المصيبة الأفغاباكستـانيّة على الأطماع الصهيوأمريكانيّة
،
حامد بن عبدالله العلي
،
"الوضع في باكستان "يشكل تهديدا قاتلا لأمن وسلامة بلادنا ، والعالم" العبارة الشهيرة لهيلاري كلنتون الأسبوع الماضي
،
لماذا قفـز الأمريكيون وراء زعيقهم عن الخطر الإيراني ، وفجأة تصاعدت نبرة التخويف من باكستـان ، ماذا يجري وراء الأكمـة ؟!
،
(إنّ إيران لم تعد تشكل التهديد الاستراتيجي الأكبر على إسرائيل ، بقدر ما تشكلّ كلّ من باكستان ، وأفغانستان ، هذا الخطر على تل أبيب.
لأنَّ باكستان دولة نووية غير مستقرة، وأفغانستان تواجه خطر سيطرة حركة طالبان على الحكم فيها .
إنّ باكستان وأفغانستان ليستا خطراً على إسرائيل فقط ، وإنما على العالم كلّه، وعلينا مواجهة هذه الأخطار بالمقاربة بين واشنطن ، وموسكو) وزيرالخارجية الصهيوني المتطرّف أفيغدور ليبرمان ، في لقاء مع صحيفة موسكوفسكي كوموسوليتس الروسية ، ترجمة عن هآرتس
أما الكاتب الصهيوني المتطرف بن دورون يميني ، فذهب إلى أبعد من ذلك ، فقد كتب في صحيفة معاريف أنَّ المال الإسلامي المتدفق على المدارس الدينية في باكستـان ، يمـتدُّ أثره على العالم كلَّه فقال :
( هذا المال الفاسد يتسلَّل إلى جهاز التعليم ، في الولايات المتحدة ، وفي أوروبا، وإلى كل العالم ..إنَّ 50% من مساجد بريطانيا تحت سيطرة التيار "الديوبندي"، ـ هو مذهب حركة طالبان ـ الذي نشأ في شبه الجزيرة الهندية، "وهو أخ توءم للإسلام الراديكالي على النمط الوهابي" ) معاريف 30/ 11/ 2008م
" إن مقاتلي طالبان حطّموا الرقم القياسي في العمليات التي ينفّذونها؛ حيث فجَّروا نحو 2615 عبوة ناسفة في العام 2007 ، وأوقعوا أكثر من 6500 قتيل إضافة إلى أكثر من 750 قتيل آخرين في صفوف قوات التحالف" تقرير البنتاغون
،
"بيت الله محسود أحد أكثر الشخصيات المرهوبة الجانب ، ليس في باكستان وحدها بل في العالم بأسره.
إنَّ بزوغ نجم محسود هو نتاج أفكار ، وأحداث عدَّة, وإنَّ الشباب الغض, ومعظمهم ينحدر من عائلات فقيرة, هم وقود حركته ، أمـَّا من يتولى تدريبهم فهو قارئ حسين, الذراع اليمنى لزعيم طالبان باكستان.
ومن أبرز إنجازات محسود ، أنه أعاد للشبكة الجهادية في أفغانستان عنفوانها, وجمع أمراء الحرب من قبائل البشتون ، والمجاهدين من إقليم البنجاب ، في أرجاء العالم الإسلامي تحت راية واحدة.
وقد منحه هذا المزج بين العناصر الجهادية المدربة ، والمال ، والقدرة على التنظيم الوسائل اللازمة، إمكان توجيه ضربات في أيّ مكان بباكستان.
ومع أن بيت الله محسود المولود عام 1970 رجلٌ أميٌ, فإنه يتمتَّع بذكاء ، وجاذبية هادئة ، وقدرة على التركيز ، قضى محسود الجزء الأخير من ثمانينيات القرن الماضي في محاربة الروس بأفغانستان ، وبرز إلى الواجهة عام 2004 م ، ليملأ الفراغ الذي تركه القائد الميداني نك محمد, الذي قتل في غارة جوية أميركية ) صحيفة ذي أوبزيرفر البريطانية
لا ريب ـ كما ذكرنا ذلك مرارا ـ أن التحالف الصهيوغربي يدرك أنّ المشروع الصفوي لايشكل خطرا إستراتيجيا على الكيان الصهيوني ـ كما فضحهم ليبرمان آنفا ـ وأنَّ استعداده لعقد إتفاق مع الغرب يتنازل فيها عن دعمه للقضية الفلسطينية ، لايقـلِّ عن استعداد أيّ تاجر ماكر ، متى وجد صفقة مناسبة .
