ، ثم تتجه إلى السطح كالبركان الذي يبحث عن مخرج ، فإن كان ثمـّة وسائل سلميّة للتغير والإصـلاح ، وإلاَّ فستتجه إلى الإنفجار حتما ، وتلك سنة كونية ، تماما كما أنَّ الضغط يولد الإنفجار في الماديات ، هو كذلك في علم الإجتماعيات.
ولا يمكن أن توصف الأوضاع الحالية في إيران ، سوى أنها حُبلى بثورة جديدة ، ثورة يريدهـا مـن يعلمون أن خرافات ولاية الفقيه ، لايمكن أن تنهض بأمة ، وأن عقلية التآمر ، والغدر ، لايصح أن يُبني عليها مجــدٌ .
ثورة مادتها جيلٌ من شباب ، قـد انكشف له دغـل الدين الباطل الذي تتلاعب به عمائمٌ زائفـة ، لتتخذ من مذهب ملىء بالدجل ، والتناقضات ، وقـود عنصرية بغيضة ، تعيش على أحلام هيمنـة عالمية ، سيطـرت عليها فكرة شيطانية ، هـي أنها لن تقوم إلاّ على أنقاض الإسلام الحقيقي !
ولهذا السبب وصف رئيس الشؤون الثقافية في بلدية طهران الشيخ محمد علي زام ـ كما نقل عنه الباحث الشيعي المرموق أحمد الكاتب في كتابه لماذا يتراجع الإيرانيون عن الإلتزام الديني ـ وصف حالة الشعب الإيراني في ظل الخمينية :
( إن 12 مليون مواطن من 60 مليون، أي 20 بالمائة من الشعب الإيراني يعيشون تحت خط الفقر، وربما كان الواقع أكثر من ذلك بكثير قد يتجاوز نسبة الخمسين بالمائة، وإن 35 مليون مواطن هم دون العشرين.. ووجدوا أمامهم المستقبل غامضا ومغلقا ولا يؤهلهم لإقامة حياة اجتماعية طبيعية، مما يفسر حالة الانحلال الجنسي وتزايد نسبة الزنا خلال السنتين الأخيرتين فقط بنسبة 635% وانخفاض معدل عمر الزناة من 27 سنة الى 20 سنة ، حسبما يقول التقرير. يقول أحمد الكاتب ( وقديما قيل:" اذا دخل الفقر بلدا قال له الكفر خذني معك" فكيف اذا كان نظام الحكم المسؤول دينيا ويعتبره الفقراء مسؤولا عن فقرهم وتعاستهم؟ وكيف إذا مارس الحكم الديني الديكتاتورية ، والعنف مع المعارضة؟ ).
هذا في الأغلبية الفارسية ، وأما الأقليات في نظام الثورة الخمينية ، فإنهم من أشد الأقليات في العالـم بؤسـاً ، وأكثرهم فقراً ، وحرماناً ، لاسيما أهل السنة ، كما عرب الأحواز ، كما بينا ذلك في مقال سابق بعنوان ( القضية الأحوازية والفتنة الخميينية ) .
وبعــد :
فإنَّ ما يجري اليوم في شوارع طهران ، ما هو إلاّ بداية لنهاية ثورة الصفوية ، وإيذان بقرب سقوطها بالتآكل الداخلي ، ولاريب في أنـَّه ليس حدثاً عابراً ، ولا ردَّ فعل مؤقتة ، بل إنتفاضة شعب .
ثم إنَّ في ذلـك ـ أيضا ـ عبرة للطغاة الذين يحكمون بلادنا بأن يفيقوا من عماية طغيانهم ، قبل أن تنفجـر الشعـوب المظلومة ، المسحوقة ، المهدرة الكرامة ، في وجوهـهم فيغدون كهشيـم المتحظـر .
كما أنه ذكرى لعلماء السوء ، والنخب الفاسدة ، الذين يدورون في فلك أنظمة الفساد ، والظلم ـ الذين يتبجَّحون علينا هذه الأيام بنقد النظام الإيراني ، ويصمتون عن ظلم أسيادهم ! ـ ليرتدعوا عن (شرعنة) الطغيان ، و(قولبة) الجور بقالب الشرع الحنيف.
فإنَّ هذه الجريمة ، هي أشد من جريمة الإستبداد نفسها .
والله المستعان ، وهو حسبنا ، ونعم الوكيل ، نعم المولى ، ونعم النصير.
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 14/06/2009 عدد القراء: 40296
أضف تعليقك على الموضوع
|