كما تحدثنا عن أن المفاوضات السرية التي تجري على قدم وساق ، بين هذين العدوِّين اللدودين لأمّتنا ، تثمـر مـداً ، يظهر أحيانا ـ مؤخَّـراً ـ بصورة تصريح نجــاد ( إيران لاتمانع بحل الدولتين إذا وافق الفلسطينيون) ! ، وإطلاق الضباط الأربعة في لبنان ، إنسحاب بريطانيا من جنوب العراق ..إلخ ، وجَـزْراً يظهر في أشلاء تتطاير من الحرب الخفية بينهما في العراق ، أو التصعيد المصري ضد الجيب الإيراني في لبنان ، أعنـي حزب حسن نصر..إلخ.
وكلّ ما في الأمر أنَّ الأمريكيين يريدون ( إيرانـا ) بحجم البيدق الذي يحدّدونه هم ، وصفقة تناسب هذا البيدق المتوسط الحجم ، أما الإيرانيّون فيطمعون بصفقة عالية المستوى جداً ، والمذهل في طموحهم ، أنهم يريدون صفقة تصل إلى درجة تساويهم بالصفقات الدولية التي يعقدها الغرب مع الصين ، أو روسيا ، أشار إليها نجــاد بقوله ( إيران مستعدة أن تشارك في إدارة العالم )! كما نقلتها الوكالات قبل أيام.
وهـم حتَّى يصلون إلى هذه الصفقة ، سيبقى إظهارهم القدرة على الإيذاء مستمراً ، حتى لو وصل الأمـر في تحرشهم بالأمريكيين إلى أمريكا اللاتينية.
ولهـذا فقـد قيـل أنهـم أوصلوا حتَّـى إلـى الطالبانييـن ـ عبر وسطاء لهم علاقة بهم ـ رغبتهم ( الخبيثة ) في إمداد الجهاد الأفغاني بالسلاح ، بشرطين أن لايستعمل ضدَّهم ، ويمكـَّن للشَّيعة بعد خروج الإحتلال ، فأبى الملاَّ عمر الدخول مع أغدر أعداء الإسلام في التاريخ في أيِّ إتفاق .
ومعلوم أنَّ الصفوييّن لايتحركون خطوة واحـدة ، مع أيّ حركة جهادية سنيّة ، إلاّ مؤقـتاً في عملية إحراق لهذه الحركـَة ، في مخطَّطهم الخبيث للقضاء على الإسلام فحسب ، ولكن المغترّيـن بهم لايعلمون .
وعلى أية حال فإنَّ تحـوُّل التصعيـد الصهيوغربي إلى الحالة الأفغاباكستانية ، متلائم تمامـاً مع منطقهم ، فالجهاد الأفغاباكستاني ، آخذٌ بالتصاعد إلى درجة كبيرة ، مستفيداً من الإنهاك الأمريكي الذي سبَّبـه المستنقع العراقي ، والأزمة الإقتصادية ، والأعياء الشعبي الأمريكي من الحروب الخارجية ، والغرق الصهيوني في ملفات عدِّة.
وأخطر ما يُتوقـَّع أن يحقّقه هذا الجهاد على الشقّ الباكستاني على المدى القريب ، تدمير خطوط الإمداد اللّوجستي للناتو في أفغانســان ، وتحرير أكبر مساحة من المناطق الحدودية عن سلطة الحكومة الباكستانية ، لإبقاءها معسكراً هائلا مترامي الأطراف ، وآمنـا ، للحالة الجهادية الإسلامية ، سواء في أفغانستان أو غيرها من بقاع العالم.
وأما على الشقَّ الأفغاني فيُتوقـَّع أن يحقـِّق المزيد من السيطرة على أفغانسـتان ، فالتحوُّل إلى حالة شعبية عامة ، تنتفض مطالبةً برحيل الإحتلال ، وحينئذ لايبقى للمحتل أيَّ أمـل في البقـاء.
ومعلوم أنَّ من أعظم أسباب نجاح حركة طالبان ، قدرتها على كسب الأنصار ، وتأجيل الخلافات الثانوية، وعقد التحالفات على أساس تقديم العدوِّ الأخطـر ، وإبقاء الخطوط الإستراتيجية هي الخطاب العام الذي يجتمع عليه أكبر عدد من الشعب ، ولهذا تمددت بسرعة ، وشكلت تهديدا حاسما لأقوى قوى عسكريَّة في العالم.
والمصيبة التي حلَّت على التحالف الصهيوصليبي الغربي ، أنـَّه فشل في استخدام أسلوب التدمير الساحق فشلا ذريعاً وكارثيـّا عليه .
فقـد فشل في القضاء على حركة طالبان في حرب أفغانستـان ، وفشل في حرب العراق تحت حراب المقاومة العراقية الباسلة ، وفشل عام 2006م في لبنان ، وفشل في حرب 2008ـ 2009م في حرب الفرقان في غزة ، بسبب الصمود الأسطوري لحركة حماس ، ورجالها الأبطال.
ثم جاء التهديد الأفغاباكستاني ، بعد هذه السلسلة من الإحباطات الصهيوأمريكية التاريخية ، وليس فهذا بحسب ، بل إنَّ هذا التهديد بالغ الخطورة إلى درجة أنَّ مسؤولين في إدارة أوباما ، يرون أنَّ تجاهل زردادي لخطر طالبان باكسـتان ، لايذكرهم إلاّ بتجاهل رئيس وزراء بريطانيا نفيل تشامبرلين ، لخطر النازية وهتلر في الحرب العالمية الثانية.
ولهذا قال ريتشارد هولبروك المبعوث الخاص للرئاسة في أفغانسـتان وباكستان : ( من غير المقبول الهزيمة في هذه الحرب ) !
وبعــد :
فإنَّ معركة الإسلام في أفغانسـتان ستتصاعـد في الأيام المقبلـة ، ممتدة إلى باكستان ، وسيعيد التحالف الصهيوصليبي الغربي كلَّ محاولات الإلتفاف السياسي على الحالة الجهادية هناك ، تلك التي جرَّبـها في فلسطين فتبخَّرت بسبب ثبات نهج المقاومة ، وفي العراق فتهاوت ، وفي الصومال فسقطت ، وهي في باكستـان مرشحة لأن تكون أشد فشلا .
إذ كانت الحالة السياسية العامة في باكستـان ، حتى بعض المحسـوبة على السلطة ، على دراية تامة ، بأنَّ العداء الصهيوغربي ، إنـَّما هـو لباكستـان كلَّها ، ولقوتها النووية ، ولوجودها ، لحساب الهنـد ، وليس التحريض على طالبان سوى ذريعة لتفكيك ، وإضعاف باكستان لصالح التحالف الهندوصهيوني.
والواجب على الأمة الإسلامية أنَّ تقف وراء الشعبين المسلمين الباكستاني ، والأفغاني ، ضد المخطط الصهيوصليبي الغربي ، داعمةً ، وداعيةً ، ومؤيدةً ، يتقدمهم العلماء ، والدعاة ، والمصلحون ، والمفكـرون ، كما وقفت مع الشعب العراقي في جهاده ضد المحتل ، والجهاد الفلسطيني ، والصومالي ، فلا فـرق ، وبذلك أفتى علماء أفغانسـتان ، وباكستـان.
فالمعركة واحـدة ، والعدوّ الحاقـد هـو هـو ، والمستهدف هو الإسلام الواحد الذي يراد محوُه ، وإطفاء نورِه ، وتقسيم دولِه ، ونهب ثرواتِه ، وتدمير حضارتِه.
ولنتذكَّـر دائما أننا بحمد الله منتصرون مادمنا على طريق الجهاد ، وقد رأينا ما آتانا الله تعالى من ثمرات هذا الطريق المبارك في مواجهة عدونا في فلسطين ،والعراق ، والصومال ، أفغانسـتان ، وغيرها .
وأنَّ الثابتين على هذا النهج هم كواكب هذه الأمَّة البرَّاقـة ، ونجومها الوضَّاءه ، وهم الذين يصنعون حاضرها ، ويرسمون مستقبلها .
أما المنهزمون ، والمتاجرون بقضاياها ، فإلى ما هو ألعـن من مزبلة التاريخ ، إلى سخط الله تعالى ، ولعنته ، والملائكة ، والناس أجمعين.
والله حسبنا ، عليه توكّلنا ، وعليه فليتوكّل المتوكّلـون.
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي التاريخ: 02/05/2009 عدد القراء: 13635
أضف تعليقك على الموضوع
|